المــقـــــدمــة
أولاً :- أهمية الموضوع
تعدُ الخدمات المصرفية من أهم وظائف المصرف في الوقت الحاضر,حيث أن نشاط المصارف لا يقتصر على العمليات المصرفية التقليدية المتعلقة بتوزيع الائتمان , أو بالعمليات المتعلقة بالودائع , أو الشيكات , أو عمليات التحويل , أو فتح الاعتمادات , أو تنظيم حسابات العملاء. إنما تقوم بأداء عمليات أكثر تعقيداً لخدمة العملاء . وتعدُ خدمة تقديم المعلومات من أهم الخدمات المصرفية الحديثة لأهمية هذهِ المعلومات في مساعدة العملاء على اتخاذ قراراتهم الهامة المتعلقة بالتجارة والاستثمار.
ومن المعلوم , إن المصرف بحكم مركزهُ كوسيط متحكم في توزيع الائتمان ,تتجمع لديهِ معلومات كثيرة خاصة بالعملاء وغيرهم ممن يتعاملون معهم , من خلال الاطلاع على سير الحسابات وتقديم الاعتمادات وخصم ما يقدم إليهِ من أوراق تجارية.
ومما لاشك فيهِ إن هذهِ المعلومات أصبحت اليوم ترتبط بمختلف جوانب الحياة , وتمثل ركيزة نشاط الإنسان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , وتتيح أمكانية اتخاذ القرارات في كافة المجالات تقريباً , إضافة إلى أن هذهِ المعلومات تشكل مادة أولية للمصرف شأن أي مدين آخر فأن المعلومات تمكنهُ من معرفة مصير الأموال التي قبضها وتؤمن في النهاية مدخولهِ الخاص وبالتالي استمراريتهِ .
كما ان المصارف تمارس دوراً مهماً في النشاط الاقتصادي من خلال قيامها بتجميع المدخرات والأموال من الجمهور المتعاملين معها , وتوجيهها نحو مجالات الاستثمار المختلفة , وتقديم القروض والتسهيلات الائتمانية بأشكالها وآجالها المتنوعة , وتمويل المشاريع التجارية والاقتصادية وغيرها من العمليات والخدمات المصرفية المهمة , وعلى هذا الأساس لم يعد التعامل مع المصارف مقتصراً على التجار وأرباب المهن الحرة , انما أصبح ضرورة ملحة حتى بالنسبة للجمهور العام الذي لم يعد بمقدورهِ الاستغناء عن الخدمات التي تقدمها المصارف مثل الادخار في حسابات التوفير المصرفية أو تسوية المتعلقات المالية الخاصة بحياتهِ اليومية من خلال سحب الشيكات على المصارف أو استخدام بطاقات الائتمان التي تصدرها المصارف .
وبما أن المصرف يقوم بمنح الائتمان , والائتمان يرتبط بالثقة, والثقة تستلزم أن يكون مانح الائتمان على علم حقيقي ومعرفة بمركز طالب الائتمان فهذا يساعد المصرف على زيادة معرفتهِ بالعديد من نواحي تلك المعلومات والتي تكون خاصة بالعملاء ,لذلك أصبح المصرف ملاذ رجال المال والأعمال بل و للدولة أحياناً , حيث انهُ بؤرة تصب فيهِ المعلومات من خلال مباشرتهِ لنشاطهِ العادي .
وبناء على ذلك فقد أضيفت إلى الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف خدمة تقديم المعلومات لأولئك الذين يطلبونها . وقد تقدم لهم باجر زهيد أو بالمجان في أحيان كثيرة لجذب العملاء , وهي خدمة مصرفية حقيقية يمكن تقديرها وتقيمها في عالم الأعمال . وهذهِ الخدمة يؤديها المصرف كأية خدمة مصرفية أخرى سواء كان تابعاً للقطاع الخاص أم للقطاع العام.
وبما أن عمل المصرف يُعدُُ مهنياً وباحتراف ,فقد أصبح مديناً بهذا الالتزام أكثر من غيرهِ . مثلما إن عليهِ أن يستمر في مواكبة التطورات التقنية والقانونية الحاصلة في مجال تخصصهِ . فالتخصص التقني للمصرف يمكنهُ من توفير معلومات هامة متعلقة بمجال مهنتهِ . وقد أزدادت أهمية الدور الذي يلعبهُ المصرف بوصفهِ مصدراً للمعلومات في العصر الحالي , ذلك أن الجانب الأكبر من الثروات لم يعد يتمثل في عقارات , كما هو الحال سابقاً , بل أصبح يتمثل في أوراق مالية ( قيم منقولة) يصعب معرفة نوعها وقيمتها الحقيقية , بعيداً عن المصارف التي تقوم بحفظها ومسك حساباتها وإدارة محافظها , ومن جهة أخرى فان المصارف الكبيرة ولتحمي نفسها من المخاطر المرتبطة بعمليات الائتمان لديها إدارة معلومات مكلفة بجمع كل المعلومات المقيدة من عملائها وعن التجار الذين يمكن أن يتعاملوا معها . وفي إطار هذهِ الحماية ولتضمن استرداد أموالها فان المصارف تشعر بضرورة تقديم المعلومات للمشروعات .
ولعل أكبر مزايا هذهِ الخدمة هي إمكان مساهمتها في ضمان وصحة مسار الجهاز المصرفي في مباشرة وظيفتهِ كموزع للائتمان , علاوة على مسؤوليتهِ بصفة عامة في دعم الثقة في التعامل وتطهير النشاط الاقتصادي عامة والتجاري خاصة من صور الإساءة التي تلحق بسوق الائتمان أضراراً فادحة.
وعلى ذلك فأن تقديم معلومات الائتمان المالي يحقق مصلحة الائتمان والاقتصاد عموماً , إذ ليس الهدف من هذا التقديم نجاح العملية وحماية مصالح العميل فقط , بل حماية المنظومة الاقتصادية أو النسيج الاقتصادي للمجتمع, وبالتالي تطور النشاط التجاري بتطور مؤسساته الفعالة .
ثانياً :- أسباب اختيار الموضوع
أن السبب الرئيس لاختيار هذا الموضوع هو أن المصرف ملتزم بحكم القانون بحفظ الأسرار المالية لعملائهِ . ويعاقب المسؤولون فيهِ جنائياً أن هم أقدموا على تسريب معلومات سرية , فضلاً عن المسؤولية المدنية , وثمة أمر أخر فأن حماية السر المصرفي تسهم في تقوية ائتمان المصارف ,وهو أمر لا غنى عنهُ لحماية الحياة الخاصة ولحماية أسرار الأعمال التي تفرض اعتبارات مشروعة لحمايتها , ولا شك أن المبالغة في حماية أسرار الأعمال من شأنها أن تؤدي إلى الإحباط فيما يتعلق في الحصول على المعلومات . ولابد من التوفيق بين البحث عن شفافية المواقف من جهة في الحصول على المعلومات, وبين عدم المساس بألاسرار وتطور الأعمال المالية والتجارية,من جهة أخرى.
إضافة إلى ذلك فأنهُ على الرغم من أن التسليم بأهمية السرية المصرفية ودورها في حماية أسرار المصارف والمتعاملين معها وتحقيق المصلحة العامة , ألا إن نظام السرية المصرفية قد تعرض لجملة من الانتقادات على أساس انهُ لا يخلو من السلبيات , أو انهُ يحمل في طياتهِ بعض الآثار السلبية , من ضمنها أن نظام السرية المصرفية يشكل غطاءً قانونياً على عمليات غسيل الأموال غير المشروعة المتأتية من المتاجرة بالمخدرات أو غيرها من الجرائم الخطيرة , حيث أن في بعض الدول تمنع المصارف من تزويد السلطات القضائية أو التحقيقية المعنية بمكافحة هذهِ الجرائم بالمعلومات اللازمة لممارسة مهامها , فهي من أكثر العقبات التي تقف حائلاً أمام مكافحة عمليات تبييض الأموال , إذ أنها تشكل مانعاً من الاطلاع على الودائع المصرفية وملجأ للأموال المشبوهة .
ومن اجل وضع الإجراءات الكفيلة بمكافحة غسيل الأموال , لابد من الحد أو التخفيف من مبدأ السرية المصرفية بما يساعد السلطات المعنية بمكافحة غسيل الأموال على الحصول على المعلومات اللازمة لممارسة عملها من المصارف التي أصبحت من البؤر أو الملاذات الآمنة , التي غالباً ما يقصدها غاسلو الأموال للاستفادة من الحماية القانونية التي يوفرها نظام السرية المصرفية في التغطية على نشاطتهم غير المشروعة .
إضافة إلى ذلك فأن السرية المصرفية تتعارض مع الديمقراطية ومبدأ الشفافية , ذلك أن الديمقراطية لا تقطع الصلة عندنا بالمعلومات , فالشفافية هي الشرط الأساس لممارسة المساءلة والحساب . كما أن السرية المصرفية تسهم في إحداث خلل في السياسة المالية بل أنها تدفع نحو نظام تحصيل ضريبي غير عادل , على اعتبار أن معظم المكلفين هم موظفون أو عمال لدى الغير فلا يستطيعون التهرب من الضريبة , إذ يمكن الاستعلام عنها من رب العمل وحتى اقتطاعها مسبقاً من الأجر . أما أصحاب الودائع الضخمة لدى المصارف فأنهم يستطيعون التهرب من أداء المتوجب عليهم من الضرائب .
وأمام هذهِ الانتقادات الموجهة إلى نظام السرية المصرفية والذي يُعدُ القاعدة العامة في النظام المصرفي , اتجهت معظم تشريعات الدول إلى الحد أو التخفيف من هذا النظام من خلال النص على استثناءات تسمح للمصرف بتزويد السلطات العامة بالمعلومات في بعض الحالات المحددة على سبيل الحصر لكي لا يشكل هذا النظام عائقاً إمام تحقيق المصلحة العامة .وهذهِ الاستثناءات لا تقلل من أهمية نظام السرية المصرفية وإنما تحاول رسم الحدود الفاصلة بين حق المصارف والمتعاملين معها في المحافظة على سرية المعلومات الخاصة بهم, وبين حق كل من العميل والمصرف والمصلحة العامة في الكشف عن هذهِ المعلومات وبما ينسجم وتحقيق مصالح المصارف والعملاء والمصلحة العامة .
ومن أسباب اختيار هذا الموضوع بالإضافة إلى ما تقدم هو صدور قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 الذي عالج أمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات في المادة (51)منهُ , الأمر الذي دعانا إلى اختيار هذا الموضوع لمعرفة الأحكام الجديدة التي جاء بها قانون المصارف الجديد ومدى انسجامها مع النصوص القانونية الواردة في التشريعات الأخرى .
وبالتالي فأن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي لا يجب تبريرهُ فقط بحماية الأشخاص الذين يرغبون في إحاطة أنفسهم بحد أدنى من الضمانات قبل الدخول في علاقة أعمال تجارية , ولكنهُ يحقق أيضاً مصلحة عامة حيث ييسر ويشجع هذهِ العلاقات فهو يمارس ,من جهة ,تأثيراً ايجابياً على عالم التجارة والأعمال, أي أن المعلومات التي يقدمها المصرف تعد عاملاً أخلاقياً لا يمكن أن تسهم بفعالية في تطهير وتنقية الائتمان فقط, بل أنها تحمي , وهو الأهم , المنظومة الاقتصادية للمجتمع برمتهِ , ومن الواجب إذن تشجيع المصارف على إعطاء المعلومات حرصاً على الائتمان النظيف وحماية سلامة التصرفات .
ثالثا :- منهجية البحث
لقد اعتمدنا في بحثنا منهجاً يقوم على أسلوب المقارنة بين القانون العراقي وبعض القوانين العربية الأخرى , وعلى وجه التحديد القانون المصري ,مع الإشارة إلى بعض النصوص للقانون اللبناني والأردني وكذلك القوانين الأجنبية كالقانون الفرنسي .
كما اعتمدنا في البحث على عرض آراء الفقهاء وبيان مدى التوافق والاختلاف بينها مع توضيح الرأي الأرجح . كما حاولنا الإشارة إلى ابرز الأحكام القضائية المتعلقةبهذا الموضوع على الرغم من قلة هذهِ الأحكام , إذ يلاحظ , بصورة عامة , أن القرارات والأحكام القضائية في الدول العربية هي اقل من تلك الصادرة في الدول الغربية.
أما بالنسبة للقضاء العراقي فلم نجد بقدر ما أطلعنا عليهِ من مجلات أو مجموعات الأحكام الصادرة عن القضاء العراقي قرارات قضائية تتعلق بهذا الالتزام .
رابعاً :- هيكلية البحث
لقد تم تقسيم الرسالة إلى فصول ثلاثة :-
الفصل الأول :- ينصب على مفهوم التزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمان المالي , وينقسم إلى مبحث أول , يختص بالتعريف بالالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي وذلك من خلال تعريفهِ وبيان خصائصهِ في ( مطلب أول ) وبيان مقوماتهِ في (مطلب ثاني ) . والى مبحث ثاني يختص بشروط الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الأول) وبيان الطبيعة القانونية في ( المطلب الثاني ) . ومبحث ثالث يتناول مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل في ( المطلب الأول) . والتقديم المشروع لمعلومات الائتمان المالي في ( المطلب الثاني ) .
الفصل الثاني :- ينصب على مصادر التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي . وينقسم إلى مبحث أول , يختص بالمصدر التعاقدي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي . وذلك من خلال بيان المصدر التعاقدي المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الأول ) وبيان المصدر التعاقدي غير المباشر لالتزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمان المالي في ( مطلب ثاني ) . والى مبحث ثاني يختص بالمصدر القانوني لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي , ويضم المصدر التشريعي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( مطلب أول) . وتوضيح المصدر العرفي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( مطلب الثاني ) ,
الفصل الثالث :- ينصب على مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي . ويقسم إلى مبحث أول يختص بأنواع مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي , ويضم المسؤولية المدنية للمصرف عن الاخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الأول) . والمسؤولية الجنائية للمصرف عن الاخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الثاني ) . والمسؤولية التأديبية للمصرف عن الاخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الثالث) . والى مبحث ثاني يختص بأركان مسؤولية المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي . حيث يتناول أركان مسؤولية المصرف عن الالتزام بتقديم المعلومات الائتمان المالي في ( المطلب الأول ) . والتعديل في المسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي في ( المطلب الثاني ) .
الخاتمة :- أنها تضم جميع الاستنتاجات التي توصلنا إليها , إضافة إلى أهم المقترحات والتوصيات التي وجدنا من الضروري طرحها .
وبعد , يحدوني الأمل أن أكون قد أسهمتُ ولو بقدر يسير, في توضيح هذا الالتزام لكي تكون هذهِ الدراسة خطوة أولى تليها خطوات تكمل ما غاب عني وتقوم زلاتي إذ أني لا ادعي أن هذا العمل مبرئ من النقص أو خالٍ من العيب فلا يخلو الجهد العلمي من الخلل ولا ينجو من الزلل فالكمال لله وحدهُ .
الفصل الأول
مفهوم التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
أن توضيح التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يتطلب أول الأمر تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي, ومن ثم التطرق إلى معطيات هذا الالتزام , وأخيراً لابد من تحديد نطاق الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي وهذا ما ستناولهُ في المباحث الثلاثة التالية :-
المبحث الأول :- التعريف بالالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي.
المبحث الثاني :- معطيات الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المبحث الثالث :- نطاق الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المبحث الأول
التعريف بالالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
يلاحظ وبحق أن محاولة دراسة التعريف بالالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي يستلزم الوقوف عند عدة محاور, لعل من أبرزها تبيان حقيقة هذا الالتزام , ويتجسد هذا من خلال تعريف الالتزام بتقديم المعلومات الائتمان المالي وبيان خصائصه .ومن ثم لابد من توضيح مقومات هذا الالتزام , وهو ما سنتطرق اليهِ في المطلبين الآتيين :-
المطلب الأول :- تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي وخصائصهِ
المطلب الثاني :- مقومات الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
المطلب الأول
تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي وخصائصه
يمكننا أن نتناول تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي, والذي غالباً ما يثير اشكالات كثيرة,تتسم بالخطورة والاهمية على صعيد الأنشطة المصرفية المتداخلة والمتشابكة,وذلك من خلال فقرتين اثنتين, نبحث في الأولى منهما:- تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي وما يتعلق بهذا التعريف من لوازم يستكمل بها,فضلاً عن ضرورة البحث هنا عن المصادر السليمة والآمنة للحصول على تلك المعلومات. أما في الفقرة الثانية سنتعرف الى أهم الخصائص التي تميز هذا الالتزام
أولا:- تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
إن وضع تعريف لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يتطلب أولا تعريف المعلومة و تحديد المصادر التي من خلالها يتم الحصول على المعلومة ومن ثم تحديد معنى الالتزام بتقديم المعلومات.
أ- تعريف المعلومة ومصادرها
1- تعريف المعلومة
لم تتفق التعريفات اللغوية والاصطلاحية للمعلومة على معنى واحد وإنما تأثر كل تعريف منها بالحيز أو النطاق الذي استعمل فيهِ هذا اللفظ لغة واصطلاحا وذلك كما يلي :-
المعلومة لغة:- فالمعلومة من حيث مدلولها اللغوي مشتقة من المادة اللغوية (عَلَمَ) والعلم نقيض الجهل([1]).
كما جاءت المعلومة بمعنى المعرفة والتي تشترك مع العلم بأن كل منهما مسبوق بالجهل([2]).
وأصلها في اللغة الفرنسية والانكليزية (Information)والتي تعني عملية الإيصال أو ما يتم إيصاله أو تلقيه([3]).
ويمكن القول, مما تقدم, أن المعلومات من الناحية اللغوية تكون غنية بالكثير من المعاني كالعلم والإحاطة ببواطن الأمور والوعي والإدراك واليقين والإرشاد والمعرفة والدراية إلى آخره من معاني متصلة بوظائف الفعل .
أما من حيث الناحية الاصطلاحية فقد كان هناك إجماع لدى الباحثين والمتخصصين في هذا المجال على دقة مهمة تحديد تعريف دقيق ومتفق عليهِ للمعلومات ونتيجة لذلك فقد تعددت التعريفات لهذا المصطلح ومن هذه التعريفات ما يذهب إلى حد القول أن المعلومات هي الحياة([4]).
ومنهم من عرف المعلومات بأنها تلك التي تضيف شيئاً ما إلى النموذج العقلي والى الانطباع الذهني الذي تعرفه عن العالم الخارجي في لحظة معينة([5]).بينما يعرفها الأستاذ (Catala)تعريفاً موسعاً حيث قال بأن المعلومة هي عبارة عن رسالة معبر عنها في شكل يجعلها قابلة للنقل أو الإبلاغ للغير أو هي كل رسالة معدة على نحو يمكن نقلها إلى الغير بأي وسيلة([6]).في حين ذهب الفقيه(Savaaiter)إلى تعريف المعلومة بانها معرفة موضوعية معينة ذات مفهوم محايد ولا تتضمن في ذاتها حثاً على التصرف أو على عدم التصرف([7]).أما الفقيه (Vasseur) فقد عرفالمعلومة بأنها النقل المجرد لوقائع معينة تم الحصول عليها من مصادر متعددة([8]).
يتضح لنا ومن خلال ما تقدم ذكرهُ,بأن المعلومة من الناحية الاصطلاحية تتضمن الحقائق ومواد المعرفة أو أي شئ يمكن أن يفهمهُ الناس وهناك أمثلة كثيرة عن المعلومات ,يمكن أن نوردها مثل الأسماء والعناوين ومحتويات الرسائل وغير ذلك .
وهكذا فالبنسبة للناحية القانونية المتخصصة فأن معظم النصوص القانونية تستعمل اليوم,مصطلح المعلومة أو مصطلحات أخرى قريبة منها دون أن تقدم تعريفاً لها ,وليس أبلغ في الدلالة على ذلك النصوص التي تستعمل صراحة مصطلح المعلومات هي نصوص جنائية في حين ترجع بعض النصوص الأخرى إلى مجالات القانون التجاري والقانون المدني في الأخذ بهذا المصطلح ومن أمثلة ذلك المادة(10) من القرار الصادر في28سبتمبر
1967في فرنسا والتي تتحدث عن المعلومات المتميزة أو المعلومات التفضيلية([9]).كذلك يعاقب قانون العقوبات الفرنسي الجديد الصادر سنة 1994 على جريمة بث معلومات خاطئة كما يعاقب على إفشاء معلومات ذات طبيعة سرية وذلك من خلال جريمة إفشاء سر المهنة([10]).
أما الوضع في العراق ومصر مثلاً فنجد أن النصوص القانونية قد تأتي بلفظ معلومة وقد تأتي بلفظ قريب مــــن
المعلومة كالبيانات وقد تجمع بعض النصوص كلاً من اللفظين ومثال ذلك ما تضمنهُ قانون الأحوال المدنيـــــة
المصري رقم (131) لسنة 1941 فالمادة (13) منهُ والخاصة بسرية المعلومات أو بيانات الأحوال المدنية قد
استعملت لفظ البيانات والمعلومات ([11]), والمادة (76) والتي تتعلق بجريمة المساس بسرية البيانات والمعلومات.
كذلك القانون رقم (205) لسنة 1990 والخاصة بسرية الحسابات البنكية المصري قد أستعمل في نصوصه كلمة بيانات فقط وقد يقرنها بالمعلومات فيأتي اللفظ في النص (معلومات أو بيانات)([12]).
كذلك الحال لدينا, فالمشرع العراقي , يستعمل تارة لفظ المعلومات,وتارة أخرى يستعمل لفظ البيانات , ومثال ذلك ما تضمنته المادة (8) من قانون غسيل الأموال العراقي لسنة 2004 حيث أستعمل المشرع لفظ المعلومات([13]), في الوقت الذي جمع فيه بين المعلومات والبيانات في المادة(41) من قانون البنك المركزي العراقي وفق الأمـر( 56)لسنة 2004([14]).كذلك المادة (53) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004.
ولكن مما يؤسف لهُ برأينا,أن المنظومة التشريعية العراقية لم تتطرق إلى مفردة المعلومة ولم تبدِ اهتماما لحق المواطن في الحصول عليها سواء في منطقة القانون العام أو الخاص وبحسب الأحوال وهذا مردهُ إلى طبيعة الأنظمة التي كانت تحكم العراق وفلسفتها تجاه حقوق الإنسان.
إلا انه في الوقت ذاتهُ حاولت بعض القوانين المقارنة أيجاد تعريف قانوني لمفردة المعلومة كما هو الحال في مشروع قانون حق الحصول على المعلومة الفلسطيني ([15]).
في حين لم يعبر التشريع الأردني بصريح القول عن مفهوم تعريفي للمعلومة إلا أنه عد المعلومة هي الحقيقة أو المعرفة([16]).
وأخيراً يمكن أن نعرف معلومة الائتمان المالي بأنها هي :- كل أمر أو واقعة خاصة بالعميل وتصل إلى علم المصرف سواء بمناسبة نشاطه أو بسببهِ وسواء أفضى العميل بنفسه إلى المصرف بهذا الأمر أو أفضى بهِ أحد من الغير, أي هي المعلومات التي يتلقاها المصرف والخاصة بالعميل عن طريق مصادر قد تكون داخلية وقد تكون خارجية.
2 – مصادر الحصول على المعلومة
تجمع المصارف عدداًً كبيراً من المعلومات المهمة عن عملائها ومن مصادر مختلفة وقد تكون هذه المصادر داخلية, كما يمكن أن تكون خارجية([17]).
فما هي أهم هذه المصادر؟ وللإجابة على هذا التساؤل نقول أن من المصادر الداخلية للحصول على المعلومات المصادر المباشرة:- وهي مصادر يتم بموجبها حصول المصرف علىالمعلومات من قبل العميل . حيث أنهُ كقاعدة عامة يمكن أن يحصل المصرف على المعلومات الخاصة بالعميل من العميل نفسهُ, إذ يجب على العميل أن يقدم للمصرف كل المعلومات التي يطلبها منهُ.
هذا ويمتلك المصرف الوسائل الفعالة التي تمكنه من الحصول على المعلومات عن العميل خاصة عند طلب هذا العميل ائتمانا معيناً من المصرف حيث أن فتح الاعتماد المصرفي مثلاً يتوقف بصورة رئيسية على توفر ثقة المصرف في طالب فتح الاعتماد سواء أكان شخصاً طبيعيا أم معنوياً, وتقتضي هذه الثقة تعرف المصرف الى العميل والإحاطة بكل ما يهمهُ في تكوين فكرة معينة حول جدارة واستحقاق هذا العميل بثقته ويدعم هذا الواقع ويعززهُ ما يتوفر للمصرف من إمكانيات وقدرات غير عادية على جمع المعلومات , حيث يتجه اهتمام المصرف ابتداًء إلى التحقق من شخصية العميل وحالته المدنية, فيتحدد الاسم والموطن والنشاط الذي يمارسهُ واستيفاء ما يلزم لذلك كما يجب التحقق من أهلية طالب الائتمان([18]).
وأن طلب المصرف المعلومات من العميل لا يقتصر فقط في مرحلة فتح الائتمان, وإنما يطلب المصرف ,ايضاً, المعلومات أثناء سريان الائتمان ويهدف المصرف من ذلك إلى تطوير معلوماتهِ حتى يتمكن من متابعة حالة العميل الذي منحهُ هذا الائتمان . وكذلك يستمر في طلب المعلومات عند تجديد الائتمان([19]).
بيد أن المصرف يمكن بدورهِ أن يقوم بأستحصال المعلومات الدقيقة من خلال الرجوع إلى قيود السجل التجاري, والذي يُعدُ من المصادر الخارجية, ذلك أن المعلوم, أن السجل التجاري يعد أداة نشر يقصد بها جعل مدرجاتهِ وقيودهِ نافذة في حق الغير, فهو المرجع الرسمي للأشخاص الطبيعيين الذين لهم صفة التجار أو الذين ترتبط مهنتهم بالتجار. و يلعب من ثم دوراً رئيساً في الاشهار في مجال الأنشطة التجارية عموماً وبالتالي في تطوير الاعتماد والأمانة في العمليات التجارية([20]) .
لكل ذلك فقد أوجب المشرع المصري على التجار ( أفراد وشركات ) القيد في السجل التجاري بوصفهِ أداة إشهار لبيانات معينة([21]).
أما في فرنسا فأن البيانات التي تم قيدها في سجل التجارة والشركات الموجودة في المحكمة التجارية يعاد قيدها مرة أخرى في سجل التجارة والشركات الذي يمسكهُ المعهد الوطني للملكية الفكرية في باريس , والذي يحصل على صورة من كل القيود التي تمت في أقلام كتاب المحاكم ويجمعها على مستوى الدولة ويراقب السجلات المحلية ويعطي الإدارات والهيئات المعنية المعلومات اللازمة لها([22]).
من هنا فأن المعلومات المشهرة على هذا النحو وفق القانون الفرنسي يجب الرجوع إليها قبل أن يقدم ما يطلب منهُ من معلومات فقد قضت محكمة استئناف ليون بأن عدم التمكن من المراجعة والتحقق من رأي التجار المكان لا يعفـى مكتب المعلـومات من الرجـوع إلى السجـل الذي ينظمهُ القانـون فيمـا يتعلق بالتجـار الذين يقـدم عنهـم
المعلومات وهذا ما يؤيدهُ الفقه ويؤكد على أنهُ توجه قضائي مستقر بسبب استقراء الإحكام القضائية المتواترة([23]).
وهكذا فإذا كان حال التشريعات المقارنة بهذه الصورة فما هو موقف المشرع العراقي ؟ وما هي حجية القيود الواردة في السجل التجاري ؟ وما هو دورهُ في التعاملات والأنشطة التجارية المختلفة ؟
للإجابة على هذهِ التساؤلات والإشكالات , فأننا نقول بأن موقف المشرع العراقي لا يقل شأناً عن موقف كل من المشرعين المصري والفرنسي . إذ أنهُ يُعدُ السجل التجاري أداة استعلامية هامة , فهو يبيح للغير الحصول على المعلومات عن كل مؤسسة تجارية أو مشروع تجاري فردي أو جماعي لغرض الاطمئنان على سلامة المعاملات والعقود قبل إبرامها مع المؤسسة أو المشروع التجاري المزمع التعاقد معهُ .
وهذا ما تضمنتهُ المادة (30) من قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984حيث نصت على ” يقوم السجل التجاري على مبدأ العلانية فيجوز لكل مواطن أن يطلب الاطلاع على محتوياتهِ وأن يحصل على صورة مصدقة من هذه المحتويات “.
ومما سبق يمكن القول بأن السجل التجاري لهُ دور هام في حماية المؤسسة التجارية بحيث يشار إلى جميع العناصر الخاصة بهذه المؤسسة وأن السجل التجاري ليس سوى وسيلة استعلام للغير. وأنهُ لا يصبح وسيلة للاحتجاج بوجه الغير إلا في الحالات التي يحددها القانون([24]).
ويمكن للمصرف أن يحصل على المعلومات أيضاً عن طريق تبادل المعلومات بين المصارف . حيث تلجأ الأخيرة , وهي في سبيل جمع المعلومات عن طالب الائتمان, إلى المصارف الأخرى خاصة أذا كان هذا الشخص قد سبق لهُ التعامل مع تلك المصارف . وتُعدُ المصارف الأخرى أهم مصدر من المصادر الخارجية, ويرجع ذلك إلى أن المعلومات التي يتم الحصول عليها من هذا المصدر تكون محل ثقة كبيرة نظراً لما درجت عليه المصارف من تسجيل المعلومات التي تخص العملاء وأجراء التعديلات عليها بما يتفق وحالة العميل الواقعية مما يجعل هذه المعلومات أساساً صالحاً للحكم على المركز الواقعي لهُ من خلال وجهة نظر المصارف التي يتعامل معها ([25]).
ولا يقتصر المصرف لحصولهِ على المعلومات الخاصة بالعميل على المصادر السابقة الذكر . وإنما الغالب على عملهِ انهُ كثيراً ما يلجأ إلى مصادر أخرى يمكنهُ عن طريقها الحصول على المعلومات وهذه المصادر قد تتمثل بالصحافة المالية ومن قبيل الصحافة المالية هي صحيفة الشركات وتقارير البنك المركزي والتقارير السنوية للمصارف([26]).
كذلك يمكن للمصرف أن يحصل على المعلومات من قبل البنك المركزي حيث يجد المصرف معيناً كبيراً في البنوك المركزية التي لديها بيانات جميع المصارف عن العملاء . وعما يحصلون عليهِ من أعتمادات حيث تكون للمصارف وسيلة اتصال ببنوك المعلومات التييديرها البنك المركزي وهذهِ المعلومات تكون مخصصة حصرياً للمصارف نظراً لطابعها السري الذي يشملها بالسرية المصرفية([27]).
ومهما يكن الأمر فأن المعلومات التي يحصل عليها المصرف سواء أحصل عليها من مصادر داخلية أم خارجية, فيجب أن تكون تلك المعلومات موضوع الاستعلام , موثقة بالمستندات, ومن مصادر موثق بها,حيث تختلف درجة الوثوق بتلك المعلومات وفقاً للمصدر الذي يتم الحصول منهُ على المعلومات كما هو معلوم.
ب- معنى التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
بعد إن بينا مفهوم المعلومة بصورة عامة وتعرفنا إلى المصادر التي يتم من خلالها الحصول على المعلومة .لا بد لنا من وضع تعريف أو تحديد معنى التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي ,حيث إن تعريف هذا الالتزام يتطلب توضيح أطرافه أي من هو الدائن بهذا الالتزام ومن هو الطرف المدين. كذلك يتطلب تحديد محل هذا الالتزام ,أي نوع المعلومات التي يتم تقديمها.
وبذلك يمكن تعريف التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي ” بأنهُ ذلك الالتزام الذي ينشأ على عاتق المصرف كأثر مباشر لاتفاق مبرم بين المصرف وطالب المعلومة . وقد يكون هذا الالتزام نتيجة لالتزام ضمني يقع على عاتق المصرف تبعاً لالتزامات المصرف التعاقدية. وقد يلتزم بهِ المصرف بناءاً على وجود نص قانوني يلزمهُ بتقديم المعلومات الى جهات معينة ويقتصر هذا الالتزام على تقديم المعلومات ذات الطبيعة العامة من المعلومات المالية دون المعلومات الشخصية”.
فمن خلال هذا التعريف يمكن القول,بأن أطراف هذا الالتزام هم المصرف ويمثل الطرف المدين وطالب المعلومة وهو الطرف الدائن بهذا الالتزام. وان محل هذا الالتزام يقتصر على المعلومات ذات الطبيعة العامة وتقتصر على المعلومات المالية والتجارية دون المعلومات الشخصية والتي تتصف بالطابع السري . وهذا هو الأصل إلا في حالة وجود ما يقضي بأن يكون محل هذا الالتزام بعض المعلومات التي تتصف بطابع الخصوصية وطبقاً للأحوال التي ينص عليها القانون او الاتفاق.
ثانياً:- خصائص الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
أن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي يمتاز بأنهُ التزام استبياني خطير , إذ تكون لهُ جملة من الخصائص التي تميزهُ عن غيرهِ من الالتزامات ومن أهم هذهِ الخصائص التي يتميز بها هذا الالتزام هو أنهُ التزام استثنائي عن الأصل , أي أنهُ استثناء عن القاعدة العامة التي تقضي الالتزام بالسرية المصرفية , كذلك أنهُ التزام ذو طبيعة مزدوجة , أي بمعنى أنهُ قد يكون التزاماً مستقلاً بذاتهِ ,أي أنهُ التزام أصلي ألا أنهُ قد يكون أحياناً التزاما تبعياً لالتزام أخر , وكذلك يتميز هذا الالتزام بأنهُ التزام عام ومستمر . إضافة أنهُ يعد من الالتزامات الايجابية فهذه هي الخصائص التي يتميز بها هذا الالتزام .
ألا أن الأمر لا يقف عند هذا الحد فخصوصية هذا الالتزام تحتاج إلى التوقف عندها للتعرف عليها وبيان أهمية ذلك الالتزام من حيث إشاعة طابع الثقة والمصداقية في التعامل المصرفي عموماً وهذا ما سنبحثهُ في الفقرات الاتية:-
أ- التزام استثنائي عن الأصل
أن المبدأ العام هو التزام المصارف بالتكتم حول بيانات وأعمال زبائنها حتى تجاه الإدارات العامة . ومنها الدوائر المالية, ونتيجة لهذا المبدأ ومراعاة للمصالح العامة المتعلقة بالرسوم والضرائب كان لابد من وضع نصوص وأحكام قانونية لحمل المصارف على مساعدة الدوائر المالية في مهمتها الرامية إلى تحصيل الضرائب والرسوم([28]).
لذلك فقد أدخلت معظم التشريعات جملة من الاستثناءات على الالتزام بالكتمان والسرية أذا كانت هناك مصلحة اجتماعية أو فردية أولى بالرعاية من مصلحة صاحبالسر ,وإذا اقتضت مصلحة هذا الأخير الإفضاء بالوقائع التي يلتزم الأمين على السر بكتمانها([29]).
أي أن وضع هذا الاستثناءكان الهدفمنهُ حماية المصلحة العامة أو حماية المصلحة المالية الخاصة أو لتحقيق العدالة , وإذا كان الالتزام بالمحافظة على السر المصرفي بمقتضى القواعد العامة يمكن أن يزول في حال وجود حكم قضائي يوجب على الإطراف إطلاع الغير كالدوائر الرسمية وجهات القضاء على تلك الأسرار , فأن ذلك لا ينزع عن العملية المصرفية خاصيتها السرية وضمان حمايتها وتبرير ذلك أن استثناء إطلاع السلطة الرسمية وجهات القضاء على حسابات العملاء أمر يتعلق بالنظام العام ولا يجوز للمصرف الامتناع عن تنفيذ ذلك .
هذا إضافة إلى أن إطلاع السلطة الرسمية وجهات القضاء على حسابات العملاء كاستثناء على مبدأ المحافظة على السرية . فأن هناك استثناءات أخرى يزول بموجبها التزام السرية كأن يأذن العميل بذلك أو ينشب فيما بينهُ وبين المصرف نزاع يتعلق بتعامله أو وجود دعوى ضد العميل , وطلبت المحكمة معلومات عن حسابهِ, وكذلك الحال بتبادل المعلومات بين المصارف والمتعلقة بذوي السمعة السيئة ([30]).
أي أن تقريرالالتزام بالكتمان ليس بقاعدة مطلقة , إذ تتبلور اليوم في الحياة الاقتصادية والتجارية ما يطلق عليه بالشفافية في التعاملات التجارية بما تعنيهِ من البوح بتفاصيل تلك التعاملات وهو يتناقض مع الالتزام بكتمانها([31]).
ألا أن هذا التعارض , كما يبدو لنا , بين مصلحة العميل في حفظ أسرارهِ ومصلحة آخرين في كشف السر يستلزم بالضرورة الالتجاء إلى قواعد ملائمة للتوفيق بين هذهِ المصالح المتضاربة ويتكون بمجموعها النظام القانوني الذي يحكم الكتمان المصرفي([32]).
وهذه الاستثناءات لا تعد في جوهرها اعتداء على سرية حسابات العميل , وإنما تأكيد على هذه السرية , بمعنى أن التشريعات عندما حددت هذه الحالات على سبيل الحصر أنما أرادت من ذلك رسم الحدود الفاصلة بينها وبين أي حالة أخرى غير مذكورة في القانون, والتي يُعد فيها نقل المعلومات للغير من قبيل الانتهاك للسرية المصرفية, وبالتالي فأنهُ لا يجوز القياس على هذهِ الاستثناءات أو التوسع في تفسيرها لأنها جاءت على سبيل الحصر وخروجاً على القاعدة العامة التي لا تجيز للمصارف إفشاء معلومات الخاصة بعملائها . وذلك استنادا للقواعد العامة التي تقضي بأن “ما ثبت على خلاف القياس فغيرهُ لا يقاس عليهِ”([33]).
ومن خلال ما تقدم عرضهُ نلاحظ أن التزام المصرف بتقديم المعلومات هو استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم الاطلاع على حسابات العملاء ,وأن هذا الاستثناء على مبدأ الالتزام بالسرية في تزايد مستمر وذلك نتيجة ما تعطيهِ القوانين واللوائح لبعض الأجهزة الرقابية أحقية من حيث المبدأ في استطلاع الأسرار الخاصة بالإفراد.
ب – التزام مختلط
يتسم التزام المصرف بأنهُ التزام مختلط ذلك أنهُ قد يكون التزاما أصلياً قائماً بذاتهِ وقد يكون التزاما تبعياً للأخر . حيث أنهُ وفق القواعد العامة يكون الالتزام أصلياً, أذا أمكن قيامهِ مستقلاً دون أن يكون مستنداً إلى التزام أخر ويكون تبعياً أذا وجد مستنداً إلى التزام أصلي . وعلى ذلك فأنهُ إن وجد التزامان وكان أحداهما أساساً للآخر كان الأول أصلياً والثاني تبعي([34]).
فقد يكون الالتزام بتقديم المعلومات التزاما أصلياً في حالة ما أذا تقدم طالب المعلومة إلى المصرف وطلب منهُ معلومات عن المركز المالي لشخص أخر غالباً ما يكون عميل للمصرف وأجابهُ المصرف على طلبهِ نكون في هذه الحالة بصدد عقد قائم بذاتهِ محلهُ تقديم معلومات والتزامات الطرفين تكون في هذهِ الحالة تعاقدية والمسؤولية عن الإخلال بتلك الالتزامات تكون مسؤولية عقدية. أي أنهُ أذا استجاب المصرفوقبل عرض طالب المعلومة فأننا نكون بصدد عقد يوَََََََََََََََََََََََََََََََََََلد التزاما عقدياً على المصرف تقديم المعلومات التي تعهد بتقديمها([35]).
وبما أن خدمة تقديم المعلومات يقدمها المصرف بأجر وقد يقدمها بدون أجر أي مجاناً , والهدف من ذلك هو جذب العملاء أو مكافأة العملاء عن عمليات أجراها معهم أو مكافأة لعملاء عن استمرارهم بالتعامل معهُ فأنهُ
في هذهِ الحالة لا أثر في هذا الخصوص للمقابل الذي يحصل عليهِ المصرف لقاء تقديم هذه الخدمة فقد يحصل على أجر زهيد أو حتى يقدمها مجاناً إرضاءً لعملائهِ الحاليين أو جذباً لعملاء محتملين([36]).
أما بالنسبة لعد الالتزام بتقديم المعلومات التزاماً تبعياً يظهر في كل حالة يثق فيها أحد المتعاقدين في الأخر في مجال هو غير متخصص فيهِ, أي بمعنى أنهُ كما يتم الاتفاق بين المصرف وطالب المعلومة على تقديم المعلومات صراحة فقد يتم هذا الاتفاق ضمنياً تبعاً للالتزامات المصرف التعاقدية في أطار علاقات الإعمال المبرمة مع العميل , فقد يبرم العميل مع المصرف بعض العقود والاتفاقات تشمل ضمنياً على التزام المصرف بتقديم المعلومات كما هو الحال في عقد مراقبة محفظة الأوراق المالية وعقد القرض المصرفي وفتح الحساب وعقود وديعة الصكوك وعقود الوكالة وعقود الكفالة([37]).
ج- التزام ذو طبيعة عامة ومستمرة
يتميز الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي بأنهُ التزام عام أي أنهُ لا يقتصر على مصرف معين . أي أن هذا الالتزام يصدر من المصرف سواء أكان هذا الأخير تابع للقطاع العام أم تابع للقطاع الخاص . وأيا كان نوع هذا المصرف سواء أكان مصرف زراعي أم صناعي أو عقاري , حيث أن عمليات المصارف لم يطرأ عليها من الناحية الفنية أي تغير بسبب تحول المصارف إلى القطاع العام . إذْ يستوي في هذا الشأن المصرف الخاص والمصرف العام ولا يفترقان إلا من حيث ملكية رأس المال وتكوينالجهاز الإداري وتنظيم سيرهُ أما في علاقة المصرف بالغير فهي خاضعة لإحكام واحدة هي التي تحكم النشاط المصرفي ([38]).
إضافة إلى أن الجهاز أو القطاع المصرفي في الدولة يتكون من مجموعة من المصارف التجارية يشرف عليها مصرف مركزي مملوك للدولة, يتولى مهمة تنظيم عمل المصارف والرقابة عليها فضلاً عن مهامهِ القانونية والإدارية الأخرى . وتوجد مصارف تجارية متخصصة بقطاع اقتصادي معين كما هو الحال في المصارف الصناعية والعقارية أو الزراعية أو الاستثمارية , و أنتشر اليوم نوع أخر من المصارف التجارية أصطلح على تسميتها البنوك الإسلامية لما تتميز به من أتباع أسلوب الاقتصاد الإسلامي في عملها وخاصة فيما يتعلق بتحريم الربا وأبعادهِ عن معاملاتها([39]).
فأن جميع أنواع هذه المصارف تخضع لالتزام المصرف بتقديم المعلومات وهذا ما تضمنتهُ المادة (9) من قانون البنك المركزي المصري رقم (120) لسنة 1975حيث نصت ” للبنك المركزي حق الاطلاع في أي وقت على دفاتر وسجلات البنوك بما يكفل الحصول على البيانات …….”. حيث يلاحظ أن المشرع المصري أورد كلمة البنوك بصورة مطلقة أي لم يقيدها بنوع معين من البنوك , كذلك هو الحال في قانون مراقبة المصارف العراقي رقم (97) لسنة 1964 حيث تنص الفقرة (3)من المادة (3) منهُ على أن ” للبنك المركزي العراقي أن يطلب بموجب نظام وضمن حدود المعنية فيهِ كافة المعلومات المتعلقة بالتسهيلات الممنوحة من المصارف أو الصيارفة …..”, فنلاحظ أن المشرع العراقي قد أستعمل كلمة المصارف بصورة مطلقة دون تحديدها بنوع معين من الأنشطة المتخصصة.
أما بالنسبة لاعتبار هذا الالتزام التزاماً مستمراً فأنهُ من البديهي ألا يقتصر التزام تقديم المعلومات على الإعلام في المراحل السابقة على تكوين العقد تحت ما يعرف بالالتزام بالإعلام قبل التعاقد وإنما يلزم أن يمتد إلى مراحل تنفيذهِ فيما يتعارف عليهِ الفقه بالالتزام التعاقدي بالإعلام . فإذا كان الالتزام قبل التعاقد يسبق تكوين العقدوينفصل عنهُ , فأن الالتزام التعاقدي بالإعلام ينشأ مرتبطاً بالعقد منذ لحظة إبرامه وحتى الانتهاء من تنفيذهِ([40]).
وهكذا فأن التزام المصرف , كما هو واضح , يبقى مستمراً كلما دعت الحاجة , أي أنهُ مستمر طالما كان هناك أتفاق بين الطرفين أو عند وجود نص قانوني يوجب على المصرف تقديم معلومات بصورة دورية , وهذا ما تضمنتهُ المادة (41) من قانون المصارف العراقي النافذ رقم (94) لسنة 2004 والمتعلقة بالإبلاغ الدوري حيث نصت على “1- يزود كل مصرف البنك المركزي العراقي في الفترات ذات الصلة التي تحددها أنظمة بما يلي :- أ- كشوفات تبين موجوداتهِ و مطلوباتهِ ب – كشوفات عن حجم القروض…….. ج – معلومات أو إحصاءات عن مختلف حساباتهِ وأنشطتهِ …… د- معلومات أو بيانات أو جداول أو ميزانيات بخصوص مختلف حساباتهِ….”.
ونستنتج من ذلك أن طالب المعلومة يطلب المعلومات بصورة مستمرة في كل ما يواجههُ من أعمال وتصرفات ,وفي هذه الحالة فأن طالب المعلومة تكون لهُ في المصرف ثقة شخصية . لذلك فهو يلجأ إليهِ ليطلب منهُ المعلومات بصورة مستمرة.
بالإضافة إلى ما سبق ذكرهُ من خصائص لهذا الالتزام يمكن القول كذلك بأن هذا الالتزام من الالتزامات الايجابية , ويقصد بالالتزام الايجابي هو الالتزام الذي يكون محلهُ قيام المدين بإعطاء معين أو عمـــل ما ([41]), أي نكون أمام التزام بعمل عندما يتعين على المدين أن يقوم بعمل معين لمصلحة الدائن كالتزام العامل في مواجهة
رب العمل بانجاز العمل المناط بهِ([42])وبما أن هذا الالتزام محلهُ المعلومات التي يجب على المصرف إعطائها لطالب المعلومة فأنهُ التزام يتمثل في القيام بعمل أي يلتزم المصرف بتقديم المعلومات ويلتزم طالب المعلومة بدفع العمولة أو المقابل للمصرف , ويلتزم المصرف في الوقت ذاتهِ ببذل قدر من العناية عن تقديم المعلومات لطالبها.
المطلب الثاني
مقومات الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
بعد أن بينا تعريف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي , وقلنا أنهُ ذلك الالتزام الذي ينشأ على عاتق المصرف كأثر مباشر لاتفاق مبرم بين المصرف وطالب المعلومة أو بناء على وجود نص قانوني يلزم المصرف بتقديم المعلومات إلى جهات معينة.
فلابد من تحديد مقومات هذا الالتزام , ذلك أن هذهِ المعلومات تتمثل من خلال ما يتم تداولهُ بين أطراف الالتزام بحيث يكون لتعريف هذهِ الإطراف أهمية في تحديد مقومات وطبيعة ذلك الالتزام كما أن للمحل أهمية في الالتزام وهو ما سنتناولهُ في فقرتين متتاليتين ,ففي الأولى منهما سنتطرق لإطراف الالتزام , أما الفقرة الثانية من هذا المطلب سوف نتناول فيها محل الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
أولا:- أطراف الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
أن الالتزام بتقديم المعلومات ينشأ بين طالب المعلومة والمصرف . لذلك فأن أطرافهِ تقتصر على طالب المعلومة والذي يمثل الطرف الدائن بهذا الالتزام والمصرف ويمثل الطرف المدين . وهو ما يقتضي توضيح طالب المعلومة والمصرف.
أ- طالب المعلومة
طالب المعلومة قد يكون العميل وقد يكون الغير , فمن هو العميل الذي يحق لهُ طلب المعلومة ؟ ومن هو الغير ؟
1-العميل أو (الزبون) The client or the customer
يمكن تعريف العميل بأنهُ كل شخص يلجأ بإرادته إلى خدمات المصرف دون الذي يتقدم إلى المصرف لقبض حوالات صادرة باسمه عن الدولة أو أحدى المؤسسات العامة التي فوضت هذا المصرف بدفعها لانتفاء عنصر الإرادة وبالتالي فأن اكتساب صفة العميل يقتضي أن يكون المصرف قد وافق على العملية المصرفية([43]).
هذا وقد كان للفقه المقارن دور في تحديد معالم مفهوم العميل وبيان نطاقهِ . ولعل من أبرز ما قيل بهذا الصدد ما ذهب إليه الفقه الفرنسي . إذ يشدد الفقيه ( (Cabrillacعلى ضرورة وجود علاقة سابقة بين العميل والمصرف , فالمعرفة البسيطة للمتعامل مع المصرف لا تكفي , كما أن المعرفة الحقيقية تكون نتيجة لعلاقة سابقة ومستمرة تسمح للمصرف بالتأكد من هوية العميل ومهنتهِ الحقيقية([44]).
و نجد أن القضاء الفرنسي بدورهِكان لهُالسبق في ذلك وأن تم بصورة غير مباشرة عند نظر موضوع الصك المسطر حيث أصدر العديد من الإحكام التي قررت أن عميل المصرف هو كل شخص دخل في أعمال دائمة مع احد المصارف حيث تتيح هذه العلاقة للمصرف فرصة التعرف على هوية وقدرات وسلوك هذا الشخص([45]).
ومن خلال ذلك يتضح أن القضاء الفرنسي أشترط لوصف شخص ما بأنهُ عميل لأحد المصارف أن تكون هناك أعمال سابقة ودائمة بين الشخص والمصرف. وفي مرحلة لاحقة اكتفى القضاء الفرنسي بالتحقق فقط من رغبة هذا الشخص في فتح الحساب باسمه لدى نفس المصرف .
أما شرط أن تكون هناك علاقة سابقة ودائمة بين المصرف والشخص فلم تصبح شرطاً ضرورياً لإسباغ صفة العميل([46]).
ومع ذلك فقد تضيق بعض القوانين من مفهوم العميل في بعض الحالات بما ينسجم والغرض من تشريعها , كما هو الحال عند تضيق مفهوم العميل في حالةالصك المسطر الذي لا يجوز للمصرف المسحوب عليهِ أن يوفي قيمتهِ إلا إلى أحدعملائهِ أو إلى مصرف أخر, فقد عرف البند (خامساً )من المادة (167) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم (30) لسنة 1984 العميل لإغراض الصك المسطر بأنهُ كل شخص لهُ حساب عند المصرف المسحوب عليهِ وحصل منهُ على دفتر صكوك أو كان من حقهِ الحصول على هذا الدفتر.
كذلك نلاحظ أن المشرع العراقي أورد تعريفاً للعميل وسماهُ بالزبون في البند ( ثامناً) من المادة (2) من قانون مكافحة غسيل الأموال رقم(93) لسنة 2004 حيث نصت على ” الزبون تعني الشخص الذي تقدم لهُ المؤسسة المالية نتاج أو خدمة ويشمل الشخص الذي أما يفتح أو يغلق حساب , إضافة إلى الشخص الذي يتلقى ………”.
ومما سبق ذكرهُ يتضح لنا أن المصرف يتعامل مع نوعين من العملاء سواء أكان العميل شخصاً طبيعياً أم معنوياً , وهما ما يصطلح عليهما العملاء العابرون والعملاء الدائمون([47]).
فمتى يكون العميل عميلاً عابراً ؟ ومتى يكون العميل عميلاً دائماً؟
يكون العميل عميلاً عابراً عندما يسوي معاملاتهِ فوراً ونقداً دون حاجة إلى فتح حساب للعميل , كما هو الحال عند الوفاء بقيمة الصك أو شراء أو بيع الأوراق المالية أو دفع كابونات الأوراق المالية المستحقة أو شراء أو بيع عملة أجنبية . في حين يكون العميل عميلاً دائماً عندما يرغب في القيام بعمليات متعددة من إيداع أو الحصول على اعتماد وغير ذلك. ويسوي المصرف معاملاتهِ مع هؤلاء العملاء الدائميين عن طريق الحساب , أي أن هذا العميل هو من تصلهُ بالمصرف روابط متعددة وعلاقات مستمرة من خلال عمليات متنوعة .
إلا إن السؤال الذي يطرح نفسهُ في هذا النطاق هو هل جميع عملاء المصرف يمكن لهم الاستفادة من التزام المصرف بتقديم المعلومات ؟ أي هل يمكن للعميل العابر أو العرضي تقديم طلب المعلومات من المصرف ؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد من الوقوف عند ما يلي من البيان :-
إذا كان طالب المعلومة عميلاً دائماً للمصرف وكانت المعلومات تتعلق بشخص من الاغيار فعلى المصرف إحاطة عميلهِ بما لديهِ من معلومات وإلا قامت مسؤوليتهِ تجاه عميله ِ استنادا لقواعد المسؤولية العقدية.
بل يذهب البعض من الفقه إلى ألزام المصرف بتقديم المعلومات إلى العميل دون طلب إذا استوجب ظروف الحال ذلك , أي انهُ إذا كان طالب المعلومة عميلاً دائماً للمصرف فانهُ يحق للمصرف بل وعليهِ إلى حد معين التزام بتزويد العميل بالمعلومات ويكون مسؤولاً عن ذلك مسؤولية تعاقدية([48]).
إما إذا كان طالب المعلومات شخصاً لا تربطهُ بالمصرف سوى علاقة عرضية أو غير مباشرة مثل المسحوب عليهِ في ورقة تجارية مخصومة لدى المصرف , فمما لاشك فيهِ إن على المصرف التحقق من يسار الموقعين على هذه الورقة وإذا كانت لديه أسباب مؤكدة لاعتبار المسحوب عليهِ مشكوكاً فيهِ لتحرير احتجاجات سابقة ضده فان المصرف يكون ملزماً بإخبار عميلهِ الساحب بذلك ويكون مسؤولاً إذا لم يفعل([49]).
ومن هذا نستنتج إن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يستفيد منهُ جميع عملاء المصارف سواء أكانوا عملاء دائمون أم عملاء عرضيون .
2-الغير:-
المقصود بـ “الغير” فيما يتعلق بتقديم المعلومات كل شخص لا يرتبط مع المصرف بعلاقة تعاقدية موضوعها تعهد المصرف بتقديم المعلومات . فهو والحال كذلك في حكم عميل المصرف الذي لم يطلب المعلومات . ولكنهُ اعتمد على معلوماتصادرة من المصرف بمناسبة إحدى العمليات المصرفية بين المصرف وعميل آخر للمصرف ذاتهِ([50]).
هذا وقد يقوم بين المصرف والغير عقد متى تم الاتفاق بينهما على أن يقدم المصرف لهذا الشخص معلومات معينة , أي متى كان محل الاتفاق هو تقديم معلومات سواء كان هذا المتعاقد عميلاً للمصرف أم شخصاً لا تربطهُ بهِ رابطة سابقة([51]).
والأصل إن المصرف خارج نطاق هذا الاتفاق لا يلتزم بتقديم معلومات للغير , إلا في حال وجود التزام قانوني أو قضائي يفرض على المصرف تقديم مثل هذهِ المعلومات , بمعنى أن يكون طالب المعلومة من الغير ويسعى للحصول على معلومات عن عميل المصرف فان من حق المصرف أن يرفض الإدلاء بشيء مما يعرفهُ . بل الغالب ان يكون على المصرف واجب الامتناع عن الإدلاء بشيء وإلا كان ذلك منهُ إفشاء لسر المهنة إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون .
ولعل من ابرز ما يؤيد هذا التوجه إحكام القضاء الفرنسي التي أجازت تقديم معلومات للغير وذلك في واقعة مفادها أن احد الصناع الايطاليين سحب كمبيالة بأكثر من سبعة ملايين ليرة للوفاء بطلبيه بضاعة سلمت لشركة فرنسية , هذه الكمبيالة والمستحقة الدفع لدى الاطلاع , لم تدفع قيمتها عند تقديمها , والمصرف الذي كان يمسك حسابات الشركة الفرنسية كان قد كتب إلى البائع الايطالي إن مسؤول الشركة الفرنسية سلمهُ سنداً للوفاء وان السداد لهُ سيتم من خلال مصرف أخر سيتم تحديدهُ , البائع الايطالي اطمأن فأرسل طلبيه أخرى إلى الشركة الفرنسية ولكن بعد وقت قصير اتضح إن هذهِ الشركة دخلت مرحلة تصفية الأموال فرفع الصانع الايطالي دعوى على المصرف يطالبهُ بدفع مبلغ الكمبيالة السابقة وبالتعويض الذي يعادل ثمن البضاعة التي سلمت بعد وصول خطاب المصرف إليه , محكمة الاستئناف قررت إن المصرف عليه واجب معينبتقديم المعلومات .ولتبرير وجود هذا الواجب على عاتق المصرف استندت إلى الدور الاقتصادي العام لمقدم الائتمان ( المصرف ) والثقة التي تتعلق بتأكيداته . وانتهت المحكمة إلى إن المصرف ارتكب خطأ أسهم في إحداث الضرر, محكمة النقض رفضت الطعن المقدم من المصرف وقضت بان محكمة الاستئناف وبصحيح القانون قررت إن المصرف الذي عليهِ التزام مزدوج بتقديم المعلومات وبالاحتياط والحرص لم يضمن عبارات الخطاب التي كان من المحتمل إن تحذر هذا البائع من عدم الثقة في الشركة الفرنسية ( العميل ) وبهذا يكون قد خلق ائتماناً ظاهرياً أو
مظهر ائتمان([52]).
ومن خلال هذا الحكم يمكن أن نستنتج أن على المصرف التزاماً عاماً بتقديم المعلومات حتى لغير العملاء.
فالصانع الايطالي لم يكن عميلاً للمصرف ’ والحكم لم يذكر أن هذا الصانع قد طلب من المصرف تلك المعلومات او أن المصرف قد تلقي أجرا منهُ . لكن أن يراعى كل ذلك بعدم المساس بالأسرار المهنية التي يحوزها المصرف عن عميلهِ, وان تقدر الضرورات بقدرها.
ب – المصرف أو ( البنك ) The Bank
يُعد المصرف الطرف الثاني للالتزام بتقديم المعلومات , وهو الطرف المدين بهذا الالتزام فما المقصود بالمصرف من هذه الجهة الخطيرة والشائكة ؟
قد يصعب وضع تعريف للمصرف يجمع بين جميع أوجه نشاطهِ بهذا الصدد ,وذلك لتنوع واختلاف العمليات التي يقوم بها ,ولسرعة التطور في هذهِ العمليات وباضطرادها المستمر , ففي فرنسا عرفتهُ المادة (1) من قانون المصارف الفرنسي الصادر في 24l1/1984″ هو الشخص المعنوي الذي يمارس العمليات المصرفية على وجه الاعتياد “([53]).
في الوقت الذي نجد فيهِ أن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المصري رقم (88) لسنة 2003 قد خلا من تعريف المصرف , في حين يعرف الفقه المصرف بأنه منشاة مالية تتخذ شكل الشركة المساهمة سواء أكانت شخصاً عاماً أم خاصاً أو ذا رأس مال مشترك مرخص لهُ القانون أو البنك المركزي بممارسة عمليات البنوك كتلقي الودائع , منح الائتمان مبادلة النقود وتقديم خدمات مصرفية ([54]).
أما عن موقف المشرع لدينا فقد ذهب قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 إلى تعريفهِ في المادة (1) منهُ بأنه ” شخصاً يحمل ترخيصاً او تصريحاً بمقتضى هذا القانون لمباشرة الإعمال المصرفية ………..”.
فالأمر أذن من شؤون المصرف التي لا يتصور إلزامه بتقديمها . وكذا فانهُ إذا استجاب للطلب فيكون قد قبل عرض طالب المعلومة , ونصبح إزاء عقد يولد على عاتق المصرف التزاماً عقدياً بتقديم المعلومات التي تعهد بتقديمها ولا يختلف هذا التكييف تبعاً لما كان قد تم ذلك بمقابل مالي أم قبل المصرف تقديم المعلومات خدمة مجانية . ففي الحالتين نحنُ بصدد التزام عقدي لا فرق في هذا المقام بين كون طالب المعلومة عميلاً للمصرف أم أجنبي.
وقد استقر العرف المصرفي على اعتبار تقديم المعلومات من الخدمات المصرفية التي يحق للمصارف تقديمها طالما أنها لا تؤدي بهِ إلى الإخلال بالتزامهِ المهني بالسرية كما ذكرنا آنفا ([55]).
تجدر الإشارة إن المصرف قد يلتزم بتقديم المعلومات , ولكن يلاحظ بهذا الصدد أن المصرف قد يلتزم بتقديم المعلومات بناء على اتفاقهِ الصريح أو الضمني مع العميل , كما أن المصرف قد يقع على عاتقهِ واجب تقديم المعلومات تلقائياً لعملائهِ في العديد من العمليات المصرفية .وهذا كلهُ فرض أن هذهِ المعلومات لا تدخل في نطاق التزامهِ بالكتمان([56]).
ومن ذلك يكون طلب المعلومات إيجابا والمصرف حر في كونهِ يقبل التعاقد مع طالب المعلومة من عدمهِ.
بيد انهُ لا يفهم من هذا الفرض انهُ رفض للخدمات , وأساس هذا الحق في رفض المصرف هو مبدأ حرية التجارة , وعلى ذلك فأن المصرف في حالة رفضهِ تقديم المعلومات لا يكون ملزماً بإبداء الأسباب ولكنهُ ملزم بالرد على طالب المعلومة لان تأخرهِ هذا يجعل طالب المعلومة يعتقد إن المصرف قد وافق على أداء هذهِ الخدمة([57]).
ومما لاشك فيهِ إن صفة الشخص الذي تطلب عنهُ المعلومات تكون محل اعتبار عند تقدير درجة العناية التي يجب على المصرف إن يبذلها عند تقديم المعلومات .
أما أذا كان طلب المعلومات يخص غير عميل المصرف , ففي هذهِ الحالة فان المصرف يتصرف بحرية اكبر وذلك لان المصرف لا تقع عليهِ أية التزامات مدنية أو جنائية تجاه الغير سوى الالتزام العام الذي يقضي بعدم الإضرار بالمتعاقد وفي هذهِ الحالة يتعين على المصرف أن يقدم المعلومات المتوفرة لديه أذا كان يعلم عن الغير معلومات مفيدة لمصلحة عميلهِ إذ يفضي بها لهذا العميل , وإلا كان مسؤولاً عما يسببهُ من ضرر لهذا العميل .
ومتى كان للمصرف أن يقدم معلومات وفعل ذلك وجب أن يكون صادقاً وإلا كان مسؤولاً أمام الغير الذي أصابه الضرر بسبب المعلومات الكاذبة التي تلقاها([58]).
وفي الوقت ذاتهُ تتميز القرارات الحديثة بقسوة متزايدة إذ تفرض على المصارف التزام استعمال تقنيات الإعلام التي تمتلكها لتقديم المعلومات الدقيقة والصحيحة عندما تعقد عقد تقديم المعلومات([59]).
فالمعلومات المقدمة من المصرف يمكن أن تساهم بفعالية في تطهير وتنقية الائتمان وتكشف , على وجه الخصوص , الشخصية الحقيقية لبعض المتعاملين ومن الممكن عند الاقتضاء أن تسمح بالتحقيق وكشف النصابين قبل أن يمارسوا خداعهم .
وعلى ذلك فأن تقديم المعلومات يحقق مصلحة الائتمان والاقتصاد عموماً , إذ ليس الهدف من هذا التقديم نجاح العملية وحماية مصالح العميل فقط بل حماية المنظومة الاقتصادية أو النسيج الاقتصادي للمجتمع وبالتالي تطور النشاط التجاري بتطور مؤسساتها الفاعلة .
ثانياً :- المحـــــــــــل
إن محل الالتزام هو الأداء الذي يجب على المدين أن يقوم به لصالح الدائن وهو أما القيام بعمل أو الامتناع عنهُ أو تسليم شئ معين , ولكل التزام محل أيا كان مصدر هذا الالتزام([60]).
وقد , اتضح لنا , أن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي من الالتزامات الايجابية , وذلك بأن محل هذا الالتزام هو تقديم المعلومات التي يجب علىالمصرف إعطاءها لطالب المعلومة . فهو التزام يتمثل بقيام بعمل , أي إن محل هذا الالتزام هو تقديم المعلومات من قبل المصرف .
إلا أن التساؤل الهام الذي ينقدح بالذهن هو :- حول المعلومات التي يمكن أن يحوزها المصرف وطبيعتها أو بمعنى آخر هل لهذهِ المعلومات الواجب على المصرف إعلام طالب المعلومة بها وصفاً خاصاً وطبيعة معينة أم أنها عامة غير محددة الوصف والمعالم ؟
للإجابة عن هذهِ التساؤلات , لابد أن نوضح في بداية الأمر أنواع المعلومات التي يمكن للمصرف أن يحوزها. ذلك أن المصارف تتوافر لديها الكثير من المعلومات سواء أكانت ذات طبيعة اقتصادية أم مالية.
حيث تلعب المعلومات الاقتصادية دوراً كبيراً في نشاط الشركات خاصة في النظم الرأسمالية مثلاً حيث تصل استفادتها من تلك المعلومات إلى اكبر قدر ممكن لخدمة الأنشطة الاقتصادية, كما تستعمل أيضا في البحث عن التكنولوجيا والتنبؤ بالأوضاع المستقبلية للسوق([61]).
ومن المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها المصرف هي المعلومات الشخصية, ويقصد بها المعلومات المرتبطة بشخص المخاطب بها مثل اسمهُ وحالتهُ الاجتماعية وموطنهِ وصحيفة حالتهِ الجنائية . وتخضع هذه المعلومات رغم أنها ليست من صنع صاحبها لسلطانهِ فلا يجوز للغير الاطلاع عليها الا بموافقتهِ الشخصية , أو بأمر من السلطة العامة المختصة ويؤكد الفقيه (Catala)على ثبوت هذا الحق لصاحبها عليها بنصوص القانون الفرنسي رقم 17لسنة 1978 الخاص بالمعلوماتية والحريات ([62]).
في حين صدر في بريطانيا عن جمعية المصرفين البريطانية ما أطلق عليهِ تقنين الصيرفة (The Banking Code) الذي دخل حيز النفاذ اعتباراً من 31|3|2008وقضت الفقرة (1) من المادة (11) على أن تعامل المصارف المعلومات الشخصية الخاصة بعملائها على نحو سري بحيث لا تعطي مثل هذهالمعلومات إلى أي شخص حتى بعد انتهاء العلاقة مع العميل . والمعلومات الشخصية تشمل اسم العميل وعنوانهِ والتفاصيل المتعلقة بحساباتهِ([63]).
وهذا الأمر أيضا تضمنهُ قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976( الملغى )([64]) وذلك في المادة (54) عندما نصت على انهُ ” تعتبر كافة المعلومات المتعلقة بأسماء المودعين ومبالغ ودائعهم وأية معلومات تتعلق بها وكذلك مبالغ الائتمان والالتزامات غير المباشرة وأسماء العملاء الممنوحة لهم ……”([65]).
هذا ومن المعلومات التي يمكن أن يحوزها المصرف هي المعلومات التجارية والمعلومات المالية. والمعلومات التجارية :- هي المعلومات التي تتجه إلى الأمانة والاعتبار والسمعة واليسار والقدرة على الوفاء بالديون وهذهِ المعلومات تنصب على صفات ذاتية شخصية .
أما المعلومات المالية :- هي المعلومات التي تشمل على وصف مالي للمشروعات والشركات . وهذا النوع من المعلومات يؤسس في جملتهِ على المستندات والوثائق مثل ميزانية المشروع وحساب الإرباح والخسائر وهذهِ المعلومات تنصب على الصفات الموضوعية ([66]).
وقد تتضمن المعلومات المالية على دخل الفرد الشهري والاتفاقات التي أجراها والديون ووضعهُ وسمعتهُ المالية لدى المصارف وشركات التامين أو وضعهُ وسمعتهُ لدى السوق التجاري والمحلي كل ذلك يدخل في مجال الذمة المالية للشخص , وهي بدورها ترتكز على الرصيد الشخصي المالي والتزاماتهِ([67]).
إن تقديم معلومات مالية وتجارية عن العميل لا تشكل مخالفة للالتزام المصرف بسر المهنة وان تقديم تلك المعلومات تعد ممارسة عادية تمارس من اغلب المهن المصرفية.
ولكن إذا كانت الأعراف المصرفية تسمح للمصرف بتقديم معلومات عن عملائهِ ,إلا انهُ يشترط إلا تدخل في نطاق الالتزام المصرف بسر المهنة حيث توجد بعض القيود على تقديم معلومات عن عميل المصرف([68]).
أي انهُ لا يقصد بالإدلاء بالمعلومات عن العميل أن يفضي المصرف بشئ من أسرار العميل لديهِ. إذ أن الإجابة عن الاستعلام يجب ان تكون وفق قواعد يجب على المصرف مراعاتها وهي كمايلي :-
1- أن يتصرف بحيطة وتبصر بحيث يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد .
2- أن تكون الإجابة بشكل عبارات عامة مجملة.
3- أن تكون العبارات المعطاة صحيحة فإذا كانت غير صحيحة كان المصرف مسؤولاً عن الإضرار التي تلحق بالعميل([69]). أي انهُ لا ينتظر من المصرف أن يقدم معلومات إلا بالنواحي المالية والاقتصادية دون النواحي الخلقية التي تفلت بطبيعتها وغالباً من نشاط المصارف .
أي ان المصرف لا يلتزم إلا بتقديم معلومات مالية ومصرفية متصلة بالمركز المالي للعملاء في المصرف دون أي معلومات أخرى كأمانته أو أخلاقه . ولا يعد العرف الذي يسمح للمصرف بإعطاء معلومات مالية عن عملائهِ سوى استثناء من ضرورة المحافظة على إسرار العملاء التي تظل القاعدة الأساسية في المهنة المصرفية([70]).
بناء على ما سبق ذكرهُ, يمكن القول , بان طبيعة المعلومات التي يلتزم المصرف بإعطائها لطالب المعلومة تكون معلومات عامة أي لا تدخل في نطاق السر المصرفي إلا في حالة الإذن الذي يعطى للمصرف من قبل صاحب المعلومة الذي يسمح لهُ بإعطاء تلك المعلومة , أو في حالة وجود نص قانوني أو حكم قضائي يجيز للمصرف إعطاء هذه المعلومات السرية . وقد اجتهد الفقه في تحديد المعلومات ذات الصفة السرية وقرر أنها المعلومات التي لها طابع محدد أو التي تحتوي على ” رقم ” مثل محتوى الميزانية أو مضمونها أو العجز في احد بنودها أو رصيد أو حركة حساب أو مبلغ الائتمان أو طلب تأجيل الوفاء أو تفاصيل العمليات التي قام بها العميل .([71])فمثل هذهِ المعلوماتلايجوز للمصرف إعطائها لأي شخص إلا بإجازة صاحبها أو وجود نص قانوني يقضي باعطاءها.
بينما لا تعد سرية المعلومات ذات الطابع العمومي والشائعة والتي تتمثل بالآراء المحلية الصادرة عن المصارف. أي إن الأصل لا يمكن للمصرف أن ينقل لطالب المعلومة سوى المعلومات العامة المتعلقة بالعميل, فلا يمكن أن تتضمن الإجابة أية تعليمات مرقمة أو معلومة دقيقة فيجب أن يصاغ رأي المصرف بعبارات موضوعية ([72]).
وفضلاً عن المعلومات التي تنصب على بيانات اقتصادية وتجارية ذات الطابع العام ,فان جانباً من الفقه يرى انهُ لا يوجد سر عندما يستشعر المصرف أن عميلهِ يضع نفسه في موقف متعذر إصلاحه بسبب مديونيتهِ لان هذا العميل لم يعد جديراً بحماية أسرار معاملاته فإبقاء هذه الحماية يضر بالغير المتعاملين معهُ([73]).
كذلك لا يكون المصرف منتهكاً للسر المصرفي إذ أعطي بعض المعلومات المعلنة للجمهور كما هو الحال مثلاً إذا كان عميل المصرف عبارة عن شركة تجارية وقام المصرف بإعطاء معلومات للغير تتعلق باسم الشركة ورأس مالها بأوصافه كافة , وذلك أن المادة ( 210) من قانون الشركات العراقي رقم 21لسنة 1997 قد ألزمت الشركات بان تثبت اسمها كاملاً ورأس مالها بأوصافه كافة على محل إدارتها الرئيس وفروعها ومحلات نشاطها وعلى جميع إداراتها وشهاداتها ووثائقها وكل ما يصدر عنها ([74]).
وتجدر الإشارة أن الأمثلة الأخرى للمعلومات ذات الطابع العام التي يجوز للمصرف إعطاءها هو القول بان العميل ائتمانهِ جيد أو ضعيف الائتمان أو لايتعامل معهُ بدون ضمانات أو القول بان الاستحقاقات صعبة أو الدفعات غير منتظمة.
ورغم إن المصرف لا يقدم إلا المعلومات ذات الطابع العام فانهُ يقدم خدمة جليلة لطالب المعلومات ذلك انهُ يقوم بتجميع المعلومات المجزأة في عدة أماكن وتحليل المعلومات الإجمالية لتكوين تصور عام يعطي رؤية الائتمان وجدية المشروع المزمع التعاقد معهُ . وإذا تضمنت المستندات محل الاطلاع معلومات سرية ومعلومات عامة فانهُ يتم الكشف عن المعلومات العامة دون المعلومات السرية, فقد حدث إن وجه احد المصارف إلى مساهمي إحدى الشركات الذين يحفظون أسهمهم لديه ويدير لهم حافظة أوراقهم المالية عرضاً عاماً بشراء تلك الأسهم وإتمام هذهِ العملية وفقاً لنظام العرض العام ( اكتتاب الجمهور ) بالشراء تقتضي الحصول على معلومات اقتصادية عن هذهِ الأسهم والقيام بفحص مستندات محاسبة الأمر الذي يكشف عن شخصية مالك الأسهم وهذا يتعارض مع واجب حماية السر المصرفي المفروض على المصرف لصالح عملائهِ .
لهذا يتجه القضاء في مثل هكذا فروض إلى الموقف الواضح والحاسم إلا وهو :- أن نتائج فحص المستندات والرقابة على العملية هي فقط التي تذكر دون الإشارة إلى أسماء العملاء التي اطلع عليها المندوب المكلف بعملية البحث([75]).
وفي إطار تحديد درجة العناية التي يجب على المصرف أن يبذلها عند تقديم المعلومات, يقرر بعض الشراح الفرنسيين انهُ عندما تكون المعلومات المطلوبة تخص عميل المصرف ففي هذهِ الحالة ونتيجة التزام المصرف بالسر المهني يكتفي بالإجابة على طلب المعلومات أن يقدم المعلومات في عبارات عامة ويعطي رأيا عاماً عن حالة العميل كما ذكرنا أنفاً ([76]).
ولاشك أن تقديم المعلومات في عبارات عامة يتطلب من المصرف عناية اقل , حيث يمكن للمصرف في هذهِ الحالة أن يعتمد على مصادر عامة ولكن معملاحظة التزام المصرف بالسر المهني , ولا يبرر لهُ أن يقدم معلومات غير صحيحة عن حالة العملاء, ذلك أن هناك حداً أدنى من العناية يجب على المصرف أن يبذلها لكي يقدم معلومات صحيحة , فعلى سبيل المثال أذا لم تكن لدى المصارف معلومات كافية عن حالة العميل فيجب عليهِ أن يستعلم من المصارف الأخرى حتى يقدم معلومات صحيحة.
والسماح للمصرف بتقديم معلومات عامة عن عملائهِ ليس مطلقاً من كل قيد ,إذ يجب أن يكون لهُ ما يبررهُ وان يتم ذلك باحتياط وموضوعية وعند الخلاف فان المصرف عليهِ عبء إثبات الدوافع التي حملتهُ على تقديم معلومات عن الموقف المالي والتجاري لعميلهِ([77]).
وبناء على ما سبق ذكرهُ يمكن القول بان المعلومات التي يكون محل الالتزام بأدائها تعد في الأصل معلومات عامة أي تلك التي لا تحتوي على أية بيانات أو سرد لوقائع الخصوصية مثل أن العميل يسدد ديونهِ بانتظام وان هناك صعوبات تواجه المصرف عند استحقاق ديونهِ على العميل , كذلك أن المصرف ليس هو المكان الذي يقدم معلومات شخصية بل فقط معلومات التجارية وهي تتعلق حتماً بحسابات العملاء أو ودائعهم , أي أن المعلومات التي يعطيها المصرف تتعلق عادة بالموقف المصرفي وليس بأخلاقهم أو طبيعة تصرفاتهم , فعلى سبيل المثال عند التقديم لصرف قيمة الصك ويكون الرصيد غير كافٍ أو غير موجود, فهنا يحرر المصرف خطاب ببعض المعلومات عن الصك المقدم إليه عما أذا كان الرصيد غير كافٍ لسداد قيمة الصك المقدم إليه من عدمهِ, أو ان هناك رصيد موجود أصلا أو لا أو التوقيع مطابق أو لا.
كل هذهِ الأمثلة للمعلومات التي يقدمها المصرف والتي لا تعد إفشاء للسر([78]). وكل ما يشترط في المعلومة المقدمة أن تكون هذهِ المعلومة موجودة لدى المصرف وان تكون دقيقة ومحددة في مضمونها ومؤكدة من حيث تحققها وأيضا مجهولة من الجمهور وبحسب الأحوال. وكلما كان الإعلام الصادر من المصرف في عباراتهِ سهل وألفاظه بسيطة كلما كان سهل الفهم ميسور الإدراك بعكس الحال إذا جاءت عبارات الإعلام وألفاظه في أسلوب مركب وصياغة فنية معقدة حيث يصعب على طالب المعلومة فهم مدلولاتها وأدراك مضامينها .
المبحث الثاني
معطيات الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
يتميز الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي بجملة من المعطيات التي تحددهُ وتضع لهُ القوام الصحيح شأنهُ شأن باقي الالتزامات . بيد أن هذهِ المعطيات تتمثل بشروط تحكم الالتزام بتقديم المعلومات الائتمان المالي , حيث انهُ لابد من وجود شروط تحكم هذا الالتزام , كذلك لابد من توضيح الطبيعة القانونية للالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي , وهو ما يفرض علينا أن نوضح أو نجيب على عدة تساؤلات لعل من أبرزها هو :- هل أن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي التزام ذو طبيعة تعاقدية ؟ أم انهُ ذو طبيعة قانونية ؟ أم انهُ ذو طبيعة مزدوجة وبالتالي يجمع بين المركزين التعاقدي والقانوني وبحسب الأحوال؟ هذا ما سنوضحهُ في المطلبين الآتيين وبالتعاقب:-
المطلب الأول :- شروط الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
المطلب الثاني :- الطبيعة القانونية للالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
المطلب الأول
شروط الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
لعل من نافلة القول أن نؤكد على أن لكل التزام شروط تحددهُ وتحكمهُ , ووفقاً لذلك فأن الالتزام بالإعلام أو بتقديم المعلومات يتطلب توافر شرطين هما :-
1- أن يكون أحد الراغبين في التعاقد على علم ومعرفة بالمعلومات الجوهرية المتصلة بالعقد وأهميتها بالنسبة للطرف الأخر .
2- أن يكون الطرف الآخر جاهلاً بمثل هذهِ المعلومات جهلاً مشروعاً أو مبرراً , بحيث أذا انتفى أحد هذين الشرطين انتفى وجود الالتزام([79]).
ومن ذلك يمكن القول بإمكانية رد شروط الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي إلى شرطين رئيسين الأول منهما معرفة المصرف (المدين ) للمعلومات وبمدى أهميتها لطالب المعلومة , والشرط الثاني يتمثل في جهل طالب المعلومة ( الدائن ) بالمعلومات المتصلة بالعقد .
أولاً :- معرفة المصرف بالمعلومات وبمدى أهميتها لطـا لـب المعلومة
إن من الطبيعي أن يشترط لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي علم المصرف ومعرفتهِ لهذهِ المعلومات , كما ينبغي أن يكون على علم أيضاً بالأهمية التي تحتلها هذهِ المعلومات بالنسبة لطالب المعلومة , وأن معرفة المصرف بمضمون هذهِ المعلومات تمثل جانباً مهماً من جانبي الشرط الأول اللازم لنشأة الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي , فمن غير المقبول أن نلزم المصرف بتقديم معلومات معينة هو يجهلها بالأصل إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه كما هو معروف .
ومن المعلوم بأن المعلومات تشكل مادة أولية للمصرف شأن أي مدين آخر , فأن المعلومات تمكنهُ من معرفة مصير الأموال التي قبضها وتؤمن بالنهاية مدخولهِ الخاص وبالتالي استمراريتةِ .
إضافة إلى أنهُ قد يلعب دور المحاسب الذي يزيد من فعالية هذهِ المعرفة وهذا ما يمكن المصرف من امتلاك معلومات واسعة عن نشاط وحركة ومخزون عميلهِ المالي([80]), مما يسهل تحقق هذا الشرط أي يسهل على المصرف الإحاطة بالكثير من المعلومات ومعرفتهِ لها .
إضافة إلى ذلك فإن المصارف تقوم بتقديم الائتمان والائتمان يرتبط بالثقة , والثقة تستلزم أن يكون مانح الائتمان على علم حقيقي ومعرفة بمركز طالب الائتمان . وبالتالي فأن للمصرف دوراً هاماً في خلق الائتمان وتوزيعهِ من أجل دعم نشاط المشاريع الاقتصادية وهو دور بديهي في النظم الرأسمالية والاشتراكية على حد سواء . فهذا يساعد المصرف أيضاً على زيادة معرفتهِ بالعدد من نواحي تلك المعلومات([81]).
فعلم المصرف ومعرفتهِ بهذهِ المعلومات أمر تقتضيهِ طبيعة مهنتهِ وطبيعة الدور الذي يلعبهُ في مجال تقديم الائتمان .
فالمصرف هو ملاذ رجال المال والإعمال و للدولة أحياناً . فهو بؤرة تصب فيها المعلومات من خلال مباشرتهِ لنشاطهِ العادي وأي تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية لا تلبث أن تعكس أثارها سلباً أو إيجابا على نشاط المصرف .
ولا جدال في أن من واجبات المصرف الرئيسية أن يكون متيقظاً ومحللاً واعياً للمحيط الاقتصادي والاجتماعي الذي يباشر فيهِ نشاطهِ ولا يخفى أن هذهِ الإحاطة بالمعلومات وحسن تحليلها هي التي تفرق بين مصرف وآخر([82]).
وتجدر الإشارة إلى أنهُ أذا كان الأصل أن كل من يرغب في التعامل مع غيرهِ على شيء يملكهُ يكون عادة على علم كافٍ ودراية عامة بحقيقة كل ما يتصل بهِ من معلومات , فأن التساؤل الذي يفرض نفسهُ يدور ما إذا كان ثمة اختلاف أو فرق في حدود المعرفة المطلوبة من المدين كونهِ مهني أو غير مهني ؟
على أساس من أن درجات المعرفة متفاوتة بين الإفراد بشأن الإحاطة بما يتصل بالعقود من معلومات , فالشخص البسيط قليل الخبرة والدراية عادة ما يعرف نزراًيسير من المعلومات بخلاف الشخص المهني أو المتخصص الذي تتوافر لديهِ كميات هائلة من المعلومات المتعلقة بما يتعامل عليهِ بحكم مهنتهِ أو تخصصهِ([83]).
ففي مرحلة ما قبل التعاقد على المهني المحترف ذي العلم والخبرة , أن يقدم للمتعاقد الآخر الذي ليس لديهِ خبرة المعلومات التي تبصرهُ بمضمون العقد .
هذا وقد ألزمت بعض قوانين المصارف عموماً بأداء الالتزام قبل التعاقد بتقديم المعلومات في حالات معينة , مثل إلزام مؤسسات الائتمان بأن تحيط عملائها , أو الجمهور, علماً بالشروط العامة التي تطبقها بشأن العمليات التي تباشرها وشروط فتح الحسابات المصرفية وأسعار مختلف الخدمات التي تقدمها([84]).
غير أن التساؤل الذي يتبادر إلى الذهن هو عما أذا كان من اللازم , إلى جانب معرفة أو علم المصرف بالمعلومات, أن يكون أيضاً على علم ودراية بأهميتها وتأثيرها على طالب المعلومة كما هو الحال في القواعد العامة للالتزام بالإعلام ( حيث يلزم إلى جانب معرفة المدين بالمعلومات أن يكون على علم ومعرفة بمدى أهميتها بالنسبة للدائن )([85])؟ أم يكفي مجرد علم المصرف بهذهِ المعلومات للقول بمسؤوليتهِ عن عدم أعلامها لطالب المعلومة الذي يجهلها .
وللإجابة عن كل ذلك نقول أنهُ لا يكفي لالتزام المصرف بتقديم المعلومات أن يكون على علم ومعرفة بهذهِ المعلومات ,بل ينبغي إلى جانب ذلك أن يكون على علم أيضاً بأهمية هذهِ المعلومات لطالبها . فمن غير المعقول أن نلزم المصرف بأن يقدم لطالبالمعلومة قائمة أو كشفاً يحصر فيهِ جميع المعلومات التي يحوزها ويعرفها بغض النظر عن حاجة طالب المعلومة لها أو عدم حاجتهِ.
لذلك كان من مقتضى قواعد العدالة لكي يلقى على عاتق المصرف التزاما بتقديم المعلومات أن يشترط إلى جانب معرفتهِ لها أن يكون عالماً بأهميتها لدى طالب المعلومة .
ونتيجة لذلك فقد أستقر الرأي لدى كل من الفقه الفرنسي والمصري([86])على ضرورة تحقق علم المدين بأهمية المعلومات بالنسبة للدائن إلى جانب معرفتهِ لهذهِ المعلومات كشرط لازم من شروط التزامهِ تجاههِ بالإعلام . حيث عبر الفقيه (Chestin) على ضرورة توافر معرفة المدين بالمعلومات فضلاً عن معرفتهِ لأهمية هذهِ المعلومات بالنسبة لدائنهِ بقولهِ أن الالتزام بتقديم المعلومات يفترض أن أحد الطرفين يعرف ليس فقط المعلومات ولكنهُ يعرف أيضاً تأثير هذهِ المعلومات على رضاء الطرف الأخر ومعرفة المصرف بمدى أهمية المعلومات بالنسبة لطالبها , وأنها ذات أثر حاسم في اتخاذ القرار في مثل هذهِ الحالات يجب على المصرف أن يبذل عناية أكبر وأن يعمل تحريات واستقصاءات أعمق للوصول إلى تلك المعلومات الصحيحة([87]).
فلا يكفي للمدين بهذا الالتزام , أن يدعي عدم علمهِ بالمعلومات بل يجب أن يثبت أنهُ قام بالتزامهِ بالتحري والاستعلام عن المعلومات([88]), ليدفع المسؤولية عنهُ, وأنهُ قد بذل العناية اللازمة في ذلك .
ولابد من الإشارة إلى أنهُ غالباً ما يفرض الالتزام بتقديم المعلومات على عاتق المهنيين في علاقاتهم بالأشخاص العاديين . وذلك لأنهم على دراية دائمة بالمعلوماتالمتعلقة بنطاق اختصاصهم , فهم يتوفر لديهم الكثير من المعارف الفنية وتقنيات هامة مما يوجب عليهم تزويد عملائهم بها([89]).
وبما أن المصرف يعتبر مهنياً محترفاً , أصبح مديناً بهذا الالتزام أكثر من غيرهِ . بل أصبح من الواجب عليهِ كذلك الاستمرار في مواكبة التطورات التقنية والقانونية الحاصلة في مجال تخصصهِ , لكي يكون باستطاعته أعلام من يتعاقد معهُ بشكل سليم . فالتخصص التقني للمصرف يمكنهُ من توفير معلومات هامة متعلقة بمجال مهنتهِ . ويعرف مخاطرها ومزاياها ويكتسب خبرة من خلال النشاط الذي يقوم بهِ.
ولقد أضاف التقدم العلمي الذي لحق جوانب الحياة لأصحاب المراكز الاقتصادية , قوة جديدة إلى جوار قوتهم الاقتصادية , إلا وهي المقدرة العلمية التي تكفل لهم الإلمام الشامل والدراية الكافية بكل ما يتصل بموضوعات العقود التي يبرمونها من معلومات.([90])
ومع ذلك فالمصرف لا يمكنهُ أن يعلم بكل شيء ذلك أن جهلهِ يمكن أن يصبح مشروعاً أذا تعلق بمعلومات لا علاقة لها بتخصصهِ أو لا تدخل في أنشطتهِ أو لا يمكنهُ العلم بها.
ويتضح مما سبق أن الالتزام بتقديم المعلومات يجب أن لا ينصب إلا على المعلومات والوقائع التي يعلمها المصرف , ولكن يجب أن يعلم من ناحية ثانية أن هذهِ المعلومات مهمة ومنتجة لطالب المعلومة.
ثانياً :- جهل طالب المعلومات بالمعلومات المتصلة بالعقد جهلاً مشروعاً
يمثل جهل طالب المعلومة بالمعلومات المتصلة بموضوع التعاقد المزمع إبرامه الشرط الثاني لنشأة الالتزام ووجودهِ في محيط التعامل . فلا يكفي لقيام هذا الالتزام علم المصرف ومعرفتهِ بالمعلومات المتصلة بالعقد وبمدى أهميتها لطالب المعلومة , بل ينبغي أيضاً إلى جانب ذلك أن يكون طالب المعلومة الدائن بهذا الالتزام جاهلاً بها . وذلك طبقاً للقواعد العامة في مجال الإعلام وتقديم المعلومات التي تقضي بأنهُ لاينبغيأن يكون للراغب في التعاقد في صفة الدائن بالالتزام بشأن المعلومات يعرفها أو يمكن معرفتها عن طريق الاستعلام عنها([91]) .
فالالتزام بتقديم المعلومات قصد بهِ علاج حالات الاختلال الفادح في مستوى الدراية والمعرفة بين طالب المعلومة ومقدمها .
من هنا ينبغي لوجودهِ أن يحوز أحداهما معلومات لها اتصال بالعقد يجهلها الطرف الآخر أو بمعنى يكون أحدهما على مستوى عالٍ من الخبرة والإحاطة بكل المعلومات المتصلة بموضوع التعاقد ويكون الآخر على مستوى منخفض حيث يجهل جميع أو معظم هذهِ المعلومات ومن ثم أذا أنتفت الفجوة لدى الطرفين معاً فأنهُ عند ذلك تنتفي العلة من فرض هذا الالتزام.
وهكذا , فأن طلب المعلومة يدل على أن طالبها يجهل هذهِ المعلومة ويريد أن يعرفها لأنه لا يريد أن يقوم بنفسهِ بفحص وتحري ومراجعه وأنهُ في هذهِ الظروف ينتظر أن تتم هذهِ المراجعة بوساطة الذي طلبت منهُ المعلومات , وقد علمنا مسبقاً أن وجود الالتزام بتقديم المعلومات مشروط بجهل طالب المعلومة بالمعلومات التي يطلبها إلى جانب معرفة المصرف لها وبمدى أهميتها بالنسبة لطالب المعلومة أي انهُ لا يكفي لطالب المعلومة أن يتذرع بأي نوع من أنواع الجهل , إذ لا بد أن يكون جهل طالب المعلومة جهلاً مشروعاً.
فالجهل المزعوم من قبل طالب المعلومة لا يكون مقبولاً إلا أذا كان جهلاً مشروعاً . إذ لا يمكن لطالب المعلومة أن يضفي على جهلهِ صفة المشروعية إلا أذا أثبت عدم قدرتهِ على أداء واجب الاستعلام عن المعلومات .
وهذا ما أكدهُ الفقيه (Chestin) بقولهِ بأنهُ لا يكفي لكي يكون الشخص دائناً بالالتزام بتقديم المعلومات أن يتذرع بجهلهِ بل يجب أن يكون جهلاً مشروعاً([92]).
بمعنى أنهُ ليس لطالب المعلومة عندما يكون قليل الخبرة والمعرفة أن يدعي الجهل ويطالب المصرف بتقديم المعلومات لهُ متى كان من السهل عليهِ أن يتبينها بنفسهِأوأن يعرفها بوسائلهِ الخاصة . وإذا كان الأصل العام أن من يريد التعامل على شيء من الأشياء ويرغب في معرفة المعلومات الهامة المتصلة بهِ أن يستعلم عنها بنفسهِ وان يسعى لتحصيلها بوسائلهِ الخاصة ولا يجوز لهُ أن يتقاعس عن أداء واجبهِ بالاستعلام متى أستطاع تنفيذهِ بحجة أن الطرف الآخر ملزم بتقديم المعلومات لهُ, ولكن أذا كان هذا هو الأصل فهل يمكن الخروج عليهِ ؟ نعم يمكن أن يكون الجواب بالإيجاب . إذ أن ذلك الأصل يتلاشى مضمونهِ ويستبعد تطبيقهِ وتنفيذهِ متى كان من المستحيل على طالب المعلومة الاستعلام عما يحتاج إليه من معلومات بشأن العقد([93])
وفي حالة تحقق استحالة طالب المعلومة من الاستعلام عن تلك المعلومات فيصبح في هذهِ الحالة جهلهُ مشروعاً.
وبناء على ذلك فكيف يمكن لنا أن نؤسس لمشروعية هذا الجهل لطالب المعلومات ؟ يرجع هذا الجهل المشروع , كما يبدو لنا , من قبل طالب المعلومة إلى اعتباريين مهمين هما :-
الاعتبار الأول :- الجهل المستند إلى استحالة علم طالب المعلومة بالمعلومات المطلوبة استحالة موضوعية .
ويقصد بالاستحالة الموضوعية أي الحالات التي يستحيل على المتعاقد أن يعلم كافة المعلومات المتعلقة بالشيء محل العقد المراد إبرامه .
وبما أن محل الالتزام بتقديم المعلومات هو أعطاء المعلومات فقد يستحيل على طالب المعلومة في بعض الأحيان استحالة موضوعية للاستعلام عن تلك المعلومات عن طريق وسائلهِ الخاصة , لذلك فأنهُ قد يلجأ إلى المصرف لطلب تلك المعلومات منهُ .
ومما لا شك فيهِ أن طالب المعلومة يتوجه إلى المصرف لكي يطلب معلومات نتيجة اعتقادهِ في قدرة المصرف على إن يقدم لهُ المعلومات الصحيحة , فطلب المعلومة يكون نتيجة ثقة شخصية من طالب المعلومة في المصرف .
أما الاعتبار الثاني لهذا الجهل , فهو الجهل المستند إلى استحالة علم طالب المعلومة بالمعلومات المطلوبة استحالة شخصية , حيث تكون الاستحالة الشخصية أو الذاتية عندما تكون نتيجة لضعف أو قلة التجربة والدراية من قبل طالب المعلومة ذاتهِ . حيث أن ضعف مستوى العلم والدراية لدى الشخص البسيط قليل الخبرة الذي حرمتهُ قدراتهُ الضعيفة وخبراتهِ البسيطة عن الإحاطة والإلمام بالأمور المتصلة بالعقود التي يبرمها مع الأشخاص المهنيين يمثل احد الضرورات العملية التي أملت على الفقه والقضاء ضرورة الاعتراف بالالتزام بتقديم المعلومات كالتزام قانوني يلقي على عاتق الشخص المهني أو غيرهِ من الأشخاص اللذين يحوزون بحكم خبرتهم واختصاصهم المعلومات المتصلة بالعقود لصالح الأشخاص البسطاء قليلي الخبرة([94]).
فالدائن بالالتزام بتقديم المعلومات هو عادة شخص لا تتوافر لديهِ مقومات الخبرة والدراية اللازمتين للعلم والإحاطة بالمعلومات كما انهُ يفتقر إلى الوسائل اللازمة للاستعلام عن مثل هذهِ المعلومات وليس ابلغ في الدلالة على ما تقدم البعض من التطبيقات القضائية الفرنسية فيما يتعلق بقلة الخبرة والدراية من جانب طالب المعلومة , حيث طالب شاب لا خبرة لهُ بعمليات البورصة فتح لدى المصرف حساب وديعة صكوك , وهذا المصرف تركهُ يباشر عمليات مضاربة على صفقات آجلة وبمبالغ ضخمة فخسر الطالب أوراق بعد أن باع المصرف كل الأوراق المالية في البورصة لتكوين غطاء لتلك الصفقات . رفعت الدعوى على المصرف على أساس انهُ قصر في واجب تقديم المعلومات لعميلهِ الشاب .بل تركهُ ينفذ عمليات المضاربة دون أن يحيطهُ علماً بالمخاطر المرتبطة بها , ودون أن يطلب منهُ تكوين غطاء كاف قبل تنفيذ أوامر العميل بإتمام تلك الصفقات . استبعدت محكمة الاستئناف مسؤولية المصرف على أساس انهُ ليس عليهِ واجب خاص بتقديم المعلومات لان دورهِ يقتصر على مسك حساب الصكوك العميل وتنفيذهِ أوامره في البورصة ,غير أن محكمة النقض الفرنسية ألغت حكم الاستئناف ,و قررت انهُ أيا كانتالعلاقة التعاقدية بين العميل والمصرف فان على هذا الأخير التزام بإحاطته علماً بالمخاطر التي ترتبط بعمليات المضاربة على صفقات آجلة متى كان العميل لا يعرف تلك المخاطــر وكان قليل الخبرة والمعرفة والدراية في هذا الشأن([95]) .وبالتالي ففي نهاية المطاف فأن الجهل المشروع من قبل طالب المعلومة يعزز أهمية ووجود الالتزام بتقديم المعلومات .
ولكن لا يكفي تمسك طالب المعلومة بجهلهِ ليصبح دائناً بهذا الالتزام. إذ لا بد أن يكون جهلهُ مشروعاً حقيقة , ويتحقق هذا الشرط في حالتين فمن جهة عندما يستحيل عليهِ العلم بالمعلومات ومن جهة ثانية عندما يضع ثقتهِ المشروعة مع من تعاقد معهُ وهو المصرف .
وبناء على ما سبق ذكرهِ يمكن القول بان الالتزام بتقديم المعلومات هو التزام قصد بهِ علاج حالات الاختلال الفادح في مستوى الدراية والمعرفة بين طالب المعلومة والمصرف , ولذلك ينبغي لوجودهِ أن يحوز أحدهما وهو ( المصرف ) المعلومات التي يجهلها الطرف الأخر وهو ( طالب المعلومة ), أو بمعنى آخر أن يكون احدهما على مستوى عالٍ من الخبرة والإحاطة بكل المعلومات المتصلة بموضوع التعاقد.
ويكون الآخر على مستوى متدني حيث يجهل جميع أو معظم هذهِ المعلومات , ومن ثم فأنهُ أذا أنتفت هذهِ الفجوة وتوافرت لدى الطرفين معاً وسائل العلم ومنافذ المعرفة بالمعلومات فأنهُ عند ذلك تنتفي العلة من فرض هذا الالتزام كما لاحظنا سابقاً.
المطلب الثاني
الطبيعة القانونية للالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
ترتبط دراسة طبيعة الالتزام بتقديم المعلومات الائتمانية بتحديد المصدر الذي يستند إليه هذا الالتزام سواء كان مصدراً قانونياً أم انهُ يتخذ صيغة تعاقدية , هذا من جهة , ومن جهة أخرى إذا ما اتضح لنا ذلك , وانهُ قد يكون التزاماً ذا طبيعة تعاقدية فلا بد ان نحدد هل هو التزام بتحقيق نتيجة أم انهُ التزام ببذل عناية ؟ وهذا ما سنبحثهُ في فقرتين متعاقبتين وكما يلي :-
أولاً :- الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي التزام قانوني
لعل من المعلوم , كما سنرى , أن التطرق إلى مصدر الالتزام بتقديم المعلومات , قد يشير إلى أن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يكون مصدرهُ القانون وذلك في حالتين أساسيتين أولهما :-
حالة وجود نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم تلك المعلومات مثل النصوص التي تلزم المصرف بتقديم معلومات معينة إلى البنك المركزي , ومنها نص المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والتي تتعلق بالمعاملات المريبة إذ تنص على ” 1- إذا علم المصرف أو أي من إداريه أو مسؤوليه أو موظفيه أن تنفيذ معاملة مصرفية أو استلام أو دفع مبلغ لهُ علاقة أو قد تكون لهُ علاقة بأي جريمة أو عمل غير قانوني يقوم المصرف فوراً بإخطار البنك المركزي العراقي وعلى أساس شهري عن المعاملات المريبة المقدمة أن وجدت ………”([96]).
وكذا تقتضي نصوص أخرى بالمعنى نفسهُ . إذ تفرض على المصرف تقديم معلومات إلى إدارة مكافحة غسيل الأموال ومنها نص المادة ( 8) من قانون غسيل الأموال العراقي رقم 93 لسنة 2004 حيث نصت على ” يكون البنك المركزي العراقي مخولاً ان يفرض على المؤسسات المالية التي يراقبها وعلى هيئات تدقيق حساباتالمؤسسات المالية ان تقدم كل المعلومات والوثائق الضرورية لانجاز واجبات البنك المركزي”([97]).
أضف إلى ذلك النصوص القانونية التي تفرض على المصرف تقديم المعلومات إلى دائرة الضرائب , وفي هذه الحالة يحدد القانون نطاق هذا الالتزام وشروطهِ والجزاء الذي يترتب على مخالفتهِ.
إما الحالة الثانية :- فهي الحالة التي لا يوجد فيها نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم المعلومات ,ولكن مقتضيات العدالة وحسن النية في المعاملات تلزم المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي, وهذا ما تضمنتهُ المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 الفقرة (ثانياً ) والتي تنص على أنهُ ” لا يعتبر إفشاء المصرف لأي معلومات بحسن نية بموجب هذهِ المادة خرق للسرية المصرفية , إضافة إلى ذلك لا يتحمل البنك المركزي ولا تتحمل المصارف أية مسؤولية تجاه ذلك “.
وفي هذا الصدد تلعب الأعراف التجارية دوراً هاماً في إرساء دعائم هذا الالتزام , وخاصة أنها لعبت دوراً هاماً في تكوين قواعد القانون التجاري بصفة عامة , والقانون المصرفي على نحو خاص , حيث يعد العرف أحد المصادر المهمة للقاعدة القانونية بصورة عامة , كما هو معروف , فالعرف هنا عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي درج الناس على إتباعها في معاملاتهم جيلاً بعد أخر والتييشعرون بضرورةاحترامها خشية الجزاء الذي وقع عند مخالفتها([98]). ومنها ما يتعلق بالأعراف المصرفية وما درجت عليهِ المصارف .
وطبقاً لما تقدم , يقصد بالأعراف التجارية الحلول التي جرى عليها التعامل واستقر حتى ثبت في أذهان المتعاملين أنها ملزمة ما دام لم يستبعدونها, و تستمد قوتها الإلزامية من افتراض التراضي بين الإطراف على تطبيقها فيجوز لهم استبعادها بالنص الصريح فأن لم يفعلوا لزمهم حكمها؛ بحكم كونهِ داخلاً في تعاقدهم , والشرط لهذا الإلزام , أي لاعتبار حكم ما عرفاً هو ان يكون مستقراً ومتواتراً وعاماً بين ذوي الشأن في التعامل في مجموعهم , أي المصارف من جهة وطالب المعلومات من جهة أخرى([99]).
وبناء على ما سبق ذكره , يمكن القول بأن المصرف قد يكون ملزماً بتقديم المعلومات بحكم الأعراف التجارية. من جانب آخر فأن قواعد العدالة تلعب دوراً خطيراً في تحقيق ذلك الإلزام بطبيعة الحال
إذ تنص المادة (1) وفي الفقرة الثانية منها من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل على أنهُ ” إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقهُ حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية فإذا لم يوجد فبمقتضى العدالة “([100]) .
لهذا يمكن القول بأن التعامل الذي يتم بين المصرف وطالب المعلومة يجب أن يتم بطريقة تتفق مع ما يوجبهُ مبدأ حسن النية , وان التزامات المصرف الناشئة عن العقد الذي يربطهُ بطالب المعلومة تتناول ما هو من مستلزمات هذا العقد وفقاً للقانون فضلاً عن العرف وقواعد العدالة وبحسب طبيعة الالتزام .
ثانياً :- الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي التزام تعاقدي
إن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يمكن أن يتخذ صفة تعاقدية تظهر فيها إرادة إطراف العلاقة القانونية بصورة واضحة . وليس أبلغ في الدلالة على ذلك من حالتين رئيسيتين هما :-
أ- حالة ما قد ينشأ بصورة تبعية لأحد العقود المصرفية المبرمة أبتداءً , مثل عقد القرض المصرفي أو عقد فتح الحساب أو عقد وكالة , حيث يلتزم المصرف بتنفيذ التزامه المقصود من العقد, أساساً, ومن ثم بصورة تبعية تقديم المعلومات المرتبطة بحسن تنفيذ التزامهِ الأصلي .
ب- أما الحالة الثانية فهي أن ينشأ الالتزام من عقد محلهُ تقديم معلومات حيث يتقدم طالب المعلومات إلى المصرف المقصود يلتمس أن يمدهُ بمعلومات معينة قبل أن يتخذ قراراً معيناً ([101]).
هذا ومن اجل تحديد الطبيعة التعاقدية لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي لا بد لنا ان نفرق بين تصورين :-
التصور الأول :- وهو فرض حصول المصرف على أجر أو مقابل لتقديم المعلومات وفي هذهِ الحالة يجمع الفقه والقضاء الفرنسي على الطبيعة التعاقدية لالتزام المصرف حتى لو كان هذا المقابل زهيداً , وذلك طبقاً للقواعد العامة التي تطبق على عقود الاستشارة التي تبرم مع المهنيين ؛ لان التزام المهني الذي يقدمالمشورة يكون التزاماً تعاقدياً يرجع مصدرهُ للعقد المبرم بين المهني والعميل والذي بموجبهِ يلتزم بتقديم المشورة للعميل([102]).
والغالب أن يحصل المصرف على أجر خاص لقاء تقديم تلك المعلومات , إلا أن الحصول على الآجر ليس ركناً في العقد أو شرطاً لوجودهِ , فمتى قدم المصرف معلومات بناء على طلب من الراغب في الحصول عليها فقد تم العقد حتى لو لم يحصل المصرف على أجر محدد , لأنهُ ينظر إلى ما هو اكبر من هذا الآجر المحدد ويسعى إلى أن يكسب ثقة هذا الشخص فيصبح عميلاً لديهِ.
تجدر الإشارة أن أحكام القضاء الفرنسي لا تجعل من الاجر, وجوداً أوعدماً,معياراً للتفرقة بين الالتزام العقدي والالتزام القانوني. بل أنها تأخذ بوجود أتفاق أو عدم وجودهِ, بعبارة أخرى هل قدمت المعلومات بناء على طلب مسبق ؟ أم قدمت طوعاً دون طلب ؟ فالمعلومات التي قدمت طواعية تعالج خارج النطاق العقدي .
والمسؤولية المحتملة للمصرف تكون على أساس المسؤولية التقصيرية . أما إذا قدمت المعلومات بناء على طلب فإنها تلقي على عاتق المصرف التزاماً تعاقدياً([103])
هذا وقد أكدت محكمة استئناف باريس في 26 مارس 1982 هذا المعنى, حيث ذهبت إلى أنهُ في حالة اشتراط الآجر مقابلاً لتقديم المعلومات فأن التزام المصرف تكون لهُ الطبيعة التعاقديـــة , وبموجب هذا الالتزام التعاقدي يلتزم المصرف بأستخدام كل الوسائل المتاحة التي يملكها لكي يقدم معلومات صحيحة وبأدق ما يمكنهُ ([104]).
أما التصور الثاني :- فهو يتحقق في الحالة التي لا يحصل فيها المصرف على أجر أو عمولة مقابل تقديم المعلومات . حيث يقدم المصرف المعلومات لطالب المعلومة بدون مقابل . فالمصرف يقدم هذهِ الخدمة مجاناً بقصد إرضاء أو جذب العملاء.
ويقررجانب من الفقه العربي والفرنسي([105])إن المصرف حتى لو قدم المعلومات لطالبها بدون مقابل , فأن فكرة المقابل تكون موجودة في العلاقة بين المصرف وطالب المعلومة وهذا المعنى أيضاً أكدتهُ محكمة استئناف ” اكس ” في 12 نوفمبر 1976 حيث قررت المحكمة أن العلاقة بين المصرف وعملائهِ لا تتوقف على دفع المقابل ذلك أن هناك عدداً من الخدمات لا يحصل فيها المصرف على اجر مباشر , كما إن نشاط المصارف يسعى إلى الربح في تجارة النقود ويكون من غير المستطاع إغفال علاقات المصرف مع عملائهِ والتي تتم في
إطار الخدمات العادية التي يقدمهــا المصرف بحكم مهنتهِ ([106]).
وبناء على ما تقدم يمكن القول أن المصرف يلتزم بتقديمِ معلومات الائتمان المالي كأثر مباشر للاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة , وأنهُ في حالة تقديم المعلومات بدونِ مقابل كخدمة مجانية لطالبِ المعلومة يفترض أن المصرف قد حصل على المقابل ضمن علاقة اشمل.
لذلك يتفق كل من الفقه والقضاء المصري والفرنسي على أعطاء التزام المصرف بتقديم المعلومات الطبيعة التعاقدية , ونحنُ نؤيد ما ذهب اليه الفقهوالقضاء المصري والفرنسي بإعطاء هذا الالتزام الصفة التعاقدية في حالة وجود اتفاق بين المصرف وطالب المعلومة .
وبناء على ما سبق ذكره فأن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يكون التزاماً تعاقدياً , ولكن في أطار هذهِ العلاقة التعاقدية يفرق الفقه والقضاء الفرنسي والمصري بين الالتزام بتحقيق نتيجة والالتزام ببذل عناية طبقاً للقواعد العامة.
حيث يذهب الفقه الفرنسي إلى القول بأن بعض المهنيين الذين يقدمون خدماتهم للجمهور يلتزمون التزاماً بتحقيق نتيجة , ومثال ذلك طبيب التحاليل فهو لا يلتزم ببذل عناية للوصول إلى كشف الحقيقة بل يلتزم بتحقيق نتيجة هي كشف حقيقة العينة المقدمة للتحليل .
والسؤال الذي يثار هنا هو عن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي هل هو التزام ببذل عناية أم التزام بتحقيق نتيجة ؟
للإجابة عن هذا التساؤل يمكن القول بأن قسماً من الفقه الفرنسي([107]) يذهب إلى أن المصرف الذي يمسك حساب الأوراق المالية للعميل ,وطبقاً لقواعد عمل البورصة, ملتزم بأن يقدم لهذا العميل المعلومات المتعلقة بالمخاطر المصاحبة للعمليات التي تتم بنظام الصفقات الآجلة.
وهذا الالتزام لا يتلائم مع مجردِ الالتزام ببذلِ عناية خاصة في حالةِ العمليات التي تقوم على المخاطرةِ والاحتمالات , والتي تعود بالكثيرِ من الإرباح على المصرفِ الوسيط .
وينتهي هذا الرأي إلى القول بان تلك المعلومات لا بد أن يتم تقديمها على نحو إلزامي وحتمي .
إلا إن هناك رأياً أخر في الفقه الفرنسي يذهب إلى إن التزام المصرف بتقديم المعلومات هو التزام ببذل عناية , وليس بتحقيق نتيجة . ويبرر هذا الجانب من الفقه ذلك بان من يتلقى المعلومات تظل لهُ الحرية في إتباعها .
والمدين ( المصرف ) لا يضمن النتيجة .لذا تكون إرادة الدائن ( طالب المعلومة ) حرة في استبعادها .فمسؤولية المصرف تنتج عن عدم تنفيذ التزام ولكن ببذل عناية ليس إلا([108]).
أما بالنسبة لموقف القضاء الفرنسي لتحديد طبيعة التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .فقد استخلص الفقه من أحكام القضاء أن المصرف ملتزم فقط ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة . لذلك يجب عليهِ أن يبذل عناية معينة ليتوصل إلى تقديم معلومات صحيحة وكاملة , ومادام قد بذل هذهِ العناية لا يكون مرتكباً لأي خطأ .
وهكذا فان ما أستقر عليهِ القضاء هو أن المصرف الذي يتصرف في ضوء ما لديهِ من معلومات لا يكون مرتكباً للخطأ .
فقد أيدت محكمة النقض الفرنسية محكمة استئناف باريس, والتي قضت بان المصرف لم يرتكب خطأ باستمرارهِ في تقديم الائتمان إلى شركة مزدهرة ظاهرياً وحسابها يشغل بصورة منتظمة دون مشاكل في الوفاء ,خاصة وان الشركة تقدم دائماً ميزانية مؤيدة بتزكية من مراقب الحسابات تكشف عن موقف مالي سليم واستغلال مربح بحيث لا يبدو ضرورياً لقيام بتحريات وتحقيقات خاصة([109]).
من جانب أخر يذهب بعض من الفقه المصري إلى أن التزام المهني تجاه العميل يكون في الأصل التزاماً ببذل عناية ويأتي الالتزام بتحقيق نتيجة استثناء على هذا الأصل , وذلك من منطلقِ أن الالتزامات التي يتعهد بها لا يمكن أن يكون مضمونها تحقيق نتيجة للعميل أو ضمانها لان هذهِ النتيجة لا تعتمد فقط على مهارةِ وحماس المهني , وإنما هي نتيجة احتمالية لاعتمادها على ظروفِ خارجية وعلى عدة عوامل يعد فعل المدين واحد منها([110]).
لذلك فان المصرف لا يتعهد بتحقيق نتيجة لطالب المعلومة وإنما يلتزم ببذل عناية . وهذا الأمر يمكن استخلاصهُ من نص المادة (211) من القانون المدني المصري رقم ( 131) لسنة 1948 حيث نصت على ” 1- في التزام بعمل أذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشئ أو أن يقوم بإدارتهأو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامهِ فان المدين يكون قد وفى بالالتزام أذا بذل فيتنفيذهِ من العناية كل ما يبذلهُ الشخص العادي . ولو لم يتحقق الغرض المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك “.
وكذا في ضوء أحكام القانون التجاري المصري رقم (17) لسنة 1999 فأن المصرف الذي يحصل على اجر يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد , أي تلك التي يبذلها مصرف محترف([111]).
فالتزام المصرف يتمثل بتقديمِ المعلومات التي يعرفها ولكنهُ لا يضمن نتيجة معينة فالتزامهِ يوصف بأنهُ التزام ببذل عناية ومتى بذل ما في وسعهِ طبقاً لما جرت بهِ الأعراف المصرفية , فقد نفذ ما عليهِ ولا يلزم بعمل تحريات للوصول إلى معلومات خاصة([112]).
هذا وقد سلك المشرع العراقي نفس مسلك المشرع المصري في وصف الالتزام بتقديم المعلومات بأنهُ التزام ببذل عناية وهذا الأمر , كما يبدو لنا , يمكن أن يتضح من خلال نص المادة (251) حيث تنص ” 1- في الالتزام بعمل أذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشى أو أن يقوم بإدارته أو كان مطلوباً منهُ أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامهِ فان المدين يكون وفى الالتزام إذا بذل في تنفيذهِ من العناية ما يبذلهُ الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق من الغرض المقصود.
2 – ومع ذلك يكون المدين قد وفى بالالتزام أذا هو بذل في تنفيذهِ من العناية ما اعتادهُ في شؤونهِ الخاصة متى تبين من الظروف ان المتعاقدين قصدا ذلك “.
ونستنتج من ذلك أن المصرف يلتزم ببذل عناية , الحرفي , عند تقديم المعلومات فيقدمها بجدية واهتمام , كما انهُ لا يقدم المعلومة إلا بعد القيام بالدراسات الضرورية من اجل إحاطة طالب المعلومة بكل جوانب التصرف الذي ينوي القيام بهِ , فيجب على المصرف ان يحيط عملائهِ الإحاطة المعقولة فيما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بالتصرف وتقدير الاحتمالات وذلك من خلال خبرة المصرف وقدرتهِ على الإحاطة بالعديد من المسائل المتعلقة بالتصرفات المصرفية ومعالجة حساباتهم المصرفية .
فالالتزام ببذل عناية يفرض على المصرفِ أن يوضح لطالبِ المعلومة ما إذا كانت المعلومات التي قدمها لهُ المصرف تتطلب أن يقوم طالب المعلومة بفحص تلك المعلومات أو يراقب صحتها إذ لم يقم المصرف بفحصها , ولكن مع ملاحظة أن المصرف لا يضمن لطالب المعلومة مطابقة المعلومات للحقيقة طالما كان صادقاً في نقلها بعد أن بذل العناية المعتادة التي تتوقع من المصرف في ذات الظروف([113]).
ألا إن السؤال الذي يطرح نفسهُ في هذا النطاق هو انهُ أذا كان المصرف ملتزم ببذل عناية فما هي درجة العناية ؟وبعبارة أخرى هل يقتصر دور المصرف على أن يقدم ما يعرف أي يذكر رأي التجار والمصرفيين ؟ أم يجب عليهِ قبل أن يرد القيام بأبحاث ويراجع ويتحقق , وبخلافهِ يجب عليهِ أن يمتنع عن تقديم المعلومات ؟
وللإجابة عن هذا التساؤل , لابد أن نميز بين حالتين هما :-
الحالة الأولى :- هي حالة وجود اتفاق بين الطرفين على درجة العناية المطلوبة , حيث انهُ أذا اتفق الطرفان على أن المصرف يقدم المعلومات التي يتوصل إليها ظاهرياً عن إحدى الشركات أو على انهُ يتلقى المعلومات من مصرف أخر , ويوصلها فأن درجة العناية تكون قد حددت ولا يلام المصرف إذا قام بما هو مطلوب , كما هو الحال في القضية التالية والتي تتلخص وقائعها :- بأن المصرف قام بعملية وساطة مالية لأحد عملائهِ بأن قدم لهذا الأخير الفرص المتاحة حول إمكانية المشاركة في رأسِ مال إحدى دور النشر , وتحدد التزام المصرف بأن يبلغ عميلهِ بالتوقعاتِ المعروضة من هذهِ الشركات بناء على موقفها المالي الذي يمكن رصده من الخارجِ ونفذ المصرف هذا الالتزام بدقة وموضوعية كافية بأن اطلع هذا العميل على المذكرات والمستندات المحاسبية وبكل ما كان يمكن معرفتهِ بحسب الظاهر وبناء على هذهِ المعلومات شارك العميل في رأس مال الشركة بمبلغ كبير , هذه الشركة ما لبثت أن دخلت مرحلة التصفية القضائية , فرفع العميل دعوى على المصرفِ يطالبهُ بسدادِ مبلغ استثماراتهِ ,وقد ألغت محكمة استئناف باريس([114])حكم أول درجة وقررت أنالمصرف لم يرتكب أي خطا لأن أكتشاف الموقف المالي الحقيقي للشركة كان يتطلب تحقيقاً مالياً متعمقاً وهو أمر كان يتطلب موافقة مسبقة من مديري الشركة التي تم الاشتراك في رأس مالها . وقد رفضت محكمة النقض الطعن المقدم على هذا الحكم وأيدتهُ وقررت أن المصرف بوصفهِ سمساراً لا يلتزم إلا ببذل عناية , وانهُ في ظروف القضية لم يرتكب أي خطأ إذا قام بكل ما في وسعهِ فالمصرف حسب الظاهر , وفيما يتعلق بأحوال الشركة لم يكن يعلم أكثر من المعلومات التي ابلغها لعميلهِ وان الوقوف على المركز الحقيقي للشركة كان يتطلب القيام بتحقيق مالي متعمق.
الحالة الثانية :- هي حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على درجة العناية المطلوبة . حيث انهُ لا يتم تحديد درجة العناية من الطرفين أو نوع الإعمال المطلوبة . فلا يوجد في أحكام القضاء معيار عام في هذا الخصوص . بل أن هناك مؤشرات تشدد درجة العناية التي يلتزم بها المصرف بمدى أهمية المعلومات بالنسبة لطالبها . وإنها ذات اثر حاسم في اتخاذ القرار , وفي مثل هذهِ الحالات يجب على المصرفِ أن يبذلِ عناية اكبر , وان يعمل تحريات واستقصاءات أعمق للوصول إلى معلومات صحيحة , أي انهُ يلتزم باستخدام كل الوسائل المتاحة للوصول إلى تلك المعلومات الصحيحة .
فقد حدث أن إحدى الشركات طلبت , قبل أن تتعاقد على بيع طلبيه كبيرة, من المصرف الذي تتعامل معهُ معلومات حول ملاءة الشركتين المستثمرتين , واعتماداً على المعلومات المشجعة عن موقفها تم التسليم , ولان المعلومات كانت غير صحيحة ,فأن الشركتين المشتريتان لم تسددا ثمن البضاعة .
الشركة البائعة ( عميلة المصرف ) رفعت دعوى مسؤولية على هذا الأخير . محكمة استئناف باريس([115]) , قررت أن المصرف مسؤول عن الإضرار الناجمةعن تلك المعلومات المغلوطة التي قدمتها , محكمة النقض أيدت هذا الحكم ورفضت الطعن المقدم عليهِ .
ومن ذلك نلاحظ أن هناك مؤشرين دفعا المحكمة إلى التشديد في درجة العناية الواجبة .
الأول منهما هو حصول المصرف على أجر مقابل تقديم المعلومات , فمن المؤكد أن الحصول على اجر مقابل تقديم المعلومات يقوي درجة العناية الواجبة على المصرفِ .
وثانيهما :- معرفة المصرف بالتأثيرِ الحاسم للمعلوماتِ المقدمة في اتخاذِ القرار , فدرجة العناية يجب أن تكون اكبر عندما يتم لفت انتباه المصرف إلى هذا التأثير الحاسم .
وبعد أن وضحنا طبيعة الالتزام بأنها مزدوجة وبحسب الأحوال . فهو التزام ذو طبيعة تشريعية من جهة والتزام ذو طبيعة تعاقدية من جهة أخرى . وفي نطاق الطبيعة التعاقدية يوصف انهُ التزام ببذل عناية .
بيد أن الإشكال الذي ينقدح في الذهن هو :- ما هي الفائدة أو الحكمة من وصف التزام المصرف بتقديمِ معلومات الائتمان المالي بأنهُ التزام قانوني أو تعاقدي ؟يمكن الإجابة على هذا الإشكال بالقول بان هناك فائدة عملية تترتب على تكييفِ التزام المصرف بتقديمِ معلومات الائتمان المالي, هذهِ الفائدة تتعلق من ناحيةِ بمدى أهمية التعويض الذي يلتزم بهِ المصرف , ومن ناحية أخرى بمدى صحة شرط الإعفاء من المسؤولية وتحديدها .
فإذا اخل المصرف بالتزامِ تعاقدي وانعقدت مسؤوليتهِ فانهُ لن يتحمل إلا التعويض عن الضررِ الذي يمكن توقعهِ وقت التعاقد الا في حالتي الغش والخطأ الجسيم فانهُ يلتزم بتعويض كامل الضرر متوقعاً كان أم غير متوقع([116]).
أما أذا ارتكب خطأ تقصيرياً لإخلاله بالتزامِ قانوني فانهُ يتحمل كل الإضرار المتوقعة كانت أو غير المتوقعة لان الأصل هو أن يعوض المضرور كل الضرر.
وفيما يتعلق بصحةِ شرط الإعفاء من المسؤوليةِ أو تحديدها . فان هذا الشرط يكون صحيحاً أذا كان مصدر الالتزام بتقديم المعلومات هو العقد .
ويقتصر اثر الإعفاء على الأخطاء اليسيرة دون الأخطاء الجسيمة ففي حالة الغش أو الخطأ الجسيم يكون شرط الإعفاء من المسؤولية آو تحديدها لا اثر لهُ .
أما في حالةِ ما أذا كان مصدر الالتزام هو القانون فأن مسؤولية المصرف تكون تقصيرية ولا مجال فيها لإعمال شرط الإعفاء من المسؤولية أو تحديدها . فان المسؤولية التقصيرية من النظامِ العام وهذا النوع من المسؤوليةِ لا يمكن استبعادهُ مطلقاً([117])
المبحث الثــــــالـث
نطاق التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
أن التزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمانية لهُ نطاق محدد . ذلك أن المصرف لا ينصح عميلهُ ويقدم لهُ المعلومات عشوائياً , بل يجب عليهِ أن يحترم حرية العميل في إدارة شؤونهِ ولا يقحم نفسهُ في أعمالهِ دون رضاهُ احتراماً لمبدأ عدم التدخل في شؤون العميل . إضافة إلى انهُ ليس كل المعلومات مسموح بتقديمها فهناك معلومات تحميها قواعد السر المصرفي , ولا يجوز بالتالي للمصرف الكشف عنها ألا بالشروط التي ينص عليها القانون , وهذا ما يجب أن يلتزم بهِ المصرف طبقاً لتلك القواعد , وهذا ما سنوضحهُ في المطلبين التاليين:-
المطلب الأول :- مبدأ عدم التدخل (Principe de non immixition).
المطلب الثاني :- التقديم المشروع لمعلومات الائتمان المالي.
المطلب الأول
مبدأ عدم التدخل (principe de non immixition)
من اجل توضيح مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل ومدى تأثيرهُ على التزام المصرف بتقديم المعلومات , فلا بد من التطرق أولاً إلى مضمون هذا المبدأ وتحديد ماهيتهُ وهذا ما سنبحثهُ في الفقرة الأولى من هذا المطلب .وفي الفقرة الثانية سوف نوضح الحالات التي يمكن من خلالها الخروج على هذا المبدأ أو إمكانية تبرير ذلك الخروج وكما يلي :-
أولاًً :- مضمون مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل
يعتبر مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ أو مبدأ حياد المصرف من المبادئ الأساسية في علاقة المصرف بعملائهِ . ويقوم هذا المبدأ على فكرة مفادها أن العميل عندما يطلب من المصرف تنفيذ عمليات معينة لحسابهِ فليس للمصرف ان يطلب منهُ توضيح مبررات وأسباب قيامهِ بهذهِ العمليات , كما أنهُ ليس للمصرف ان يراقب نشاط العميل لكي يمنع الإضرار بالغير([118]).
ويعني هذا المبدأ أن المصرف ملزم في إطار تنفيذهِ لالتزاماتهِ بعدم تجاوز نطاق عميلهِ إلى نطاق يبقى خاصاً بأعمال العميل بحيث يلزم المصرف بعدم التدخل بها([119]) . وان مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل يعود إلى مبدأ أن المصرف تاجر يلزمهُ ما يلزم بهِ كل تاجر من واجب عدم الإضرار بالغير لا أكثر وبالتالي لا يتحمل مسؤولية عما يجريهِ العميل من معاملات مصرفية لان المصرف غير ملزم بالسؤال عن سبب العمليات بل عليهِ أن يراقب الحساب رقابة معتدلة لا تصل إلى حد التدخل , ولكنها لا تقف عند عدم المبالاة مثال ذلك مراقبة تسلسل التظهيرات الواردة في وفاء الصك أو الكمبيالة أو عند تحصيل صك عليهِ التأكيد من سلامتهِ وتوفر جميع البيانات المطلوبة([120]).
ويعود الفضل في وضع هذا المبدأ إلى الاجتهاد الفرنسي في أوائل القرن الماضي حيث تمت الإشارة إليهِ في احد أحكام محكمة النقض الفرنسية في عام 1930, ومنذ ذلك الحين توالت الاجتهادات الفرنسية في هذا السياق بحيث طبق هذا المبدأ في إطار خدمات التسليف التي يقدمها المصرف أو في إطار الخدمات الأخرى . من هنا فأن التساؤل الذي ينقدح في الذهن هو عن أمكانية تحديد الأساس القانوني لهذا المبدأ , فقد اختلفت آراء الفقه الفرنسي في تحديد أساس مبدأ عدم التدخل .
فقد ذهب رأي إلى القول بأن هذا المبدأ يشكل امتداداً لسرية الأعمال حيث أن سرية الأعمال تمنع المصرف من التدخل في العمليات التي يبرمها العميل أو تلك التي تتم على حساباتهِ , لذلك يمتنع على المصرف ان يمد رقابتهِ على العمليات التي يبرمها العميل لان ممارسة مثل هذهِ الرقابة تصطدم مع سرية الأعمال([121]).
وبين من يؤسس هذا المبدأ على مبدأ احترام الحياة الخاصة المكرس دستورياً والذي يمنح كل فرد الحق بالتمتع بالسلطة على أعمالهِ الخاصة وأدارتها وفقاً لرغباتهِ دون التدخل من احد مما يوجب على المصرف صوناً لهذا الحق عدم التدخل بشؤون العميل([122]).في حين يذهب رأي أخر إلى تأسيس هذا المبدأ على الظروف العملية والمهنية التي ترعى النشاط المصرفي , بمعنى أخر أن هذا الرأي ذهب إلى تفسير مبدأ عدم التدخل على أساس فكرة الطبيعة التجارية لنشاط المصارف , فالمصرف يعمل كمشروع تجاري وان هذهِ الطبيعة التجارية هي التي تبرر وجود مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل([123]).
بيد أن , ما يبدو لنا , أن مبدأ عدم التدخل يتجسد في هذهِ الآراء مجتمعة وذلك لان لكل رأي دوراً مهماً في وضع الأساس القانوني لهذا المبدأ . وقد ابرز القضاء الفرنسي هذا المبدأ ورسخهُ في العديد من أحكامهِ , فقد حدث ان مشروعاً يقوم بأعمال البناء كان على رأسهِ إدارة سيئة تعقد الصفقات مع موردي مواد البناء بسعر قابل للتعديل على حين أن بيع الشقق كان بسعر محدد , فنجم عن ذلك خسائر كبيرة زاد من تفاقمها الاختلاسات التي قام بها المدير , مراقب الحسابات مقدراً أن المشروع في حالة توقف عن الدفع رفض التصديق على الميزانية . ورغم ذلك فان اثبت من المصارف استمراراً في منح الائتمان ليتمكن المشروع من إتمام أعمال البناء الجارية وهذا السلوك هو بحد ذاتهِ نصيحة عملية بالاستمرار في النشاط . وانتهى الأمر بان دخل المشروع مرحلة التصفية وقد قام المصفي برفع دعوى مسؤولية على مصرفين على أساس إنهما بمنحهما الائتمان أطالا فترة نشاط المشروع وساهما في زيادة عجز أصولهِ , إلا أن محكمة استئناف ريوم أيدت حكم أول درجة وقامت بتحليل مفصل جداً لنشاط المشروع والائتمانات التي قدمت لهُ وعلاقة سببية بين هذهِ الائتمانات وتفاقم عجز الأصول ورفضت دعوى المسؤولية التي رفعها المصفي وقررت انهُ لم يرتكب خطأ المصرف الذي ترك
مشروعا عميلاً يبرم عقوداً غير مربحة أو الذي لم يلاحظ الاختلاسات التي قام بها المدير, إذ أن هذهِ الاختلاسات لم تتضح إلا بعد تحقيق وبحث مفصل من قبل الشرطة , وان هذا الحكم يؤسس على مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل([124])
وقد نتج من تطبيق هذا المبدأ أن المصرف لا يلتزم بأي واجب عام بتقديم المعلومات , وهذا المعنى أكدتهُ محكمة ( اكس ) في حكمها الصادر بتاريخ (6) يونيو 1977, حيث أوضحت انهُ لا يوجد واجب عام بتقديم المعلومات يقع على عاتق المصرف نحو عملائهِ وانهُ لا يمكن أن يكون في كل الظروف الحارس على كل واحد من عملائهِ وقد أظهرت المحكمة هذا المعنى في قضية تتلخص وقائعها في ان المصرف منح قرضاً قصير الأجل لعميلهِ الذي أفلس فيما بعد , مما عاق تطبيق قواعد الاستحقاق وقد ادعى العميل أن المصرف قد خالف واجب تقديم المعلومات الذي يقع على عاتقهِ . ولكن محكمة اكس رفضت الدعوى وأكدت إن المصرف ملتزم بمبدأ عدم التدخل في شؤون العميل ومن ثم لا يقع على عاتقهِ واجب عام بتقديم المعلومات([125]).
ومما لا شك فيهِ إن من حق العميل أن يحافظ على مصالحهِ المالية ويحيط أعمالهِ بالسرية حتى عن المصرف . فالأموال والنقود تبدو كنطاق محظور وتعتبر إلى حد ما جزءاً من الحياة الخاصة للعميل , والمصرف ما لم يكن ملتزماً يجب عليهِ ألا يتدخل في شؤون عميلهِ لأنهُ في الظروف العادية المصرف يقوم بتنفيذ العمليات المصرفية دون أن يهتم بالأسباب التي تبررها , وعدم تدخل المصرف يحقق حماية لهُ لان حقهِ في إلا يعلم يجنبهِ أية مسؤولية , كذلك نلاحظ أن القانون المصرفي يكرس مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل أو مبدأ حياد المصرف ما لم يوجد سبب من أسباب التزام المصرف , فانهُ لن يقدم آية معلومات للعميل([126]).
ومن الجدير بالملاحظة أن مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل من المبادئ المستقرة والتي يتذرع بها المصرف لنفي الخطأ خاصة عند الرجوع عليهِ تأسيساً على عدم ملاءة الاعتماد أو على تقصيرهِ في واجب المراقبة , وقد جرى القضاء الفرنسي على عدم قبول هذا الدفاع وحجتهِ في ذلك انهُ لا يعد تدخلاً سعيهِ لكشف التلاعب آو الوسائل غير المشروعة في استخدام الاعتماد أو مراقبة توجيه الاعتماد أو الغرض المخصص لهُ ذلك إن المصرف في كل هذهِ المواقف يتعرض للمسؤولية قبل دائن المستفيد ولا يجوز لهُ التعلل بمبدأ عدم التدخل في الإدارة.
والمصرف من حقهِ الاحتماء بمبدأ عدم التدخل في الإدارة فلا يمكن إلزامهِ بالحلول محل من يتولى إدارة المشروع أو تحميلهِ مغبة سوء الإدارة أو قصور كفاءة المديرين , ولكن أذا بادر هو بالتدخل فانهُ يمكن ان يتعرض للمسألة , كما أذا افلح الدائن أو المصفي في إثبات اكتسابهِ وصف المدير الفعلي وعجز المصرف عن إثبات سلامة تدخلهِ([127]).
ومما تجدر الإشارة إليهِ أن بعض المصارف تقبل فتح الحسابات السرية([128])وحيث أنها لا تبذل من العناية اللازمة للتحقق من هوية عملائها ما دامت حساباتهِ دائنة للمصرف , أي عندما يروم العميل إيداع أموالهِ لدى المصرف في حين إنها لا تكتفي بالتحقق من هوية العميل إذا ما أرادت ان تمنحهُ ائتماناً أو قرضاً مصرفياً وإنما تتأكد أيضاً من ملاءتهِ المالية على تسديد الدين مع الفوائد , فالمصارف عبارة عن شركات تجارية تسعى إلى تحقيق الربح فلا يهمها أذا كان الاسم المدون في الاستمارة فتح الحساب الودائع هو الاسم الحقيقي للعميل أولاً , وموقف المصارف هذا يستند إلى مبدأ مهم من مبادئ العمل المصرفي إلا وهو مبدأ عدم التدخل في شؤون العميل , فالمصرف أمام عميلهِ ليس ملزماً بموافقة سلامة عملياتهِ فهو ليس مستشاراً لهُ , كما انهُ بالنسبة إلى الغير ليس رقيباً على المصلحة العامة وليس مطلوباً منهُ حماية مصالح الغير , كل ما هنالك أن المصرف تاجر يلزمهُ ما يلزم به كل تاجر من واجب عدم الإضرار بالغير لا أكثر وبالتالي فانهُ لا يتحمل مسؤولية عما يجريهِ العميل من معاملات مصرفية([129]).
أما موقف المشرع العراقي من الحسابات السرية فأنهُ لم نجد في قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 نصاً صريحاً يمنع المصارف من فتح الحسابات السرية على اختلاف أشكالها لعملائها , إلا أن المادة (15) من قانون غسيل الأموال العراقي رقم (93) لسنة 2004 ألزمت المؤسسات المالية بالتحري عن هوية الزبون عند فتح الحساب لهُ أو إجراء التعامل معهُ , وبذلك يكون قد منع فتح الحسابات السرية ([130]).
وبناء على ما سبق ذكرهُ , يمكن القول أن مبدأ عدم التدخل المصرف في شؤون العميل يفرض على المصرف دوراً سلبياً في علاقاتهِ بعملائهِ . فالمصرف يجب أن يكون حيادياً أي لا يتدخل في أي أمر من أمور العميل وقد نتج عن تطبيق هذا المبدأ أن المصرف لا يقع على عاتقهِ أي واجب عام بتقديم المعلومات , ولكن تطبيق هذا المبدأ بهذهِ الصورة المطلقة لا يعكس الواقع حيث إن هناك حالات توجب على المصرف تقديم المعلومات ولا يعتبر هذا تدخلاً منهُ في شؤون عميلهِ .
ثانياً :- حالات الخروج على مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلــهِِ
يلاحظ وبحق أن هناك حالات معينة يمكن معها الخروج على مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ في كل حالة يفرض فيها القانون أو العقد على المصرف أن يتدخل , خاصة فيما يتعلق بالعمليات المريبة أو الشاذة الظاهرة التي تتم عن غش أو تدليس يجب أن تستدعي انتباه المصرف بوصفهِ مهنياً محترفاً وعلى المصرف أن يوقف تنفيذ هذهِ العمليات أو ينهيها إذا كانت قد بدأت ويقدم المعلومات عنها لكل ذي مصلحة ( السلطات العامة أو العميل ) لان مسؤوليتهِ التقصيرية قد تنعقد أمام الغير إذا لم يفعل ذلك([131]).أي أن هذا المبدأ ليس مطلقاً بل انهُ يمكن للمصرف أن يتدخل ويقدم المعلومة وهذا لا يتعارض مع مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ , ذلك لان على المصرف بالرغم من التزامهِ بمبدأ عدم التدخل فأنهُ يجب عليهِ أن يبذل عنايتهِ في مراعاة العادات المهنية ذلك لان هذهِ العادات تلعب دوراً هاماً في تحسين المصرف لخدماتهِ من اجل عملائهِ , فالأعراف المهنية قد تفرض على المصرف أن يتدخل ويقدم المعلومة في العديد من العمليات المصرفية , كما هو الحال في وديعة السندات حيث يجب على المصرف أن يتدخل ويقدم المعلومة لعملائهِ فيما يتعلق بالسندات المودعة.
ويقدر القضاء مدى التزام المصرف بالتدخل وتقديم المعلومة وذلك بالنظر إلى مهنة طالب المعلومة وظروفهِ وخبرتهِ لان ذلك يدخل تحت بيان مدى حاجة الاخير إلى المعلومة , فإذا كان طالب المعلومة خبيراً بالعمليات محل المنازعة لم يكن بحاجة اليها , فإذا كان طالب المعلومة شخصاً عادياً ليس لديهِ خبرة في هذهِ العمليات فأنهُ يكون بحاجة إلى تقديم المعلومة إليهِ([132]).
وعندنا يمكن أن نلاحظ حالة إلغاء فعالية مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل بنص القانون من خلال المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والمتعلقة بالمعاملات المريبة حيث نصت هذهِ المادة على ” 1- إذا علم المصرف أو أي من إداريهِ أو مسؤوليهِ أو موظفيهِ أن تنفيذ معاملة مصرفية أو استلام أو دفع مبلغ لهُ علاقة أو قد تكون لهُ علاقة بأي جريمة أو عمل غير قانوني يقوم المصرف فوراً بإخطار البنك المركزي العراقي بذلك . ويقوم المصرف بإخطار البنك المركزي العراقي وعلى أساس شهري عن المعاملات المريبة المقدمة أن وجدت وفيما يتعلق بنشوء ضرورة لأي إجراء إضافي يتعلق بهذا الإجراء 2- لا يعتبر إفشاء المصرف لأي من المعلومات بحسن نية بموجب هذهِ المادة خرق للسرية المصرفية إضافة إلى ذلك لا يتحمل البنك المركزي العراقي ولا تتحمل المصارف أية مسؤولية تجاه ذلك ” .
ومن خلال هذا النص يمكن القول بان المشرع العراقي قد سمح للمصرف بالتدخل في شؤون العميل وبالتدخل بالعمليات التي يجريها العميل في حالة أذا ما علم أن المعاملة المصرفية في موضع شك وريبة أو تكون لها علاقة بجريمة أو عمل غير قانوني , فانهُ يتدخل في هذهِ الحالة ويقدم المعلومات إلى البنك المركزي ولا تترتب عليهِ أي مسؤولية في هذهِ الحالة . وفضلاً عن تدخلهِ لمراقبة الأشياء الشاذة الظاهرة فان المصرف يتدخل لمراقبة تخصيص الائتمان بمعنى أن يتحقق من أن المبالغ المخصصة تستخدم كما هو منصوص , فهنا التزام على المصرف بالتدخل وإلا انعقدت مسؤوليتهِ , ومن الأحكام القضائية الفرنسية ([133]), التي أوجبت على المصرف ان يقدر مناسبة الائتمان الذي يوافق عليهِ بالرغم من وجود مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل , وهذا ما أكدتهُ محكمة ( Aix) في (31) يوليو 1975 وذلك في النظر في حكم محكمة مارسيليا في (14) مايو 1973 وذلك في قضية تتلخص وقائعها في دعوى مقامة من ثلاث شركات فرنسية ضد خمسة مصارف فرنسية وقد صدر الحكم ضد المصارف الفرنسية بتحمل الخسارة التي لحقت بهذهِ الشركات الثلاثة نتيجة لقبول المصرف للائتمان وكان الدافع وراء الحكم على المصارف انهُ كان يجب عليها أن تقدر مناسبة الائتمان على الرغم من وجود مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل .
ويضاف إلى ما سبق أن العمليات الائتمانية لها طابع فني لا يفترض علم العملاء بهِ حتى لو كانوا من ذوي الخبرة في مجال أنشطتهم ولذا فهم بحاجة دائماً إلى تدخل المصرف لتبصيرهم بطبيعة وآثار حصولهم على الائتمان في الشكل الذي تقدموا بطلبهِ([134]).
هذا فان الفقه الفرنسي ذهب إلى أن هناك حد أدنى من الرقابة يجب على المصرف القيام بها على نشاط العميل على الرغم من التزامهِ بمبدأ عدم التدخل في شؤون العميل فالواجبات المهنية تفرض على المصرف أن يمارس مراقبتهِ على نشاط العميل . وذلك لبيان عدم الشرعية أو الغش في العمليات التي يقوم بها العميل ولكن الفقه يضع على هذهِ الممارسة قيداً وهو ألا تؤدي هذهِ المراقبة إلى التدخل في شؤون العميل([135]).
ونستنتج من ذلك رغم أن المصرف ليس عليهِ بحسب الأصل واجب مراقبة سلوك عميلهِ فأنهُ قد يلزم بذلك أحياناً حتى لا يتسبب عونهِ لعميلهِ من تمكين العميل من الأضرار بالغير , وإنما تكون هذهِ الرقابة محدودة بالتأكيد من السلامة الخارجية الظاهرة لهذا النشاط , أي أن المصرف غير ملزم بالسؤال عن سبب العمليات أو المبرر للعمليات التي يطلب تنفيذها فيستوي لديهِ إن يكون المبلغ المطلوب تحويلهِ ذاهباً إلى أي شخص , ولأي غرض وان يكون الصك الذي سحبهُ العميل تنفيذاً لأي عقد وليس لهُ السؤال عن مصدر النقود التي يودعها العميل .
ومع ذلك فان عليهِ مراعاة الاطمئنان على سير الحساب سيراً سليماً من الناحية الشكلية . فإذا طرأ عليهِ ما يلفت النظر أي إجراء شاذ وجب عليهِ التأكد من ان سببهِ مشروع ومثال ذلك سحب العميل أوراق مجاملة أو صكوك ليس لها رصيد أو إيداعها بمبالغ غير مألوفة , كل ذلك يوجب عليهِ النظر والتحقق ولكن إذ لم يكن هناك ما يلزم النظر أو يثير الشك فلا التزام عليهِ بالمراقبة([136]).
وينبني على ما ذكرناهُ ضرورة تحديد التكييف القانوني الدقيق والسليم للالتزام بمراقبة سلوك العميل المصرفي وهذا الأمر لا يظهر لنا , إلا بالقول بما يلي :-
أ- لابد من بيان انهُ عند قيام العميل بأعمال روتينية عادية لا تثير الشك والريبة يكفي أن تكون المراقبة عادية متوافقة مع الأعراف المصرفية المتعامل بها عادة في مجال المصرفي.
ب- ولكن إذا ظهرت معطيات تشير إلى ما يبعث على الريبة والشبهة , لا بد من التشدد في كيفية ممارسة التزام التيقظ .بحيث يفترض على المصرف أن يمارس رقابة مشددة وفعالة تلافياً لحصول نتائج ضارة([137]).بحيث إذا تدخل المصرف سواء للكشف عن العمليات الشاذة الظاهرة أو لمراقبة استخدام الاعتماد أو لغرض إجراءات معينة على مشروع العميل لضمان سداد مبلغ الاعتماد فان هذا التدخل يجب ألا يصل إلى حد التدخل في إدارة المشروع للعميل وذلك لمصلحة المصرف ذاتهِ حتى لا يسأل بوصفهِ مديراً واقعياً للمشروع , فبعض المصارف ومن خلال القروض التي تقدمها تكون في مركز قوة وسلطة تجاه أجهزة إدارة المشروع المقترض وقد تنتهز هذا الموقف وتفرض مفاهيمها الخاصة على إدارة المشروع([138]).
فإذا لم يصل الأمر إلى هذا الحد فلا يسأل المصرف بوصفهِ مديراً واقعياً فالمصرف الذي يقدم معلومات لا يعتبر مديراً فعلياً , فتدخل المصرف يفسر ليس بأنهُ إدارة للمشروع بل انهُ لضمان أفضل طريقة لسداد مبلغ الائتمان الممنوح([139]).وتجدر الإشارة إلى انهُ أحياناً من الصعب التفرقة بين ما ينتج عن الدور العادي للمصرف كمانح ائتمان وما ينتج عن دور المدير الواقع . فصفة المدير الواقع تلحق كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بذات الوظائف وذات السلطات التي يقوم بها المدير القانوني ويمارس فعلاً وبكل سلطة واستقلال نشاطاً ايجابياً في أدارة وتوجيه المشروع . وهذهِ التفرقة تنفرد بها محكمة الموضوع على حسب معطيات كل حالة وفي ضوء أحكام القضاء ولا يعتبر مديراً واقعياً المصرف الذي يتخذ إجراءات ويطالب بإصدار قرارات لضمان سداد مبلغ الائتمان . ومن ضمن هذهِ الأحكام القضائية هو أن المصرف الكندي الوطني فتح ائتماناً لعميلهِ معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية الذي ما لبث أن دخل مرحلة التصفية بعجز في أصولهِ يقترب من (15) مليون فرنك وتمت مقاضاة المصرف على أساس انهُ مدير واقع , حيث كانت لهُ رقابة دائمة على الأموال التي قدمها لعميلهِ وأيضاً لأنهُ فرض على عميلهِ إجراءات معينة تمثلت في انهُ اشترط أن يكون هو المصرف الوحيد للعميل وان يكون هو المحل المختار لسداد فواتيرهِ , محكمة باريس التجارية أدانت المصرف إلا أن محكمة الاستئناف ألغت هذا الحكم وقررت ان المصرف لا يكتسب صفة مدير واقع ما دام انهُ لم يقم بأي نشاط ايجابي في الإدارة ولم يحل محل المدير القانوني , بل اكتفى بالرقابة الدائمة على استخدام الأموال المقدمة لعميلهِ ويفرض إجراءات من شانها ان تضمن استرداد هذهِ الأموال .ويؤيد الفقه هذا الحكم لان المصرف لم يعقد صفقات ولم يصدر قرارات ولم يفرض توجيهات بل كان يتخذ وسائل الرقابة والضمان وتلك لا تعتبر من أعمال الإدارة([140]).
من هنا ولتحديد صفات دقيقة لا طلاق وصف كون الشخص طبيعياً أم معنوياً هو مدير واقع , فلا بد من تحديد معايير عدة لهذا الوصف ولكن , كما يبدو لنا, يمكن أن ترد إلى ثلاثة جوهرية إلا وهي كالتالي :-
1 – أن يمارس نشاطاً ايجابياً متعلقاً بالإدارة والتوجيه متمتعاً في ممارستهِ بكل سلطة وبكل استقلال .
2-إذا تدخل المصرف في أعمال الإدارة فانهُ يصبح مديراً واقعاً ويسأل عن تعويض الأضرار إذا كان سلوكهِ في الإدارة ينطوي على خطأ ,ايدت محكمة استئناف باريس محكمة باريس التجارية وأضفت صفة مدير واقع على المؤسسة المالية التي تدخلت في أمور شركة صفيت أموالها وأسفرت عن عجز قدرهُ (60) مليون فرنك هذهِ المؤسسة كانت تشارك في رأس مال الشركة ودون ان تكون مديراً قانونياً فوضت احد موظفيها في أن يشارك على نحو فعال في الإدارة بل كان غالباً يتخذ قرارات هامة بمفردهِ ولم يكن مجرد مراقب([141])
3-وإضافة إلى ذلك قد يتدخل المصرف في بعض الحالات لمنع إلحاق الضرر بعميلهِ وهذهِ الحالة قد تتجسد في الاضطرار في فتح الخزانة , حيث قد يحدث أن هناك خطر يهدد الخزانة أو محتوياتها والمكان الموجودة بهِ فيتطلب الأمر تعذر نقلها أن يضطر المصرف إلى فتحها وإفراغ محتوياتها , ومثل هذا الإجراء الذي يمكن ان يقوم بهِ المصرف لا ينظر إليهِ من زاوية خرقهِ لالتزامهِ بعدم فتح الخزانة , ولكن من زاوية واجبهِ في حراسة الخزانة والحفاظ على محتوياتها . وهو يمثل في الواقع حرصاً على تنفيذ الالتزام بالحفظ حيث يبدو أن المصرف مطالب في مثل هذهِ الحالات بالتدخل وإلا قامت مسؤوليتهِ شريطة أن يكون تدخلهِ هذا محدداً بحالة الضرورة لمنع وقوع الضرر , وهذا ما أكدهُ القضاء عندنا حيث صدر قرار بالأكثرية من الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز في العراق بتاريخ 15|11|1992 رغم إشارة القرار إلى التنظيم التشريعي الخاص لإجارة الخزائن حيث قضي بأن ( الوديعة موضوع الدعوى كانت بأجرة فهلكت الوديعة أو ضاعت بسبب يمكن التحرز منهُ ضمنها الوديع وان من واجب المصرف أن يتخذ جميع التدابير لضمان سلامة الخزينة والمحافظة على محتوياتها طبقاً لنص المادة (251) من قانون التجارة سيما وان المصرف كان يعلم عن الحوادث التي حصلت في أربيل والسليمانية حسبما جاء بأقوال الشخص الثالث (مدير مصرف الرافدين ) في كركوك ولم يخطر المستأجر فوراً بالحضور لإفراغها ولم يطلب من المحكمة الإذن لهُ في فتح الخزانة وإفراغها بحضور من تعينهُ المحكمة لذلك عملاً بحكم المادة (253) تجارة لهذا يكون المصرف ( المدعى عليهِ ) ضامناً للضرر الذي لحق المدعي)([142]) .
ومن خلال هذا القرار , يتضح لنا, أن القضاء العراقي أجاز للمصرف التدخل في شؤون عميلهِ من اجل عدم إلحاق الضرر فيهِ وإلا تحمل مسؤولية الضرر الناتج عن عدم التدخل.
ومما تقدم يتضح أيضاً , أن المصرف على الرغم من التزامهِ بمبدأ عدم التدخل في شؤون العميل يجب عليهِ أن يمارس حد أدنى من الرقابة على نشاط عملائهِ من اجل أن يتأكد من شرعية العمليات التي يتم تنفيذها , وان تقتصر رقابة المصرف على ملاحظة ومراعاة الانتظام الشكلي والخارجي للعمليات التي يبرمها العميل دون التحري عن أسبابها ودوافعها . ولذا على المصرف في الواقع أن يراقب رقابة معتدلة لا تصل إلى حد التدخل ولكنها لا تقف عند عدم المبالاة .
ولذا حكم أن هناك أسباباً توجب على المصرف أن يراقب فأن لم يفعل كان مخطئاً , ومن ذلك في وفاء صك أو كمبيالة عليهِ مراقبة تسلسل التظهيرات الواردة عليهِ , وفي توكيلهِ تحصيل صك عليهِ التأكد من سلامتهِ الظاهرة وتوافر جميع بياناتهِ وكذلك في مسائل منح الاعتماد فان حرص المصرف يتجاوز مجرد الرقابة لأنهُ قد يسال إذا منح اعتماداً غير ملائم في ظروفهِ ويسال المصرف كذلك إذا خصم أوراق مجاملة في علمهِ بذلك أو مع قيام دلائل تكشف عن ذلك كما لو كان اجلها قد حصل تمديدهُ([143]).
مما سبق ذكرهُ , يمكن أن نستنتج بأنهُ الأصل ليس للمصرف الحق في مراقبة والتدخل في شؤون العميل . فليس لهُ أن يسأل عن مصدر الشيكات أو الحوالات التي تقيد في حساب العميل . ولكن التطور الهائل الذي طرأ على وسائل عمل المصارف في تنفيذ العمليات المصرفية وانتشار نشاطها الملحوظ على المستوى الدولي , وازدياد النشاط الإجرامي , وتنوعهِ , الذي يتمثل بغسل الأموال .كل ذلك أدى إلى الحد من مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ . إذ إن إطلاق هذا المبدأ من دون قيود قد يؤدي إلى الإضرار بمصالح الغير بل بالمصلحة العامة . لذلك تدخل المشرع في اغلب الدول العربية منها والأجنبية وأصدر قانون مكافحة غسيل الأموال وأسند بموجبهِ إلى المؤسسات المالية والمسجلة لدى المصرف مهمة مراقبة العمليات التي تجريها مع المتعاملين معها([144]).
المطلب الثاني
التقديم المشروع لمعلومات الائتمان المالي
المصارف باعتبارها مؤسسات تجارية تسعى , إلى تحقيق الربح في ظل التنافس الشديد فيما بينها , وتعتمد في ذلك على سمعتها التجارية وتقوية ثقة المتعاملين معها في ممارسة نشاطها في جذب العملاء إليها لتحقيق أفضل الأرباح . إذ أن دور المصارف في التجارة يزداد أهميتهُ كلما قويت الثقة في المصرف وتأكدت ملاءتهِ في الواقع
بيد أن هذهِ الثقة في المصرف لا تكتسب الا من خلال إيفاء المصرف بالتزاماتهِ . لذلك وجب عليهِ عدم تزويد أي شخص أو جهة بالمعلومات المتعلقة بالعملاء , إلا إذا كان هناك عذراً قانونياً يوجب على المصرف تقديم هذهِ المعلومات . فقد يحصل المصرف على موافقة أو أذن من العميل بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ إلى من يطلبها . وهذا ما سنتناولهُ في الفقرة الأولى من هذا المطلب . في حين قد يضطر المصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بالعميل في حالة حدوث نزاع قضائي بينهُ وبين العميل لإثبات حقهِ . وهذا ما سنتطرق لهُ في الفقرة الثانية وبالتعاقب .
أولاً :- إذن العميل بإعطاء معلومات الائتمان المالي
الموافقة أو الإذن الصادر من العميل بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ , قد تصدر عن العميل نفسهُ وفق شروط محددة , أو أنها تصدر ممن ينوب عن العميل , أو ممن يخلف العميل في علاقاتهِ مع المصرف سواء كانت هذهِ الخلافة عامة أو خاصة([145]).
أ – الإذن الصادر من العميل بإعطاء المعلومات
يلاحظ أن هناك إجماع واضح بين القوانين المقارنة المتعلقة بالمصارف والسرية المصرفية , على أن للعميل الحق في السماح للمصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ إلى أي شخص أو جهة كانت على ألا يؤدي ذلك الى الأضرار بالمصرف([146]) . ومن ذلك قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 . حيث تسمح المادة ( 49)
منهُ للمصرف أن يعطي معلومات عن حسابات العميل بناء على ” موافقة خطية من العميل المعني او في حالة وفاة العميل ألا بموافقة ممثلهِ القانوني ,أواحد ورثة العميل أو احد الموصى لهم …….” .([147])
وكذا فأن هذا الأمر أكدتهُ المادة (97) من قانون البنك المركزي المصري رقم(88) لسنة 2003 حيث تنص على ” تكون جميع حسابات العملاء ……….., ولا يجوز الاطلاع عليها أو أعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر ألا بأذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة …… ” .
وهو ما استقر عليهِ البعض من الفقه الفرنسي أيضاً , فإذا ما طلب العميل من مصرفهِ تقديم المعلومات عن حسابهِ فأن المصرف يجب عليهِ ان يقدم هذهِ المعلومات وألا انعقدت مسؤوليتهِ([148]). وبناء على ذلك , قد يطلب العميل من مصرفهِ أن يزود الغير بالمعلومات الخاصة بحساباتهِ , مما يلزم المصرف بضرورة , تقديم مثل هذهِ المعلومات وليس لهُ أن يرفض طلب العميل . ويجد هذا الالتزام أساسهُ في العقد المصرفي الذي يربط المصرف بعميلهِ, إذ انهُ يتوجب على المصرف أن ينفذ مهمتهِ تبعاً لتعليمات عميلهِ([149]).
ألا أن السؤال الذي يطرح هنا هو :- هل أن الأذن الصادر من العميل , يخضع لشروط تقيدهُ في المضمون والآثار , أم انهُ يصح دون أي قيد يحدد ذلك ؟
للإجابة عن هذا السؤال نجيب بأنهُ , طبقاً للقواعد العامة من جهة , والنصوص القانونية المتعلقة بالسرية المصرفية من جهة أخرى , ينبغي لصحة الأذن الصادر من العميل لمصرفهِ بالكشف عن المعلومات الخاصة بهِ أن تتوافر فيهِ الشروط التالية , والتي تؤطرهُ في إطار قانوني يسهل عليهِ تطبيقهِ :-
الشرط الأول أن يكون العميل كامل الأهلية :- الأذن الصادر من العميل للمصرف بشأن إعطاء المعلومات الخاصة بهِ ,لا يخرج عن كونهِ تصرفاً قانونياً صادراً عن العميل بإرادة منفردة , والإرادة المنفردة يسري عليها ما يسري على العقد من أحكام ألا ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء الالتزام([150]). وبالتالي يلزم لصحة الأذن أن يكون العميل متمتعاً بالأهلية الكاملة طبقاً للقواعد العامة , أي انهُ يشترط في الإذن الذي ينتج أثرهُ , أن يكون صادراً عن إرادة مدركة حرة مختارة . فلا قيمة للأذن الصادر عن أرادة يشوبها عيب من العيوب , كالإكراه مثلاً أو الغلط([151]).
الشرط الثاني أن يكون الأذن مكتوباً :- لم تضع بعض القوانين صيغة معينةأو شكلية محددة للإذن الصادر من العميل للمصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ , وبالتالي فإنها وفقاً للقواعد العامة يمكن أن تكون بأية طريقة من طرق التعبير عن الإرادة بالمشافهة أو بالمكاتبة أو غير ذلك([152]). وبعبارة أخرى , يمكن القول انهُ لا يلزم أن يكون أذن العميل مكتوباً بل تكفي المشافهة , لكي , يتحمل المصرف عبء أثبات الأذن لينفي بهِ خطأهِ . لذلك يحسن إلا يكتفي المصرف بالأذن الشفهي من العميل . بل لابد أن يحصل هذا الأذن كتابة([153]).
بيد أن بعض القوانين المقارنة , اشترطت أن تكون موافقة أو أذن العميل على أعطاء المعلومات الخاصة بهِ موافقة خطية Written approval)) ومن ذلك ما تضمنتهُ الفقرة الأولى من المادة (97) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 على انهُ ” تكون جميع حسابات العملاء ….., ولا يجوز الاطلاع عليها أو أعطاء بيانات عنها ……. إلا بأذن كتابي من صاحب الحساب …….” .
إلا أن المشرع اللبناني قد سبق المشرع المصري , في وضع هذا الشرط حيث تضمنت المادة (2) من قانون سرية المصارف اللبناني الصادر في (3) أيلول 1956 منهُ على عدم جواز إفشاء ما يعرفهُ مديروا و مستخدموا المصرف عن أسماء الزبائن وأموالهم والأمور المتعلقة بهم لأي شخص فرداً كان أو سلطة عامة أو إدارية أو عسكرية أو قضائية ألا أذا أذن لهم بذلك خطياً صاحب الشأن([154]).
أما عن موقف المشرع العراقي فقد انتهج منهج القوانين السابقة , حيث اشترط أن تكون موافقة العميل على أعطاء المعلومات الخاصة بهِ موافقة خطية([155]). بمعنى أن المشرع العراقي رسم شكلية معينة للموافقة ألا وهي الكتابة , ويمكن أن نتصور أن المراد من الكتابة هنا هي :- عبارة عن تصور مادي ظاهر وثابت اللفظ بحروف الهجاء للتعرف على أرادة الشخص الذي سلك طريق الكتابة أسلوباً للتعبير عن إرادتهِ([156]).وتتضح الحكمة من شرط الكتابة , وذلك لدورها في تخفيف عبء الإثبات , فضلاً عن تنبيه العميل إلى خطورة التصرف الذي يقدم عليهِ . ولكن قد يثور التساؤل بالنسبة إذا ما تم صدور الأذن عن طريق الفاكس أو الرسائل سواء كانت الكترونية مثل البريد الالكتروني أم الرسائل العادية . هل تقوم مقام الأذن الكتابي ؟ وتتمتع بنفس الحجية القانونية ؟
يجيب بعض من الفقه بالإيجاب([157]), عن هذا التساؤل بأن هذهِ الرسائل جميعها تقوم مقام الأذن المكتوب . إذا ما كانت مقترنة بتوقيع العميل المطابق للنموذج المودع لدى المصرف . لان لها أصل مكتوب ممكن الاستناد إليهِ قانوناً , وقابل للاسترجاع ولو كان الكترونياً ويتمتع بعنصر الجدية والثبات القيدي ولو الكترونياً .
كما يشترط في الأذن الكتابي الصادر من العميل أن يكون محدداً . لذلك يذهب جانب من الفقه([158]), إلى انهُ على المصرف أن يطلب من عميلهِ في إذنهِ الكتابي أن يحدد ما يلي :-
أ- ما إذا كان الأذن عاماً لجميع الحسابات والودائع والأمانات الخاصة بالعميل أم محدد لحساب معين او لوديعة معينة .
ب-تحديد الشخص أو الجهة أو الهيئة المصرح لها من العميل بالاطلاع تحديداً دقيقاً بعيداً عن اللبس والغموض.
ج- تحديد زمان الاطلاع ومكانهِ أم أن الأمر غير مقيد بمدة خاصة أو مكان معين.
ولاشك في أن هذا التحديد ضروري حتى يحمي المصرف نفسهُ من الخلاف حول نطاق الأذن سواء من حيث نوعهِ أو أشخاصهِ . هذا وان الأذن الصادر من العميل بإعطاء المعلومات قد يكون صريحاً , وقد يكون ضمنياً . فإذا كان الأذن صريحاً , كأن يصدر الأذن كتابة بالسماح للمصرف بالإدلاء بأية معلومات تتعلق بمعاملات العميل المصرفية . فهنا هذا الأذن الصريح لا لبس فيهِ ولا غموض . ففي تلكم الحالة , لا يثير هذا الأذن أية صعوبات قانونية. بينما أذا كان الأذن الصادر ضمنياً , فيستنتج من واقع الحال ,أو القرائن والظروف المحيطة. كأن يصطحب العميل احد أصدقائهِ للمصرف ويقوم بالاستفسار أمامهِ عن حساباتهِ أو أية معاملة تتعلق بهِ فكأنهُ تنازل ضمني عن واجب عدم الإفشاء تجاه هذا الشخص([159]).
أما عن موقف القضاء الانكليزي , فيأخذ القضاء بالقول أن الموافقة الضمنية من العميل على أعطاء المعلومات يمكن الأخذ بها , ويتجسد هذا في قضية (Sunder land v.Broclays Bank td) التي حكم فيها عام 1938, حيث كانت وقائع النزاع تتلخص في أن المدعية سحبت صكاً على مصرفها لصالح الحائك(4) , وقد رفض المصرف المدعى عليهِ صرف الصك لعدم وجود رصيد كافٍ لصرفهِ . إلا أن هذا لم يكن السبب الحقيقي , بل كان السبب أن السيدة ( سندرلاند) قد تورطت في عملية مقامرة , وقد رأى مدير المصرف انهُ ليس من الحكمة منحها سحباً على المكشوف للوفاء بالصك وقد شكت المدعية أعادة الصك إلى زوجها الدكتور سندرلاند الذي نصحها بعلاج المسألة بالاتصال بالمصرف , وفي أثناء المحادثة التلفونية تدخل الزوج ليضيف احتجاجهِ وتخلت الزوجة لهُ عن التلفون ليتحدث فأفضى إليهِ مدير المصرف , بأن معظم الصكوك التي قيدت في حساب زوجتهِ كانت مسحوبة لصالح وكلاء مراهنات سباق الخيل , وقد أعتبرت السيدة سندرلاند أن هذا خرق لواجب المصرف في المحافظة على سرية تصرفها . ودفع المصرف الدعوى بأن المحادثة التليفونية مع الزوج تفرعت عن محادثتهِ مع الزوجة وكانت استمراراً لها , وأنهُ بناء على ذلكِ كان المصرف مخولاً ضمنياً أن يفضي بطبيعة العمليات التي تمر بالحسابِ ([160]). ويتضح من هذهِ القضية انهُ يكفي أن يكون المصرف قد اعتقد بحسن نية أن العميل يطلب الإفضاء ببعض الأسرار المصرفية لتعاملاتهِ .
الشرط الثالث أن يكون الأذن الصادر من العميلِ سابقاً على إعطاء المعلومات :- أن الأذن الصادر من العميل يلزم المصرف , بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ . ويفترض أن يقدم قبل قيام المصرف بإعطاء تلك المعلومات , ألا أنهُ في أطار المسؤولية المدنية المترتبة على الإخلالِ بالسريةِ المصرفية أذا قام المصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بأحد عملائهِ ثم أستحصل بعد ذلك أذن العميل على مثلِ هذا الإعطاء , فأن مثل هذا الأذن اللاحق الصادر من العميل يتمتع بنفس القيمة القانونية للموافقة المسبقة. وذلك استناداً إلى القواعد العامة التي تقضي بأن الإجازة اللاحقة بحكم الوكالة السابقة([161]) .
بيد أن هذا الحكم يأتي على خلافِ قواعد المسؤولية الجزائية , فأنهُ يشترط في الأذن أن يكون سابقاً أو معاصراً للفعل المكون للجريمة . فإذا كان لاحقاً فلا قيمة لهُ ألا من حيث تأثيرهُ على الإجراءات الجزائية لبعض الجرائم التي حددها القانون([162]) . وبناء على ما سبق ذكرهٌ , يمكن القول , بإمكانية صدور الأذن من العميل للمصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بهِ , ويتضمن هذا الأذن اطلاع شخص ثالث على كل أو بعض العمليات التي تمت بين المصرف والعميل . ويتوجب على المصرف أن يتقيد بمضمون هذا الإذن فلا يتجاوزهُ إلى عمليات غير واردة فيهِ , وان يكون هذا الأذن خطياً وصريحاً , كما ذكرنا آنفاً .
ب- صدور الأذن عمن ينوب عن العميل
تشير بعض التشريعات بصورةِ صريحة إلى أمكانية الأذن للمصرف بإعطاء المعلومات المتعلقة بالعميل بناء على موافقتهِ أو موافقة من ينوب عنهُ([163]).
والنيابة هنا قد تكون نيابة اتفاقية أي يمكن للعميل أن يفوض احد الأشخاص صلاحية إصدار الأذن للمصرف بشان أعطاء المعلومات للغير , أي أن يكون ذلك الأذن صادراً طبقاً لأحكام الوكالة .ويحظى هذا التوجه التشريعي بتأييد جانب كبير من الفقه .إذ يذهب جانب من الفقه الفرنسي والمصري ([164])بهذا الخصوص إلى القول بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بالعميل للوكيل وفيما يتعلق بتنفيذ مهامهِ . ويشترط في هذا التوكيل ان يتضمن صراحة عبارات واضحة في حق الاطلاع وأخذ المعلومات عن العميل , بحيث يتضمن التوكيل تحديداً للحسابات المصرح للوكيل بالاطلاع عليها من حيث نوعها ومن حيث حدود هذا الاطلاع ومدتهِ, ويشترط في هذا التوكيل أيضاً أن يكون رسمياً وخاصاً.
هذا , ويبدو لنا , أن اشتراط أن يكون التوكيل بشأن الاطلاع على المعلومات الخاصة بالعميل توكيلاً خاصاً , يتفق مع القانون العراقي . فالفقرة (2) من المادة (52) من قانون المرافعات العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل تنص أن ” الوكالة العامة المطلقة لا تخول الوكيل العام بغير تفويض خاص الإقرار بحق ولا تنازل عنهُ ……..ولا ممارسة الحقوق الشخصية البحته……” .
أما ما يتعلق بشأن كون هذا التوكيل رسمياً أو أن يجري أمام المصرف فأنهُ يتفق مع الواقع العملي . فالمصارف لا تعتمد على التوكيلات العرفية أو العادية , وإنما تلك المصدقة من جهة رسمية أو من الكاتب بالعدل أو ان تقوم هي بالمصادقة على هذهِ التوكيلات التي تجري في داخل المصرف نفسهُ.
وقد تكون هذهِ النيابة قضائية وتتمثل في الشخص الذي تختارهُ المحكمة في بعض الحالات لإدارة أو التصرف بأموال شخص أخر لظروف تستدعي ذلك كما هو الحال عند قيام المحكمة بتعين الوصي على القاصر أو بأختيار حارس قضائي على أموال المفلس , حيث أجاز القانون للمصرف أعطاء المعلومات لهم استناداً لوجود النيابة([165]). في حين قد تكون هذهِ النيابة نيابة قانونية , حيث تكون في حالة الشخص الذي يمارس صلاحياتهِ في التصرف نيابة عن شخص أخر استناداً إلى نص قانوني يجيز لهُ ذلك كما هو الحال بالنسبة للولي على الصغير . ويستطيع الولي أو الوصي أن يطالب المصرف بإطلاعه على المعلومات والعمليات الخاصة بحساب ( العميل ) القاصر أو المحجور عليهِ حتى لو كانت سابقة على قرار تعينهِ , ويستمر حق الولي أو الوصي في الاطلاع على هذهِ الحسابات حتى يبلغ القاصر السن القانوني أو يرفع الحجر على المحجور عليهِ([166]).
هذا وان الأساس القانوني الذي يكمن خلف حق الولي أو الوصي بالإطلاع على حسابات القاصر والمحجور عليهِ لدى المصرف هو القانون الذي أباح لهم ذلك([167]).
ج – الأذن الصادر من خلف العميل
وفقاً للقواعد العامة للالتزام , يمكن ان يصدر الأذن للمصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بحساباتِ العميل ممن يخلف هذا العميل في علاقتهِ بالمصرفِ . سواء أكانت هذهِ الخلافة عامة أو خاصة , فالخلافة العامة تتمثل بالورثة والموصى لهم بجزء شائع من التركةِ , كما هو معلوم([168]). أما الخلافة الخاصة فأنها تتمثل بالموصى لهُ بشئ أو بحق معين بالذات سواء كان هذا الحق عينياً أو شخصياً .
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الفرنسي كان لهُ دور في التعليق على هذهِ الحالة من صور الأذن الممنوح بالقول :- ان وارث العميل أو الموصى لهُ بكل التركة أو بجزء شائع منها لا يجوز للمصرف التمسك في مواجهتهما بالسر المصرفي لأنهما استمرار لشخصِ المتوفى ولهم نفس حقوقهِ في مواجهة المصرف([169]).
أما عن موقف القضاء , فمن تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا الشأن , ما قضت بهِ محكمة ( موناكو ) المدنية من أن شخصية المستفيدين من الصكوك والمظهرين يمكن أن تكشف لورثة الساحب جوانب معينة من الأنشطة أو حتى حياتهِ الخاصة . ومع ذلك لا السر المصرفي ولا آداب المهنة يسمحان للمصرف برفض اطلاع الورثة على الصكوك أو على الأقلِ صورها الفوتوغرافية , وهذا الحكم يعتمد على الحجةِ القانونية القائلة ان ورثة المودع يكون لهم نفس حقوقهِ , وعلى ذلك فان المصرف لا يرفض اطلاع عميلهِ على الصكوك الصادرة منهُ , فهذا الرفض يحرم العميل من الرقابة على تنفيذ المصرف لالتزاماتهِ , ومن مراجعة حساباتهِ الخاصة([170]).
وكذلك أكدت القوانين الخاصة بالمصارف والسرية المصرفية , على إمكانية اطلاع الورثة والموصى لهم على المعلوماتِ الخاصة بالعميلِ وإمكانية إعطاءهم الأذن للغير بالاطلاع على تلك المعلومات([171]). ويشترط في الأذن الصادر من الورثة أن يكون خطياً , وهذا ما تضمنتهُ اغلب القوانين المقارنة .أما شرط أن يكون الأذن بالإجماع من جانب أخر فقد يشترط أن يكون الأذن بالإجماع . إذ اختلفت القوانين بصددهِ فبعض القوانين المتعلقة بالسرية المصرفية ومنها القانون اللبناني والقانون السوري([172]) فقد اشترطا أن يكون الأذن صادراً بالإجماع فإذا لم يكن صادراً من جميع الورثة أو الموصى لهم فيجب أن يكون في حدود ما يملكهُ الوارث أو الموصى لهُ مصدر الآذن([173]) .
أما عن موقف كل من القانون المصري والقانون الأردني ,فلم يشترطا صدور الأذن بالإجماع([174]), بل يكفي ان يوافق احد الورثة أو احد الموصى لهم على إعطاء المعلومات للغير . وهذا الموقف هو ما تبناهُ المشرع العراقي . فقد اخذ بنفس حكم المشرع المصري والأردني أي انهُ لم يشترط صدور الأذن بالإجماع , وهذا ما تضمنتهُ المادة (49) من قانون المصارف العراقي التي تجيز الأذن الصادر من أحد ورثة العميل أو احد الموصى لهم . ولكن مما يؤخذ على هذا النص انهُ لا يتسق مع القواعد العامة , ذلك انهُ لا يعد احد الورثة هو صاحب الحساب أو الحق فيهِ , ولكن جميع الورثة . بحيث لا يملك وحدهُ التصرف في الحقِ محل الحماية , ومن ثم لا يكون الأذن الصادر منهُ معتد به . وإنما الأذن الذي يمكن الأخذ بهِ هو الصادر من الورثة جميعاً لأنهم أصحاب الحق فيهِ. لذلك كان على المشرع أن يتطلب موافقة جميع الورثة على إعطاء المعلومات دون الإخلال بحقهم في الاطلاع على حسابات العميل أو معاملاتهِ المصرفية .
وبناء على ما تقدم , يجوز للمصرف أن يكشف المعلومات الخاصة بحسابات عميلهِ إلى ورثتهِ , أو الموصى لهم بعد وفاتهِ أو أن يقوم بكشفها للغير بعد استحصال موافقتهم على هذا الكشف . وهذا الأمر يثير تساؤلات عدة تطرح نفسها إلا وهي :- ما هو نطاق حق الورثة في الاطلاعِ على المعلومات الخاصة بالعميل ؟ وهل من حق الورثة الاطلاع على تلك المعلومات بشكل مطلق ؟ بعبارة أخرى هل يعطي الورثة سلطة واسعة في التحري والاطلاع على كل تلك المعلومات التي يحوزها المصرف, أم أن هذا الحق مقيد ببعضِ القيود اللازمة لحماية أسرار العميل المتوفى ؟
وللإجابة عن هذهِ التساؤلات نقول أن هناك خلافاً في الفقه ويمكن رد هذا الخلاف إلى اتجاهين اثنين هما :-
الاتجاه الأول :- ويعطي للورثة سلطات غير محدودة في الاطلاع على كل عمليات ومعاملات العميل المتوفى([175]). ويؤسس ذلك على اعتبار الورثة الخلف العام للعميل ولهم الحق المطلق في كل ما كان لمورثهم من حقوق مادية وأدبية .
الاتجاه الثاني :- يقيد حق الورثة في الاطلاع على العمليات ِالتي نفذها العميل المتوفى دون سواها([176]).
ومن الجدير بالذكرِ , أن الاتجاه الذي يقيد حق الورثة في الاطلاعِ , يستحق التأييد , لأنهُ يقيم التوازن بين حق الورثة في الحصول على المعلومات للمحافظةِ على حقوقهمِ , وحق العميل المتوفى في كتمان أسرارهِ ومعاملاتهِ الخاصة احتراماً لحياتهِ الخاصة . وهذا التقييد يتمثل في حالتين هما :- الحالة الأولى إذا ما اشترط العميل صراحة على المصرفِ الاحتفاظ بسريةِ أعمالهِ في الفترةِ السابقة على وفاتهِ , أما الحالة الثانية هي أن تكون تلك المعلومات لها طبيعة شخصية محضة([177]) .
وأخيراً لابد من الإشارة إلى انهُ قد يكون هذا العميل شخصاً اعتبارياً فمن لهُ حق إصدار الأذن عن هذا الشخص؟ يلاحظ وبحق , ان هذا العميل قد يكون اعتبارياً , فأن صاحب الصفة في أعطاء الأذن إلى المصرف هو , الممثل القانوني , لهذا الشخص تبعاً لنظامهِ القانوني وعقد تأسيسهِ . فإذا كان جمعية أو شركة مساهمة فأن هذا الأذن يجب أن يصدر من رئيس مجلس الإدارة بأعتبارهِ الممثل القانوني وهكذا بحسب الأحوال([178]) .
ثانياً :- تقديم المعلومات في حالة وجود نزاع بين المصرف وعميلهِ
ابتداءاً , يثور التساؤل عن مدى التزام المصرف بتقديم المعلومات في حالة قيام نزاع بينهُ وبين العميل . فهل يجوز للمصرف أن يقدم المعلومات عند نشوب نزاع بينهُ وبين العميل لإثبات حقهِ في هذا النزاع؟
في الواقع , يذهب الفقه الفرنسي إلى الأخذ بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات الخاصة بالعميل في حالة نشوب نزاع بين المصرف والعميل . فمثلاً أذا ادعى المصرف أن العميل امتنع عن سداد قرض حصل عليهِ , فان للمصرف وهو بصدد دفع مطالبتهِ أو أثبات حقهِ أن يقدم المستندات ويكشف المعلومات باعتبارها من الأدلة التي تدعم مركزهُ دون أن يكون مقيداً بالالتزامِ بكتمان أسرار العميل ([179]).
وتقرر أيضاً جميع القوانين المتعلقة بالسرية المصرفية والمصارف على أن قيام المصرف بإعطاء المعلومات المتعلقة بالعميل أو بحساباتهِ المصرفية للقضاء لإثبات حقوقهِ بشأن نزاع قضائي نشأ بينهُ وبين العميل لا يعد انتهاكاً لمبدأ السرية المصرفية([180]).
ومن ذلك ما نص عليهِ قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 حيث تضمنت المادة (101) منهُ على انهُ ” لا تخل أحكام المادتين 97 و100 من هذا القانون بما يلي :- …………………..,ج- حق البنك في الكشف عن كل أو بعض البيانات الخاصة بمعاملات العميل اللازمة لإثبات حقهِ في نزاع قضائي نشأ بينهُ وبين عميلهِ بشأن هذهِ المعاملات”. ويتضح من هذا النص رغبة المشرع في تمكين المصرف من الدفاع عن مصالحهِ وتصرفاتهِ في مواجهة عميلهِ الطرف الأخر في النزاع([181]).
وهذا ما يؤكد عليهِ قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 . إذ تنص الفقرة (و) من المادة (51) وبصراحة على أمكانية أعطاء المعلومات من قبل المصرف لإثبات مطالبتهِ في نزاع قضائي بينهُ وبين العميل بشان هذهِ المعلومات .
وبناء على ما سبق يشترط لإمكانية قيام المصرف بتقديم المعلومات في حالة حدوث نزاع بينهُ وبين العميل ما يلي :- 1- وجود نزاع قضائي :- والمقصود بالنزاع القضائي وجود دعوى قضائية منظورة بالفعل أمام المحكمة المختصة حتى يستطيع المصرف أعطاء المعلومات المتعلقة بعميله([182]). وبمعنى أخر , أن يقوم العميل برفع دعوى قضائية ضد المصرف, أو أن يلجأ إلى التحكيم لكي يطالب المصرف بتسديد كمبيالات مستحقة عليهِ أو فوائد قرض منحهُ إياهُ أو تسديد حساب مكشوف . فللمصرف في هذهِ الحالة الحق في أن يعطي المعلومات ويكشف سر عميلهِ , وذلك حفاظاً على حقوقهِ من الضياع , فمصلحة المصرف أولى بالرعاية في هذهِ الحالة ذلك لأن المصرف أن لم يقدم ما بيدهِ من مستنداتِ وتمسك بالسرِ المصرفي وامتنع عن تقديمِ المستندات التي تحت يدهِ إلى القضاءِ فأنهُ قد يتعرض إلى خسارةٍ([183]). يمكن أن تعود بالضرر على المصلحةِ العامة.
ولا يهم نوع المحكمة التي تنظر النزاع أو درجتها وفيما أذا كانت محكمة جنائية أو مدنية أو غير ذلك([184]). وبالتالي , فانهُ لا يجوز للمصرفِ استعمال هذا الحق في غير المنازعات القضائية كالشكوى الاداريه والتحقيق فيها([185]).
2-أن يكون النزاع القضائي قائماً بين المصرف والعميل , أما إذا كان النزاع القضائي بين عميلين أو احد عملائهِ والغير فلا يجوز للمصرف كشف أو أعطاء المعلومات([186]).
3-أن يتم الكشف عن المعلومات التي لها علاقة مباشرة بالنزاع دون غيرها وبالقدر اللازم للدفاع عن حق المصرف ومصالحهِ دون تعسف . وذلك استناداً للقاعدة القانونية التي تقضي بأن الضرورات تقدر بقدرها, فلا يجوز أن يتخذ المصرف من وجود النزاع القضائي ذريعة للتشهير بالعميل أو كشف كل أعمالهِ التي فرض الالتزام بالسر المصرفي حماية لها.
4-أذا كان للعميل أكثر من حساب واحد لدى المصرف ونشأ خلاف بشأن احدهما بينهُ وبين المصرف , فلا يجوز للمصرف ألا أن يفشي المعلومات الخاصة بالحساب الذي نشأ بصددهِ النزاع استناداً إلى قاعدة استقلال كل حساب مصرفي عن الأخر([187]) .
والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا :- هل يمكن للمصرف أن يقدم سجلاتهِ لإثبات حقهِ في النزاع القائم بينهُ وبين عميلهِ بناء على طلب المحكمة أو طلب العميل؟
للإجابة على هذا التساؤل يمكن القول , بما أن سجلات المصرف تعتبر من الدفاتر التجارية فان تقديم المصرف لهذهِ السجلات يخضع لحكم الفقرة الأولى من المادة ( 53) من قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 والتي تنص على ” للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد طرفي الدعوى تكليف الطرف الأخر بتقديم الدفتر …….. الموجود في حيازتهِ أو تحت تصرفهِ الذي يتعلق بموضوع الدعوى متى كان ذلك ضرورياً بضمان حسن الفصل فيها([188])“.
ولكن نظراً لان دفاتر المصرف تتضمن بيانات يشملها السر المصرفي وتتعلق بعملاء آخرين , فان تقديمها إلى المحكمة يتم في إطار الاطلاع الجزئي عليها , حيث تقوم به المحكمة أو الخبير الذي تندبهُ لأخذ المعلومات المتعلقة بالنزاع دون غيرها , وذلك بحضور المصرف وتحت رقابتهِ دون تخلية عن حيازة الدفاتر حفاظاً على أسرار العملاء([189]). أما أذا كانت المستندات خاصة بالعميل فأنهُ يمكن اطلاعهِ عليها كلياً([190]).
ولم يتعرض قانون التجارة عندنا للاطلاع الكلي إلا أن ذلك لا يعني أن المشرع منع اللجوء إلى هذهِ الوسيلة فيما إذا أستلزمتها الضرورة وحسن سير الدعوى وحسمها([191]). وفي جميع الأحوال لا يجوز للمصرف الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة أو طلب العميل بتقديم المستندات أو المعلومات احتجاجاً بالسر المصرفي لان التزام المصرف بتقديم المعلومات في هذهِ الحالة يتم بصفتهِ طرفاً في النزاع وليس بصفتهِ أميناً على أسرار الغير.
وتأسيساً على ما تقدم يمكن القول بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات وخروجهِ على مبدأ السرية المصرفية وذلك في حالة وجود عذر قانوني يجيز للمصرف ذلك , وهذا العذر قد يتمثل بالأذن الصادر من العميل أو احد ورثتهِ وفق شروط محددة , أو في حالة قيام المصرف بإعطاء المعلومات لإثبات حقهِ في نزاع قضائي بينهُ وبين العميل.
الفصـــــــــل الثانـــــــــي
مصادر التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
إن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي , قد يكون مصدرهُ عقد موضوعهُ تقديم معلومات معينة لطالب المعلومة , وقد يكون التزاماً ثانوياً أو تابعاً لعقد مصرفي . كما إن القانون قد يلزم المصرف بنص قانوني خاص بتقديم المعلومات في حالات معينة . وقد يكون هذا الالتزام مفروض من قبل العرف المصرفي ومبدأ حسن النية في التعاملات وهذا ما سنوضحهُ في المبحثين الاتيين :-
المبحث الأول :- المصدر التعاقدي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المبحث الثاني :- المصدر القانوني لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المبحـــــــــــــــث الأول
المصدر التعاقدي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
يتطلب الأمر لتوضيح المصدر التعاقدي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي بيان ما أذا كان هذا المصدر ناشئ من عقد وبصورة مباشرة أي يكون عقد مستقلاً محلهُ تقديم المعلومات إلى طالب المعلومة . أم أن هذا الالتزام ناشئ بصورة غير مباشرة , أي تابع لعقد مصرفي آخر . وهذا ما سنعرض لهُ من خلال المطلبين الاتيين :-
المطلب الأول :- المصدر التعاقدي المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المطلب الثاني :- المصدر التعاقدي غير المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المطـــــــــلب الأول
المصدر التعاقدي المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
يلاحظ وبحق , إن محاولة التعرف على الالتزام الناشئ عن العقد بصورة مباشرة يستلزم الوقوف على عدة محاور لعل من أبرزها تبيان حقيقة هذا العقد , وذلك من خلال تعريف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي , وبيان خصائصهِ . وهذا ما سنتناولهُ في الفقرة الأولى من هذا المطلب . وكذلك يتطلب الأمر تبيان الطبيعةالقانونية لعقد تقديم معلومات الائتمان المالي , وهو ما سنبحثهُ في الفقرة الثانية منهُ .
اولاً :- تعريف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي وخصائصهِ
أ- تعـريف العقـــــــد
ينشأ التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي من عقد محلهُ تقديم المعلومات . حيث يتقدم طالب المعلومات الى المصرف ويلتمس ان يمدهُ بمعلومات معينة قبل ان يتخذ قراراً معيناً , أي يقوم بين المصرف وطالب المعلومة عقداً على ان يقدم المصرف لهذا الشخص معلومات معينة , بحيث يكون محل الاتفاق هو تقديم معلومات([192]) .
إن هذا العقد يحدد مدى ونطاق التزام المصرف ونوع المعلومات المطلوبة وما اذا كان التزام المصرف ينصب على تقديم ما يعرفهُ ام انهُ ملتزم بأجراء بحوث وتحريات خاصة , من جهة , ومن جهة اخرى , يتضمن الاجر الذي يحصل عليهِ المصرف وكيفية الوفاء . وإذا اغفل العقد شيئاً من ذلك فأن المحكمة – وعند الخلاف – تحددهُ وهي تلجأ للعرف والعادات المصرفية وقاعدة حسن النية في المعاملات([193]).
ويتمتع المصرف بحرية مطلقة في الاستجابة او عدم الاستجابة لطلب المعلومات . لذا فأنهُ اذا ما استجاب يكون قد قبل عرض طالب المعلومة , ونصبح ازاء عقد يلقي على عاتق المصرف التزاماً عقدياً بتقديم المعلومات التي تعهد بتقديمها . ولا يختلف هذا التكييف تبعاً لما اذا كان قد تحدد المقابل ام قبل المصرف اعطاء المعلومة كخدمة مجانية . ففي الحالتين نحنُ بصدد التزام عقدي لا فرق في هذا المقام بين كون طالب المعلومة عميلاً للمصرف ام اجنبياً([194]).
وعلى ذلك فأن طلب طالب المعلومة للمعلومات يكون إيجاباً والمصرف حر في كونهِ يقبل التعاقد مع طالب المعلومة من عدمهِ , وذلك لانهُ ليس هناك ما يفرض على المصرف هذا التعاقد بل يحق للمصرف رفضهِ , واساس هذا الحق في رفض المصرف هو مبدأ حرية التجارة([195]). الا ان هناك اعتبارات تجعل من رفض المصرف امراً مستبعداً . ذلك لان المصارف تقدم المعلومات لطالب المعلومة بأعتبارها من الخدمات المصرفية التي يمكن عن طريقها إرضاء أو جذب العملاء , كما ان المصارف اليوم تفهم جيداً أن هذا الرفض سوف يكون ضد مصلحة المصرف . لان هذا الرفض سوف يدفع طالب المعلومة الى البحث عن المعلومات لدى المصارف الاخرى([196]).ويلاحظ أنهُ يتطلب في العقد الذي يبرم بين المصرف وطالب المعلومة ان تتوافر فيهِ الشروط المتطلبة لاي عقد من العقود([197]).
ومن الجدير بالذكر , أنهُ في حالة اتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات فأن المصرف يقوم بنفس الدور الذي تقوم بهِ الوكالات المتخصصة في تقديم المعلومات([198]).
حيــث تبـــــرم الوكالات المتخصصة عقــداً مــع طـالب المعلومة يطلق عليهِ عقــد الاشتــراك
(Contrat d,abonment) وهذا العقد يحكم العلاقات بينهما كما انهُ يرجع الى هذا العقد في كل حالات النزاع بين الوكالات المتخصصة في تقديم المعلومات وطالب المعلومة([199]).
وبناء على ما سبق ذكره يمكن تعريف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي بأنهُ :- الاتفاق الذي يبرم بين المصرف وطالب المعلومة ويكون محلهُ تقديم المعلومات المالية ويلتزم المصرف بتقديم المعلومات مقابل التزام طالب المعلومة بدفع الثمن. من هنا فأن ألتزامات الطرفين تكون تعاقدية والمسؤولية عن الاخلال بتلك الالتزامات تكون مسؤولية تعاقدية .
ب – خصائص عقد تقديم معلومات الائتمان المالي
عقد تقديم معلومات الائتمان المالي شأنهُ شأن أي عقد يتميز بخصائص عامة مشتركة مع سائر العقود , واخرى خاصة تميزهُ عن غيرهِ. فهو يعتبر من العقود الرضائية , والعقود الملزمة للجانبين التي تنشأ التزامات متقابلة في ذمة كل من المصرف وطالب المعلومة ويعتبر ايضاً من عقود المعاوضة , فضلاً على انهُ عقد تجاري كما سنوضحهُ فيما يلي :-
1- عقد تقديم المعلومات عقد رضائي :- يعتبر عقد تقديم المعلومات الائتمان المالي من العقود الرضائية , فهو على ذلك ينعقد بمجرد الايجاب والقبول ولا يتطلب شكلاً خاصاً لانعقادهِ ولا يشترط ان يكون مثبتاً بالكتابة ولكن يمكن ان يحرر العقد وذلك لتسهيل أثباته([200]).
2- عقد تقديم المعلومات عقد معاوضة وملزم للجانبين :- حيث يعتبر عقد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد معاوضة لان كل من الطرفين يأخذ عوضاً عما يعطيه. فالمصرف يقدم المعلومات ويحصل على الاجر , وطالب المعلومة يعطي الاجر ويحصل على المعلومات([201]).
فضلاً على انهُ عقد ملزم للجانبين من حيث ترتب اثرهُ , حيث يعتبر عقد تقديم معلومات الائتمانية من العقود الملزمة للجانبين التي تلقي على عاتق كل طرف بالتزامات متقابلة , فمـــــقدم المعلومـــة ( المصرف ) يلتزم بتأمين المعلومة وصحتها ودقتها , وفي المقابل يلتزم طالب المعلومة بأداء الاجر المحدد .
3- عقد تقديم المعلومات عقد تجاري :- حيث يعتبر عقد تقديم معلومات الائتمان المالي من حيث موضوعهُ عقداً تجارياً بالنسبة للمصرف([202]). فالمصارف تمارس هذهِ الخدمة على وجه الاحتراف .
ثانياً :- الطبيعة القانونية لعقد تقديم معلومات الائتمان المالي
ان تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة هو تحديد الوصف القانوني لهُ بأعطائهِ اسماً من أسماء العقود المعروفة في القانون . او الاكتفاء بالقول بأنهُ عقد غير مسمى يتعين على القاضي ان يستخلص قواعدهِ بنفسهِ .
ومما لاشك فيهِ أن للتكييف في مجال القانون , اهمية قصوى , لانهُ على ضوء هذا التكييف يمكن التعرف على القواعد القانونية التي تحكم الاتفاق . كما يمكن التعرف على الاثار القانونية التي تترتب عليهِ . وفي أطار تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة , نقوم بعمل مقارنة بين هذا العقد , الذي محلهُ المعلومات وبين بعض العقود التي نظمها المشرع مثل عقد البيع وعقد الايجار وعقد المقاولة , لمعرفة مدى أوجه الشبه والاختلاف بين هذهِ العقود , وهل تنطبق خصائص احد هذهِ العقود عليهِ ام أنهُ عقد جديد ليس لهُ من قبل تنظيم محدد . وهذا ما سنعرض لهُ بالمحاور التالية :-
أ- عقــــد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد بيــع
يذهب جانب من الفقه الفرنسي([203])الى اعتبار عقد تقديم المعلومات عقد بيع . ويبرر ذلك بالقول بأنهُ لا يوجد ما يمنع ان تكون الخدمات بما لها من قيمة اقتصادية محلاً لعقد البيع . فالتعريفات التي اوردها التشريع الفرنسي بشأن عقد البيع لا تحول دون ان يرد هذا العقد على شئ ذهني مثلما يرد على شئ مادي والمصرف عندما يقوم بتقديم المعلومات انما يقوم بتقديم خدمة وهذهِ الخدمة لها قيمة أقتصادية يمكن ان تكون محلاً للبيع . ويرى أنصار هذا الاتجاه ان نصوص التقنين المدني الفرنسي التي نظمت عقد البيع تتسم بالمرونة التي تسمح بأدراج بعض الافكار الاقتصادية الجديدة التي تتوافق مع الإطار القانوني لهذا العقد. ومن هذهِ الافكار فكرة بيع الخدمات حيث تنص المادة ( 1582) من التقنين المدني الفرنسي لعام 1804 الى ان عقد البيع هو عبارة عن ” اتفاق مضمونهُ التزام شخص بتسليم شئ معين في مقابل التزام شخص آخر بدفع ثمن هذا الشئ ” , كما تنص المادة (1598) على ان ” كل شئ لهُ قيمة في التجارة يصلح ان يكون محلاً لعقد البيع طالما انهُ لا توجد قوانين خاصة تعارض مثل هذا التصرف ” .
وعلى ذلك فأن أعطاء او تقديم خدمة مقابل مبلغ من المال يفترض دخول هذهِ الخدمة في مجال التجارة . فالدين المقابل لهذهِ الخدمة يدخل في الذمة المالية للشخص المعنوي او الشخص الطبيعي , وبمعنى اوسع فأن الخدمة تمثل قيمة مالية وتتعلق بالذمة المالية .
ومما تقدم يستخلص من هذا الراي انهُ يوجد مكان في القانون المدني الفرنسي لايجاد مفهوم عام لبيع الخدمات . ويقرر ان التردد في استعمال تعبير بيع الخدمات في الاصطلاح القانوني ليس لهُ أساس . ولكن يقرر ايضا ان الخدمات تختلف عن الاموال . لان الخدمات لا يمكن ان تكون مبيعة الا تحت شكل دين – دين خدمات – ومن ناحية آخرى , فان الديون تنصب على الاشياء المستقبلية وبيع شئ مستقبل مقبولاً تماماً في القانون المدني الفرنسي([204]).
وهذهِ الخصائص لبيع الخدمات , لا تمنع من ان يكون للخدمات سوق وان الخدمات تعامل من الناحية الاقتصـادية كغـيرها من البيــوع ويشمــلها وضع تعـريفة اسعـار خـــاصة , أي يمـكن تسـعير الخدمـة .
وهكذا يمكن القول , ان بيع الخدمات يغطي كل الانشطة الانسانية التي تظهر تحت شكل التزام بعمل , مقابل دفع مبلغ من المال , وان كلمة البيع ما زالت تطلق في القانون المدني على بيع الاشياء او الاموال المادية وان بيع الاموال غير المادية غير شائعة . ذلك لان هذهِ البيوع التي يكون محلها عملاً يغلب عليها الاداء الفعلي .
وبالتالي فأن فكرة بيع الخدمات يمكن تطبيقها على العقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة وذلك للعديد من الاسباب لعل من ابرزها : –
1- ان التزام المصرف عند تقديم المعلومات التزام بعمل , حيث يلتزم المصرف بتقديم معرفتهِ وخبرتهِ سواء في صورة معلومات او توصيات او مقترحات , وهي اداءات فكرية وليست تصرفات قانونية.
2- ان المصرف يحصل غالباً على مقابل لتقديم هذهِ الخدمة وان لم يظهر المقابل بصورة مباشرة في العقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة فأنهُ يفترض ان المصرف قد حصل على المقابل ضمن علاقة اشمل في علاقاتهِ بعملائهِ . ذلك لان نشاط المصارف يسعى الى تحقيق الربح .
3- ان النصوص القانونية المتعلقة بالبيع مرنة وتسمح بأدخال أفكار أقتصادية في مجال النظام القانوني للبيع .
وكذلك يذهب الفقه المصري الى امكانية قبول فكرة بيع الخدمات لانهُ ليس هناك نصوص قانونية تمنع تطبيق هذهِ الفكرة على الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف لعملائها , فالخدمات المصرفية شأنها شأن أي سلعة تحتاج الى عمليات تسويقية متجددة([205]).وكما ان البيع ينقل ملكية شئ من شخص لاخر مقابل الوفاء بالثمن , كذلك الخدمة التي تقبل بطبيعتها الانتقال ومن ثم يرد عليها البيع([206]).
الا ان التوجه السابق , المتمثل بأعطاء صفة البيع للعقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة منتقد. حيث , يبدو لنا , عدم انطباق فكرة البيع لتحديد الطبيعة القانونية للاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة على تقديم المعلومات . لانهُ اذا رجعنا الى تعريف عقد البيع بما يتوافر عليهِ من عناصر , سوف يتبين لنا عدم أمكانية أعتبار عقد تقديم المعلومات عقد بيع . فالبيع عقد بمقتضاهُ يلزم البائع ان ينقل للمشتري ملكية شئ او حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي([207]).
ومن خلال هذا التعريف يمكن استخلاص عناصر البيع . فالبيع موضوعهُ نقل ملكية شئ او حق مالي آخر في مقابل ثمن نقدي . وبناءاً على تعريف البيع يمكن الاخذ بفكرة البيع ولكن النظرة غير واقعية لتلك العناصر . فقد يفرض علينا إستبعاد فكرة البيع في تكييف عقد تقديم المعلومات الائتمان المالي وذلك للعديد من الاسباب ومنها :-
1- ان تقديم المعلومات لا يتضمن معنى نقل ملكية الشئ او حق آخر .
2- كذلك يجوز للمصرف تقديم ذات المعلومات لعملاء أخرين أو للغير . وفي هذهِ الحالة يتعدد البيع على ذات المبيع وهذا غير جائز([208]).
3- ان المصرف يقدم غالباً المعلومات مشافهةً , وفي هذهِ الحالة لا يوجد شئ مادي يمكن نقلهِ فالمصرف لا يلتزم بتسليم شئ ولكن بأداء عمل , وان تقويم المعلومة بالمال لا يصدق عليها وصف الشئ المادي , لان هذا التقويم لا يمثل مالاً بالمعنى القانوني . ولكن بأعتبار أن المعلومة لها قيمة اقتصادية يستعاض بدلاً عنها بالمال([209]).
4- كما ان المصرف قد يقدم المعلومات مجاناً , وبدون مقابل , وفي هذهِ الحالة لا يوجد ثمن للمعلومات المقدمة . وعلى ذلك فأن العناصر الاساسية للبيع لا تكون متوفرة.
وهكذا يبدو لنا , أنهُ لم يكن من المناسب أعتبار عقد تقديم المعلومات من عقود البيع . وفي هذا الصدد نشير الى أنهُ على الرغم من شيوع استخدام مصطلح ( بيع المعلومات ) واللجوء أحياناً إلى تطبيق أحكام عقد البيع بشأنها , في ظل اعتقاد سائد بأن هذهِ المعلومات تعد من قبيل السلع التي يحتفظ بها أصحابها ويتم التعامل عليها بالبيع والشراء . الا ان هذا التصور الخاطئ ما لبث أن زال بعدما أتضح عدم ملاءمة تطبيق النظام القانوني للبيع عليها .
كذلك فأن القول , بأن الخدمات كالاشياء المادية , تطبق عليها القواعد المنظمة للبيع , يمكن قبولها , لان الاثر القانوني الرئيسي للبيع هو نقل الملكية , فالملكية من طبيعة عقد البيع , وعقود تقديم المعلومات محلها الاداء الذهني ولا يترتب عليهِ نقل ملكية المعلومات . كما ان عقود تقديم المعلومات يكون فيها الاعتبار الشخصي أهمية خاصة في شخص صاحب الحق الذهني من قدرة فنية او تقنية حتى يستطيع الوفاء بألتزامهِ العقدي . بينما في البيع شخصية المتعاقدين ليست محل أعتبار في الاصل([210]).
وبهذا فأننا نميل والحال كذلك الى رفض فكرة البيع وعدم الاخذ بها , لتكييف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي . استناداً الى ان المصرف لا ينقل ملكية المعلومات لطالب المعلومة بل تظل ملكيتها للمصرف , فضلاً على ان للمصرف الحق في أعطاء نفس المعلومات لعملاء أخرين وهذا لا يجوز في عقد البيع , اذ يتعدد البيع على المبيع ذاتهِ كما ذكرنا آنفا
ب – عقد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد إيجار
يذهب اتجاه من الفقه الفرنسي الى أعتبار الاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة على تقديم المعلومات عقد إيجار . ويستند في دعم وجهة نظرهم هذهِ الى ان المصرف لا يرغب في نقل كافة حقوقهِ على المعلومات لطالب المعلومة وانما كل ما هنالك أنهُ يرغب في تمكين هذا الاخير من الانتفاع بالمعلومات نظير حصول أجرة محددة في مقابل هذا الانتفاع , وهذا ما يتفق مع تعريف عقد الايجار([211]).
اما عن موقف الفقه المصري , فقد أكد ما ذهب إليهِ الفقه الفرنسي من أعتبار تقديم المعلومات عقد إيجار . حيث يذهب جانب من الفقه المصري أنهُ في أطار تحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات يقرر أن هذا الاتفاق واقع في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالية . والتكييف القانوني لهذا العقد هو عقد إيجار . لان التراضي في العقد يرد على الخدمة المراد أداؤها وعلى العمولة التي يلتزم طالب المعلومة بدفعها مقابل تقديم المصرف المعلومات المطلوبة([212]).
ففي حالة هذا الاتفاق فأن المصرف يكون مؤجر خدمات . لان المصرف عند تقديم المعلومات لا يخضع لارادة طالب المعلومة او اشرافهِ بل يعمل مستقلاً . ويترتب على تكييف اتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات على أنهُ عقد إيجار العديد من النتائج منها :-
1- أن المصرف وطالب المعلومة يكونان ملتزمين بألتزامات متقابلة , فالمصرف يجب عليهِ أداء الخدمة المطلوبة وهو تقديم المعلومات , كما أن طالب المعلومة يلتزم بدفع العمولة .
2- ينتظر من المصرف أن يبذل العناية العادية لكي يعطي معلومات صحيحة .
3- أن مسؤولية المصرف عن أخلالهِ بأداء الخدمة المطلوبة تكون ذات طبيعة تعاقدية .
الا ان التوجه السابق بأعطاء عقد تقديم المعلومات صفة عقد إيجار منتقد أيضاً . حيث انهُ لا ينسجم مع أحكام وقواعد عقد الايجار . حيث يعرف عقد الايجار بأنهُ تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة . وبهِ يلتزم المؤجر ان يمــــكن المستـأجر من الانتفـاع بالمأجـور([213]).
لذلك فأنهُ توجد بعض الالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد الايجار والتي يصعب تنفيذها في العلاقة بين المصرف وطالب المعلومة . فلا يمكننا على سبيل المثال ان نفرض على المصرف ( المؤجر ) ألتزاماً بتسليم المعلومات الى طالب المعلومة ( المستأجر ) تسليماً حقيقياً . كما أننا لا نستطيع في ذات الوقت ان نلزم طالب المعلومة برد هذهِ المعلومات الى المصرف بعد أنتهاء مدة التعاقد على فرض توافرها([214]).
إضافة الى ذلك , انهُ لما كانت المعلومات المقدمة يمكن ان تكون في متناول اكثر من طالب معلومة في ذات الوقت , بحيث لا يستأثر أحدهم بأستعمالها دون غيرهِ فأن ذلك يتنافى مع طبيعة عقد الايجار الذي يستأثر فيهِ المستاجر بأستعمال الشى المؤجر في ذات الوقت([215]).
وبناء على ما سبق ذكرهِ , فأن من غير المنطقي أعتبار عقد تقديم المعلومات عقد إيجار حيث أنهُ لا يتسق واحكام هذا العقد الاخير.
ج – عقد تقديم المعلومات الائتمان المالي عقد غير مسمى
تنقسم العقود من حيث تنظيمها التشريعي الى عقود مسماة تكفل المشرع بتنظيمها , وخصص لها أسماً معيناً , نتيجة لاهميتها وشيوعها في التعامل بين افراد المجتمع . وعقود أخرى غير مسماة لم يقم المشرع بتنظيمها ولم يخصص لها اسماً معيناً وهي تخضع في تنظيمها وأثارها للقواعد العامة التي تحكم مختلف العقود([216]).
لذلك يلجأ بعض الفقهاء([217])الى الرجوع لفكرة العقد غير المسمى , آزاء صعوبة تحديد الطبيعة القانونية لعقود تقديم المعلومات بأعتبارها من العقود الحديثة التي يكون من الصعوبة – من وجهة نظرهم – أدراجها ضمن العقود المعروفة في القانون المدني . ويستند هولاء الى ان هذهِ العقود من طبيعة خاصة . لان المعلومات التي هي محل العقد لها طبيعة من نوع خاص ,ونتيجة لذلك رفض تصنيف هذهِ العقود تحت أحد التسميات القانونية للعقود . ويجد هذا الراي أساسهُ في تقســيم العقـود الـواردة فـي القانـون المـدني الـى عقـود مسـماة وعقـود غير مسـماة . ويستند ايضاً الى حرية التعاقد المقررة في القانون المدني التي تسمح بأبرام عقود مخالفة للنماذج المألوفة في القانون المدني بشرط عدم تعارضها مع نصوص قانونية محددة او مع قواعد النظام العام .
ولكنهُ يوجه النقد الى تكييف عقود تقديم المعلومات على اساس فكرة العقد غير المسمى لانهُ لا يتضمن أي توضيح للطبيعة القانونية لهذهِ العقود – ونظراً لما – للتكييف في مجال القانون من أهمية قصوى لانهُ على ضوء هذا التكييف يمكن ايضاً معرفة الاثار القانونية التي تترتب عليهِ . لذلك يجب البحث عن نماذج جديدة للعقود التي تتفق مع التطورات الاقتصادية المعاصرة.
من هنا كان لابد من ادراك ان التطور الاقتصادي ويتطلب ضرورة التطور في مجال القانون لكي يستوعب أفكار أقتصادية جديدة وقد أدى التطور الاقتصادي الى ظهور عقود خدمات تقديم المعلومات في تكـييف العلاقات التعـاقدية بين المتخصصين في تقـــديم الاستشـارة وعملائـهم([218]).
بيد أننا لا نتفق مع من يذهب الى الاخذ بفكرة العقد غير المسمى لتكييف عقد تقديم معلومات الائتمان المالي . فليس معنى ما يكتنف تكييف هذهِ العقود من صعوبات أن نلجأ الى الاسهل وهو أخراج العقد من زمرة العقود المسماة والقول بأنهُ عقد غير مسمى .
د- عقد تقديم معلومات الائتمان المالي عقد مقاولة
بناء على ما سبق ذكرهُ , في تحديد طبيعة عقد تقديم معلومات الائتمان المالي وجدنا أنهُ من غير الممكن أعتبار هذا العقد عقد بيع أو عقد إيجار أو عقد غير مسمى . لذلك يثور التساؤل حول أمكانية تكييف هذا العقد على أنهُ عقد مقاولة ؟
أن المعطيات القانونية تفرض علينا قبل التقرير بقبول مثل هذا التكييف أو رفضهِ الرجوع الى تعريف عقد المقاولة وبيان أهم خصائصهِ ثم تطبيق هذهِ الخصائص على أتفاق المصرف مع طالب المعلومة لبيان مدى إتفاقهِ أو اختلافهِ مع سمات هذا العقد وكما يلي :-
يعرف عقد المقاولة بأنهُ عقد بهِ يتعهد أحد الطرفين أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد بهِ الطرف الاخر([219]).
ويلاحظ من هذا التعريف أن أهم خصائص عقد المقاولة هو أستقلال المقاول عن رب العمل أو عدم وجود رابطة تبعية قانونية بين المتعاقدين([220]).
ولتطبيق عقد المقاولة على أتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات يجب أن نفرق بين حالتيين :-
الحالة الاولى :- حالة حصول المصرف على مقابل , لقاء خدمة تقديم المعلومات , ففي هذهِ الحالة يتفق المصرف مع طالب المعلومة على أداء الخدمة مقابل الزام طالب المعلومة بدفع العمولة او الاجرة . وخاصية أستقلال المصرف عن طالب المعلومة عند تقديم المعلومات وعدم وجود رابطة تبعية قانونية , حيث ان المصرف لا يخضع لادارة طالب المعلومة وأشرافهِ بل يعمل مستقلاً طبقاً لشروط الاتفاق والعرف المصرفي هي خاصية تسمح بأدخال أتفاق المصرف مع طالب المعلومة في مجال تطبيق عقود المقاولة([221]) .
وبناء على ما تقدم , يمكن قبول عقد المقاولة كأساس لتحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة في حالة حصول المصرف على أجر مقابل تقديم المعلومات ويترتب على هذا التكييف عدة نتائج لعل من أهمها التالية :-
1- أنهُ ينتظر من المصرف أن يبذل العناية المعتادة لكي يعطي معلومات صحيحة , ولكن لا ينتظر منهُ ضمان صحة المعلومات .
2- أنهُ لا يمكن للمصرف أنهاء الاتفاق المبرم مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات لان المصرف يعتبر مقاولاً لا وكيلاً عن طالب المعلومة لانهُ يمكن للوكيل أن ينهي الوكالة بتنازلهِ كما يمكن للموكل أن يعزل الوكيل في حين ليس للمصرف ذلك .
3- أن الاجر أو العمولة المتفق عليها بين المصرف وطالب المعلومة يكون ثابتاً .
الحالة الثانية :- هي حالة عدم حصول المصرف على أجر , ففي هذهِ الحالة يكون الاتفاق ملزم لجانب واحد , ويكون إضافة الى ذلك عقد غير مسمى لان القانون المدني لم يبين العقد الذي يكون أحد أطرافهِ مديناً بالقيام بالعمل دون أن يكون دائناً بالاجرة , وفي هذهِ الحالة فأن فكرة المقاولة لا تنطبق من حيث المبدأ على الاتفاق المبرم بين المصرف وطالب المعلومة .
ومع ذلك يقرر البعض([222])بأن ألتزام مقدم المعلومات والذي يعطيها بدون مقابل هو نفس الالتزام الذي يقع على عاتق مقدم المعلومات والتي يتقاضى عنها أجر . وفي الحالتين يلتزم بالعناية الضرورية لكي يقدم معلومات صحيحة . ولكن الاختلاف يظهر في مجال المسؤولية حيث أنهُ في حالة تقديم المعلومات بالمجان , فأن مسؤولية المصرف تكون أقل شدة مما أذا كان قد حصل على أجر . ولكنهُ يظل مع ذلك مسؤولاً تعاقدياً تجاه طالب المعلومة . لذلك فأن تحديد الطبيعة القانونية لاتفاق المصرف مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات بالرجوع الى عقد المقاولة يكون صحيحاً ومتسقاً معهُ من الناحية القانونية .
وبناء على ما سبق ذكرهُ , يذهب جانب من الفقه([223]), الى أعطاء صفة عقد المقاولة على العقد الذي يبرم بين المصرف وطالب المعلومة وقد يبرر ذلك بعدة مبررات منها :-
1- أن عقد المقاولة يعد من العقود التي تتسم بالمرونة والسعة بما يسمح استيعاب ما يستجد من صور للخدمات الحديثة التي يكشف عنها التقدم التكنولوجي . وهو الامر الذي دفع الاتجاه الغالب من الفقه على أختيار تطبيق أحكام عقد المقاولة على عقود تقديم المعلومات بوجه عام .
2- أن عقد تقديم المعلومات هو عقد مقاولة , لان هذا النوع من العقود يغطي صوراً مختلفة ولا ينشئ عنهُ بالضرورة ألتزاماً بتحقيق نتيجة . بل غالباً ما يكون التزاماً ببذل عناية .
3- كذلك , أن عقد المقاولة مثلما يرد على الاعمال المادية , كما هو الحال على عقود الإنشاءات مثلاً . وكذا قد يرد على الاعمال الذهنية مثل تقديم المشورة او المعلومة من الاستشاري المتخصص .
وبناء عليه, يمكن القول , أن عقد خدمة تقديم المعلومات ليس عقداً من طبيعة خاصة . وأنما هو أحد تطبيقات عقد المقاولة المنتشر في مختلف المجالات المادية أو الذهنية , وذلك لان هذا العقد يتصف بنفس صفات عقد المقاولة . فكلاهما مثلاً من العقود الواردة على العمل وليس هناك علاقة تبعية بين المصرف وطالب المعلومة الى غير ذلك من الاسباب التي بيناها فيما سبق .
المطلب الثانـــــــــي
المصدر التعاقدي غير المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
قد يكون الالتزام بتقديم المعلومات التزام تعاقدي غيرمباشر , يظهر في كل حالة يثق فيها أحد المتعاقدين في الاخر في مجال يعتبر غير متخصص فيهِ . ويرى الفقه أن القضاء الحديث يتجه الى القاء الالتزام بتقديم المعلومات على عاتق المصرف بصورة تبعية لعقود مصرفية عديدة([224]).
أي أن الاتفاق على تقديم المعلومات هنا , يكون أتفاقاً غير مباشر , فكما يتم الاتفاق بين المصرف والعميل على تقديم المعلومات مباشرة , فقد يتم هذا الاتفاق بصورة غير مباشرة تبعاً لالتزامات المصرف التعاقدية . وفي أطار علاقات الاعمال المبرمة مع العميل . فقد يبرم العميل مع المصرف بعض العقود , وهذهِ العقود تشمل ضمنياً التزام المصرف بتقديم المعلومات . ومن أمثلة هذهِ العقود هي عقد الكفالة وعقد القرض المصرفي وعقد الحساب المصرفي . والتي سوف نتناولها في الفقرات التالية :-
اولاً :- عقــــــد الكفـــــالة
أن المصارف عادة ما تطلب من عملائها تقديم ضمانات مقابل الحصول على التسهيلات المصرفية . وهذهِ الضمانات قد تكون شخصية وقد تكون عينية . وتقوم فكرة الضمانات الشخصية على فكرة ضم ذمة او ذمم أخرى الى ذمة المدين حيث يكون في مكنة الدائن التنفيذ على كل هذهِ الذمم او على أي منها للحصول على حقهِ . ومن أمثلة الضمانات الشخصية ” الكفالة ” . ولا نقصد بالكفالة هنا هي الكفالة العينية أي ما يودعهُ الاشخاص من نقود أو اوراق مالية ضماناً لمسؤولياتهم المستقبلية في أداء واجباتهم المفروضة قانوناً أو اتفاقاً . ولكن نقصد هنا بالكفالة هي الكفالة الشخصية أي تعهد شخص للاخر بوفاء حقهِ لدى مدين اخر .وكثيراً ما تقدم للمصارف كفالة شخصية من شخص يضمن وفاء العميل بالتزاماتهِ . ويخضع عقد الكفالة هنا للقواعد العامة في الكفالة مع الاحكام الخاصة التي تقتضيها كون الكفالة عملاً تجارياً والاحكام التي تفرضها بشكل صحيح الاعراف التجارية([225]).
حيث يلتزم احد الاشخاص ( الكفيل ) أمام المصرف ( المكفول لهُ ) بأن يسدد ديون العميل ( المكفولة) في حالة أخفاقهِ في ذلك . وعند أبرام عقد الكفالة بين المصرف والكفيل , يستلزم ذلك أطلاع الكفيل على مقدار الدين المكفول او الحد الاقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين , وذلك لكي يكون محل العقد محدداً لدى الطرفين . الا انهُ بعد ابرام عقد الكفالة قد تطرأ بعض التغيرات على الدين المكفول او ان العميل يبدأ يتلكأ في سداد أقساط الدين . فهل يجوز للمصرف أن يخبر الكفيل بهذهِ المعلومات التي طرأت بعد أبرام عقد الكفالة ؟
يذهب القضاء في فرنسا الى أن المصرف يتحمل بوجه عام التزاماً بأحاطة الكفيل علماً بالتغيرات التي تحصل على المبلغ المكفول وذلك طبقاً للالتزام بمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود المفروض على المتعاقدين , وهذا ما أقرتهُ محكمة أستئناف ليون . حيث أقرت هذا الالتزام وقضت بأن المصرف الذي تعهد لهُ الكفيل يعد مقصراً تجاه هذا الاخير في واجب تقديم المعلومات . أذ لم يحيطهُ علماً بالموقف الظاهر للمدين وبزيادة مبلغ الدين المكفول([226]).
ومن التطبيقـات القضائيــة الانكليزية الاخــــرى التـي أجــازت تقـديم المعـلومات للكفيل هي قضية (Hamilton v. waston)عام 1845 وتتلخص وقائعها في أن شخصاً يدعى ( بيتز ألز ) حصل من مصرفهِ عام 1835 على قرض قدرهُ 750 جنيهاً وقدم سنداً موقعاً منهُ وضمانة والدهُ وضامنين أخرين , ولما توفي أحد الضامنين في نفس العام الح المصرف في طلب الوفاء او تقديم ضمان جديد . وبعد ضغط متوالي من جانب المصرف وقع المدين سنداً جديداً عام 1837 وانضم إليهِ فيهِ المدعي كضامن ولم يعلم المدعي شيئاً عن التاريخ السابق للقرض , وعندما توفي ( الز ) معسراً . وطالب المصرف الكفيل بدفع مبلغ القرض , أعترض الكفيل على هذهِ المطالبة بعدم مسؤوليتهِ لان الحقائق الكاملة لم تكشف لهُ عند توقيعهُ . وبذلك فأن مجلس اللوردات حكم لصالح الكفيل . وجاء في أسباب الحكم على لسان اللورد كامبل أنهُ يجب على المصرف أن يكشف كل شئ للكفيل . فأنهُ يكون من الضروري على المصارف التي يعطي لها الضمان أن تذكر كيف كانت تمسك حساب العميل . هل كان منتظماً في معاملاتهِ ؟ وهل كان يفي بتعهداتهِ بطريقة مشرفة ؟ فكل هذهِ الامور تصبح مهمة للغاية لدى الكفيل([227]).
اما بالنسبة لموقف القانون المصري , فأن قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999, لم ينظم هذهِ الكفالة , فلا مناص من الرجوع الى احكام القانون المدني المصري . حيث توجب احاطة الكفيل علماً بمبلغ الدين المكفول
وشروطهِ والمدة والفوائد لانهُ لا تجوز الكفالة في مبلغ اكبر مما هو مستحق على المدين ولا بشروط اشد من شروط الدين المكفول وتشمل الكفالة ملحقات الدين ما لم يكن هناك اتفاق خاص([228]).
ومن هنا , يمكن القول أن المشرع المصري , وان لم ينص صراحة في قانون التجارة على امكانية اعطاء معلومات للكفيل . الا انهُ بالرجوع للقواعد العامة يمكن ان نستنتج امكانية قيام المصرف باعطاء المعلومات للكفيل اثناء حصول أي تغير في الدين المكفول , او أي تغير اخر يطرأ على الكفالة .
ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقه المصري بعدم امكانية اطلاع الكفيل على المعلومات الخاصة بالعميل . ولا يتقرر لهُ هذا الحق الا اذا كان الدين المكفول غير محدد المقدار . فيكون من حق الكفيل في هذهِ الحالة ان يطلب من المصرف ان يبين مقدار المبلغ المستحق على المدين المكفول , واذا استحق المكفول كان على المصرف الافصاح عنهُ وتبريرهُ بالمستندات([229]).
اما بالنسبة لموقف القانون العراقي , فقد انتهج منهج المشرع المصري حيث انهُ لم ينظم الكفالة في قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 لذلك كان لابد من الرجوع الى القواعد العامة في القانون المدني التي نظمت احكام الكفالة في المواد ( 1008- 1047) , حيث يبين المشرع ان الكفالة تشمل ملحقات الدين ومصروفات المطالبة الاولى , وما يستجد من مصروفات بعد اخطار الكفيل . ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك([230]).
ومن خلال ما سبق ذكرهُ , يمكن القول بأمكانية قيام المصرف بأعطاء المعلومات للكفيل عند حدوث أي تغيير ويتطلب ذلك اخطار الكفيل بهِ .
وكذا فأن موقف المشرع لدينا في قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 لم يتضمن نصاً صريحاً حول امكانية اعطاء المعلومات للكفيل الا انهُ يمكن الرجوع في ذلك الى المادة (51) منهُ والمتعلقة بالاستثناءات الواردة على السرية المصرفية حيث تضمنت انهٌ ” لا تنطبق احكام المادة (49) والمادة (50) من هذا القانون على افشاء المعلومات في الحالات التالية :
أ- اداء الواجبات المسندة قانونا الى مراجعي الحسابات الذين يعينون من قبل المصرف او من قبل البنك المركزي العراقي وفقاً لاحكام هذا القانون .
ب- المعلومات والمستندات التي يطلبها البنك المركزي العراقي بخصوص اداءه لواجباتهِ بمقتضى احكام هذا القانون او بمقتضى احكام قانون البنك المركزي العراقي .
ج- الاجراءات المتخذة بحسن نية في سياق اداء الواجبات او المسؤوليات التي يفرضها هذا القانون او تنفيذ اجراءات لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب بموجب انظمة البنك المركزي العراقي .
د- اصدار شهادة أوبيان بأسباب رفض صرف شيك بناء على طلب صاحب الحق .
هـ – تزويد معلومات حول (1) مديونية العملاء لتوفير البيانات اللازمة للبت في سلامة منح الائتمان (2) الشيكات المرتجعة دون تسديد (3) أي معاملة اخرى يراها البنك المركزي العراقي ضرورية بسبب اهميتها لسلامة النشاط المصرفي بين المصارف وذلك مع البنك المركزي العراقي او أي جهات اخرى يوافق عليها البنك المركزي العراقي لتسهيل تبادل هذهِ المعلومات بموجب القواعد والاجراءات المحددة في انظمة البنك المركزي العراقي .
و – افشاء مصرف لكل او بعض المعلومات الخاصة بمعاملات العميل لاثبات مطالبتهِ في نزاع قضائي بينهُ وبين عميلهِ بشأن هذهِ المعلومات .
ز- المعلومات التي يقدمها البنك المركزي العراقي الى سلطات رقابية في بلدان اخرى بمقتضى المادة (54) من هذا القانون “.
وبالقياس على هذهِ المادة يمكن القول بأمكانية قيام المصرف بأعطاء المعلومات بصورة تبعية لكفيل العميل من اجل ضمان سلامة منح الائتمان , ومنعاً لاثارة النزاع في المستقبل بين الاطراف المتعاقدة .
وبذلك فأن قيام المصرف بتزويد كفيل العميل عند التعاقد معهُ او بعد ذلك بمعلومات عن الدين المكفول لا يشكل انتهاكاً لمبدأ السرية المصرفية . ذلك ان هذهِ الحالة يمكن ان تنضوي تحت الاستثناء العام المتعلق بموافقة العميل على افشاء المعلومات الخاصة بهِ للغير , لان العميل عندما قدم للمصرف احد الاشخاص لكفالتهِ مقابل الحصول على القرض من المصرف مثلاً يكون قد وافق ضمناً على اطلاع الكفيل على المعلومات المتعلقة بالدين المكفول([231]).
ثانياً :- عقـــد القـرض المصرفــــــــي
يلتزم المصرف عند ابرام عقد القرض , بتقديم المعلومات المتعلقة بشأن سلامة القرض المراد عقدهِ , وامكان اتمام العملية بسلام . فأذا تبين للمصرف ان هذا غيرممكن , وجب عليهِ ان ينصح العميل بالعدول عن هذهِ العملية . وهذا ما اقرتهُ محكمة استئناف موبيلية , والتي قضت ان المصرف المقرض كان يجب عليهِ احاطة عميلهِ المقترض علماً بالضعف الشديد في ايرادات المحل التجاري المراد شراءهُ وان هذا الايراد لا يكفي لسداد مبلغ القرض الذي قدمهُ المصرف لعميلهِ لاتمام هذا الشراء . وانتهت المحكمة الى ان المصرف اذا أهمل في تقديم هذهِ المعلومة يسأل مدنياً([232]).
وايضاً من التطبيقات القضائية الانكليزية التي أجازت للمصرف تقديم المعلومات تبعاً لابرام عقد القرض المصرفي هي قضية (Grany Development crop.v.Taksen) عام 1978 في الولايات المتحدة وذلك عندما قام المصرف المدعى عليه بأخبار مصرف أخر فضلاً عن احد الاشخاص الذي كان ينوي بيع ممتلكاتهِ بالآجل الى المدعي بأن الاخير كان قد اقترض منهُ نقوداً وتقاعس عن سداد الدين إليهِ في الموعد المحدد . ونتيجة لذلك رفض المصرف الثاني ان يوسع مدة الائتمان للمدعي , كما رفض مالك الاشياء من بيعها للمدعي بالآجل , فأقام المدعي دعوى ضد المصرف الاول لانتهاكهِ مبدأ السرية المصرفية , فذكرت المحكمة أنهُ في عقد القرض المصرفي لا يوجد ثمة التزام ضمني بالسرية , وانما مجرد علاقة بين دائن ومدين , والمعلومات التي أفشاها المصرف عن حالة القرض لم تكن معلومات سلمت اليهِ بصفتهِ وكيلاً للائتمان أو أهلاً للثقة , وإنما كانت معلومات قد حصل عليها بصفتهِ طرفاً في عقد القرض , أي إن إخلال المصرف كان متعلقاً بعقد القرض وليس من قبيل المعلومات التي يتوقع المقترض عادة من المصرف المحافظة على سريتها([233]).
ومن جانب آخر , فإذا كانت لدى المصرف معلومات تتعلق بتأمين سداد القرض ولم يقدمها للعميل المقترض فأنهُ يعد مقصراً في واجب تقديم المعلومات تجاه العميل . وهذا ما أقرتهُ الدائرة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية , حيث كان القرض مقترناً بعملية تأمين جماعي ضد البطلان والوفاة , وكان المصرف وسيطاً في إتمام عملية التامين , غير ان احد المقترضين استبعد طلبهُ من الانضمام الى هذا التأمين الجماعي ووقف المصرف موقفاً سلبياً ولم يخبر عميلهِ باستبعاد طلبهِ . لذا فالمحكمة انتهت الى ان المصرف عليه واجب تقديم المعلومات تجاه العميل , وان عدم قيامهِ بهذا الواجب يترتب عليهِ عدم أمكان مطالبتهِ بأسترداد مبلغ القرض([234]).
ويؤيد البعض من الفقه هذا التوجه ويراهُ صحيحاً ودقيقاً . ذلك ان المصرف يجب ان يبادر الى تقديم المعلومات والنصائح لعميلهِ, وان يقوم بهذا الواجب على نحو فعال بالنسبة للعميل , بمعنى ان المصرف يلتزم بأن يشدد على كل المخاطر التي قد تسببها العملية المنفذة لعملائهِ([235]).
وبناء على ما سبق ذكرهُ من التطبيقات القضائية , يمكن القول ان القضاء الفرنسي أجاز للمصرف عند ابرام عقد القرض تقديم المعلومات الى العميل والا كان مسؤولاً عن الاضرار التي قد تلحق بالعميل نتيجة أهمالهِ في تقديم تلك المعلومات .
اما عن موقف التشريعات العربية من امكانية قيام المصرف بتقديم المعلومات في حالة ابرام عقد القرض المصرفي . فلا بد من الاشارة الى ان عقد القرض المصرفي لم ينظمهُ قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 ضمن الباب الثالث الخاص بعمليات البنوك بأعتبار ان مثل هذا العقد غير قاصر على المصارف وحدها كقاعدة عامة([236]) .
كذلك هو الحال بالنسبة لقانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 فأنهُ لم ينظم احكام عقد القرض المصرفي في الفصل الثاني من الباب الرابع والخاص بالعمليات المصرفية . لهذا يمكن القول بأنهُ ينطبق على عقد القرض المصرفي ذات القواعد المطبقة على القرض المدني , على انهُ يراعى ان عقد القرض الذي يبرمهُ المصرف لا يفترض فيهِ التبرع على خلاف القرض المدني . ذلك لان المصرف يقرض دائماً مقابل عائد يتفق عليهِ نظير أقراضهِ مبالغ لعميلهِ , وبذلك يخضع عقد القرض مع المصرف للقواعد العامة([237]).
ومن ذلك يمكن ان نستنتج وبصورة ضمنية من المادة (51) من قانون المصارف العراقي رقم 94 لسنة 2004 امكانية قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة ابرام عقد القرض المصرفي حيث تنص الفقرة (هـ ) من هذهِ المادة على ” تزويد معلومات حول 1- مديونية العملاء لتوفير البيانات اللازمة للبت في سلامة منح الائتمان 2- الشيكات المرتجعة دون تسديد 3- أي معاملة اخرى يراها البنك المركزي العراقي ضرورية بسب اهميتها لسلامة النشاط المصرفي بين المصارف وذلك مع البنك المركزي العراقي او أي جهات اخرى يوافق عليها البنك المركزي العراقي لتسهيل تبادل هذهِ المعلومات بموجب القواعد والاجراءات المحددة في انظمة البنك المركزي العراقي …..”.
فمن خلال نص الفقرة (هـ) من هذهِ المادة يمكن ان يستفاد ضمنياً أمكانية قيام المصرف بأعطاء المعلومات بصورة تبعية عند ابرام عقد القرض المصرفي وذلك لضمان سلامة منح الائتمان .
ثالثاً :- عقـــد الحســــاب المصرفـــي
يتم فتح الحساب المصرفي بعقد يبرم بين المصرف والعميل , ويتم بمقتضاهُ أيداع النقود عند انعقاد العقد . وان هذا العقد ينشئ صلة جديدة بين المصرف وعميلهِ([238]).
ويعرف الحساب المصرفي بانهُ :- التمثيل العددي لمركز قانوني معين لعملية او لعدة عمليات قانونية معينة . فهو في مظهرهِ المادي عبارة عن كشف او بيان تثبت فيهِ عددياً وبالارقام مفردات العملية القانونية , وعن طريق هذا البيان يتم تحديد مجمل هذهِ العمليات بأتباع نظام محاسبي معين يكشف عن مدى تنامي هذهِ العمليات([239]).
هذا وان التعامل مع المصارف يستلزم في كثيرمن الاحيان ان يقوم العميل بفتح حساب لدى المصرف , واذا ما فتح المصرف الحساب للعميل فأنهُ يجب عليهِ ان يحيط العميل علماً بشروط تشغيل هذا الحساب . فأذا كانت المدفوعات في هذا الحساب نقداً محولاً من دولة أجنبية كان على المصرف التزام أحاطة العميل علماً بأنهُ لا يجوز أتمام نقل مصرفي من هذا الحساب الا بموافقة مكتب الرقابة على النقد الاجنبي فأذا لم يفعل , كان مقصراً في واجب تقديم المعلومات للعميل . فقد حدث ان زوجاً وزوجتهِ يحملان الجنسية البلجكية ارادا شراء ملكية زراعية في فرنسا , ففتحا حساباً لدى مصرف فرنسي معتمد لدى مكتب الرقابة على النقد الاجنبي , واودعا فيهِ مبلغ خمسة مليون فرنك فرنسي حولت من بلجيكا . وفي اليوم التالي للايداع تلقى المصرف امراً بتحويل المبلغ لحساب الموثق محرر عقد بيع الملكية الزراعية , وبعد مدة زمنية فرضت ادارة المكارك على الزوجين غرامتين . الاولى بمبلغ (200) الف فرنك عقوبة على شراء ملكية عقارية بواسطة أجنبي غير مقيم دون ترخيص من مكتب الرقابة على النقد الاجنبي , والثانية بمبلغ (800) الف فرنك عقوبة على اتمام تسوية غير قانونية لاموال قادمة من بلجيكا ( تسوية خارج غرف المقاصة وذلك عن طريق شراء الارض ) ,
الزوجان رجعا على المصرف لدفع تلك الغرامات محكمة اول درجة , قضت بأن المصرف يدفع للزوجين الغرامة الاولى كاملة , ويدفع لهما نصف الغرامة الثانية على اساس ان العميل – بدورهِ – أخطأ وساهم في احداث الضرر بأهمالهِ , اذا كان عليهِ ان يلتزم بنظام النقد في بلد أجنبي , ونسبت المحكمة الى المصرف أنهُ خالف تشريع النقد الاجنبي , كما خالف التزاماتهِ بتقديم المعلومات والرقابة على تشغيل الحساب([240]).
ومن الجدير بالذكر , ان طلب فتح الحساب المصرفي يتضمن شروطاً عامة في مجملها تمكن المصرف من اخذ الحيطة ضد أساءة استعمال الحساب او التحايل في استرداد المبالغ المودعة فيهِ . كما تتضمن الشروط التي يوقع عليها العميل ومنها عدم السحب على المكشوف , وكذلك عدم استخدام اوراق او صكوك غير صادرة عن المصرف([241]). فكل هذهِ المعلومات لابد ان يطلع عليها صاحب الحساب , هذا من جهة , ومن جهة اخرى , بالنسبة للمصرف فهو يرى بدورهِ ان من حقهِ ان يرفض فتح حساب مصرفي لكل شخص يلمس فيهِ عدم توفرهِ على الشروط التي وضعها حسب تقديرهِ الخاص , على اعتبار أنهُ تاجر يحق لهُ طبقاً لمبدأ حرية التجارة , اختيار عملائهِ . وان العمليات المصرفية تقوم على الاعتبار الشخصي الذي يفترض نشأة العلاقة فيما بين طرفي هذهِ العمليات على ثقة وأطمئنان من الجانبين معاً وأعطاء كل واحد منهما حرية اختيار الطرف الاخر . كما ان المصرف يرى اضافةً الى ذلك ان قواعد العدالة والانصاف تقتضي السماح لهُ برفض الدخول في علاقة من شأنها ان ترتب مسؤوليتهِ المدنية على بعض العمليات التي تعتبر الحساب المصرفي بدايةً لهــا([242]).
وكذا فأن من ضمن المعلومات التي يلتزم المصرف بتقديمها للعميل عند فتح الحساب المصرفي هي , المعلومات المتعلقة بالمدفوع . حيث يشترط في المدفوع الذي يقيد في الحساب ان يكون ديناً محققاً . فلا يجوز قيد دين معلق على شرط واقف , الا بعد ان يتحقق الشرط . أما الديون المتعلقة على شرط فاسخ فيجوز قيدها في الحساب على ان يلغى القيد أذا تحقق الشرط . ويشترط في المدفوع ايضاً ان يكون خالياً أيضاً من النزاع بمعنى اذا كان الدين متنازع عليهِ او غير معين المقدار فلا يجوز قيدهِ في الحساب([243]).
وفي حالة فتح فرع جديد للمصرف , ومن اجل الحفاظ على حقوق صاحب الحساب يستلزم من المصرف , في الحالة التي يكون فيها تحويل الحساب الى فرع جديد , نتيجة أغلاق الفرع الاصلي او نقلهِ , او أعطاء معلومات بهذا الشأن لصاحب الحساب مع أعطائهِ أمكانية الاختيار بين الموافقة على هذا التحويل او الاذن للمصرف بمباشرة عملية قفل الحساب في حالة عدم الموافقة([244]).
وبناء على ما سبق ذكره , يمكن القول بأنهُ يجوز للمصرف أعطاء معلومات للعميل بصورة تبعية عند فتح حساب مصرفي وهذهِ الحالة لا تعد خرقاً للسرية المصرفية , حيث ان أعطاء مثل هذهِ المعلومات تساعد على ضمان سلامة منح الائتمان للعميل . وتحقيق الانجاز الافضل لمجمل العملية المصرفية وبالتالي تعزيز الثقة بين الاطراف .
المبحث الثاني
المصدر القانوني لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
يتضمن المصدر القانوني لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي مصدرين مهمين وخطيرين أولهما المصدر التشريعي . حيث يلتزم المصرف بتقديم المعلومات طبقاً لتشريعات معينة . اذ قد تكون هذهِ التشريعات تشريعات مالية , وقد تكون تشريعات تجارية . وقد يلتزم المصرف بتقديم المعلومات طبقاً لبعض التشريعات الاجرائية. اما المصدر الثاني فهو المصدر العرفي . فقد يكون المصرف ملتزماً بتقديم المعلومات الى من يطلبها طبقاً للعرف المصرفي . وهذا ما سنوضحهُ في المطلبين التاليين :-
المطلب الاول :- المصدر التشريعي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
المطلب الثاني :- المصدر العرفي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
المطلـب الاول
المصدر التشريعي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
يفرض المشرع احياناً على المصرف التزاماً بتقديم معلومات معينة لجهات محددة . ويهدف من خلال ذلك الى تحقيق المصلحة العامة , حيث تكون المصارف ملتزمة بتقديم المعلومات طبقاً لتشريـعات موضوعية معينــة.والتي تتمثل بالتشريعات المالية والتشريعات التجارية, وهذا ما سنتطرق لهُ في الفقرة الاولى من هذا المطلب. اما الفقرة الثانية سوف تتضمن حالات التزام المصرف بتقديم المعلومات طبقاً للتشريعات الاجرائية.
اولاً :- التشريــــعات الموضوعية
يقصد بالتشريعات الموضوعية التي تلزم المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي هي التشريعات المالية حيث تكون المصارف ملتزمة بتقديم المعلومات طبقاً لتشريعات مالية معينة. وهذهِ التشريعات تتمثل بقانون البنك المركزي وبقانون مكافحة غسيل الاموال وبقانون الضرائب.اضافة الى ان هناك نوع اخر من التشريعات الموضوعية وهي التشريعات التجارية, والتي تتمثل في حالتي افلاس العميل من جهة وحالة الحجز ما للمدين لدى الغيرمن جهة اخرى.
أ- التشريعات المالية
يهدف المشرع من فرض التزام تقديم المعلومات على المصرف لجهات معينة طبقاً لنصوص تشريعية خاصة الى حماية المصلحة العامة . ذلك ان منع السلطات العامة على اختلاف انواعها من الاطلاع على المعلومات المحمية بنظام السرية المصرفية يؤدي الى عرقلة عمل تلك السلطات . كما أنهُ قد يؤدي من ناحية أخرى الى ان تصبح المصارف ملاذاً آمناً للاشخاص الذين يرغبون في حجب المعلومات المتعلقة بمعاملاتهم المصرفية عن السلطات العامة . كالمتهربين من دفع الضرائب او الذين يرغبون في اخفاء او تمويه او تحويل الاموال التي حصلوا عليها بطريقة غير مشروعة([245]).
ولذلك ألزمت التشريعات المالية المقارنة المتمثلة بقانون البنك المركزي وقانون مكافحة غسيل الاموال وقانون الضرائب على ضرورة قيام المصرف بتزويدها بكافة المعلومات التي تساعدها في اداء عملها بالشكل الصحيح كما سنرى .
1- قانون البنـك المركـزي
أن التشريعات الحديثة أصبحت تلزم المصارف بتقديم المعلومات المتعلقة بعملائها والتسهيلات والائتمانات المقدمة لهم الى البنك المركزي أولاً بأول , لكي يتسنى للمصارف الاخرى الاستفادة منها . ومن ذلك ما تنص عليهِ الفقرة (2) من المادة ( 57) من قانون الائتمان الفرنسي الصادر في 24 يناير 1984 على عدم جواز الاحتجاج بالسر المصرفي في مواجهة البنك المركزي او اللجنة البنكية التي حلت محل لجنة الرقابة على البنوك([246]).
أي ان المشرع الفرنسي فرض على المصارف تقديم المعلومات الى البنك المركزي دون ان يجعل من السر المصرفي حائلاً دون تقديم تلك المعلومات .
وكذا الحال بالنسبة لموقف المشرع المصري ,حيث تنص المادة (65) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 حيث تنص ” على كل بنك ان ينشئ نظاماً للتسجيل المستمر والفوري لمراكز العملاء الذين يحصلون على تمويل او تسهيلات أئتمانية , ويجب ربط هذا النظام بقاعدة المعلومات المجمعة بالبنك المركزي , وللبنك المركزي ان يطلب من أي بنك إجراء أي تعديلات تكون لازمة لتحديث ذلك النظام وضمان شمول بياناتهِ على مراكز المدينين من عملائهِ , وعلى كل بنك ابلاغ البنك المركزي ببيان عن مركز كل عميل يحصل على تمويل او تسهيلات أئتمانية “.
وكذلك تلزم المادة (99) من القانون ذاتهِ ان ” يضع مجلس ادارة البنك المركزي القواعد المنظمة لتبادل البنوك معهُ وفيما بينها المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملائها او التسهيلات الائتمانية المقررة لهم , بما يكفل سريتها ويضمن توافر البيانات اللازمة لسلامة تقديم الائتمان المصرفي , كما يضع القواعد التي يلزم اتباعها لاعداد التقارير الفحص الشامل على البنوك تمهيداً لبيع أسهمها كلها او بعضها او لاندماجها “.
ولعل العلة من هذا النص , ان المشرع المصري لم يشأ ان يجعل من سرية الحسابات المصرفية حائلاً دون اداء البنك المركزي لوظائفهِ فخولهُ حق تبادل المعلومات بينهُ وبين البنوك الاخرى وبين هذهِ البنوك وبعضها البعض
حفاظاً على سلامة الائتمان المصرفي في البلاد , ولاشك ان تبادل المعلومات بين المصارف والبنك المركزي بشأن مركز كل عميل يحصل على تمويل او تسهيلات أئتمانية , يسمح للبنك المركزي بالاطلاع على حسابات العملاء او الحصول على أية معلومات مما يغطيها السر المصرفي , ففي هذهِ الحالة لا يعتبر المصرف مرتكباً جريمة أفشاء السر المصرفي , وذلك لا اداء الواجب الذي حددهُ القانون يعد سبباً للاباحة([247]).
ومما تجدر الاشارة اليهِ , ان البنك المركزي هو شخص معنوي عام , ويعمل على تحقيق الاستقرار في الاسعار وسلامة النظام المصرفي في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة , وحتى يتمكن البنك المركزي المصري من القيام بما عهد اليهِ في القانون , فأن المادة (75) من نفس القانون ألزمت كل مصرف بأن يقدم للبنك المركزي بيانات شهرية عن مركزهِ المالي وغيرها من بيانات مالية ورقابية , كما ان المادة (77) الزمت كل مصرف بأن يقدم للبنك المركزي ما يطلبهُ من بيانات وإيضاحات عن العمليات التي يباشرها , كما اعطت البنك المركزي الحق في الاطلاع على دفاتر وسجلات المصارف بما يكفل الحصول على البيانات والايضاحات التي تحقق اغراضهِ([248]).
هذا وقد نهج المشرع العراقي نهج التشريعات المقارنة , حيث اكد بأنهُ يكون للبنك المركزي العراقي وحدهُ دون غيرهِ سلطة مطالبة المصارف والفروع التابعة لها بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بشؤون البنك والفروع التابعة لهُ وعملائهِ التي قد يحتاج اليها البنك المركزي العراقي([249]).
وعند الرجوع الى قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 , نجد ان هناك نصوصاً قانونياً متعددة قد الزمت المصرف بأعطاء المعلومات الى البنك المركزي منها حالة علم المصرف ان تنفيذ معاملة مصرفية او استلام او دفع مبلغ لهُ علاقة او قد تكون لهُ علاقة بأي جريمة او عمل غير قانوني يقوم المصرف فوراً بأخطار البنك المركزي العراقي بذلك([250]).
كذلك ما تنص عليهٍ المادة (52) من القانون ذاتهِ بشأن المعلومات التي تقدمها المصارف للبنك المركزي العراقي , على ان المعلومات التي يحصل عليها البنك المركزي العراقي من المصرف والتي تكشف عن عملائهِ ومعاملاتهم , واية امور خاصة اخرى تتعلق بعلاقة المصرف مع عملائهِ او حسبما يخولهُ هذا القانون . ويقوم البنك المركزي العراقي بحصر مهمة الحصول على مثل تلك المعلومات عن كل عميل لموظفين مخولين من البنك المركزي وذلك لحصر الاطلاع على المعلومات السرية الخاصة بالمصارف وعملائها بأقل عدد ممكن من موظفي البنك المركزي . وايضاً ما تنص عليهِ المادة (53) والمتعلقة بالتفتيشات على انهُ “يقوم البنك المركزي العراقي بمراقبة المصارف وعلى اسس موحدة على النحو التالي :-
1- يراجع البيانات والمستندات والمعلومات والإيضاحات والبراهين المقدمة من المصارف لإغراض تطبيق هذا القانون.
2- يجوز لهُ أن يطلب من المصارف أو أي من فروعهِ أو توابعهِ ان تقدم وتثبت خطياً عندما يرى ذلك ضرورياً أي معلومات أو مستندات أو إيضاحات أو براهين إضافية .
3- يجوز للبنك المركزي العراقي ان يجري وفي أي وقت تفتيشاً موقعياً لمصرف يقوم بهِ مسؤول واحد أو أكثر من مسؤوليهِ أو يقوم بها شخص أخر أو أي أشخاص آخرون يعينهم البنك المركزي العراقي لهذا الغرض . ويراجع التفتيش عمليات المصرف للتحقق من مركزهِ المالي ومدى امتثالهِ لإحكام القوانين والأنظمة المتعلقة بإدارة أنشطته والتزامهِ بالسياسات الداخلية . ويقوم البنك المركزي العراقي بعملية تفتيش لجميع المصارف بصفة مستمرة وعلى الأقل مرة كل عام ما عدا مكاتب التمثيل التي يتم تفتيشها مرة واحدة على الأقل كل سنتين .
4- يخضع أي شخص مخول بالقيام بعملية التفتيش وبمقتضى هذهِ المادة لاشتراطات السرية ويجوز أن يطلب من أي من إداري أو مسؤول أو موظف أو عميل لمصرف أو فروعهِ أو توابعهِ أن يزودهُ بكافة الدفاتر والحسابات والسجلات والوثائق الضرورية ويتعين توفير أي معلومات يطلبها المفتش والتي تعتبر ضرورية وفي توقيتها المناسب خلال عملية التفتيش .
5- يقدم المفتشون تقريراً إلى البنك المركزي العراقي حول نتائج التفتيش ويقوم البنك المركزي بإشعار مجلس إدارة المصرف المعني بنتائج التفتيش .”
وبناء على ذلك , وطبقاً للنصوص القانونية السابقة فأن قيام المصرف بتزويد موظف البنك المركزي بمعلومات عن عمليات مصرفية تتعلق بعميل ما , فأن ذلك لا يعد إفشاء للسر المصرفي وإنما هو التزام ملقى على عاتق المصارف بموجب القانون .
2 – قانــون مكافــحة غسل الأموال
تعد المصارف القناة الرئيسية التي تصب فيها الأموال المغسولة . حيث تعتبر المصارف من اهم الوسائل المستخدمة التي تتم من خلالها عمليات غسيل الأموال , ويتحقق ذلك بأن يقوم المودعون (المنظفون )([251])بوضع ودائعهم في المصارف كخطوة أولى لعمليات غسيل الأموال عن طريق فتح حساب جاري في المصرف , والحصول على عدد كبير من الصكوك أو الحوالات المصرفية المقبولة الدفع لحاملها , ويتم بعد ذلك تداول هذهِ الصكوك أو الحوالات بسهولة في عمليات وهمية او مشروعات داخلية او خارجية([252]).
ولا يخفى ان للمصارف التجارية مصلحة كبيرة في كشف عمليات غسل الاموال ومكافحتها وذلك محافظةً على سمعتها الائتمانية والمصرفية من التعرض للانهيار في حالة أتمام هذهِ العمليات من خلالها([253]).حيث ان عصابات غسيل الاموال تجعل من المصارف الواجهة المباشرة والنهائية للاموال القذرة . وتهتم تلك العصابات بالمصارف الكائنة في دول تتضاءل فيها الرقابة على عمليات غسل الاموال([254]).
لذلك تتجه معظم التشريعات في اغلب الدول الى سن قوانين خاصة بمكافحة عمليات غسيل الاموال , وتلزم هذهِ القوانين المصارف بتقديم المعلومات الى الجهات المختصة في حالة العلم بوجود عملية غسل الاموال . ففي فرنسا اصدر المشرع الفرنسي قانون رقم (90- 614) في 12 يوليو 1990 المعدل بقانون رقم (98-564) في 2 يوليو 1998 والمتعلق بشأن مساهمة المؤسسات المالية في مكافحة غسيل الاموال الناتجة عن تجارة المخدرات , فقد نصت المادة (14) من هذا القانون على انهُ ” تلتزم المؤسسات المالية قبل ان تقوم بفتح حساب لديها لاحد المتعاقدين ان تتاكد من شخصيتهِ وذلك باستلزام تقديم وثيقة مكتوبة , ويقوم هذا الالتزام كذلك بالنسبة للمتعاقدين العرضيين اذا تعلق الامر بعمليات تبلغ قدراً مالياً يعينهُ القانون ” , أي ان هذا القانون قد الزم المؤسسات المالية والمصارف بالابلاغ عن العمليات المالية والمصرفية التي تثور حولها الشبهات .
وفي عام 1996 اصدر المشرع الفرنسي قانون رقم 96- 392 الذي استحدث الكثير من الاحكام في مجال التجريم والعقاب على غسل الاموال حيث ان غسل الاموال هي عملية تستهدف اضفاء الشرعية على اموال متحصلة من مصدر غير شرعي . هذا وان المشرع الفرنسي يلزم المصرف بأن يقدم المعلومات للجهات المختصة في حالة ثبوت وجود عملية غسل اموال([255]).
وقد سار المشرع المصري على نفس النهج وذلك بموجب قانون مكافحة غسل الاموال رقم (80) لسنة 2002 والمعدل بالقانون رقم (78) لسنة 2003 ولائحتهِ التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (951) لسنة 2003 , حيث حظر هذا القانون غسل الأموال المتحصلة من جرائم زراعة وتصنيع المواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها([256]).
وألزم هذا القانون أيضا , بأن تنشأ في البنك المركزي المصري وحدة مستقلة ذات طابع خاص لمكافحة غسل الأموال , وتلتزم البنوك بأخطار هذهِ الوحدة عن العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل أموال المشار إليها في المادة (4) من هذا القانون([257]).
ومن الواضح ان هذا الإخطار يتضمن بيانات يحميها سر المهنة , وواضح أيضا أن المؤسسات المالية تبادر من تلقاء نفسها بتقديم هذهِ المعلومات دون ان يطلب منها ذلك ودون ان تحصل على اذن مسبق من جهة ما ( العميل أو المحكمة) .
أما بالنسبة لموقف قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 بشأن امكانية المصرف بأعطاء المعلومات في حالة وجود عمليات غسل الاموال , حيث حددت المادة (101) من هذا القانون الحالات التي يجوز فيها الاطلاع على الحسابات المصرفية حيث تنص هذهِ المادة على انهُ ” لا تخل احكام المادتين (97, 100) من هذا القانون بما يلي :-
أ- الواجبات المنوط اداءوها قانوناً بمراقبي حسابات البنوك وبالأختصاصات المخولة قانوناً للبنك المركزي.
ب- التزام البنك بأصدار شهادة بأسباب رفض صرف الشيك بناء على طلب صاحب الحق.
ج- حق البنك في الكشف عن كل او بعض البيانات الخاصة بمعاملات العميل اللازمة لاثبات حقهِ في نزاع قضائي نشأ بينهُ وبين عميلهِ بشأن هذهِ المعاملات .
د- ما تنص عليهالقوانين وإلاحكام الخاصة بتنظيم مكافحة غسل الاموال ” , وهذهِ الفقرة تمثل استثناء على ما جاء في الفقرة الاخيرة من المادة (97) من قانون البنك المركزي والتي تقرر سريان حظر الاطلاع او الحصول على البيانات او المعلومات المتعلقة بحسابات العملاء او ودائعهم او اماناتهم او خزائنهم او المعاملات المتعلقة بها .
وتبدو اهمية نص الفقرة (د) من المادة (101) من قانون رقم 88 لسنة 2003 في انهُ لولا وجود هذا النص لما امكن تطبيق نص المادة (8) من قانون مكافحة غسل الاموال التي تنص على ان ” تلتزم المؤسسات المالية بأخطار الوحدة عن العمليات المالية التي يشتبه في انها تتضمن غسل الاموال المشار اليها في المادة (4) من هذا القانون “. وبالتالي فأن قيام موظفي المصرف بأخطار وحدة غسل الاموال بالبنك المركزي عن العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل اموال لا يعد اخلالاً بالسر المصرفي . لان اداء الواجب القانوني يعد سبباً من اسباب الاباحة([258]).
وكذا الحال , بالنسبة لموقف المشرع عندنا, حيث تناول كحال اغلب المشرعين في البلدان الاخرى هذا الموضوع واولاهُ اهمية كبيرة , حيث أصدر قانون مكافحة غسل الاموال رقم (93) لسنة 2004.
اذ تقضي المادة (12) من هذا القانون بأن ينشأ البنك المركزي العراقي مكتباً للابلاغ عن غسل الاموال , يكون تابعاً للبنك المركزي ويتمتع بأستقلال عملي يقوم بجمع ومعالجة وتحليل ونشر الابلاغ عن التعاملات المالية الخاضعة للرقابة والمساهمة في تنفيذ السياسة العراقية لمنع غسل الاموال . ويختص المكتب بتلقي الاخبارات عن العمليات التي يشتبه في انها تنطوي على غسل اموال من المؤسسات المالية المختلفة , فأذا اشتبه المكتب بصورة معقولة بأن التعامل المشتبه بهِ قد ادار او حاول توظيف مبالغ متحصلة من نشاطات غير قانونية او مبالغ تستعمل في تمويل الجريمة او تكون تحت تصرف منظمة أجرامية او لدعم غرض غير قانوني فأنهُ سيبلغ في الحال السلطات القضائية المتخصصة لغرض التحقيق والملاحقة القضائية([259]).
هذا وقد تنبه مكتب غسل الاموال في البنك المركزي العراقي الى موضوع هام في هذا الخصوص أي مكافحة غسل الاموال في العراق , وهو موضوع الحوالة غير الرسمية (Un formal transport) وهي في الحقيقة وسيلة مؤثرة ومهمة من الوسائل التي يمكن ان تلجأ اليها عصابات الجريمة المنظمة في اتمام جريمة غسل الاموال بأستخدام المكاتب غير المرخصة في التحويل الخارجي واتمام هذهِ الصفقة يكون خارج المؤسسات المالية , وقد أشار المكتب اعلاه الى وسيلة ناجحة سلكتها المؤسسات المالية والسلطات المختصة في دولة الامارات العربية المتحدة مفادها :- الزام المكاتب غير الرسمية والرسمية للتحويل الخارجي بتقديم كشوفات شهرية او نصف شهرية عن كافة العمليات المالية التي تقوم بها مع عدم الاخلال بالقوانين التي تلزم هذهِ المكاتب بلزوم ان تمارس اعمالها ضمن إطار إجازة رسمية تبيح لها القيام بأعمال الصيرفة واتمام الحوالات . وقد ادت هذهِ الوسيلة في الحقيقة الى تمكين المؤسسات المالية من مراقبة المعاملات المالية والتحقق منها بغية التحري عن مشروعية مصادر هذهِ الاموال والجهات الاستثمارية التي ستوظف فيها هذهِ الاموال والتحقق من نوايا أصحابها([260]).
ومما ينبغي تأكيدهُ , ان التبليغ عن العمليات المصرفية المشبوهة الى البنك المركزي يدعم دور هذا الاخير في الرقابة الصارمة على المصارف ومن ثم منعها في المشاركة في عمليات غسل الاموال . إضافة الى القيام بالدور المرجو منها في كشف هذهِ العمليات الى اية جهة رسمية او قضائية قد تستفيد منها في الكشف عن الجريمة الاصلية التي تحصلت منها تلك الاموال([261]).
ونظراً لاهمية مكافحة عمليات غسل الاموال بالنسبة للمصارف , لذلك نجد ان المشرع عندنا قد نص في المادة (51) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 المتعلقة بالاستثناءات الواردة على السرية المصرفية على ان ” لا تنطبق احكام المادة (49) والمادة (50) من هذا القانون على افشاء المعلومات في الحالات التالية :-……………. ,ج- الاجراءات المتخذة بحسن نية في سياق اداء الواجبات او المسؤوليات التي يفرضها هذاالقانون او تنفيذ إجراءات لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب بموجب انظمة البنك المركزي العراقي ” .وبناء على ما سبق يمكن القول , بأن قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة وجود عمليات غسل الاموال , يساهم في ملاحقة ومعاقبة أصحاب الودائع غير المشروعة التي تم الحصول عليها بطرق مشبوهة , وتمنعهم من استغلال نظام السرية كساتر لاخفاء المصدر الحقيقي لاموالهم . فبناء دولة القانون يتطلب السعي الدائم والمستمر الى مكافحة مصادر الجريمة ومنع إستعمال القانون بشكل يتناقض مع الغاية الاساسية التي قصدها المشرع .
من هنا فأن التساؤل الذي يثار هل يتخذ ذلك الاخبار شكلاً معيناً ؟ للاجابة نقول إن معظم القوانين التي تجيز للمصرف بتقديم المعلومات في حالة حدوث عمليات غسيل الاموال وضعت شروط معينة لتقديم تلك المعلومات . فمن هذه الشروط هو ان يكون الاخبار عن العملية المشتبه فيها بحسن نية([262]), وكذلك ايضاً ان يقدم الاخبار لمكتب الابلاغ عن عمليات غسيل الاموال , وان يكون بصورة سرية([263])
3- قانــــــــون الضرائــب
تعد الضرائب مصدراً مهماً من مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة . ولذلك عادة ما تعطي القوانين المقارنة السلطات العامة المعنية بجباية الضرائب صلاحيات واسعة بفحص وتدقيق وطلب المعلومات من الاشخاص الخاضعين لها , او من أي شخص او جهة كانت , أن كانت هذهِ المعلومات تساعدها في تنفيذ عملها . وقدر تعلق الامر بالمصارف فأن السلطات المالية قد تطلب الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالمتعاملين مع المصارف .
ففي فرنسا مثلاً يجيز قانون التحصيل الضريبي الفرنسي رقم (81) لسنة 1981اطلاع السلطة الضريبية على المعلومات المتعلقة بالعملاء من خلال الرقابة التي تفرضها تلك السلطة على المصارف([264]), اذ ان المصارف تخضع لرقابة ضريبية بسبب الدور الهام الذي تلعبهُ في ادارة الثروات الخاصة , ومأمورو الضرائب لهم الحق في الاطلاع على دفاتر حسابـات المصارف للـرقابة على اقرارات المكلفيـن([265]).وكذلك تنص المادة (83) من قانون اصول المالية الفرنسي على ان للادارة المالية حق الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالمؤسسات الخاضعة للضريبة([266]).
واكد القضاء الانكليزي هذا الاتجاه في قضية (United state v.first bank of mobile) حيث اراد مأمور ادارة الدخل الداخلي ان يجبر المصرف بان يسمح لهُ بفحص بعض السجلات المعالجة بطريقة خاصة ويحتفظ بها المصرف , وكانت مشتملة على معلومات تخص عملاء المصرف الذين لم يكونوا تحت الفحص المطلوب من سلطة الضرائب , وكان العملاء المطلوبين للفحص قد فوضوا المصرف بالكشف عن المعلومات الخاصة بهم في السجلات , ولكن المصرف عارض بشدة طلب سلطة الضرائب لان هذا سيجعلهُ مفشياً لمعلومات عن عملاء المصرف الذين لم يكونوا تحت الفحص , الا ان المحكمة حكمت لصالح إدارة الدخل الداخلي([267]).
اما الوضع في مصر , فأنهُ وفقاً لاحكام قانون الضرائب المصري رقم (91) لسنة 2005 فأن المصارف تلتزم امام مصلحة الضرائب بتقديم المعلومات اللازمة لفرض الضريبة والتي تطلبها تلك المصلحة , كما تلتزم بتقديم الدفاتر التجارية والمستندات الملحقة بها . الا ان التساؤل الذي يمكن ان يطرح هنا هو :- هل ان هذا الحكم يمتد ليشمل ما أذا كانت الضريبة تفرض على عميل المصرف ؟
للاجابة على هذا التساؤل يمكن القول , ان قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003, عالج الموضوع . اذ ان المادة (97) منهُ تنص على ” تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المعتعلقة بها سرية ولا يجوز الاطلاع عليها أو أعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر …….. الا بأذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الامانة أو الخزينةأو أحد من ورثتهِ أو أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذهِ الاموال أو من النائب القانوني أو الوكيل المفوض في ذلك أو بناء على حكم قضائي أو حكم محكمين……..”. ولتحقيق التوازن بين حق مصلحة الضرائب في الحصول على المعلومات وبين حق المصارف في المحافظة على سرية المعلومات المتعلقة بعملائها قضت المادة (99) من قانون الضريبة على الدخل المصري رقم 91 لسنة 2005 بأنهُ ” يجوز لوزير المالية لاغراض تطبيق هذا القانون ان يطلب من رئيس محكمة الاستئناف القاهرة الامر بالإطلاع العاملين بمصلحة الضرائب او حصولهم على البيانات المتعلقة بحسابات عملاء المصارف او بوادعهم او بخزائنهم ” .وبناء على ما تقدم , لا تستطيع مصلحة الضرائب في القانون المصري الاطلاع على المعلومات الخاصة بعملاء المصارف , واذا كانت هناك ضرورة لهذا الاطلاع , فيتعين مفاتحة محكمة استئناف القاهرة من خلال وزير المالية لإستحصال أمر بذلك .
غير أن الرجوع الى موقف المشرع في العراق يثير التساؤل عن أختلافهِ أو تميزهِ عما سبق ذكرهُ من حيث تصور التعامل واداء ذلك الدور الرقابي بين الجهات الفاعلة في عملية الحصول على المعلومات لضمان سلامة الانشطة المصرفية وموافقتها للقانون ؟ الملاحظ, وبحق, ان الفقرة (1) من المادة (27) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982المعدل تضمنت بأن يكون للسلطة المالية حق الطلب ممن كان خاضعاً للضريبة, او تعتقد بخضوعهِ لها ان يقدم تقريراً عن دخلهِ خلال واحد وعشرين يوماً من تاريخ تبليغهِ بذلك بأخطار خطي او بأحدى طرق النشر سواء كان أسمهُ مسجلاً في دوائر ضريبة الدخل ام لا . وبموجب الفقرة (2) من المادة (28) من نفس القانون يحق للسلطة المالية ان تتحرى وتتحقق عن دخل المكلف الحقيقي وتبحث عن مصادرهِ في محل وجودها ولها ان تطلب المعلومات من أي شخص تعتقد بأن لديهِ ما يفيدها في تقدير الضريبة على أي من المكلفين , إضافة الى ذلك , ان المصارف تدفع في العادة فوائد لعملائها مقابل ايداع نقودهم في المصرف وهذهِ الفوائد التي يتقاضاها العميل من المصرف تكون في العادة خاضعة للضريبة بأعتبارها مصدراً من مصادر الدخل بالنسبة للعميل([268]).
ولضمان إستيفاء الضريبة على فوائد العملاء عن ودائعهم لدى المصارف تذهب معظم قوانين الضريبية الى فرض التزامات على الشركات بصورة عامة وبضمنها المصارف لمساعدة السلطات المالية في جباية الضرائب([269]).
وتتمثل هذهِ الالتزامات بأعلام السلطات المالية عن المبالغ التي دفعتها للغير([270]). او بتزويد السلطات الضريبية بالمعلومات التي تساعدها على فرض الضرائب على المتعاملين معها , اذ بموجب الفقرة (1) من المادة (28) من قانون ضريبة الدخل العراقي تلتزم الدوائر الرسمية ومؤسسات ومنشأت القطاع العام والمختلط وموظفيها ان يقدموا الى السلطات المالية – بطلب منها – البيانات والمعلومات التي تراها ضرورية لتطبيق احكام هذا القانون .
وبناء على ما سبق ذكره, يمكن القول بأن قانون ضريبة الدخل العراقي يجيز وبصورة صريحة لموظفي هيئة الضرائب بطلب المعلومات من المصارف لتساعدها في تنفيذ مهامها .
اما عن موقف قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 من هذا الامر , فأن هذا القانون قد حدد الاستثناءات على مبدأ السرية المصرفية التي يجوز فيها للمصارف ان تزود جهات معينة بالمعلومات الخاصة بعملائها على سبيل الحصر , ولم يكن من ضمن هذهِ الجهات السلطات المالية مثل الهيئة العامة للضرائب , وبالتالي لا يجوز للمصارف ان تقدم المعلومات المتعلقة بعملائها الى مثل هذهِ السلطات . بيد ان قانون المصارف العراقي قد جاء بأستثناء عام من السرية المصرفية وذلك في الحالة التي يكون إفشاء المعلومات بناء على قرار من جهة قضائية مختصة او من المدعي العام في خصومة قضائية قائمة([271]).
وحيث ان التهرب من دفع الضريبة يعد جريمة في نظر القانون العراقي([272]), فأنهُ يجوز للمحكمة المختصة او للمدعي العام عند النظر في جرائم التهرب الضريبي الطلب من المصارف المعلومات الخاصة بعملائها بما يساعدهما في الفصل في تلك الدعاوي , وبذلك يمكن القول ان قانون المصارف العراقي يجيز بطريقة غير مباشرة الكشف عن المعلومات الخاصة بعملاء لغرض فرض الضرائب على عملائها.
وكذا الحال بالنسبة لقانون البنك المركزي العراقي رقم (56) لسنة 2004 قد سمح بصورة غير مباشرة بأطلاع السلطة الضريبية على المعلومات الخاصة بالعملاء وذلك من خلال الفقرة (1) من المادة (22) حيث تنص على ” 1- يمتنع أي شخص يشغل منصب المحافظ او نائب المحافظ او عضو في المجلس او موظف او وكيل او مراسل للبنك المركزي العراقي عن القيام بما يلي :-
أ- السماح لاخرين بأطلاع على المعلومات خاصة غير متاحة للعموم او الكشف عنها او نشرها يكون قد حصل عليها اثناء تأدية مهام وظيفتهِ الرسمية , الا اذا طلب منهُ ذلك وفقاً للفقرة رقم (2) من هذهِ المادة واذا اقتضت الضرورة ذلك للوفاء بأية مسؤولية او واجب يفرضهُ هذا القانون او يقضي بهِ القانون المصرفي او اية تشريعات اخرى ذات صلة ……”.
فأستناداً الى النص اعلاه يتبين انهُ من حق السلطة الضريبية الاطلاع على المعلومات الخاصة بالعملاء اذ ان عبارة ( اية تشريعات اخرى ذات الصلة ) تشير الى ان ذلك يشمل القوانين الخاصة بالضرائب .
ب :- التشريــــعات التجـــــــارية
يهدف المشرع من فرض التزام تقديم المعلومات على المصرف تحقيق مصلحة خاصة للمصرف , وذلك من خلال التشريعات التجارية التي يفرض فيها على المصرف التزام تقديم المعلومات في حالة إفلاس العميل الى وكيل التفليسة وكذلك تقديم المعلومات في حالة حجز اموال المدين الموجودة لدى المصرف .
1- تقديم المعلومات في حالة الافلاس
الافلاس نظام لا يسري الا على من يحترف النشاط التجاري أي التاجر([273]). فأذا توقف المدين التاجر الملتزم بمسك الدفاتر التجارية عن الدفع بديونهِ التجارية في مواعيد أستحقاقها ولو كانت اصولهِ تزيد على خصومهِ لوجودهِ في مركز مالي مضطرب يعرض حقوق دائنيه لخطر محقق او كبير الاحتمال , ففي هذهِ الحالة يشهر أفلاسه([274]).
وبمقتضى نظام الافلاس تستحق الديون وتسقط أجالها وتنتقل الحقوق المخصصة للعميل في ادارة أموالهِ الى
كتلة الدائنين الممثلين بوكيل التفليسة([275]) الذي تعينهُ المحكمة ويقوم بأدارة موجودات المفلس واموالهِ تحت أشراف القاضي المنتدب الذي تعينهُ المحكمة في حكمها بأشهار أفلاسهِ , ثم يتولى وكيل التفليسة نقل دفاتر المفلس وحصر اموالهِ وديونهِ([276]). ومن اموال المفلس ما هو تحت يد المصرف , فبمثل هذهِ الحالة هل يتعين على المصرف أعطاء وكيل التفليسة المعلومات الخاصة بالعميل المفلس ؟
في الحقيقة يذهب جانب من الفقه الفرنسي الى القول , بأنهٌ في حالة التسوية الودية لديون المشروعات المتعثرة او التسوية القضائية او التصفية القضائية , يلتزم المصرف ودون ان يتمسك بمبدأ حماية السر المهني بأن يقدم المعلومات اللازمة لتقدير الموقف الاقتصادي والمالي للمدين المفلس , ففي حالة التسوية الودية يكون لرئيس المحكمة ان يعين خبيراً يعد تقريراً حول الموقف الاقتصادي والمالي للمشروع وان يحصل على كل المعلومات من المؤسسات المصرفية والمالية دون الاعتداد بأي حكم تشريعي او تنظيمي مخالف([277]). وفي حالة التصفية القضائية فأن قاضي التصفية لهُ ان يطلع لدى مؤسسات الائتمان على المعلومات التي توضح حقيقة الموقف الاقتصادي والمالي للمشروع([278]).
وهذا ما أخذ بهِ القضاء الفرنسي ايضاً , حيث قررت محكمة استئناف بواتييه أن قاضي التصفية في حالة الاجراءات الجماعية يمكنهُ الحصول على المعلومات من كل مؤسسة إئتمان حول الموقف الاقتصادي والمالي للمشروع الذي قدم ميزانيتهِ وعدم وجود اموال ( في جانب الدائن من حساب المشروع ) لا يبرر رفض المصرف لهذا الاطلاع , فالقرار المنظم لاجراءات الحصول على المعلومات واجب التنفيذ ايا كان رصيد الحساب([279]).
اما بالنسبة لموقف المشرع المصري في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم (88) لسنة 2003 فانهُ لم يشر الى حالة افلاس عميل المصرف لذلك كان لابد من الرجوع الى احكام قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999. حيث ينص هذا القانون على ان الحساب يقفل – في جميع الاحوال – بوفاة احد طرفيهِ او شهر أفلاسهِ أو أعسارهِ او الحجز عليهِ , ويستخرج رصيد الحساب الجاري عند قفلهِ , ويكون دين الرصيد حالاً ما لم يتفق على غير ذلك([280]).
وانهٌ في حالة الافلاس تسلم الدفاتر التجارية الخاصة بالعميل الى المحكمة او لامين التفيسة([281]), والمحكمة المختصة بنظر دعوى الافلاس , لها ان تأمر بأتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على اموال المدين او ادارتها الى ان يتم الفصل بالدعوى , كما يجوز ان تتخذ من الاجراءات ما يمكنها من الاحاطة بحالة المدين المالية واسباب توقفهِ عن الدفع([282]) , ويقوم امين التفليسة بجميع الاعمال اللازمة للمحافظة على حقوق المفلس لدى الغير ويطالب بهذهِ الحقوق ويستوفيها([283]).
وبناء على ماتقدم , فأن قاضي التفليسة وامينها قد تسلموا دفاتر المفلس وعهدا اليهم بالمحافظة على اموالهِ . وهذا يتطلب منهم اتخاذ الاجراءات التي تمكنهم من الاحاطة بحالتهِ المالية واسباب توقفهِ عن الدفع , كل هذا يخولهم حق طلب معلومات من المصرف عن حسابات العميل المفلس وارصدتها , ويلتزم المصرف بتقديم هذهِ المعلومات مدعمة بالمستندات المثبة لها , وهذا الاجراء ضروري لاتمام جرد اموال المفلس([284]).
ويترتب على ذلك ان وكيل التفليسة , وهو نائب قانوني عن المفلس . اذ يقوم مقام العميل قانوناً فلهُ حق الاطلاع على كافة المعاملات المصرفية للعميل المفلس , ويتوجب على المصرف في هذهِ الحالة اطلاع وكيل التفليسة على علاقات العميل المفلس معهُ , وعلى العمليات التي تمت لحسابهِ والاموال المودعة لديه([285]).
اما عن موقف المشرع عندنا , فأنهُ بالرجوع الى نصوص قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 فنجد ان المشرع لم يتطرق الى موضوع إفلاس العميل وانما اقتصرت نصوصهِ على حالة إفلاس المصرف او تصفيتهِ([286]). لكن يمكن القول , بأن احكام الافلاس الواردة في قانون التجارة العراقي رقم (149) لسنة 1970
(الملغى) تقتضي بأن وكيل التفليسة هو , وكيل قضائي , عن المفلس ويقوم مقام العميل قضاءاً . وبذلك فأن من حقهِ الاطلاع على كل المعلومات المصرفية للعميل سواء كانت دائنة ام مدينة , وذلك انطلاقاً من مهام هذا الوكيل حيث يقع على عاتقهِ تحرير ميزانيتهِ بموجودات العميل وتسليم دفاترهِ التجارية والوقوف على تصرفات المفلس في اثناء فترة الريبة([287]). لذلك لا يبقى هناك أي مبرر لتحفظ المصرف تجاه وكيل التفليسة ويكون ملزماً بأعطاء جميع المعلومات اليهِ.
ولا يختلف الامر فيما اذا كان عميل المصرف ( شركة ) فأن اعلان أفلاسها سيبيح للمصرف الكشف لامين التفليسة او للمحكمة المختصة عن جميع معاملاتها واسرارها لديهِ وخاصة وان افلاس الشركة التضامنية والبسيطة سيطال الشركاء ايضاً فيزول مبدأ السر المصرفي ليس فقط بالنسبة لعلاقة المصرف مع الشركة وانما لعلاقتهِ مع الشركاء الخاضعين للافلاس ايضاً . اما اذا كانت الشركة المعلن افلاسها لا يشمل المساهمين فيها باعتبار انها من شركات الاموال ومسؤوليتها محدودة لا تمتد الى باقي اموال المساهمين لذا فأن اعلان افلاسها سيجيز للمصرف لا محالة بالافصاح لامين التفليسة عن جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بأموال الشركة المودعة لديها([288]).
2 – حجز ما للمدين لدى الغير
ان الحجز هو اجراء يهدف من ورائهِ الدائن الى منع المدين من التصرف بقسم من اموالهِ كي لا يحاول تهريبها او اخفاءها إضراراً بهذا الدائن([289]).
وهذا الحجز يعد من التدابير الاحتياطية التي يلجأ اليها الدائن لصيانة حقوقهِ عن طريق الحجز لدى شخص ثالث , بحيث ان هذا الحجز لدى شخص ثالث يعتبر في حقيقتهِ من قبيل الحجز الاحتياطي([290]). والذي بموجبهِ يستطيع الدائن أستناداً الى مالهُ من ضمان عام على ذمة مدينهِ المالية وضع ما يكون لمدينهِ من نقود او منقولات في ذمة الغير وهو هنا – المصرف – او في حوزتهِ تحت يد القضاء([291]).
ومن المعلوم , ان الاموال المودعة في الحسابات المصرفية او الموجودة في المصارف يمكن إيقاع الحجز عليها شأنها شأن اموال العميل الاخرى , وسواء كان هذا الحجز حجزاً تحفظياً بمناسبة أقامة دعوى قضائية ضد العميل ام كان حجزاً تنفيذياً بمناسبة تنفيذ حكم قضائي او محرر تنفيذي ضد العميل او بسبب إعسارهِ او افلاسهِ .اذ ان حجز حسابات واموال العميل لدى المصرف يكون بطريقة ( حجز ما للمدين لدى الغير )([292]).
ووفقاً للقواعد العامة المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير أذا قررت المحكمة او منفذ العدل وضع الحجز على اموال او حقوق المدين لدى الغير يبلغ كل من المدين ( المحجوز على اموالهِ ) والغير ( الشخص الثالث ) بهذا القرار , ويترتب على ذلك مسؤولية الشخص الثالث عن اموال المدين الموجودة لديهِ بحيث لا يجوز لهُ تسليمها للمدين أو الى أي شخص أخر والتصرف فيها الا بقرار من الجهة التي اوقعت الحجز , وفي المقابل يكون للشخص الثالث أن يبدي ما يشاء من البيانات او اعتراضات على قرار الحجز , ولهُ ان يخبر الجهة التي اصدرت قرار الحجز عما اذا كان لديهِ مال يعود للمدين ام لا , فأذا أقر الشخص الثالث ان الاموال المحجوزة موجودة لديهِ وتعود للمدين فيلتزم بالاحتفاظ بها وان لا يسلمها الى المدين الا في حالة رفع الحجز من الجهة التي أصدرته. اما اذا انكر الشخص الثالث وجود أموال تعود للمدين لديهِ , يقع على الدائن عبء اثبات وجود الاموال لدى الشخص الثالث , وفي حالة سكوت الشخص الثالث بحيث لم يقدم البيان عما موجود في ذمتهِ او لديهِ من اموال للمدين , عد سكوتهِ دليلاً عل وجود المال المحجوز لديهِ ما لم يثبت خلاف ذلك([293]).
والسؤال الذي يمكن ان يطرح هنا هو اذا كان الشخص الثالث الذي يراد حجز اموال المدين الموجودة لديهِ عبارة عن مصرف , فهل يمكن للمصرف ان يقدم المعلومات المتعلقة بعملائهِ ام أنهُ يمتنع عن ذلك متذرعاً بالسرية المصرفية ؟
يذهب المشرع الفرنسي وفق قانون المرافعات الفرنسي المعدل بقانون 12 نوفمبر سنة 1955 الى الزام المصرف المحجوز تحت يدهِ ان يعلم المحضر الذي يوقع الحجز بقيمة الجانب الدائن في حساب المحجوز عليه, بأن يقدم لهُ كشفاً بذلك مع بيان الوقائع والاعمال القائمة التي قد تؤثر في الدائن , خاصة بسبب وجود مدفوعات معلقة على شرط([294]).
وقد حكم في فرنسا بأنهُ لما كان تقديم الوثائق المؤيدة لبيان المصرف مطلوباً لمنع التواطؤ بينهُ وبين المحجوز عليهِ فيختص قاضي الامور المستعجلة بتقدير ما اذا كانت هذهِ الوثائق كافية بالنظر الى ظروف القضية , وانهُ لما كان هذا السلوك المفروض على المصرف مخالفاً لمبدأ المحافظة على سر المهنة فقد وجب الاكتفاء بأقل قدر ممكن من هذهِ الوثائق متى كان إحتمال التواطؤ منعدماً([295]).
وبناء على ما سبق فأن المشرع الفرنسي قد رسم للدائن طريقاً للحصول على معلومات عن حالة ورصيد حساب مدينهِ , وايضاً إطلاع المحضر القائم بتوقيع الحجز على المستندات والوثائق المفيدة في اثبات التقرير بما في ذمتهِ دون التذرع بحماية السر المهني([296]).
وكذا الحال بالنسبة للمشرع المصري , فأنهُ وفقاً لنص المادة (339) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1986المعدل([297]) يجب على المصرف المحجوز لديهِ ان يقرر بما في ذمتهِ في قلم كتاب محكمة المواد الجزئية التابع هو لها خلال خمسة عشر يوماً التالية لاعلانهِ بالحجز([298]). ويذكر في التقرير مقدار الدين ( اموال المدين المحجوز عليهِ ) وسببهُ وإسباب أنقضائهِ ان كان قد انقضى , ويبين جميع الحجوزات الموقعة تحت يدهِ , ويودع الاوراق المؤيدة لتقريرهِ او صوراً منها مصدقاً عليها , واذا كان ما تحت يد المحجوز لديهِ منقولات ( مجوهرات في خزانة حديدية مثلاً) وجب عليهِ ان يرفق بالتقرير بياناً مفصلاً بها ,
ولا يعفيهِ من واجب التقرير ان يكون غير مدين للمحجوز عليهِ([299]).
كذلك تقضي المادة (340) من هذا القانون صراحة على انهُ ” اذا كان الحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية او وحدات الادارة المحلية او الهيئات العامة او المؤسسات العامة والشركات والجمعيات التابعة لها وجب عليها ان تعطي الحاجز بناء على طلبهِ شهادة تقوم مقام التقرير “. وهذا يدل على ان القانون المصري يعطي الحق للدائن في ان يحجز ما للمدين لدى الغير , وبما يترتب على ذلك من تقرير بما في ذمتهِ لعميلهِ.
اما عن موقف قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003, فأن المشرع المصري قد سلك طريقاً يحقق الموازنة بين التزام المصرف بالسر المصرفي , من جهة , وبين حق دائني عملاء المصارف في ايقاع الحجز على اموال دائنيهم الموجودة لدى المصرف , من جهة اخرى , والزم المصرف بتقرير ما في ذمتهِ لحساب عميلهِ وذلك ما نصت عليهِ المادة (98) من هذا القانون حيث تنص على” للنائب العام او لمن يفوضه من المحامين العامين الاول على الاقل من تلقاء نفسه او بناء على طلب جهة رسمية او احد من ذوى الشان ، ان يطلب من محكمة استئناف القاهرة الامر بالاطلاع او الحصول على اية بيانات او معلومات تتعلق بالحسابات او الودائع او الامانات او الخزائن المنصوص عليها فى المادة السابقة او المعاملات المتعلقة بها اذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة فى جناية او جنحة قامت الدلائل الجدية على وقوعها.ولاى من ذوى الشان فى حالة التقرير بما فى الذمة بمناسبة حجز موقع لدى احد البنوك الخاضعة لاحكام هذا القانونان يتقدم بالطلب المشار اليه فى الفقرة السابقة الى محكمة الاستئناف المختصة .وتفصل المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة فى الطلب خلال الايام الثلاثة التالية لتقديمه بعد سماع اقوال النيابة العامة او ذى الشان .وعلى النائب العام او من يفوضه فى ذلك من المحامين العامين الاول على الاقل وعلى ذى الشان بحسب الاحوال اخطار البنك وذوى الشان بالامر الذى تصدره المحكمة خلال الايام الثلاثة التالية لصدوره .ويبدا سريان الميعاد المحدد للتقرير بما فى الذمة من تاريخ اخطار البنك بالامر المذكور .ويكون للنائب العام او من يفوضه من المحامين العامين الاول على الاقل ان يامر مباشرة بالاطلاع او الحصول على اية بيانات او معلومات تتعلق بالحسابات او الودائع او الامانات او الخزائن المنصوص عليها فى المادة (97) من هذا القانون او المعاملات المتعلقة بها اذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة فى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى القسم الاول من الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانونالعقوبات ، وفى الجرائم المنصوص عليها فى قانونمكافحة غسل الاموال الصادر بالقانون رقم80لسنة 2002″ .
بمعنى ان يحصل دائن العميل من محكمة الاستئناف المختصة أصدار أمر بالاطلاع او الحصول على البيانات المتعلقة بحسابات مدينهِ لدى المصارف , وعلى المحكمة ان تبت في الطلب خلال الايام الثلاثة التالية لصدورهِ , ويبدأ سريان الميعاد المحدد للتقرير بما في الذمة ( خمسة عشر يوماً ) من تاريخ أخطار المصرف بأمر المحكمة . وبذلك تكون هذهِ المادة قد اشترطت ان يكون أمر تقرير ما بالذمة بالنسبة للمصارف صادراً من محكمة استئناف وليس من محكمة بداءة او تحقيق , وهو ما يوفر ضمانة أضافية للمتعاملين مع المصارف . بيد ان ما يؤخذ على هذهِ المادة أنها لم تضع وسيلة او اجراء للتظلم من قرار المحكمة بقبول الطلب او رفضهِ([300]).
أما عن موقف المشرع العراقي من هذا الامر فيلاحظ ان مسألة إمكانية قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة الحجز ما للمدين لدى الغير . فأنهُ بالرجوع الى نص المادة (75) والمادة (77) من قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 وبالرجوع الى نص المادة (231) من قانون المرافعات رقم (83) لسنة 1969 المعدل, فأنهُ يمكن القول , بأنهُ على المصرف ان يجيب المحكمة او مديرية التنفيذ فيما اذا كان لديهِ اية معلومات عن ودائع او حسابات جارية او اموال محفوظة في خزائن المصرف , ولا يستطيع المصرف الامتناع عن اجابة مديرية التنفيذ او المحكمة المختصة بحجة المحافظة على السر المصرفي([301]).
ومما تجدر الاشارة اليهِ فيما يتعلق بأجارة الخزائن , في انهُ ما اذا كان للمدين اموال او اشياء محفوظة في خزينة أستأجرها من المصرف فأنهُ يكفي ان يقر المصرف بوجود هذهِ الخزينة لان المفترض عدم علم المصرف بمحتويات الخزينة وسيبقى العميل محتفظاً بمفتاح الخزانة ولهُ وحدهُ حق ايداع الاشياء وسحبها دون أي رقابة من قبل المصرف وتسري عليهِ قواعد اجارة الاشياء ويكون المصرف مسؤولاً عن سلامة هذهِ الاشياء([302]), وبذلك لا يتضمن تقرير المصرف بشأن الخزانة المستأجرة سوى واقعة التأجير ورقمها دون ذكر المحتويات([303]) , لانها ستبقى تحت تصرف العميل فالحيازة الحكمية انتقلت اليه بأعتبارهِ مستأجراً ومن ثم يجب ان يقع الحجز في مواجهة العميل نفسه وهذا لا يتم بدون الرجوع الى سجلات المصرف لمعرفة رقم الخزانة وقيمتها وعدم السماح للعميل ( المستأجر ) استعمالها طيلة مدة الحجز([304]).
وكذا الحال بالنسبة لقانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 حيث جاء بقاعدة عامة يقرر فيها جواز ان يفشي المصرف المعلومات المتعلقة بعملائهِ بناء على “…………… قرار من جهة قضائية مختصة او من المدعي العام في خصومة قضائية قائمة او بسبب أحدى الحالات المسموح بها بمقتضى احكام هذا القانون …..”([305]). وبالتالي يتعين على المصرف ان يقدم المعلومات اللازمة للجهات القضائية عند صدور قرار منها بالحجز على اموال عملائها لديها.
ثانياً :- التشريعات الاجرائية
قد يضطر المصرف أحياناً الى تقديم المعلومات تنفيذاً للاجراءات معينة يتخذها , ويقصد من خلالها حماية مصالح العميل الخاصة ولعل من اهم هذهِ الحالات هي :- قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة طلب اداء الشهادة منهُ , وحالة قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة أصدار شهادة بأسباب رفض صرف الصك , وحالة قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة تصفية النظام المالي للزوجين .
أ :- قيام المصرف بإعطاء المعلومات في حالة أداء الشهادة
تعتبر الشهادة دليل من ادلة الاثبات , تتمثل في أخبار شخص ما , في المحكمة عما أدركهُ مباشرة بحواسهِ المختلفة في واقعة معينة([306]) . وهي مهمة في المسائل المدنية والجزائية على حد سواء , واداء الشهادة يعتبر التزاماً قانونياً يقع على عاتق كل شخص تطلب منهُ المحكمة ذلك فأذا تم تبليغ الشاهد بالحضور للادلاء بشهادتهِ امام المحكمة , وتخلف عن ذلك دون ان يكون لهُ عذر مشروع , يمكن للمحكمة ان تأمر بأحضارهِ جبراً للادلاء بشهادتهِ([307]) .
والسؤال الذي يطرح هنا هو :- اذا طلبت المحكمة من احد المصارف اداء الشهادة امامها وكان اداء الشهادة يتطلب من المصرف ان يبوح للمحكمة بمعلومات خاصة بحسابات العملاء , فهل يمكن للمصرف ان يمتنع عن اداء الشهادة ام انهُ يبقى ملتزماً بأداء الشهادة امام المحاكم وان ذلك يعد حالة من حالات الاعفاء من المسؤولية ؟
لقد تباينت مواقف القوانين المقارنة بشأن السماح للمصرف بأعطاء المعلومات المصرفية عند اداء الشهادة امام القضاء . ففي فرنسا مثلاً , ذهب اتجاه من الفقه الفرنسي([308])الى التفرقة بين نوعين من المهن , فهناك اشخاص تكون صفة السر من الامور المعهودة اليهم واضحة , ومن يتعين عليهم رفض اداء الشهادة الا اذا رضى
اصحاب الشأن فيكون الامين حراً بين اداء الشهادة او الامتناع عنها ولا يتعرض للعقاب في الحالتين . اما الامناء الاخرون فيلتزمون بأداء الشهادة حيث يفوق واجب معاونة العدالة من حيث الاهمية على واجب المحافظة على السر . ومن امثلة الاشخاص الملتزمين بالمحافظة على السر وعدم اعطاء معلومات في حالة اداء الشهادة هم الاطباء والمحامون . اما الامناء الذين يجب عليهم الادلاء بالشهادة فمنهم الموظفون العمومين ورجال البنوك , فهذا يعني ان الفقه الفرنسي يجيز للمصرف أعطاء المعلومات الخاصة بحسابات العملاء في حالة اداء الشهادة امام المحاكم . هذا في الوقت الذي اصدر فيهِ المشرع الفرنسي نصوصاً قانونية متعددة تجيز للمصرف الادلاء بالشهادة امام المحاكم اذا طلب منهُ ذلك , منها نص المادة (6) من الامر الصادر في 30 مايو سنة 1945 بخصوص موظفي مكتب الصرف والقانون الصادر في 31 اكتوبر سنة 1953 الذي يجيز لاعضاء الحكومة ومسؤولي المصرف إداء الشهادة امام المحاكم , فالمصرف يلتزم بتقديم المعلومات عن طريق اداء الشهادة امام المحاكم ولا يسمح لموظفي المصرف الاحتجاج بالسر المهني في مواجهة المحاكم الجنائية ذلك لان الالتزام بالسر المهني لا يحتج بهِ في مواجهة القضاء الجبري([309]).
كذلك ما نصت عليهِ المادة (511-3) من قانون النقد والمال الفرنسي لسنة 2000 على انهُ “………. بالاضافة الى الحالات المنصوص عليها في قانون السرية المهنية لا يمكن الاحتجاج بها ضد اللجنة المصرفية او مصرف فرنسا ( المركزي ) او ضد محكمة تعمل في نطاق الاجراءات الجنائية ….”([310]).
وبناء عليهِ فأنهُ لا يجوز في التشريع الفرنسي اعفاء المصرف من اداء الشهادة في دعوى جنائية بدعوى انهُ ملتزم بالسر المصرفي . والحكمة من التزام المصرف بأداء الشهادة هي ان الامتناع عن الشهادة قد يؤدي الى أعاقة عمل السلطات القضائية ويكون بلا جدوى امام السلطات المخولة لقاضي التحقيق في تفتيش وضبط الاوراق والمستندات التي تساعد على اظهار الحقيقة في الدعوى الجنائية([311]).
اما بالنسبة للمحاكم المدنية , فأنهُ لا يوجد في فرنسا نص عام بشأن الشهادة الا ان قانون المرافعات يقضي بمعاقبة الشاهد الذي يمتنع عن اداء الشهادة بدفع غرامة ([312]).
وبناء على ما سبق , فأنهُ يمكن القول ان المصرف في القانون الفرنسي يستطيع ان يكشف عن المعلومات الخاصة بالعمليات المصرفية لعملائهِ , حتى لا يكون واجب كتمان السر حائلاً دون أمكانية قيام السلطات القضائية بأداء عملها لكشف الجرائم التي قد تقع , كما هو الشأن في جريمة اعطاء صك لا يقابلهُ رصيد او جريمة النصب التي تتم بالاستعانة بأوامر الدفع المزورة , لانهُ بدون شهادة المصرف لا يمكن اقامة اركان الاتهام .
اما في مصر , فأنهُ اذا كانت القاعدة هي عدم جواز امتناع الشاهد عن الادلاء بالشهادة , الا ان المشرع المصري قد رجح واجب الكتمان على واجب معاونة السلطات القضائية بالنسبة للمؤتمنين على الاسرار. فالمادة (284) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المصري رقم (150) لسنة 1950 المعدل التي تنص على ” بأن الشاهد لا يحكم عليهِ بعقوبة الامتناع عن اداء الشهادة في الاحوال التي يجيز لهُ القانون فيها ذلك “([313]).
وبالرجوع الى مواد قانون المرافعات المصري رقم (13) لسنة 1968 والمتعلقة بالاعفاء من الشهادة وقد تم إلغاؤها , وهي ماكانت تقابل المواد (65 و 66 ) من قانون الاثبات رقم (25) لسنة1968 , حيث تنص المادة (65) من هذا القانون ” الموظفون المكلفون بخدمة عامة لا يشهدون ولو بعد تركهم العمل عما يكون قد وصل الى علمهم في اثناء قيامهم بهِ من معلومات لن تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن السلطة المختصة في اذاعتها مع ذلك فلهذهِ السلطة ان تأذن لهم بالشهادة بناء على طلب المحكمة او احد الخصوم “.
والمادة (66) من هذا القانون تنص على ” لا يجوز لمن علم من المحامين او الوكلاء او الاطباء او غيرهم عن طريق مهنتهِ او صنعتهِ بواقعة او معلومات ان يفشيها ولو بعد انهاء خدمتهِ او زوال صفتهِ ما لم يكن ذكرها لهُ مقصود بهِ ارتكاب جناية او جنحة , ولذلك على الاشخاص المذكورين ان يؤدو الشهادة على تلك الواقعة او المعلومات متى طلب منهم من اسرها اليهم على الا يخل ذلك بأحكام القوانين الخاصة بهم “.
وبناء على النصوص السابقة الذكر , يمكن القول بأن المشرع المصري اراد حسم التعارض بين التزام المصرف بالمحافظة وكتمان السر المصرفي وبين التزامهِ بأعطاء المعلومات فيما اذا طلبت منهُ الشهادة . حيث وضع جملة من الشروط لاعطاء المصرف شهادتهِ والبوح بالمعلومات الخاصة بعملائهِ . ولعل من ابرز تلك الشروط ما يلي :- 1- كون الواقعة المراد من المصرف ادلاء بشهادتهِ عنها هي جناية او جنحة 2- ان يقوم المصرف بأعطاء شهادتهِ بناء على طلب من قبل من اسرها اليهِ او بناء على حكم قضائي([314]).
وهذا ما اكدتهُ ايضاً المادة (97) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003. ومعنى هذا , ان الاصل في القانون المصري هو تغليب الالتزام بكتمان السر على الالتزام بأداء الشهادة . ولكن يتعين ان نلاحظ انهُ في الحالات التي يلتزم فيها الامين بالتبليغ عن الجرائم , فأنهُ يلتزم منطقياً أيضاً بأداء الشهادة عما ابلغ عنهُ . اذ لا يمكن تجريد الالتزام بالتبليغ عن الالتزام بالشهادة امام القضاء .
اما بالنسبة لموقف المشرع العراقي , فأنهُ قد انتهج منهج المشرع المصري , حيث غلب واجب كتمان السر المصرفي على واجب المصرف بأعطاء المعلومات في حالة الادلاء بشهادتهِ . اذ تنص المادة (88) من قانون الاثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 المعدل على ” لا يجوز للموظفين او المكلفين بخدمة عامة إفشاء ما وصل الى علمهم اثناء قيامهم بواجبهم من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن الجهة المختصة في اذاعتها ولو بعد تركهم العمل ومع ذلك فلهذهِ الجهة ان تأذن لهم بالشهادة بناء على طلب المحكمة او احد الخصوم ” . وكذلك المادة (89) من القانون ذاتهِ حيث تنص ” لا يجوز لمن علم من المحامين او الاطباء او الوكلاء او غيرهم عن طريق مهنتهِ بواقعة او معلومات ان يفشيها ولو بعد انتهاء مهمتهِ الا انهُ يجب عليهِ الادلاء بالشهادة اذا استشهد بهِ من افضى اليهِ بها او كان ذلك يؤدي الى منع ارتكاب جريمة “.
ويلاحظ من هذا النص ان المشرع العراقي اورد الملتزمين بحفظ السر على سبيل المثال لا الحصر , وذلك بأشارتهِ الى عبارة او غيرهم بعد التعداد , فأننا نرى بأن المصرف يدخل ضمن هولاء وبذلك يكون ملزماً عليهِ الادلاء بالشهادة بناء على امر صادر من قبل من اسرها اليهِ او أذا كانت الشهادة متعلقة بمنع ارتكاب جريمة .
وتاسيسا على ما تقدم , يمكن القول بأن المشرع العراقي قد رجح واجب كتمان السر على واجب التزام المؤتمن على اعطاء المعلومات الا في حالة الاذن الصادر من قبل صاحب السر بالادلاء بالشهادة او اذا كانت الواقعة المطلوب الشهادة فيها هي جريمة . الا انهُ يمكن القول ان السماح للمصرف بالامتناع عن اداء الشهادة لا يكون الا في الاحوال التي يجيز لهُ القانون ذلك . ولكن ليس لذلك قيمة عملية في القانون العراقي , طالما ان الفقرة (3) من المادة ( 46) من قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976 (الملغى ) تجيز للمصرف اعطاء معلومات للجهات القضائية المختصة([315]).
كذلك ما تضمنتهُ المادة (49) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والمتعلقة بالسرية المصرفية حيث تنص ” يحافظ المصرف على السرية فيما يتعلق بجميع حسابات العملاء وودائعهم واماناتهم وخزائنهم لديهِ . ويكون محظوراً اعطاء اية بيانات عنها بطريق مباشر او غير مباشر الا بموافقة خطية من العميل المعني . او في حالة وفاة العميل الا بموافقة ممثلهِ القانوني او احد ورثة العميل او احد الموصى لهم الا بقرار جهة قضائية مختصة او من المدعي العام في خصومة قضائية قائمة او بسبب احدى الحالات المسموح بها بمقتضى احكام هذا القانون . ويظل هذا الخطر قائماً حتى لو انتهت العلاقة بين العميل والمصرف لاي سبب من الاسباب “.ومن هذا يمكن القول بأن قانون المصارف العراقي يجيز للمصرف ان يعطي معلومات عن حسابات عملائهِ بناء على قرار من جهة قضائية مختصة . وبالتالي يمكن للجهات القضائية المختصة الحصول على المعلومات التي تحتاجها من المصارف اثناء ادلاء المصارف بشهادتها امامها .
ب :- قيام المصرف بإعطاء المعلومات في حالة إصدار شهادة بأسباب رفض صرف صك
يعد الصك من اهم الاوراق التجارية الشائعة الاستعمال في النشاط الاقتصادي في الاغلب الاعم . ومن المتعارف عليهِ , ان المصارف تقوم بتزويد عملائها الذين يفتحون حسابات جارية لديها بدفاتر صكوك مطبوعة ومرقمة بأرقام متسلسلة يستخدمونها للوفاء بالتزاماتهم المختلفة . وبذلك يكون قيام العميل بأصدار الصك الى شخص مسمى ولامرهِ او لحاملهِ , أجازفيهِ بصورة ضمنية للمصرف اعلام صاحب الحق في الصك بموقف حساب العميل([316]).
وفي حالة سحب صك على المصرف مثلاً ولاجل قيام المصرف بوفاء هذا الصك , لا بد ان يكون للعميل عند اصدار الصك, مقابل وفاء , نقدي لدى المصرف , ويجب على حامل الصك تقديمهِ لا ستيفاء قيمتهِ خلال المدة التي يحددها القانون([317])
وفي هذهِ الحالة نكون امام فرضين الاول منهما :- قيام المصرف المسحوب عليهِ بالوفاء واستلام الصك , والفرض الثاني :- رفض المصرف الوفاء بقيمة الصك . وهنا يثور التساؤل حول الاسباب التي تدعو المصرف الى رفض صرف الصك وما هو الاجراء الذي يتخذهُ الحامل القانوني في حالة الرفض ؟
من الجدير بالذكر , ان من اهم الاسباب التي تدعو المصرف الى رفض صرف الصك , هي قد تكون عدم كفاية الرصيد ( مقابل الوفاء ) بسبب سحب كل الرصيد بعد اعطاء الصك او عدم وجود الرصيد مطلقاً او عدم قابليتهِ للسحب او عدم مطابقة التوقيع لنموذج توقيع العميل لدى المصرف ([318]). او ان رصيد الحساب يقل عن مبلغ الصك , وفي هذهِ الحالة يكون لحامل الصك ان يطلب الوفاء الجزئي من المصرف وبما يعادل الرصيد الموجود لديهِ([319]) .
وكذا فأن للمصرف المسحوب عليهِ الصك ان يعرض الوفاء الجزئي على الحامل , وبالنتيجة فأن على المصرف ان يخبرهُ بمقدار رصيد العميل , اذ كيف يتسنى لحامل الصك ان يطلب الوفاء الجزئي اذا امتنع المصرف عن اخبارهِ بذلك متذرعاً بالسرية المصرفية([320]). فاذا رفض المصرف صرف الصك لاي من الاسباب السابقة الذكر او اذا قبل حامل الصك بالوفاء الجزئي لقيمة الصك , كان لصاحب الحق في الصك – الحامل – ان يطلب من المصرف تزويدهُ بأستشهاد او بيان يذكر فيهِ سبب رفضهِ للصك او انهُ قام بوفاء جزء من قيمتهِ , وذلك لكي يستخدم هذا الاستشهاد كدليل عن امتناع المصرف عن صرف الصك عند الرجوع على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بهِ او عند مراجعة السلطات القضائية المختصة لتقديم شكوى جزائيةعلى الساحب لاصدارهِ صكاً بدون رصيد([321]).
لذلك نرى ان المشرع المصري قد نص صراحة على التزام المصرف بأصدار شهادة او بيان يبين فيهِ اسباب رفض صرف الصك , وذلك بموجب المادة (101) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 حيث تنص على ” لا تخل احكام المادتين 97 و 100 من هذا القانون بما يلي :- ………….., ج – التزام البنك بأصدار شهادة بأسباب رفض صرف الشيك بناء على طلب صاحب الحق ……….” .
وتجدر الاشارة , الى ان المشرع المصري قد اشترط في اصدار هذا البيان او الشهادة ان يكون بناء على طلب صاحب الحق وهو المستفيد من الصك او المظهر اليهِ حيث يكون معروفاً للعميل , وقد قبل التعامل معهُ بما يفترض انهُ سيطلع على بعض البيانات التي تتضمنها هذهِ الشهادة , الا ان صياغة هذهِ المادة قد انتقدت من قبل الفقه المصري في ذكرها عبارة ( بناء على طلب صاحب الحق ) وذلك لان من المستقر عليهِ ان جميع الصكوك المرتدة دون صرف يكتب على ورقة مرفقة بها سبب عدم الصرف دون ان يطلب ذلك صاحب الحق([322]) اضافة الى ذلك لا يقتصر طلب هذهِ الشهادة على صاحب الحق وهو المستفيد من الصك او المظهر اليهِ , وانما يجوز طلبها من قبل كل صاحب حق فيها , سواء كان هو صاحب الحق الثابت في الصك او أي شخص يوكلهُ في هذا الشان كمحاميهِ مثلاً او مدير اعمالهِ المخول بذلك . في هذهِ الحالة يجب على المصرف التحقق من شخصية طالب شهادة اسباب رفض صرف الصك ومن وكالتهِ من صاحب الحق فيهِ([323]). ومن الجدير بالذكر , ان قانون سرية المصارف اللبناني الصادر في 3 ايلول 1956 لم يشر الى السماح للمصرف بتزويد حامل الصك بأستشهاد رفض صرف الصك . بيد ان رئيس دائرة اجراءات بيروت اخذ في قرار صادر عنهُ بتاريخ 15-5- 1965 بهذا الاتجاه مستنداً , من جهة اولى , الى روح قانون سرية المصارف , ومن جهة ثانية , الى مبادئ العدل والانصاف , كما انهُ يتوافق مع الحاجات العملية ولا يتنافى مع السرية المصرفية([324]). وكذا الامر بالنسبة لموقف المشرع العراقي , حيث انهُ فرض التزاماً على المصرف في حالة رفضهِ صرف الصك بتزويد حامل الصك , بناءاً على طلبهِ بيان او استشهاد يوضح فيها اسباب رفض صرف هذا الصك , وهذاما قضت بهِ الفقرة (2) من المادة (169) من قانون التجارة العراقي حيث تنص على ” لا يجوز الامتناع عن وضع البيان المذكور في الفقرة السابقة على الصك اذا طلبهُ الحامل ولو كان الصك يتضمن شرط الرجوع بلا مصاريف . وانما يجوز للملتزم بوضع البيان طلب مهلة لا تتجاوز يوم العمل التالي لتقديم الصك ولو قدم في اليوم الاخيرمن ميعاد التقديم ” . كما ان الفقرة (د) من المادة (51) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 تجيز للمصرف افشاء المعلومات في حالة اصدار شهادة تبين فيها اسباب رفض صرف الصك([325]).
وبناء على ذلك , اذا قدم للمصرف شيك موقع من العميل ولم يوجد رصيد كاف لصرف هذا الصك فأن المصرف مضطر بأن يصرح على ان رصيد العميل غير كاف او انهُ لا رصيد لهُ , وذلك للابلاغ عن جريمة صك دون رصيد فيتحلل المصرف من التزامهِ بالسر , لان ذلك يستند الى سبب من اسباب الاباحة التي نص عليها القانون , مادام المصرف التزم حدود الاباحة وهي منح شهادة للمستفيد بناء على طلبهِ بسبب عدم صرف الصك . ولا سيما ان القانون يعاقب موظف المصرف الذي يرفض صرف الصك الصحيح دون سبب او الذي يمتنع عن وضع وتسليم بيان الامتناع عن الدفع([326]). وتجدر الاشارة الى ان المعلومات المدونة في الشهادة الصادرة بأسباب رفض صرف الصك ان تكون بالقدر الضروري الذي يفيد توضيح سبب رفض صرف الصك دون الزيادة عليها . فمثلاً اذا كان الرصيد غير كاف فيجب ان يذكر مقدار المديونية اذا كان الحساب مديناً , واذا لم يكن لدى المصرف حساباً بذات الاسم المذكور للساحب فأن المصرف يرد بذلك فقط ولا يتطرق لذكر اسم مشابه لذات الاسم الذي يوجد لديهِ([327]). وبناء على ما سبق ذكرهُ , يمكن القول ان تطبيق حالة اصدار شهادة يبين فيها اسباب رفض الشيك , يشترط فيها توافر شروط معينة وهي :-
1 – ان يكون الاستشهاد او البيان متعلقاً بأسباب رفض صرف الصك على سبيل الحصر , فلا يجوز للمصرف اصدار مثل هذا الاستشهاد بمناسبة رفض وفاء حوالة تجارية ” سفتجة ” قام احد الاشخاص بسحبها على المصرف , لان ما يميز الصك عن الحوالة التجارية هو انهُ يشترط في الصك ان يكون مسحوباً على المصرف([328]). في حين انهُ لا يهم بالنسبة للحوالة التجارية ان يكون المسحوب عليهِ مصرفاً او غير مصرف , فكل شخص يعتد بهِ قانوناً يمكن ان يكون مسحوباً عليهِ في السفتجة([329]). وبالتالي تخضع الحوالة التجارية المسحوبة على المصرف الى الاحكام المتعلقة بها الواردة في قانون التجارة .
2- ان يكون اصدار الاستشهاد بناء على طلب صاحب الحق في الصك , فلا يجوز للمصرف ان يصدر مثل هذا الاستشهاد من تلقاء نفسهِ , وقد جاء هذا الشرط في المادة (169) من قانون التجارة العراقي واكدتهٌ المادة (51) من قانون المصارف العراقي , كما ذكرنا آنفاً .
3 – ان يقتصر الاستشهاد على الامتناع عن وفاء قيمة الصك او على ذكر سبب هذا الامتناع دون ان يمتد ذلك الى ذكر معلومات اخرى ليس لها علاقة بأسباب رفض صرف الشيك .
وبناء على ما تقدم يعد قيام المصرف بأعطاء مثل هذا الاستشهاد تنفيذاً للالتزام بتقديم المعلومات .
ج :- قيام المصرف بأعطاء المعلومات في حالة تصفية النظام المالي للزوجين
يقوم النظام المالي للزوجين على احد الاساسين , اما ان يكون نظام مالي يقوم على اساس وحدة الاموال واندماجها , أوان يكون نظام مالي يقوم على اساس انفصال الاموال . ويقصد بالنظام الاول :- وجود نظام مالي مشترك يخضع لقواعد قانونية معينة , أي يتصف بوجود مشاركة تتمثل في تكوين مجموعة من الاموال المشتركة تكون مخصصة لتلبية حاجات الاسرة فتتحمل تلك الاموال بعض الديون ذات الطابع المشترك . وان نظام الاشتراك في الاموال يعد من اهم صور النظام المالي والاكثر شيوعاً في التشريعات الغربية وفي مقدمتها التشريع الفرنسي .فقد تبناهُ المشرع الفرنسي في صورة نظام قانوني ذي ولاية عامة عند عدم اتفاق الزوجين على نظام معين([330]).
اما النظام الاخر , واعني بهِ , نظام انفصال الاموال :- فهو نظام يستقل كل من الزوجين بالتصرفات المالية والاثار المترتبة عليها . وهذا هو المبدأ المعمول بهِ في الفقه الاسلامي والتشريعات العربيةعموما([331]) . ويتمثل بانفصال ذمة الزوج عن ذمة الزوجة . الا ان هذا لا يعني عدم وجود نظام يحكم الاموال الزوجية . ذلك ان الانفصال لا يكون انفصالاً كاملاً بسبب الحياة المشتركة بين الزوجين وما يترتب عليها من علاقات مالية واحكام تتعلق بأموال الزوجين , ومن تلك الاحكام والعلاقات يتكون النظام المالي , الامر الذي اضطر بعض التشريعات العربية الحديثة الى الاقرار فعلاً بوجود نظام انفصال الاموال([332]). ويدعو هذا الاختلاف في النظام المالي الى التساؤل عما اذا كان يجوز لاحد الزوجين ان يطلب من المصرف اطلاعهِ على اموال الاخر ام لا ؟
ففي فرنسا , حيث تأخذ بنظام الاشتراك والاندماج في الاموال , فأن النظام المالي يتم تصفيتهِ في حالة الطلاق او وفاة احد الزوجين , وانهُ بالرجوع الى القواعد العامة الواردةفي القانون المدني الفرنسي , يمكن القول بأن
المصرف يجوز لهُ اطلاع احد الزوجين على حساب واموال الزوج الاخر , وهذا ما نلاحظهُ في المادة (259) من القانون المدني الفرنسي , حيث تنص على انهُ ” يجوز للقاضي ان يأمر بكل بحث اوتفتيش المفيد لدى المدينين او اولئك الذين يحوزون اية اموال لحساب الزوجين دون ان يقف السر المهني حائلاً دون ذلك “. وهذا يعني انهُ في حالة دعوى الطلاق اذا احتاجت المحكمة من المصرف تزويده ببعض المعلومات المتعلقة بحساب واموال احد الزوجين , فلابد للمصرف ان يلبي طلب المحكمة بتلك المعلومات .
اما في مصر , فيفرق الكتاب في هذا الصدد بين ما اذا كان الزوجان قد اتبعا نظام انفصال الاموال ام نظام وحدتها او اندماجها , ففي حالة ما اذا كان النظام هو نظام انفصال الاموال لا يكون لاي من الزوجين ان يحصل على المعلومات عن حقوق الاخر المثبته في حسابهِ . اما اذا كان النظام هو نظام الاشتراك والذي بموجبهِ يقوم الزواج بأدارة هذهِ الاموال مما يقودنا في نهاية المطاف الى القول بأنهُ ليس للزوجة ان تطلب بيانات ومعلومات عن الحساب المفتوح للزوج , الا اذا كانت قد اقامت دعوى للطلاق([333]).
اما اذا كان الحساب مفتوحاً بأسم الزوجة , فأنهُ يكون للزوج ان يحصل على كل المعلومات عن العمليات التي اجرتها الزوجة سواء كان في حياتها او بعد وفاتها ولو لم يكن هو الخلف العام لها . وذلك استناداً الى قواعد هذا النظام التي تقضي الى ان هذهِ الحسابات لا تفتح الا بتدخل الزوج([334]) . ولكنهُ لا يجوز لهُ طلب معلومات عن حسابات الزوجة الخاصة الخارجة عن نظام الشراكة , ولمعرفة الاموال التي تدخل في نظام الاندماج او التي تكون خارجة عنها يجب على الزوجة ان تضع لائحة بهذهِ الاموال اوعلى الاقل يجب ان تعلن الاموال الداخلة في سجل الاموال الزوجية , وفي حال حصول خلاف على الاموال الداخلة في الشراكة على الزوج ان يثبت طبيعة هذهِ الاموال , وان يثبت ان عمليات الزوجة قد حصلت بواسطة الشراكة الزوجية او بأموالها الخاصة([335]) .
اضافة لذلك فأن المشرع المصري يجيز للمصرف اعطاء المعلومات اذا طلبت منهُ من قبل جهة رسمية ,أي انهُ لابد ان يجيب المحكمة اذا طلبت منهُ معلومات عن حساب الزوج اذا كانت تريد تحديد النفقة وهذا ما نصت عليهِ المادة (23) من القانون الاحوال الشخصية المصري الجديد رقم (1) لسنة 2000([336])حيث تنص على ” اذا كان دخل المطلوب الحكم عليه بنفقة او ما في حكمها محل منازعة جدية ولم يكن في اوراق الدعوى ما يكفي لتحديده وجب علي المحكمة ان تطلب من النيابة العامة اجراء التحقيق الذي يمكنها من بلوغ هذا التحديد وتباشر النيابة العامة بنفسها اجراء التحقيق في هذا الشأن مع عدم الاخلال بأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 205 لسنة 1990 في شأن سرية الحسابات بالبنوك تلتزم اية جهة حكومية او غير حكومية بافادة النيابة العامة بما تحت يدها من معلومات تكون منتجة في تحديد دخل المطلوب منه النفقة ، ولا يجوز استخدام ما تسفر عنه هذه التحقيقات من معلومات في غير المادة التي اجريت بشأنها ويجب علي النيابة العامة ان تنهي التحقيق وترسله مشفوعا بمذكرة موجزة بالنتائج التي خلصت اليها في موعد لا يجاوز ثلاثين يوما من تاريخ وصول طلب المحكمة اليها “.
اما عن موقف المشرع عندنا ,فأن الاصل هو استقلال الذمة المالية لكل من الزوج والزوجة عملاً بمبادئ الشريعة الاسلامية الغراء , اذا يحظر على المصرف الادلاء بأية معلومات سرية عن حسابات ومعاملات أي منهم المالية الا اذا تم ذلك بمقتضى تفويض او توكيل من احدهما للاخر او كان حسابهما مشتركاً . وبناءاً عليهِ فقد نص المشرع العراقي في المادة (87) من قانون الاثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 ” لا يجوز لاحد الزوجين ان يفشي بغير رضا الاخر ما ابلغهُ اليهِ اثناء قيام الزوجية او بعد انتهائها”([337]) .
المطلب الثاني
المصدر العرفي لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي
ان المصرف يلتزم بتقديم المعلومات , اما بمقتضى عقد محلهُ تقديم معلومات , او كألتزام تبعي لعقد مصرفي أخر او بمقتضى نص في القانون , كما مر آنفاً.
وبخلافهِ ففي عدم توافر هذهِ الحالات . فكيف تحكم العلاقات القانونية من حيث التزام المصرف بتقديم المعلومات وما هو الاساس السليم لذلك . فهل ان المصرف يتحرر من واجب تقديم المعلومات لطالب المعلومة حتى لو كانت هذهِ المعلومات تحت يدهِ ويعلم بأن طالب المعلومة لو أحيط بها علماً لتغير موقفهِ وقرارهِ على صعيد التعاملات التجارية ؟ وهل يمكن ان يلتزم المصرف الصمت , وهو يرى ان مصالح عميلهِ , مهددة , بحجة ان العميل لم يطلب منهُ المعلومات ؟ وهل يتفق صمت المصرف مع واجب الامانة وحسن النية في المعاملات خاصة اذا كان طالب المعلومة من غير ذوي الخبرة في المجال المصرفي والمالي ؟ بعبارة اخرى , انهُ يمكن ان يكون المصرف ملتزماً بتقديم المعلومات طبقاً للاعراف المصرفية ؟ لقد أختلفت أتجاهات الفقه والقضاء في بيان مدى الزامية المصرف بتقديم المعلومات بمقتضى العرف المصرفي فقد ظهر في الواقع اتجاهان بهذا الصدد وهذا ما سنوضحهُ في هذا المطلب , حيث سنتطرق في الفقرة الاولى منهُ الى الاتجاه الاول وهو التزام المصرف بتقديم المعلومات التي تحمي مصالح عميلهِ , اما الفقرة الثانية سنبحث الاتجاه الثاني وهو عدم التزام المصرف بتقديم المعلومات .
اولاً:- التزام المصرف بتقديم المعلومات التي تحمي مصالح عميلهِ
ان المصرف اذا علم من خلال علاقتهِ بعميلهِ ان هذا العميل مقدم على نشاط معين أو أن يقوم بتوسيعهِ مثلاً من خلال انشاء خطوط أنتاج جديدة , وتكون لدى المصرف معلومات بأن حالة السوق لن تستوعب هذا الانتاج([338]). او ان العميل يتعاقد على شراء صفقة بشروط يعلم المصرف انها مجحفة بحق العميل ولم يطلب أعتماداً بشأنها , لانهُ اذا طلب ذلك فأن المصرف سيلتزم بتقديم ما لديهِ من معلومات بوصفهِ التزاماً تبعياً لعقد الاعتماد حتى لو أطمأن المصرف لسداد مبلغ الاعتماد من خلال ضمانات كافية جداً قدمها العميل . فهل يجب على المصرف ان يقدم ما لديهِ من معلومات طبقاً للاعراف المصرفية ؟
ان واجب تقديم المعلومات مفروض على كل مهني محترف تجاه كل طالب معلومة ليس لديهِ خبرة بالمجال المصرفي والمالي , وهو واجب أصيل ويدعم بفعل التطور التشريعي , والقضائي , الذي يلزم المصارف , بأن تتصرف بأقصى درجات الوضوح تجاه عملائها . ذلك ان المصرف الذي يمتهن ادارة اموال العملاء يلتزم بأن يحمي هذهِ الاموال . بحيث يحمي مصالح عميلهِ . لذلك يجب عليهِ ان يقدم المعلومات اذا كانت مصلحة العميل مهددة , فواجب المصرف بتقديم المعلومات يبدأ عندما يبدو ان موقف العميل سيصيبهُ ضرر من العملية المنفذة . فالطابع الخاص للنشاط المصرفي والذي يتميز بتعقيد عملياتهِ والتي تحيط بها مخاطر عديدة هو الذي يدفع بنا الى القول , بأن المصرف عليهِ مثل هذا الالتزام العام والدائم بتقديم المعلومات وهذا ما يؤكدهُ الفقه الفرنسي , حيث يذهب الفقيه(Gulphe) الى القول بأن ( هناك واجب على المصرف بتقديم المعلومات التي تحمي مصالح عميلهِ , وان هذا الواجب يجب ان لا يقتصر تبريرهِ فقط على حماية الاشخاص اللذين يرغبون في احاطة انفسهم بحد ادنى من الضمانات قبل الدخول في علاقة اعمال تجارية , ولكنهُ يحقق ايضاً مصلحة عامة عليا حيث يشجع هذهِ العلاقات ومن ثم فهو يمارس تأثيراً ايجابياً على عالم التجارة والاعمال)([339]) أي ان المعلومات المقدمة من قبل المصرف يمكن ان تساهم في تطهير وتنقية الائتمان المالي وتكشف الشخصية الحقيقية لبعض المتعاملين . وعلى هذا الاساس فأن تقديم المعلومات يحقق مصلحة أقتصادية عامة . حيث ان الهدف من هذا التقديم هو حماية المنظومة الاقتصادية للمجتمع .
وهو ما يؤكدهُ ايضاً القضاء الفرنسي , حيث فرض على المصرف بمقتضى الاعراف المصرفية واجب تقديم المعلومات في حالة كون المصرف وكيلاً عن عميلهِ , كما هو الحال في عمليات البورصة , فأن المصرف عند قيامهِ بنقل اوامر عملائهِ الى متعاملي الاوراق المالية يقع على عاتقهِ التزام ببذل عناية .
وواجب العناية يفرض عليهِ واجباً بتقديم المعلومات لعميلهِ عن المخاطر التي تحيط بهِ في عمليات المضاربة في البورصة , كما يحيطهُ علماً بالقواعد المهنية التي يجب عليهِ ان يراعيها , وقد اعتبرت بعض المحاكم الفرنسية ان أخلال المصرف بواجب تقديم المعلومات يمثل خطأ يستوجب قيام مسؤليتهِ تجاه العميل . حيث أعترفت محكمة ( اكس ) صراحة بوجود واجب تقديم المعلومات يقع على عاتق المصرف نحو عملائهِ في عمليات البورصة , وقد أكدت المحكمة هذا المعنى في قضية ( سباج Sebage ) التي تتلخص وقائعها في ان :- المذكور نفذ عمليات في البورصة بواسطة مصرف حيث انهُ صاحب حساب في هذا المصرف , وقد سمح لهُ المصرف بالاستمرار في عمـــليات المضاربة في البــورصة على الــرغم من ان حسابهِ كــان مديناً . وكما ان المصرف تركهُ بدون ان يقدم لهُ المعلـومات ممـا تـرتب عليهِ أصابتهِ بضرر , عـرض النـزاع على محـكمة (اكس)([340]) التي قررت ان المصرف سمح لعميلهِ بمتابعة عمليات مضاربة في البورصة تنطوي على عدم تبصر , وتركهُ دون ان يقدم لهُ المعلومات الكافية كما هو واجب عليهِ عن المخاطر التي تحيط بهِ . قام المصرف بالطعن على حكم محمكة ( اكس ) أمام محكمة النقض الفرنسية والتي اصدرت حكمها في 28 أكتوبر 1974, برفض الطعن وتأكيد حكم محكمة ( اكس ) وقد اعتبرت المحكمة ان المصرف وكيلاً عن عملائهِ في عمليات البورصة , واكدت ان دور الوسيط سواء المصرف او متعاملي الاوراق المالية لا يقتصر على نقل اوامر عملائهِ ولكن يجب عليهِ احترام القواعد المهنية , كما انهُ يلتزم نحو عميلهِ بواجب تقديم المعلومات فالعرف الفرنسي يفرض على المصرف واجب تقديم المعلومات في عمليات البورصة.
كذلك يذهب الفقه في مصر, انهُ على المصرف التزام بتقديم المعلومات التي تحمي عميلهِ ويفرض هذا الالتزام على اساس الاعراف المصرفية , حيث يذهب اتجاه فقهي([341])الى ان الاساس الذي يقوم عليهِ التزام المصرف بتقديم المعلومات لعملائهِ في حالة أيداع الصكوك والاوراق المالية لدى المصرف هو العرف المصرفي . ذلك لان العميل الذي يودع صكوكهِ واوراقهِ المالية لدى المصرف لا يهدف من هذا الايداع مجرد وضعها في مكان امين للمحافظة عليها , وانما يريد ان يوكل الى المصرف القيام بالعمليات التي تستلزمها ادارة هذهِ القيم المنقولة, وتلك العمليات تتطلب الحرص مع مراعاة المواعيد . فالعميل المالك لهذهِ الاوراق قد لا يكون لديهِ الوقت الكافي او تنقصهُ المعلومات الضرورية لادارة هذهِ القيم المنقولة لذلك يلجأ الى ايداع تلك القيم في المصرف لما كان المصرف يمتلك خبرة واسعة في ادارة هذهِ الاوراق , فأن العميل يعهد اليهِ بهذهِ الادارة وحسب الاتفاق بينهما وهذهِ الوكالة تفرض على المصرف واجباً بتقديم المعلومات .
اضف الى ذلك ان العمليات الائتمانية لها طابع فني خاص , لا يفترض علم العملاء بهِ حتى لو كانوا من ذوي الخبرة في مجال انشطتهم . ولذا فهم بحاجة دائماً الى تدخل المصرف لتبصيرهم بطبيعة واثار حصولهم على الائتمان في الشكل الذي تقدموا بطلبهِ مما ادى الى نشوء واجب جديد يلقى على عاتق المصرف , الا وهو واجب تقديم المعلومات المذكور آنفاً([342]) .
وقد استقر العرف المصرفي على اعتبار تقديم المعلومات من الخدمات المصرفية التي يحق للمصارف تقديمها طالما انها لا تؤدي الى الاخلال بالتزامهِ المهني بالسرية , ولعل اكبر مزايا هذهِ الخدمة هي امكان مساهمتها في ضمان سلامة وصحة مسار الجهاز المصرفي في مباشرة وظيفتهِ كموزع للائتمان علاوة على مسؤوليتهِ بصفة عامة في دعم الثقة في التعامل وتطهير النشاط الاقتصادي عامة والتجاري خاصة من صور الاساءة المختلفة التي تلحق بسوق الائتمان اضرار فادحة([343]) بمعنى انهُ على المصرف بمقتضى العرف المصرفي ان يقدم المعلومات في كل مرة يثور فيها الشك , ان العمليات المنفذة لا تتطابق مع ارادة ومصلحة العميل . فمثلاً عندما تنفذ سحوبات متعددة على حساب احدى الشركات , فهي وان لم تكن بالضرورة ناتجة عن غش , يجب على المصرف ان ينتبه وان يهتم ويقترب اكثر من تشغيل الحساب الامن ويبحث ما اذا كان هناك اهدار لاموال الشركة , وما اذا كانت هذهِ السحوبات تمثل تعثراً شديداً بالنسبة للمشروع او تهدد بخطر الافلاس , فالمصرف إذاً عليهِ التزام بأن يحيط عميلهِ علماً بالاشياء الشاذة الظاهرة([344]) , والتي يجب ان تستدعي انتباه كل مهني محترف يقظ بطبيعتهِ .
أما عن موقف المشرع عندنا , من اعتبار العرف المصرفي مصدراً من مصادر التزام المصرف بتقديم المعلومات المالية , فأنهُ يمكن القول ان الظاهر من نصوص قانون التجارة العراقي انهُ لا مجال لاعتبار العرف مصدراً للقانون . فلم تشير المادة (4) التي حددت صراحة مصادر القانون لقواعد التطبيق العملي وامكانية الرجوع اليها عند انتفاء النص القانوني في المجموعة التجارية بل احالت مثل هذهِ الفرضية الى القانون المدني([345]). ومع ذلك فأن هذا التصور لا يمكن ان يؤخذ على اطلاقهِ . أذ ان القانون المدني وهو موطن القواعد العامة يضم احكاماً تسمح رغم سكوت أحكام قانون التجارة بالرجوع الى التطبيقات العملية . فبمقتضى نص المادة (163) من القانون المدني والتي تنص على ” 1- المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً . والتعيين بالعرف كالتعيين بالنص 2- والمعروف بين التجار كالمشروط بينهم 3- والممتنع عادة كالممتنع حقيقة “. وتقرر الفقرة (2) من المادة (164) على انهُ ” استعمال الناس حجة يجب العمل بها”([346]) .
عليهِ , يبدو لنا , واستناداً الى احكام القانون المدني , ضرورة الاخذ بقواعد التطبيق العملي عند غياب النص في المجموعة التجارية والمجموعة المدنية . هذا ولابد من الاشارة الى أن قواعد التطبيق العملي لا يركن اليها الا عند غياب النص التشريعي وعدم وجود قاعدة تشريعية مخالفة .
وعليهِ يمكن اعتبار العرف المصرفي مصدراً من مصادر التزام المصرف بتقديم المعلومات في حالة عدم وجود نص قانوني يجيز للمصرف اعطاء تلك المعلومات .
ثانياً :- عدم التزام المصرف بتقديم المعلومات
يذهبجانب من الفقه , وبعض احكام القضاء , الى ان المصرفاذا قام بما هو مطلوب منهُ , فقد ادى ما عليهِ , وليس عليهِ التزام بأن يقدم المعلومات التي يطلبها العميل . حيث يذهب الفقيه الفرنسي (vasseur) الى القول بأن التزام المصرف بتقديم المعلومات يختلف بحسب الدور الذي يؤديهِ المصرف في النظام المالي والاقتصادي بصفة عامة .
فالمعلومات التي يقدمها المصرف طواعية تعالج خارج النطاق العقدي . أي في نطاق المسؤولية التقصيرية , حيث ان المصرف ليس عليهِ من حيث المبدأ واجب عام بتقديم المعلومات , فالقاعدة في هذا الشأن ان المصرف لا يلتزم الا بما طلب منهُ او وعد بهِ . ويؤكد الفقيه (( vasseur بأنهُ لا يوجد هناك التزام بتقديم المعلومات عام ودائم مفروض على المصرف , على اعتبار أنهُ ليس هو الخبير المحاسب([347]).
ويؤيد هذا الاتجاه , كون المصرف تاجراً للنقود , ولا يعتبر مدير أعمال تقع على عاتقهِ واجبات أقتصادية نحو عملائهِ لانهُ لا يملك التدخل في شؤونهم , كما ان القواعد القانونية الحالية في القانون الفرنسي لا تفرض على المصرف مثل هذا الواجب حيث لا يتصور ان يقوم المصرف بأجراء دراسات أقتصادية تخص مشروعات العملاء دون طلبهم([348]).
وقد اكد القضاء الفرنسي هذا الامر , في قضية تتلخص وقائعها في ان أحدى شركات الانتاج السينمائي ذهبت الى الولايات المتحدة لتصوير المناظر الخارجية لاحد الافلام كانت قد حولت مبالغ بموجب تصاريح تحويل الزمتها بالقيام – بصفقة تطبيقية بيع وشراء – في حدود مبلغ معين , ولكن الشركة لم تفعل ذلك , ففرضت عليها السلطات الامريكية غرامة , مما دفع الشركة الى رفع دعوى على المصرف تطالبهُ فيها بمبلغ الغرامة متهمة اياه بأنهُ لم يقدم لها معلومات كافية عن نظام العمليات المالية مع الاجانب . ولم يشرح لها بوضوح معنى الصفقة التطبيقية ( بيع وشراء ) . المحكمة رفضت دعوى الشركة على أساس ان المصرف قام بالتزامهِ كوسيط معتمد
بأن نقل طلبات العميل ( الشركة ) الى مصرف فرنسا وارسل رد مصرف فرنسا الى العميل , والمصرف لم يكن يعرف ان تعبير ( صفقة تطبيقة بيع وشراء ) , لم يكن واضحاً بالنسبة للعميل , واذا لم يفهم العميل معناها فأن الاحتياط كان يفرض عليهِ ان يستعلم من مصرفهِ , غير ان العميل (الشركة ) لم يطلب من المصرف شيئاً ولم يكن هناك واجباً على المصرف بتقديم المعلومات اذ لم يطلبها العميل منهُ([349]) .
ولم نجد هناك اتجاه فقهي في مصر يؤيد هذا الراى . ويبدو لنا , ان الاتجاه الاول هو الراجح , حيث يوجد التزام على المصرف بتقديم المعلومات التي تحمي مصالح عميلهِ . ويمكن ان نبرر ذلك بأن العلاقات بين المصرف والعميل تكون مستمرة , اضافة الى ان علاقات الثقة تفرض على المصرف ان يحذر عميلهِ ويحيطهُ علماً بالمخاطر التي قد يتعرض لها عند قيامهِ بعمليات معينة , كما ان العلاقات بين المصرف وعملائهِ قد تأخذ إطار اكثر أتساعاً فيما يتعلق بواجبات المصرف نحو عملائهِ فلا يتصور ان يمتنع المصرف عن تقديم المعلومات لعملائهِ من اجل تشجيعهم على الدخول في صفقة او استثمار معين .
ويمكن ان نضيف الى ذلك , بأن المصرف يحتل اليوم مكانة مهمة في الحياة الاقتصادية . فيلاحظ ان الثروات المنقولة قد تطورت على حساب الثروات غير المنقولة ( العقارية ) . فقد ادى هذا التطور الى أن الثروات اصبحت تأخذ شكل اوراق مالية مما اتاح الفرصة للمصرف بالتدخل في الحياة الاقتصادية وادارة الذمة المالية لعملائهِ , فأنهُ عندما تكون الثروة اوراق مالية ( اسهم وسندات ) , فأن العملاء يتجهون الى المصرف لانهُ يكون محل ثقة لهم وفي هذهِ الحالة يعطي المصرف معلومات لعملائهِ كما يؤدي لهم الخدمات من اجل ادارة الذمة المالية وحماية مصالحهم .
وبناء على ذلك يمكن القول بأنهُ يقع على عاتق المصرف واجب عام بتقديم المعلومات استناداً للاعراف المصرفية . لانهُ خير من يستطيع تجميع تلك المعلومات لديهِ لحاجتها اليها في اختيار عملائهِ ومتابعة أحوالهم .
الفصل الثــــــــالـــــــث
مسـؤولية المصـرف عـن تقـديم معلـومات الائتمان المالــي
يستلزم بيان أحكام مسؤولية المصرف هنا , بيان جملة قواعد تفصيلية تحيط بتحديد ماهية هذهِ المسؤولية من خلال بيان أنواع هذهِ المسؤولية وبحسب أحوالها , ومن ثم تسليط الضوء على أركانها بالتحليل القانوني . فإذا تسنى لنا ذلك , كان من الضروري تحديد قواعد لتعديل أحكام هذهِ المسؤولية الملقاة على عاتق المصرف وهذا ما سنعرض لهُ في المبحثين الآتيين :-
المبحث الأول :- أنواع مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي
المبحث الثاني :- أركان مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي وتعديلها
المبحث الأول
أنواع مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي
إن المصرف عندما يقع عليهِ التزامبتقديم المعلومات , فمن الطبيعي إن مسؤوليتهِ تنعقد في حالة عدم تنفيذ هذا الالتزام . وإذا نفذ المصرف التزامهِ وقدم المعلومات , فأن مسؤوليتهِ تنعقد اذا قدم معلومات يحميها السر المصرفي دون إذن من العميل أو نص في القانون . وتنعقد مسؤوليتهِ أيضاً في حالة تقديم معلومات غير صحيحة أو عدم بذل أقصى العناية لتقديم هذهِ المعلومات , أي أن أخلال المصرف أو العاملين فيهِ بقواعد الالتزام بتقديم المعلومات تترتب عليهِ مسؤولية المصرف عن هذا الإخلال فضلاً عن المسؤولية الشخصية لمن قام بانتهاك هذهِ القواعد . والمسؤولية المترتبة عن الإخلال بهذا الالتزام مسؤولية مدنية , وقد تقترن بالمسؤولية الجزائية , إضافة إلى أن هناك صورة خاصة من صور المسؤولية تعرف بالمسؤولية التأديبية أو الانضباطية يخضع لها المصرف والموظف والعامل عند إخلاله بواجباتهِ الوظيفية وفق قواعد قانونية خاصة بهذا الموضوع . وبذلك تُثار مسؤولية المصرف على المستويين المدني والجنائي , إضافة إلى المستوى التأديبي ([350]), وهذا ما سنوضحهُ في المطالب التالية وبالتعاقب :-
المطلب الأول :- مسؤولية المصرف المدنية عن الإخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي.
المطلب الثاني :- مسؤولية المصرف الجنائية عن الإخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي.
المطلب الثالث :- مسؤولية المصرف التأديبية عن الإخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي.
المطلب الأول
مسؤولية المصرف المدنية عن الالخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي
تنبثق المسؤولية المدنية للمصرف عن إخلاله بالتزامهِ في تقديم المعلومات الائتمان المالي , ومن ثم يترتب التعويض للمتضرر , ولا مجال لترتب المسؤولية إلا إذا كان هناك ثمة ضرر أصاب طالب المعلومة([351]). وتتمثل هذهِ المسؤولية في صورتين أساسيتين أولهما :- مسؤولية المصرف تجاه عملائهِ , وثانيهما :- مسؤوليتهِ تجاه الغير . حيث اشرنا سابقاً أن طالب المعلومة قد يكون عميلاً للمصرف , وقد يكون من الغير . فما هي طبيعة مسؤولية المصرف تجاه كل منهما؟ هذا ما سنوضحهُ في الفقرتين التاليتين :
أولا :-مسؤولية المصرف تجاه العميل طالب المعلومة
يذهب جانب من الفقه في فرنسا , إلى إن مسؤولية المصرف عند إخلاله بالتزامهِ في تقديم المعلومات تجاه العميل طالب المعلومة هي مسؤوليةعقدية . حيث يؤكد الفقه على وجود الطبيعة التعاقدية لمسؤولية المصرف عن المعلومات المقدمة للعميل حتى ولو لم يحصل المصرف على اجر,حيث إن هناك نوعاً من العقود المجانية بين المصرف والعميل طالب المعلومة , وفي هذهِ الحالة يلتزم المصرف بذكر كل ما يعرفهُ([352]),و أن مسؤولية المصرف تجاه العميل طالب المعلومة تكون تعاقدية سواء أكانت هذهِ المعلومات قدمت بناء على طلب العميل أم قدمت تلقائياً من المصرف([353]).
كذلك يؤكد الفقه في مصر على الطبيعة التعاقدية لمسؤولية المصرف تجاه العميل طالب المعلومة , سواء كان هذا الالتزام قد تم بمقابل أم لا . ويستوي أن يكون هذا المقابل ضعيفاً أو معقولاً بالنظر إلى الخدمة التي يقدمها المصرف للعميل طالب المعلومة . فوجود المقابل مثلاً لا يؤثر في قيام مسؤولية المصرف إنما يؤثر في نطاقها أو مدى التعويض , أي انهُ في حالة قيام المصرف بتقديم المعلومات مجاناً للعميل طالب المعلومة فأن مسؤوليتهِ التعاقدية عنها يتم تقديرها بطريقة اخف عما إذا كان المصرف قد حصل على اجر أو مقابل . وان مسؤولية المصرف تكون لها الطبيعة التعاقدية متى كان الفعل المسبب للضرر هو الإخلال بالتزام ناشئ عن عقد([354]).
كما يؤكد البعض على الطبيعة التعاقدية لمسؤولية المصرف عن المعلومات التي يقدمها لعملائهِ بلا مقابل . فيقرر انهُ غالباً ما يكون المقابل داخل ضمن علاقة أشمل تتعلق بإحدى العمليات المصرفية في العلاقة بين المصرف والعميل([355]). وكذلك تتجسد الطبيعة التعاقدية لمسؤولية المصرف تجاه العميل طالب المعلومة في حالة حصول المصرف على اجر مقابل تقديم المعلومات , حيث قد يتفق العميل مع المصرف على تقديم المعلومات مقابل اجر ,وفي هذهِ الحالة فأن الالتزام الذي ينشأ عن هذا الاتفاق يعد تنفيذاً لمحل أصلي في عقد طبيعتهِ دائماً واحدة هي إلزام احد طرفيه بأن يدلي للطرف الأخر بمعلومات معينة مقابل اجر معين , وفي حالة إخلال المدين ( المصرف ) بهذا الالتزام تقوم مسؤوليتهِ التعاقدية تجاه الطرف الأخر ( العميل )([356]).
أما بالنسبة لموقف الفقه لدينا , فأننا , لم نجد من تطرق إلى تحديد طبيعة العلاقة بين المصرف والعميل طالب المعلومة , كذلك أن المشرع العراقي لم يعالج المسؤولية المدنية للمصرف في تشريع خاص([357]), لذلك لا بد من الرجوع إلى القواعد العامة التي تحكم المسؤولية العقدية لتحديد طبيعة المسؤولية للمصرف تجاه العميل طالب المعلومة .
لهذا فان المسؤولية العقدية للمصرف تنهض في حالة ما أذا كان هناك عقد بين المصرف والعميل طالب المعلومة , إذ يشترط لقيام المسؤولية العقدية أن يكون هناك عقد صحيح بين الطرفين المتعاقدين وان ينصب الإخلال على التزام ناشئ من هذا العقد نفسهُ. وتترتب المسؤولية العقدية للمصرف في حالة قيامهِ بتقديم المعلومات للعميل طالب المعلومة وكانت هذهِ المعلومات غير صحيحة وألحقت الضرر بالعميل .
ومما تجدر الإشارة إليه , أن المسؤولية العقدية هي إحدى أهم الآثار الناتجة عن مبدأ القوة الملزمة للعقد . ونظراً لوجود عقد بين المصرف والعميل فأي خطأ يرتكبهُ المصرف يؤدي إلى إحداث ضرر بالعميل يدخل في إطار المسؤولية العقدية. إضافة إلى إن خصوصية المهنة المصرفية عملت على إدخال النشاط المصرفي في دائرة ما يسمى بالمسؤولية المهنية التي تتطلب من المصارف أداء مهامها وتقديم خدماتها بدرجة من العناية تفوق عناية الشخص المعتاد نظراً لأهمية دورهِ الاقتصادي , لا بل إن هذهِ الخصوصية قد تجعل من الممكن تحقق هذهِ المسؤولية لمجرد وقوع ضرر عن عمل قام بهِ هذا المهني حتى لو كان هذا العمل لا يعد خطأ على وفق أعراف هذهِ المهنة([358]).
وبناء على ما سبق ذكرهُ , يمكن القول بأن مسؤولية المصرف تجاه العميل طالب المعلومة تكون ذات طبيعة عقدية , متى كان الفعل الذي أتاهُ أو رفض القيام بهِ المسبب للضرر يعد إخلالاً من جانبهِ وناشئاً عن العقد .ويستوي في ذلك أن يكون الالتزام أثراً للعقد بدون مقابل أو بعوض قليل لان وجود المقابل ومقدراً كثيراً أو قليلاً لا يؤثر في قيام المسؤولية رغم تأثيرهِ في نطاقها أو مدى التعويض عنها.
ثانياً :- مسؤوليـة المصــرف تجـــاه الغير طـالـب المعلومـة
يقصد بالغير فيما يتعلق بتقديم المعلومات كل شخص لا يرتبط مع المصرف بعلاقة تعاقدية موضوعها تعهد المصرف بتقديم معلومات , وفي حكمهِ عميل المصرف الذي لم يطلب المعلومات ولكنهُ اعتمد على معلومات صادرة من المصرف بمناسبة إحدى العمليات المصرفية بين المصرف وعميل آخر لذات المصرف([359]).
ويثار التساؤل حول طبيعة مسؤولية المصرف تجاه الغير طالب المعلومة ؟
يذهب الفقه الفرنسي([360]),إلى القول بأن مسؤولية المصرف في حالة إخلالهِ بالتزامهِ بتقديم المعلومات تكون مسؤولية تقصيرية تجاه الغير طالب المعلومة . وتقوم هذهِ المسؤولية متى وقع من المصرف غش وذلك عندما يعطي هذا المصرف معلومات غير صحيحة بسوء نية بقصد الإضرار بالغير أو تحقيق مصلحة خاصة لهُ . كذلك أن هذهِ المسؤولية تقوم حتى ولو وقع من المصرف مجرد إهمال أو عدم احتياط وهذا كلهُ تطبيق للقواعد
العامة في المسؤولية التقصيرية في التشريع الفرنسي , حيث ان المشرع الفرنسي لم يعالج المسؤولية المدنية للمصرف أيضاً بتشريع خاص . لذلك فأن القضاء الفرنسي لجأ لتطبيق إحكام القانون المدني الخاص بالمسؤولية وتحديداً المادة (1382) . حيث أن الأصل إن المصرف خارج نطاق الاتفاق لا يلزم بتقديم المعلومات للغير إلا في حال وجود التزام قانوني يفرض على المصرف تقديم مثل هذهِ المعلومات . وتقديم تلك المعلومات لا يستبعد فيها قيام مسؤولية المصرف تجاه الغير , وهي لاشك ؛ مسؤولية تقصيرية لأنهُ لا توجد أية رابطة تعاقدية بين المصرف والغير([361]).
وقد أكد القضاء الفرنسي طبيعة المسؤولية التقصيرية للمصرف تجاه الغير طالب المعلومة في دعوى تتلخص وقائعها بما يلي :- أن تاجر طلب معلومات من احد المصارف عن عميل لهُ يدعى ( روبرت ) , قدم المصرف معلومات جيده عن عميلهِ . وبناء على هذهِ المعلومات , سلم التاجر بضائع لـ ( روبرت ) , والذي أفلس . بعد ذلك بوقت قليل , أقام التاجر دعوى ضد المصرف لإعطائهِ معلومات غير صحيحة . قضت محكمة ( بوردو ) بمسؤولية المصرف عن تقديم معلومات غير صحيحة والمسؤولية هنا هي مسؤولية تعاقدية . ولكن محكمة استئناف ( نيم ) وجهت النقد لهذا الحكم وقررت انهُ لا توجد أي رابطة تعاقدية بين المصرف الذي أعطى المعلومات مجاناً وطالب هذهِ المعلومات ورتبت على ذلك مسؤولية المصرف عن المعلومات المقدمة مسؤولية تقصيرية([362]) .
وكذا الحال بالنسبة للفقه المصري , الذي بين إن مسؤولية المصرف إذا ما اخل بالتزامهِ بتقديم المعلومات للغير الذي لا تربطهُ مع المصرف أية علاقة تعاقدية تكون مسؤولية تقصيرية , وتترتب هذهِ المسؤولية على المصرف نتيجة تقديمهِ معلومات غير صحيحة . ولا أهمية إذا كان خطأ المصرف جسيماً أو يسيراً ذلك أن مسؤولية المصرف تجاه الغير تقصيرية . وفي إطار المسؤولية التقصيرية فأن الإهمال كاف لقيام هذهِ المسؤولية على المصرف([363]).
كذلك أن هذهِ المسؤولية تترتب على المصرف إذا قدم ما لديهِ من معلومات على نحو طوعي . بعيداً عن أي علاقة تعاقدية , كما لو وضع مندوب المصرف في صناديق الخطابات المصرف المنزلية للجمهور كتيبات أو نشرات تتضمن معلومات تحثهم على الاكتتاب في أسهم شركة معينة , وتظل هذهِ المسؤولية تقصيرية حتى لو كان بعض الذين تلقوا تلك النشرات عملاء للمصرف , لأنهم حصلوا على المعلومات ليس بصفتهم هذهِ بل بصفتهم من الجمهور([364]).
وبناء على ذلك , فأن طالب المعلومات إذا كان شخصاً لا تربطهُ بالمصرف أي علاقة ما ويطلب معلومات عن احد عملاء المصرف , فالمصرف لا يكون ملزماً بإعطائه هذهِ المعلومات . ولكن إذا قبل أن يعطيهِ المعلومات فأنهُ يكون مسؤولاً عن ذلك والمصرف يكون مسؤولاً في هذهِ الحالة حتى على الخطأ اليسير وتكون المسؤولية هنا مسؤولية تقصيرية([365]) .
وبالتالي يمكن القول , إن المسؤولية التي تحكم المصرف تجاه الغير طالب المعلومة تكون مسؤولية تقصيرية وتحكمها القواعد العامة الواردة في القانون المدني . ذلك أن هذهِ المسؤولية , كما ذكرنا آنفاً , تقوم في حالة عدم وجود أي رابطة تعاقدية بين الطرفين ( المصرف وطالب المعلومة ) , وتقوم بصورة خاصة متى وقع من المصرف غش , أي قصد الإضرار بشخص معين أو مجرد حماية شخص معين بإعطاء أو إصدار أو نشر معلومات كاذبة عن مركزهِ المالي . وتقوم هذهِ المسؤولية كذلك ولو وقع من المصرف خطأ يسير أو مجرد إهمال وعدم احتياط مما يتسبب إلحاق الضرر بطالب المعلومة([366]).
ومما تجدر الإشارة إليه انهُ لابد من التطرق أيضا إلى مسؤولية المصرف تجاه الشخص الذي أعطيت عنهُ المعلومات ( المستعلم عنهُ ) , فهذا الأخير قد يكون عميلاً للمصرف وقد يكون من الغير . فما هي طبيعة مسؤولية المصرف تجاه كل منهما
في الحقيقة يذهب البعض من الفقه إلى أن مسؤولية المصرف تجاه العميل المستعلم عنهُ تكون مسؤولية تعاقدية في حالتين الأولى منهما :- إذا طلب من المصرف تقديمها أو وافق على هذا التقديم . والثانية :- إذا كان هناك اتفاق حماية أسرار الإعمال , وفي هذهِ الحالة لا يجوز للمصرف تقديم أية معلومات متعلقة بتلك الإعمال حتى لو كانت معلومات ذات طابع عام ومسؤوليته عن الضرر الذي يصيب العميل هي في هذهِ الحالة مسؤولية تقصيرية , ذلك أن الشخص المستعلم عنهُ حتى لو كان عميلاً للمصرف فهو أجنبي عن هذا التقديم , أي أجنبي عن العلاقة التي تربط المصرف بطالب المعلومات([367]) .
أما إذا كان المستعلم عنهُ من الغير فأن المصرف لا يكون مسؤولاً في مواجهتهِ ما دام البيان الذي أدلي بهِ المصرف كان صحيحاً ولا محل لمسؤولية المصرف ألا أذا ثبت نية الإضرار من جانب المصرف بالشخص الذي تتعلق بهِ هذهِ المعلومات([368]). وتكون المسؤولية هنا مسؤولية تقصيرية لان هذا السلوك من جانب المصرف لا تكون فيهِ مخالفة لالتزام ناشئ عن عقد بينهما , بل لا تقوم المخالفة ألا بالنظر إلى مخالفة حكم قانوني([369]).
ومن هنا يمكن القول أن مسؤولية المصرف تجاه العميل سواء كان هو طالب المعلومة أم كان هو من أعطيت عنهُ المعلومات تكون مسؤولية تعاقدية , نظراً لوجود اتفاق أو عقد بين الطرفين , بينما تكون مسؤوليتهِ مسؤولية تقصيرية تجاه الغير سواء أكان طالب المعلومة أم من أعطيت عنهُ تلك المعلومات.
المطلـب الثانـي
مسؤولـية المصرف الجنـائـية عن أخلال بتقـديم معلومـات الائتمان المالـي
تعد قواعد المسؤولية الجنائية من أهم القواعد الأساسية في قانون العقوبات , إلا أنها لم تحض بتعريف من قبل المشرع . وهذا هو توجه غالبية التشريعات , إذ إن أي تعريف ينبغي أن يكون مانعاً جامعاً ,وهذا ما لا يستطيع المشرع تحقيقهِ نظراً للتطور الذي يسود المجتمعات بين فترة وأخرى . إلا أن الفقه تعرض للمسؤولية الجنائية وعرفها تعريفاً عاماً بأنها ” الالتزام بتحمل الجزاء الذي ترتبه القواعد القانونية كأثر للفعل الذي يشكل خروجاً على إحكامها”([370]).
وفي نطاق المسؤولية الجنائية للمصرف , يمكن القول بأن هذهِ المسؤولية تترتب على المصرف إذا ارتكب إعمالا معاقباً عليها في القانون الجنائي بصفة عامة أو معاقباً عليها في النصوص الخاصة المنظمة للمهنة وللعمليات الخاصة بها , كإخلاله بالتعليمات الصادرة من البنك المركزي في مجال توجيه الائتمان والإعمال المصرفية والاستثمارية أو تقصيرهِ في إعطاء البنك المركزي المعلومات والبيانات المتعلقة بأعمالهِ أو عند إخلاله بأصول وقواعد المهنة المصرفية([371]).
وتترتب المسؤولية الجنائية للمصرف بصورة أساسية في حالة إخلاله بقواعد الالتزام بتقديم المعلومات , كأن يقدم معلومات يحميها السر المصرفي دون إذن من صاحبها أو عدم وجود نص قانوني يأذن لهُ بتقديمها أو يقوم بتقديم المعلومات بصورة غير صحيحة أو تقديمها ناقصة , كل ذلك يرتب على المصرف المسؤولية الجنائية . ولا يخفى أن الجزاء الجنائي يفوق على غيرهِ من صور الجزاء من ناحية قوة تأثيرهِ في نفس المعتدي , ويؤكد على هذا المعنى في مجال خدمة تقديم المعلومات , إذ أن مقدم المعلومة قد يتهاون كثيراً في حقوق طالب هذهِ المعلومة إذا علم مقدماً أن إخلاله بالتزاماتهِ وقيام مسؤوليتهِ سوف يؤدي في النهاية إلى الاقتصار على تعويض الإضرار الناجمة عن هذا الإخلال , بخلاف الحال فيما لو أدرك أن الأمر لن يتوقف عند حد المسؤولية المدنية , وإنما يتعداها إلى التدابير العقابية وما يستتبعها من آثار([372]) .
من جانب أخر , ففي حالة انتهاك أحكام التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي , يثور التساؤل عن الشخص المسؤول مسؤولية جزائية عن هذا الانتهاك , بمعنى هل أن المصرف يسأل جزائياً أم أن الموظف أو المسؤول بالمصرف الذي قام بانتهاك قواعد الالتزام هو الذي يسأل مسؤولية جزائية عن هذا الانتهاك ؟
تذهب أغلبية التشريعات المقارنة إلى فرض المسؤولية الجنائية على الشخص الطبيعي لا يمنع في نفس الوقت من فرض المسؤولية الجنائية على الشخص المعنوي . ففي فرنسا إن إقرار المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية من أهم القواعد التي تضمنها قانون العقوبات الفرنسي الجديد الصادر عام 1994 , حيث قرر هذا القانون المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية بصورة مباشرة عن الجرائم التي يرتكبها المسؤولون عند ممارستهم لاختصاصاتهم في إدارة الشخص المعنوي([373]), حيث قضت الفقرة (2) من المادة (121) من قانون العقوبات الفرنسي بأن الأشخاص المعنوية باستثناء الدولة مسؤولة جنائياً عن الجرائم المرتكبة لحسابها من قبل هيئاتها أو ممثليها والمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية لا تنفي مسؤولية أي شخص طبيعي يرتكب الفعل المعاقب عليهِ أو يشترك فيهِ . وكذلك نصت الفقرة (13) من المادة (226) من القانون ذاتهِ أن ” كشف معلومات لها صفة سرية بواسطة شخص يحوزها أما بحكم مركزهِ أو مهنتهِ أو بسبب وظيفتهِ أو مهمة مؤقتة يعاقب بالحبس لمدة سنة وبغرامة قدرها 15000 ألف يورو “([374]).
وبما أن المصرف يعتبر احد المؤتمنين على الأسرار فأن إخلالهِ بواجبهِ بحفظ تلك الأسرار وعدم الإباحة بها إلا بأذن صاحبها أو وجود نص قانوني يجيز لهُ ذلك يعرضهُ للمسؤولية الجزائية إضافة إلى ترتب تلك المسؤولية على الشخص مرتكب الجريمة .
أما في مصر , فأن الاتجاه السائد أن المسؤولية الجنائية تقع على عاتق الموظف في المصرف الذي ينسب اليهِ ارتكاب الجريمة , فلا تجوز مساءلة المصرف لأنهُ شخص معنوي ليس لهُ وجود مادي وان ارتكبت هذهِ الجريمة من ممثلهِ القانوني بأسمهِ ولحسابهِ([375]). ويترتب على ذلك عدم إمكانية إقامة الدعوى الجنائية عند إخلال المصرف بالتزاماتهِ في حالة عدم قدرة المتضرر من تحديد الشخص او الموظف الذي اخل بالتزاماتهِ , اذ لا يمكن إقامة الدعوى الجنائية على المصرف مباشرة .
والسبب في ذلك أن قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937 لم يرد فيهِ نص يحدد من خلالهِ المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية . أي أن القانون المصري لم ينظم قواعد تقضي بالمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية . وهكذا فأن المصرف باعتبارهِ شخص معنوي فأن العقوبات الجنائية يحكم بها على المسؤول عن الإدارة الفعلية في المصرف متى ثبت علمهِ بالجريمة وكانت قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات وظيفتهِ([376]).
أي يمكن القول انهُ في حالة إخلال المصرف بالتزامهِ بتقديم المعلومات الائتمان المالي , فأن المسؤولية الجنائية تترتب في هذهِ الحالة على الموظف المرتكب فعل الإخلال وتطبيق العقوبات المقررة في القانون وغالباً ما تكون هذهِ العقوبة هي الحبس والغرامة([377]).
ومع ذلك فأن هناك اتجاه فقهي(3) , يذهب إلى القول بأنهُ على الرغم من إن المشرع المصري لم يقر مبدأ المسؤولية للأشخاص المعنوية , ولم يقرر لها نصاً خاصاً , كما فعل المشرع الفرنسي في قانون العقوبات الجديد , إلا إن المشرع قد تعرض للمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية وبالخصوص للمصارف عند إصدارهِ قانون البنوك والائتمان رقم (163)لسنة 1957 وذلك في المواد (34 و 35 و 57 و59 و 60) من هذا القانون, وبالتالي فلا يجوز الاعتراض على إقرار هذهِ المسؤولية بالتذرع بأن العقوبات المنصوص عليها وعلى الأخص العقوبات السالبة للحرية والمقيدة لها لا يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي حيث انهُ بعد اتساع نطاق تطبيق عقوبة الغرامة وابتكار عقوبات تتلاءم مع طبيعة الشخص المعنوي لم يعد لهذا الاعتراض محل(4).
وبناء على ما سبق ذكرهِ , يمكن القول أن المشرع المصري لم يتطرق إلى المسؤولية الجنائية بصورة مباشرة وإنما تطرق لها بصورة ضمنية وبالتالي فأن المصرف عند إخلاله بالتزامهِ بتقديم المعلومات الائتمان المالي يتعرض إلى عقوبة جزائية وغالباً ما تكون فرض غرامة عليه .
أما عن موقف المشرع عندنا من فرض المسؤولية الجنائية على المصرف في حالة إخلاله بالتزامهِ بتقديم معلومات الائتمان المالي , فلا بد من القول بأن المشرع العراقي لم يتطرق في قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 إلى المسؤولية الجنائية التي تفرض على المصرف أو على العاملين فيهِ في حالة إخلالهِ بالالتزامات المفروضة عليهِ بموجب القانون . لذلك كان لزاماً على المشرع أن ينظم نصاً خاصاً بالعقوبات الجنائية في قانون المصارف ويحدد فيهِ نوع العقوبة التي تفرض على المصرف أو على العاملين فيهِ ,كما هو الحال في تنظيمهِ للعقوبات الإدارية , طالما انهُ بين بأنهُ لا يوجد هناك ما يمنع من قيام المسؤولية المدنية أو الجزائية في حالة فرض العقوبات الإدارية وفقاً لإحكام أي قانون أخر([378]). ومع ذلك فأنهُ لابد من الرجوع إلى القواعد العامة التي تحكم فرض العقوبات الجنائية على الأشخاص المعنوية , ومعرفة ما إذا كان القانون لدينا يفرض العقوبة الجنائية على الشخص المعنوي أم يقتصر فرضها على الشخص الطبيعي فقط ؟
في بداية الأمر , لابد من القول أن القواعد القانونية تخاطب الأشخاص سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم كانوا أشخاصاً معنوية . والأشخاص المعنوية , كما هو معروف , هي كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها القانون شخصية معنوية([379]). ولقد اقر المشرع العراقي لهذهِ الأشخاص بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون([380]).
وبما أن المصرف لهُ كيان مستقل بذاتهِ إذ أن لهُ ذمة مالية ومصالح ذاتية مستقلة عن مصالح الإفراد أو الأشخاص الذين يعملون فيهِ . فأن ذلك يعني حتماً أن لهُ إرادة متميزة ومستقلة عن أرادة الأشخاص المكونين لهُ . وبالتالي فأن الشخص المعنوي ( المصرف ) يتحمل وحدهُ المسؤولية الجنائية المباشرة الناتجة عن التصرفات الصادرة باسمهِ وبغض النظر عن مسؤولية الشخص الطبيعي الذي يتولى إدارتهِ وتمثيلهِ وهذا ما تضمنتهُ المادة (80) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل إذ تنص على ” الأشخاص المعنوية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية مسؤولة جزائياً عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلاؤها لحسابها أو بأسمها . ولا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة قانوناً , فإذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة أصلية غير الغرامة أبدلت بالغرامة ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصياً بالعقوبات المقررة للجريمة في القانون”.
كذلك أن المادة (123) من القانون ذاتهِ تقضي بوقف الشخص المعنوي إذا ما ارتكب احد ممثليهِ جناية أو جنحة وإذا ما ارتكبت الجناية أو الجنحة أكثر من مرة , فللمحكمة أن تأمر بحل الشخص المعنوي([381]).
ومن كل ما تقدم , يمكن أن نستنتج أن المصرف مسؤول جنائياً عن الجرائم التي يرتكبها موظفوه مثل الإخلال بالتزامهِ بتقديم المعلومات كإعطاء معلومات يحميها السر المصرفي ويتعرض للعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات التي تتناسب مع طبيعتهِ أي مع شخصيتهِ المعنوية , بوصفهِ شخصاً اعتبارياً لا يتصور حبسهِ فالسجن عقوبة مادية والشخص المعنوي لا جسم لهُ ليسجن . كما أن فرض العقوبات الجنائية السابقة لا تمنع من تطبيق المسؤولية الجنائية على مرتكب فعل الإخلال بالتزام المصرف بتقديم المعلومات , حيث أن قانون العقوبات العراقي تضمن نصوصاً عامة يمكن أن تشمل كل صور الإخلال بالوظيفة العامة عمداً أو إهمالا . إذ نصت المادة (340) من هذا القانون على ” يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة احدث عمداً ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفتهِ أو بأموال الأشخاص المعهودة إليه ” .
هذا من جهة , ومن جهة أخرى , فأن المدراء أو العاملين في الشخص المعنوي مسؤولون مسؤولية شخصية عن الجرائم التي ارتكبوها بغض النظر عما إذا كان ارتكاب الجريمة لغرض تحقيق مصالحهم الشخصية أو مصالح الشخص المعنوي([382]).
وبالتالي يمكن القول انهُ إذا اخل المصرف بإحكام التزام بتقديم معلومات الائتمان المالي يتعرض للمسؤولية الجنائية وهذهِ المسؤولية تطبق عليهِ كشخص معنوي وكذلك تطبق على مرتكب فعل الإخلال . وتطبق عليهِ العقوبة المنصوص عليها في القانون . إلا إن هذهِ الحماية الجنائية الواردة في قانون العقوبات غير كافية . وعلى هذا الأساس نرى ضرورة تضمين قانون المصارف العراقي النافذ نصاً قانونياً صريحاً يفرض عقوبات جنائية مناسبة على كل من يخالف الأحكام الواردة فيهِ والمتعلقة بالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
المطلب الثالث
مسؤولية المصرف التأديبية عن الإخلال بتقديم معلومات الائتمان المالي
تثار المسؤولية التأديبية عندما تقع مخالفة لواجبات الوظيفة ومقتضياتها بحكم القانون . والجريمة التأديبية لم يرد لها تعريف في معظم التشريعات المقارنة , ولعل منها المشرع العراقي في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم (14) لسنة 1991([383]), الذي لم يضع لهذهِ الجريمة تعريفاً هو الآخر ,وإنما اكتفى بتعديد واجبات الموظف.وذكر الأمور المحظورة عليهِ واعتبر خروج الموظف عليها ذنباً إدارياً يرتب عليهِ المسؤولية([384]).
إلا أن هذا لم يمنع الفقه من وضع تعريف للجريمة التأديبية حيث يعرفها البعض بأنها ( كل فعل أو امتناع عن فعل يرتكبهُ العامل ويجافي واجبات منصبهِ)([385]). بعبارة أخرى هي عبارة عن التكييف القانوني لظاهرة إهمال الموظف أو تقصيرهِ في أداء واجباتهِ في أثناء الخدمة أو بسببها([386]). والمسؤولية التأديبية ترتكز على ركن الخطأ أو الإهمال الصادر من الشخص الخاضع لها وان لم يترتب على هذا الخطأ أو الإهمال ضرر مادي أو أدبي يصيب الغير .أي أن مجرد الإهمال في القيام بواجبات الوظيفة يعتبر مسوغاً لقيام هذهِ المسؤولية ولا يوجد هناك أي تعارض بين هذهِ المسؤولية والمسؤولية المدنية او الجزائية ويترتب على ذلك جواز الجمع بينهما([387]).
وبالتالي فأن الإخلال بالقواعد التي تحكم التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يعتبر خطأ إدارياً,قد يستوجب توقيع العقوبة الانضباطية أو التأديبية بحق المخالف حسب الأوضاع القانونية وفي حدود نصاب العقوبة المقررة , والهدف من فرض هذهِ العقوبة هو ضمان سير المرافق العامة بانتظام ([388]). وتفرض المسؤولية التأديبية على المصرف في حالة ما إذا شكل سلوكهِ جريمة تعاقب عليها القوانين المصرفية والمالية كما لو خالف الإحكام التي تنظم تقديم أو تداول المعلومات , بأن قدم معلومات يحميها السر المصرفي .
وفي إطار المسؤولية التأديبية الناشئة عن انتهاك قواعد التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي , فهي تكون نتيجة لإخلال المصرف أو العاملين فيها بقواعد هذا الالتزام , من حيث أنها يمكن أن تترتب على المصرف بصفتهِ الشخص الملتزم بإعطاء المعلومات الائتمان المالي أو على العاملين بالمصرف بصفتهم الشخصية , للإخلال بواجبات الوظيفة أو العمل الذي يقومون بهِ . لذلك سوف نتطرق في الفقرة الأولى من هذا المطلب إلى مسؤولية المصرف الشخصية , والفقرة الثانية نتكلم عن مسؤولية العاملين فيهِ .
أولاً :- المسؤوليـة الشخصيـة للمصـــــرف
تترتبعلى المصرف مسؤولية تأديبية في حال مخالفة أحكام أنظمتهِ الأساسية أو التدابير التي يفرضها البنك المركزي عليهِ أو في حال تقديم بيانات أو معلومات ناقصة أو غير مطابقة للأصل([389]).
وقد اهتمت اغلب التشريعات المقارنة بمسألة فرض العقوبات التأديبية على المصرف في حال إخلالهِ بأحكام القوانين .ففي فرنسا مثلاً نظمت تشريعات (13 و 14) يونيو 1941 مهنة المصارف . وتتميز هذهِ التشريعات بإنشاء هيئات فنية لتوجيه الائتمان وتولي رئاسة سير العمل في النظام المصرفي . ومن هذهِ الهيئات اللجنة الدائمة للتنظيم المهني للبنوك والمؤسسات المالية , ولجنة الرقابة على البنوك وتختص هذهِ الأخيرة بمراقبة سير العمل بالبنوك للتأكد من امتثالها للأوامر والتعليمات الصادرة من اللجنة الدائمة , وتأكيد احترام جميع القواعد والنصـوص المتعلقـة بممارسـة مهنـة الصـرافـة . ويخـول القـانـون لجنـة الرقابـة على البنوك سلطـات قضائـية ( إجرائية ) واسعة إضافة إلى سلطة فرض الجزاءات والتدابير التأديبية التي تتراوح بين عقوبة الإنذار وعقوبة الشطب من قائمة البنوك . ويمكن لهذهِ اللجنة أن تفرض غرامة إدارية مستقلة عن تلك التي تختص محكمة الجنح بتوقيعها([390]).
وكذا فأن المادة (613- 2) من التقنين النقدي والمالي لسنة 2000 الفرنسي أعطى اللجنة المصرفية سلطة توقيع عقوبات تأديبية على مؤسسات الائتمان مثل التنبيه واللوم والمنع من المباشرة في عمليات معينة وتحديد النشاط ووقف المسؤولين مؤقتاً عن العمل وتعين مدير مؤقت وسحب الموافقة على مزاولة النشاط .
ومما تجدر الإشارة إليهِ أن الجهة المخولة بمسألة المصرف تأديبياً هي السلطة النقدية في الدولة والمتمثلة عادة في البنك المركزي للدولة . كما أن هذهِ المسألة التأديبية يمكن أن تجري من الجهة النقابية التي ينتمي إليها المصرف . ومن الأمثلة على ذلك أن المادة ( 2) من اتفاقية السلوك المبرمة بين جمعية المصرفيين السويسرية والبنوك السويسرية لعام 2008 قد خولت الجمعية بتشكيل لجنة مشرفة تتكون على الأقل من خمسة أشخاص تتولى مهمة التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن المخالفات المرتكبة من المصارف المخالفة بغرامة مالية تصل إلى عشرة ملايين فرنك سويسري تدفع إلى جمعية المصرفين السويسرية([391]).
إما بالنسبة لإمكانية فرض العقوبات التأديبية من قبل البنك المركزي عند ثبوت المخالفة من قبل المصرف لأي من أحكامهِ , فأن القانون المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 أعطى لمجلس إدارة البنك المركزي في مصر اتخاذ إجراءات تأديبية ضد المصرف المخالف , حيث نصت المادة (135) من هذا القانون على ” مع عدم الإخلال بالعقوبات والجزاءات الأخرى الواردة في هذا القانون أو في قانون أخر يجوز لمجلس إدارة البنك المركزي عند ثبوت مخالفة احد البنوك لأي من أحكام هذا القانون أو نظام البنك المركزي أو القرارات الصادرة من مجلس إدارتهِ اتخاذ أي من الإجراءات التالية :-
أ- توجيه التنبيه .
ب- تخفيض التسهيلات الائتمانية المقدمة للبنك المخالف أو وقفها.
ج- منع البنك المخالف من القيام ببعض العمليات أو تحديد حجم الائتمان الذي يقوم بتقديمهِ .
د- إلزام البنك المخالف بإيداع أرصدة لدى البنك المركزي دون عائد وللمدة التي يراها وذلك بالإضافة إلى الرصيد الدائن المنصوص عليهِ في المادة(74) من هذا القانون.
هـ – مطالبة رئيس مجلس إدارة البنك المخالف بدعوة المجلس إلى الانعقاد للنظر في أمر المخالفات المنسوبة إلى البنك واتخاذ اللازم نحو إزالتها ويحظر اجتماع مجلس الإدارة ففي هذهِ الحالة ممثل أو أكثر للبنك المركزي
و- تعيين عضو مراقب في مجلس إدارة البنك وذلك للمدة التي يحددها مجلس إدارة البنك المركزي ويكون لهذا العضو المشاركة في مناقشات المجلس وتسجيل رأيه فيما يتخذ من قرارات
ز- حل مجلس الإدارة وتعين مفوض لإدارة البنك لمدة لا تجاوز ستة أشهر ويجوز مدها ستة أشهر أخرى , ويعرض المفوض خلال مدة تعيينه الأمر على الجمعية العامة للبنك لاختيار المجلس إدارة جديدة , أو الدمج مع بنك أخر أو تصفية البنك “.
كذلك الحال بالنسبة للمشرع العراقي حيث أعطى للبنك المركزي سلطة فرض عقوبات إداريه على المصرف المخالف لإحكامهِ([392].). إضافة إلى إن المشرع قام بتحديد الحالات التي يتم فيها فرض عقوبات إداريه, وقام ببيان تلك العقوبات التي يتم فرضها على المصرف , حيث تنص المادة (56) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والمتعلقة بالإجراءات التصحيحية الفورية والعقوبات الاداريه , على ” 1-يجوز للبنك المركزي العراقي أن يتخذ أي إجراء أو يفرض أي عقوبة إدارية نصت عليها الفقرة (2) من هذهِ المادة في الحالات التي يتضح فيها بأن المصرف أو مسؤول إداري في مصرف أو أي شخص أخر :- أ- قام بخرق أحكام هذا القانون أو أمر صادر عن البنك المركزي العراقي
ب – قام بإدارة عمليات مصرفية غير سليمة وأمينة
2- يقوم البنك المركزي العراقي بأتخاذ واحد من الإجراءات أو العقوبات الإدارية التالية في حدوث أي من المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (1) أعلاه :- أ- إرسال تحذير خطي للمصرف ب – إعطاء أوامر للمصرف ج- يطلب أن يقدم المصرف برنامج لما ينوي اتخاذهِ من إجراءات أو وصفاً مفصلاً مما اتخذه من إجراءات لإزالة المخالفة وتصحيح الوضع د- يطلب قيام المصرف بوقف بعض العمليات أو يمنعهُ من توزيع أرباحه هـ – يفرض أي قيود على منح الائتمانات يرها مناسباً و – بالإضافة إلى أي رصيد يمثل حد أدنى ينص عليه قانون البنك المركزي العراقي وأي ودائع أخرى مطلوبة قانوناً يطلب من المصرف أن يودع ويحتفظ بأرصدة لدى البنك المركزي العراقي بدون فائدة لفترة يعتبرها البنك المركزي العراقي ملائمة ز – يطلب أن يدعو رئيس مجلس الإدارة للمجلس إلى الانعقاد لمراجعة ودراسة المخالفات المنسوبة إلى المصرف واتخاذ الإجراءات الضرورية لإزالة المخالفات وفي هذهِ الحالة يحضر واحد أو أكثر من ممثلي البنك المركزي العراقي اجتماع مجلس الإدارة ح – يطلب إلى المصرف أن يوقف مؤقتاً أو نهائياً عمل أي مدير مفوض أو مدير فرع معين تبعاً لخطورة المخالفة ط – يطلب ان يقوم المصرف بتنحية رئيس مجلس إدارته أو أي من أعضاء المجلس ي – يحل مجلس إدارة المصرف ويعين وصياً وفقاً للفقرة (2) من المادة (59) ك – يفرض غرامة إدارية على المصرف بشرط وحسب اختيار البنك المركزي العراقي أن يتم فرض العقوبات الإدارية على أساس يومي إلى أن تتوقف المخالفة أو يتحقق الامتثال على أن لا تتجاوز مثل تلك العقوبات الإدارية 5% من مجموع رأس مال المصرف المدفوع
3- يجوز للبنك المركزي العراقي أن يفرض عقوبة إدارية على المصرف تصل (5) مليون دينار يومياً الى أن تتوقف المخالفة أو يتحقق الامتثال ولا تتجاوز 5% من مجموع رأسماله المدفوع في الحالات التالية :-
أ- إذا قدم المصرف عمداً إلى البنك المركزي العراقي بيانات أو إحصاءات أو معلومات ناقصة أو كاذبة
ب- إذا لم يزود البنك المركزي العراقي بمعلومات عن عميل أو بعض مخاطر عملاء معينين أو أي معلومات أخرى يطلبها البنك المركزي العراقي ………” .
وبذلك يمكن القول بأن البنك المركزي لهُ سلطة الإشراف والرقابة على المصارف ويهدف من هذهِ الرقابة ضمان حسن تنفيذ المصارف للقانون بصورة عامة والقوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بالنشاط المصرفي بصورة خاصة([393]).
ولذلك لم تكتفِ القوانين بمنحهِ سلطة الرقابة والتوجيه بل منحتهُ أيضاً حق فرض العقوبات والتي من شأنها إلزام وإجبار المصرف المخالف للقوانين والأنظمة الحفاظ على حقوق واموال المساهمين والمودعين وعدم المساس بسمعة الجهاز المصرفي بشكل عام .
ثانياً :- مسؤوليــة العاملـين فـي المصـرف
أن النظام التأديبي للعاملين في المصارف يختلف بحسب طبيعة تلك المصارف , فيما إذا كانت هذهِ المصارف عامة أي ( مملوكة للدولة بالكامل ) أم أنها مصارف خاصة او مختلطة ( مملوكة من قبل القطاع الخاص بالكامل أو بالاشتراك مع القطاع العام )([394]).
ففيما يتعلق بالمصارف العامة المملوكة للدولة بالكامل يخضع العاملون فيها لقواعد الخدمة والانضباط الخاصة بالموظفين العموميين بصورة عامة الواردة في قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960( المعدل ) وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي رقم (14) لسنة 1991. إذ أن قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام قد حدد بعض الواجبات الوظيفية التي يتعين على الموظف التقيد بها بحيث يعد الإخلال بها جرائم تأديبية لخطورتها([395]). مما يترتب عليها فرض العقوبات التأديبية على الموظف المخالف ومن هذهِ الواجبات التزام الموظف بأداء أعمال وظيفتهِ بنفسه وبأمانة وشعور بالمسؤولية وكتمان المعلومات والوثائق التي يطلع عليها الموظف بحكم وظيفتهِ أو إثناءها إذا كانت سرية بطبيعتها أو يخشى من إفشائها إلحاق ضرر بالدولة او الأشخاص , ويبقى هذا الواجب قائماً حتى بعد انتهاء خدمة الموظف لآي سبب من الأسباب([396]) .
والوظيفة في المصارف عموماً مثل باقي الوظائف والمهام تحكمها أنظمة يخضع لها الموظف وتضمن حسن سير أعمالها . ولهذا السبب أعطي الموظف صلاحيات خاصة لإتمام عملهِ . ولكن الخطأ في استعمال هذهِ الصلاحيات أو عدم استعمالها يرتب عليه المسؤولية ويفتح أمام الرئيس المباشر أو الأعلى أو السلطات التأديبية الأخرى باب العقوبات بغية ردعهِ أو زجرهِ([397]). ويشترط لقيام المسؤولية التأديبية للموظف في المصرف أن يكون الخطأ المرتكب منهُ قد حدث أثناء أدائهِ للوظيفة أو بسببها , فمناط المسؤولية التأديبية هو قيام الرابطة الوظيفية
وجوداً وعدماً([398]).وحيث انهُ من المسلمات في أحكام المسؤولية عموماً ومنها التأديبية انهُ يتعين أن يثبت صدور فعل محدد من الموظف بدليل يقطع في الدلالة على ارتكابهِ لهُ سواء كان هذا الفعل ايجابياً أو سلبياً . بحيث يكون هذا الفعل مخالفاً لواجبات الوظيفة ومقتضياتها , فإذا لم يثبت بيقين الفعل المنسوب إلى الموظف , كأن لم يعطي فعلاً معلومات كاذبة أو ناقصة لمن يطلبها فأنهُ لا يكون ثمة سبب مشروع تقوم عليهِ المسؤولية التأديبية التي تبرر معاقبتهِ تأديبياً([399]). هذا ويتطلب من موظف المصرف أثناء تأديتهِ لوظيفتهِ الدقة والأمانة في عملهِ . إذ أن عدم الدقة قد تسبب الخطأ والتقصير مما يثير المسؤولية التأديبية , كما أن رفض الموظف أداء العمل يشكل مخالفة سواء كان عملهِ أصلي أو مكلف بهِ([400]).
كذلك أن الأمانة تقتضي منهُ أن يبذل أقصى درجات الحرص على أن يكون أداءه للعمل صادر عن يقظة وتبصر بحيث يتطلب منهُ في كل إجراء يقوم باتخاذه ما يجب أن يكون عليهِ الرجل الحريص من حذر وتحرز فإذا ما ثبت أن موظف المصرف قد أدى عملهِ بأستخفاف أو غفلة أو لا مبالاة كان خارجاً بذلك عن أداء العمل بدقة وأمانة ومن ثم يكون مرتكباً مخالفة تأديبية تستوجب المسألة ولو كان الموظف حسن النية , لان الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب العمل بدقة وأمانة يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي([401]).
وبالتالي فأن مخالفة الموظف في المصارف العامة لأي واجب من واجبات وظيفتهِ العامة يترتب عليهِ إحالتهِ إلى اللجنة التحقيقية التي قد توصي بفرض إحدى العقوبات التأديبية وهي :- لفت النظر أو الإنذار أو قطع الراتب أو التوبيخ أو إنقاص الراتب أو تنزيل الدرجة أو الفصل أو العزل وذلك تبعاً لجسامة الخطأ الصادر منهُ ا وان توصي بإحالته إلى المحاكم المختصة إذا وجدت ان سلوك الموظف المحال عليها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون([402]).
أما بالنسبة للعاملين في المصارف القطاع الخاص أو المختلط فأن العلاقة التي تربطهم بالمصرف تكون مبنية على أساس عقد العمل الذي يبرم بينهم وبين المصرف , إذ أن هذا العقد يخضع للشروط المتفق عليها الواردة فيهِ ما لم تكن مخالفة للقواعد الآمرة للقانون أو النظام العام أو الآداب , وان قوانين العمل المقارنة بصورة عامة وقانون العمل العراقي رقم (71) لسنة 1987 المعدل تقر بأن لصاحب العمل الحق في مساءلة العامل الذي يعمل لديهِ وفرض العقوبات التأديبية المناسبة عليهِ إذا ما خالف الأوامر الصادرة إليهِ من رب العمل أو إذا اخل بالتزاماتهِ
التي يفرضها عقد العمل أو القانون عليه وفقاً للقواعد العامة المتعلقة بتنفيذ الالتزامات التعاقدية أو القانونية([403]) , وان من أهم الالتزامات التي يلقيها قانون العمل على عاتق العامل هو المحافظة على أسرار العمل وان لا يفشي المعلومات المتعلقة بالعمل متى كانت سراً بطبيعتها حيث ان التزام العامل بعدم إفشاء أسرار العمل من الالتزامات الجوهرية التي تتولد عن عقد العمل([404]).
وبالتالي فأن إخلال العاملين في المصارف الخاصة أو المختلطة بالتزاماتهم تعرضهم لعقوبات تأديبية تصدر من رب العمل([405]).
المبحث الثاني
أركان مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي وتعديلها
يتطلب تحديد مسؤولية المصرف عن التزامهِ بتقديم معلومات الائتمان المالي تسليط الضوء على أركان هذهِ المسؤولية ومن ثم لابد من توضيح إمكانية تعديل هذهِ المسؤولية , وهذا ما سنبحثهُ في المطالب التالية :-
المطلب الأول :- أركان مسوؤلية المصرف عن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي.
المطلب الثاني :- التعديل في مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي .
المطلب الأول
أركان مسؤولية المصرف عن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي
تنعقد مسؤولية المصرف متى ما توافرت أركان المسؤولية طبقاً للقواعد العامة وهذهِ الأركان تتمثل في الخطأ الصادر من المصرف والضرر الذي يصيب طالب المعلومة والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر . وهذا ما سنبحثهُ في الفقرات التالية وبالتعاقب:-
أولاً :- ركــــــن الخطــــــــأ
يعد الخطأ ركن جوهري لقيام مسؤولية المصرف . بل هو الأساس الذي تقوم عليهِ هذهِ المسؤولية . ورغم أهمية ركن الخطأ في المسؤولية المدنية بصفة عامة , إلا انهُ لم يرد أي تعريف تشريعي للخطأ([406]) . لذلك حاول الفقه وضع تعريف لهذا الخطأ . ولكن جاءت هذهِ التعاريف متباينة من حيث المفهوم وكلاً بحسبهِ. فالخطأ في إطار المسؤولية العقدية عبارة عن سلوك المتعاقد على نحو يتنافى مع ما التزم به([407]) . أما في إطار المسؤولية التقصيرية فهو الإخلال بالتزام قانوني سابق يصدر عن تمييز وإدراك([408]) .
أما عن الفقهاء المحدثين فلم يفرقوا في تعريف الخطأ العقدي والخطأ التقصيري . فالخطأ في صورتي المسؤولية هو تقصير في مسلك الإنسان لا يقع من شخص يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالمسؤول . وان البحث في ركن خطأ المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي يقتضي من الوقوف على صور هذا الخطأ ومن ثم معرفة المعيار العام في تقدير الخطأ وكيفية إثباته وهذا ما سنعرض لهُ في المحاور التالية :-
أ- صور الخطأ في تقديم معلومات الائتمان المالي
يتخذ خطأ المصرف في حالة تقديمهِ معلومات الائتمان المالي صور متعددة وهذهِ الصور هي التي تحدد الخطأ الذي يرتكبهُ المصرف أثناء هذا التقديم . ويمكن أجمال هذهِ الصور بما يلي :-
الصورة الأولى :- تقديم معلومات غير صحيحة (wrong dataes) يتحمل المصرف المسؤولية إذا قدم معلومات غير صحيحة , ويتحقق خطأ المصرف وتقوم مسؤوليتهِ عن المعلومات غير الصحيحة , أذا أعطي المصرف هذهِ المعلومات بسوء نية , ففي هذهِ الحالة يعد المصرف مرتكباً للغش , لان الغش طبقاً للمفهوم التقليدي هو كل فعل أو امتناع بنية إحداث الضرر([409]), وعلى ذلك يتحقق خطأ المصرف بتوافر حالة من حالتي الغش فقد يقوم المصرف بفعل ايجابي فيقدم معلومات غير صحيحة بنية إحداث الضرر , كما قد يتخذ موقفاً سلبياً بنية إحداث الضرر ويتحقق ذلك في حالة الكتمان المتعمد , فقد يعطي المصرف لطالب المعلومة معلومات غير صحيحة عمداً أو عالم بعدم صحتها , ففي هذهِ الحالة تقوم مسؤولية المصرف بأعتبارهِ مرتكباً للغش الذي يتحقق في حالة إعطائهِ معلومات غير صحيحة . ومسؤولية المصرف عن المعلومات غير الصحيحة أمراً اقرهُ القضاء الفرنسي . حيث يتوضح هذا المبدأ من حكم محكمة النقض الفرنسية في (5) فبراير 1962 . وقد صدر في دعوى تتلخص وقائعها فيما يلي :- أن شخصاً طلب معلومات من مصرف (A) عن (R) , قام الأول بدورهِ بطلب المعلومات من مصرف (B) والذي قدم عن الشخص محل الاستعلام معلومات . ولكنها غير صحيحة , أقام طالب المعلومات ضد مصرف (A) الدعوى عن المعلومات الغير صحيحة . عرض النزاع أمام محكمة استئناف مونبلية التي أصدرت حكمها في (17) نوفمبر 1959 حيث أوضحت أن (R) وهو الشخص محل الاستعلام ليس عميلاً لا لمصرف (A) ولا (B) ولكنهُ عميل لمصرف (Z) واعتبرت أن مصرف (A) نقل المعلومات بحسن نية وانهُ لم يرتكب أي خطأ . ثم طعن في حكم محكمة استئناف مونبلية أمام محكمة النقض الفرنسية .
أظهرت محكمة النقض الفرنسية القصور في حكم محكمة استئناف مونبلية وقررت مسؤولية مصرف (A) عن الإهمال في نقل المعلومات واعتبرت أن مصرف (Z) هو مصدر معلومات مصرف (B) , وأكدت أن مسؤولية مصرف (Z) لا تقوم ألا أذا ثبت أن عدم صحة المعلومات يشكل كتماناً إرادياً للحقيقة . وان مصرف (Z) ارتكب إهمالاً ظاهراً في الرقابة على المعلومات التي جمعها([410]).
كذلك أكد الفقه المصري أن خطأ المصرف يتحقق وتقع مسؤوليتهِ في حالة إعطائهِ معلومات غير صحيحة وهي تقوم متى وقع منهُ غش أي قصد الإضرار بشخص معين بإعطاء معلومات غير صحيحة عن مركزهُ المالي([411]). وهذهِ المعلومات غير الصحيحة أما أن تزكي على خلاف الحقيقة الموقف المالي للمستعلم عنهُ فهي تسبب الضرر لطالبها الذي سيتعاقد معهُ والذي اطمأن على سلامة مركزهِ المالي على حين انهُ لو علم الحقيقة لما قبل التعاقد . وقد تكون هذهِ المعلومات تسئ على خلاف الحقيقة أيضاً للموقف المالي للمستعلم عنهُ , فهذا الأخير سيصيبهُ ضرر يتمثل في انصراف الموردين عنهُ وفي رفض التسهيلات الائتمانية التي كان قد طلبها([412]).
ومع ذلك فأن مسؤولية المصرف لا تنعقد وركن الخطأ لا يتحقق إلا إذا قدمت المعلومات الغير صحيحة عن علم وتبصر , أي أن المصرف عالم بعدم صحة هذهِ المعلومات المقدمة .
الصورة الثانية هي :- عدم بذل العناية اللازمة عند تقديمهِ المعلومات , حيث ان التزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمان المالي هو التزام ببذل عناية وليس التزام بتحقيق نتيجة . ويترتب على ذلك أن المصرف بغير شرط صريح لا يضمن صحة المعلومات المقدمة ولكنهُ يلتزم ببذل عناية معينة للوصول إلى المعلومات الصحيحة , ودرجة العناية المطلوبة هي درجة عناية الشخص الحريص أو هي العناية الواجبة على المهني المحترف . أما إذا لم يبذل المصرف أقصى عناية في تنفيذ التزامهِ بتقديم المعلومات فأنهُ يكون مسؤولاً عن الخطأ الذي يتحقق في هذهِ الحالة . فالالتزام ببذل العناية الذي يقع على عاتق المصرف يفرض عليهِ أن يسعى بكل الوسائل المتاحة لكي يعطي معلومات صحيحة , وان أي تقصير أو تهاون من المصرف في بذل هذهِ العناية يؤدي إلى قيام مسؤولية المصرف عن المعلومات غير الصحيحة , وهذا المعنى أكدتهُ محكمة النقض الفرنسية في 24 نوفمبر 1983في دعوى تتلخص :- في أن شركة (media) طلبت من احد المصارف معلومات عن حساب شركتين تنوي التعاقد معهما , قدم المصرف معلومات جيدة عن هاتين الشركتين وتم التعاقد , ثم توقفت هاتان الشركتان عن دفع التزاماتهما . أقامت شركة (media) دعوى ضد المصرف تطالبهُ بتعويض الأضرار التي أصابت الشركة عن جراء المعلومات الغير صحيحة التي قدمها. عرض النزاع على محكمة استئناف باريس والتي قضت بمسؤولية المصرف عن المعلومات التي قدمها للشركة , قام المصرف بالطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض الفرنسية . ولكن المحكمة رفضت الطعن وأيدت حكم محكمة استئناف باريس واعتبرت المحكمة أن المصرف قد ارتكب إهمالاً في نقل المعلومات التي جمعها إلى عميلهِ مع أن المفروض يبذل كل عناية عند نقل هذهِ المعلومات خاصة وانهُ يعرف مدى التأثير الحاسم لهذهِ المعلومات على قرار طالب المعلومة([413]) .
وفي هذا الحكم أوضحت محكمة النقض الفرنسية إهمال المصرف وتقصيرهِ في بذل العناية التي تقع على عاتقهِ حيث أكدت أن المعلومات التي قدمها المصرف كان قد جمعها بناء على اتصال هاتفي سريع . بل كان يجب عليهِ أن يجمع هذهِ المعلومات عن طريق الاتصالات التي يمكن إجراءها مع المصارف الأخرى.
وهذا ما يؤكدهُ الفقه المصري , حيث أن خطأ المصرف يتحقق وتقوم مسؤوليتهِ عن المعلومات إذا لم يبذل العناية الكافية لفحصها قبل تقديمها لطالب المعلومة([414]) . فالمصرف الذي يقبل تقديم المعلومات يجب عليهِ أن يضع كل الوسائل التي يملكها لكي يقدم , المعلومات الصحيحة فعليهِ أن يبذل العناية الكافية في فحصها والتأكد من صحتها قبل نقلها لطالبها . فإذا أهمل المصرف أو لم يبذل العناية العادية لكي يراقب صحة المعلومات فأن ذلك يكون ركن الخطأ ويؤدي إلى قيام مسؤوليتهِ . وبالتالي يمكن القول ان مسؤولية المصرف تقوم متى وقع منهُ خطأ لمجرد إهمال أو عدم احتياط أو عدم بذل العناية اللازمة لنقلها وهذا كلهُ تطبيق للقواعد العامة . حيث أشار القانون المدني العراقي انهُ على المدين أن يبذل في تنفيذ التزامهِ العناية التي يبذلها الشخص الحريص فإذا بذل هذا
القدر من العناية فأنهُ يكون قد وفى بالتزامهِ([415]), أما أذا أهمل تلك العناية اللازمة فأنهُ يكون قد ارتكب خطأ يستوجب قيام مسؤوليتهِ .
ب – المعيار في تقدير الخطأ وكيفية إثباتهِ
بعد أن بينا صور الخطأ التي ترتب مسؤولية المصرف في مجال تقديم معلومات الائتمان المالي فأن السؤال الذي يثار في هذا الشأن هو :- هل أن المصرف في مجال تقديم المعلومات يسأل عن أخطائهِ ولو كانت يسيرة؟ أم فقط يسأل عن اخطأئهِ الجسيمة ؟
يذهب الأغلب الأعم من الفقه في فرنسا , على أن المصرف يكون مسؤولاً عن جميع أخطائهِ ولو كانت يسيرة . حيث اكدو انهُ لا يمكن القول بأن مسؤولية المصرف لا تقوم في حالة الخطأ اليسير , لان مثل هذا القول يتعارض مع اتجاه المحاكم الفرنسية والتي تقضي بمسؤولية المصرف في حالة عدم الاحتياط البسيط حتى لو كان المصرف قد أعطى هذهِ المعلومات مجاناً , ويجب عدم التمسك بالصفة المجانية للخدمة لتأييد أن المصرف لا يسأل إلا عن خطئهِ الجسيم . فإذا قدم هذهِ الخدمة بلا مقابل فأن مسؤوليتهِ لن تكون إلا تقصيرية وهي تغطي الخطأ الجسيم واليسير([416]) . وقد استدلوا لتأييد وجهة نظرهم هذهِ بدليلين , الأول منهما :- وهو دليل قانوني يتمثل في ان تطبيق القواعد العامة في المسؤولية عن خطأ المصرف يؤدي إلى قيام مسؤوليتهِ عن الخطأ اليسير . والثاني وهو دليل عملي :- يتعلق بأهمية المعلومات في مجال التجارة ذلك لان تقديم معلومات غير صحيحة تؤدي إلى إصابة طالب المعلومة بضرر , وهذا الضرر يجب تعويضهُ .
كذلك الحال في مصر , فانهُ متى تم تحديد مضمون التزام المصرف كان مسؤولاً عن كل خطأ منهُ في تنفيذ هذا الالتزام ولو كان خطأ يسيراً أو مجرد إهمال وعدم احتياط([417]) .
من هنا , يبدو لنا , أن المصرف يسأل عن جميع أخطائهِ سواء كانت يسيرة ام جسيمة عند تقديمهِ معلومات الائتمان المالي .
وبالتالي يمكن القول , بأن الثقة التي أعطاها طالب المعلومة للمصرف بالقيام بمهمتهِ اعتماداً على معرفتهِ وقدرتهِ تستلزم مسائًلة المصرف عن كل خطأ يقترفهُ ولو كان يسيراً . فضلاً عن ذلك فأن المصرف بما يمتلكهُ من مؤهلات علمية وبما لديهِ من علم وما يتمتع بهِ من تخصص في مجال مهنتهِ يتفوق بهِ على غيرهِ ينتظر منهُ دقة أكثر من تلك المطلوبة من الآخرين . فالأخطاء اليسيرة التي يرتكبها الشخص العادي تعتبر اخطاءاً جسيمة إذا ارتكبها مهني متخصص . إذ ينتظر منهُ يقظة وتبصر أكثر من تلك المطلوبة من الشخص العادي . أضف إلى ذلك أن القول بعدم مسؤولية المصرف إلا عن خطئهِ الجسيم يشجعهُ على عدم الحرص وبذل العناية اللازمة في تنفيذ التزامهِ .
ومن الجدير بالذكر , انهُ لابد من التطرق إلى مسألة إثبات خطأ المصرف , حيث يثار التساؤل أي من الطرفين يقع عليهِ عبء الإثبات المصرف ( المدين ) أم طالب المعلومة المتضرر ( الدائن ) ؟
يذهب جانب من الفقه في فرنسا , انهُ على طالب المعلومة ( الدائن ) أن يثبت عدم صحة المعلومات المقدمة وعلى المصرف ( المدين ) أن يثبت انهُ بذل العناية المطلوبة للوصول إلى تلك المعلومات الصحيحة . ويؤكد هذا الرأي انهُ إذا اثبت طالب المعلومة الضرر الذي أصابهُ وعلاقتهُ السببية بينهُ وبين المعلومات غير الصحيحة تعين على المصرف أن يقدم الدليل على انهُ بذل أقصى عنايتهِ لتقديم المعلومات الصحيحة فهو الأقدر على ذلك([418]) .
أما في مصر , فأن القاعدة العامة هي أن عبء الإثبات يقع على من يدعي خلاف الوضع الثابت أصلاً([419]). فإذا ادعى طالب المعلومة أن المصرف لم يقدم المعلومة المطلوبة فعليهِ أن يثبت أن المصرف ملتزم بمقتضى العقد أو القانون أو العرف بتقديم معلومات معينة , وعلى المصرف بالمقابل أن يثبت انهُ قدم هذهِ المعلومات . أي ان عبء الإثبات يقع على عاتق طالب المعلومة المتضرر من المعلومات وذلك لان الأصل هو حسن النية ومن يدعي خلاف ذلك ضد المصرف عليهِ أن يقيم الدليل أي يثبت أن المصرف كان يعلم بعدم صحة المعلومات المقدمة . ومع ذلك أن أثبات خطأ المصرف في تقديم المعلومات قد يكون صعباً وشاقاً بالنسبة لطالب المعلومة وهذهِ الصعوبات ترجع لسببين هما :-
الأول :- أن المصارف اعتادت على أن تقدم المعلومات شفاهة فأغلب المصارف ترفض تقديم المعلومات بشكل مكتوب خوفاً من تعرضها للمسؤولية .
والثاني :- هو انهُ يمكن للمصرف أن يحتج بالقرار الذي اتخذهُ طالب المعلومة وان هذا الأخير كانت لهُ الحرية في إتباع أو عدم إتباع المعلومة المقدمة . ومع ذلك فأن هذهِ الصعوبات يجب أن لا تكون عائقاً أمام طالب المعلومة لإثبات خطأ المصرف([420]) .
وكذا الأمر عندنا , فالقاعدة العامة في الإثبات أن البينة على المدعي , ولما كان طالب المعلومة هو المدعي فعليهِ يقع عبء الإثبات عند عدم قيام المصرف بتقديم المعلومات بالشكل الصحيح . أضف إلى ذلك أن التزام المصرف بتقديم المعلومات هو التزام ببذل عناية ويقتضي هذا الالتزام على طالب المعلومـة أن يثبت أن المدين ( المصرف ) لم يقم ببذل العناية اللازمة المتمثلة بعناية الرجل المعتاد طبقاً للقواعد العامة([421]) .
ثانياً :- ركـــــن الضــــرر
الضرر هو عبارة عن الأذى المادي أو المعنوي الذي يصيب الشخص من جراء الإخلال بالتزام تعاقدي او من جراء العمل غير المشروع([422]) .
ولكي تقبل دعوى المسؤولية المدنية يجب فضلاً عن ثبوت الخطأ أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر يصيب الشخص الذي قدمت لهُ المعلومات . أي انهُ مهما كان خطأ المصرف فلا مسؤولية عليهِ أذا لم يحدث ضرر([423]) . فالضرر شرط أساسي لقيام مسؤولية المصرف وتمكين طالب المعلومة من المطالبة بالتعويض . لأنهُ لا يتم التعويض إلا عند وقوع الضرر لطالبهِ . فطالب المعلومة مدعي المسؤولية لا تكون لهُ مصلحة في الدعوى ألا أذا كان قد أصابهُ ضرر ويطالب بتعويضهُ . وتطبق القواعد العامة التي تحكم ركن الضرر في المسؤولية المدنية على مسؤولية المصرف عند تقديم المعلومات .
ووفقاً للقواعد العامة يقسم الضرر إلى ضرر مادي وضرر أدبي . ويلاحظ أن الأضرار التي تصيب العميل طالب المعلومة في حالة تقديم معلومات غير صحيحة او امتناع المصرف عن تقديم المعلومات تكون في الغالب أضرار مادية . ومن صور الضرر المادي الذي يلحق طالب المعلومة نتيجة خطأ المصرف بتقديم المعلومات هو أن يعطي المصرف لطالب المعلومة معلومات كاذبة عن المركز المالي لأحد التجار ويقوم طالب المعلومة بإبرام صفقة مع هذا التاجر ثم بعد التعاقد معهُ يعلن إفلاسهِ .
ومما لاشك فيهِ أن طالب المعلومة في هذهِ الحالة سيصيبهُ ضرر مادي من جراء التعامل مع هذا التاجر والذي يتمثل في عدم حصول طالب المعلومة على حقوقهِ من قبل هذا التاجر المفلس . ومن الصور الأخرى للضرر المادي الذي يلحق طالب المعلومة تتجسد في حالة ما إذا كان المصرف ملزماً بتقديم المعلومات وامتنع عن ذلك.
كما هو الحال في وديعة الصكوك أذا امتنع المصرف عن إخطار العميل بالوقائع المتعلقة بالسندات المودعة , فقد يترتب على عدم الإخطار ضرر مادي يتمثل في فقدان الأوراق المالية قيمتها أو انخفاض أسعارها([424]) .
وفي هذا المجال يثار التساؤل حول تفويت الفرصة بالنسبة لطالب المعلومة , فهل يترتب عليها ضرر مادي يستوجب المطالبة بالتعويض ؟
في البداية انهُ لابد أن نشير انهُ يقصد بتفويت الفرصة في إطار بحثنا هذا الحالة التي يفوت فيها المصرف على طالب المعلومة كسباً كان يأملهُ أو خسارة كان يأمل تفاديها . وذلك بسبب قيام المصرف بإعطائهِ معلومات غير صحيحة أو امتناعهِ عن أعطاء تلك المعلومات([425]).
يذهب جانب من الفقه إلى أن تفويت الفرصة بحد ذاتها هو الذي يشكل الضرر الموجب للتعويض فالعبرة والأساس في ذلك هو تفويت تلك الفرصة وليس بالضرر الذي يتمثل في عدم تحقيق الكسب المحتمل أو تفادي الخسارة([426]) . بينما يذهب البعض الأخر للقول بأن تعويض الضرر في تفويت الفرصة لا يكون لهُ محل إلا أذا توافرت من الظروف ما يكسبها طابعاً جدياً تجعل تحقيقها أمراً أكثر احتمالاً من عدم تحققها([427]) .
ونحنُ نؤيد هذا الرأي الأخير على اعتبار أن التعويض عن تفويت الفرصة يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار مدى احتمال تحقيق تلك الفرصة . وبالتالي فأن القاضي عندما يحكم بالتعويض عن تفويت الفرصة يجب عليهِ ان يأخذ بنظر الاعتبار مدى نجاح طالب المعلومة في الفرصة التي فاتتهِ .
وبالتالي فأن ضياع الفرصة ترتب ضرراً مادياً لطالب المعلومة , فإذا أعطى المصرف طالب المعلومة معلومات غير صحيحة فأن تلك المعلومات قد تكون عائقاً أمام طالب المعلومة في إبرام صفقة تجارية مربحة ففي هذهِ الحالة يصاب طالب المعلومة بضرر مادي يتمثل في فوات الفرصة .
هذا وقد استقر القضاء في مصر والعراق على تعويض الضرر الناجم من فوات الفرصة . فقد أقرت محكمة النقض المصرية على انهُ يدخل ضمن عناصر الضرر تفويت الفرصة وتبدو هذهِ الفرصة بالنسبة لطالب المعلومة مما كان أمامهُ من فرصة كسب لو ابرم صفقة مع الشخص المستعلم عنهُ والذي أعطي المصرف معلومات غير صحيحة دفعت طالب المعلومة إلى عدم التعاقد معهُ([428]) .
كذلك الحال بالنسبة للقضاء العراقي فقد استقر على تعويض فوات الفرصة واعتبر أن تفويت الفرصة وحدها ضرر محققاً . وأجاز القضاء تعويض الضرر الناشئ عنها إذا رجح لدى المحكمة إمكانية الاستفادة منها وكأنهُ في ذلك يشترط ضمناً تحقق الضرر من جراء الفرصة الفائتة كسبب للتعويض([429]) .
ولا تقتصر الأضرار التي تصيب طالب المعلومة بالأضرار المادية وإنما يمكن أن تكون تلك الأضرار أضرار أدبية ( تصيب طالب المعلومة في قيمة غير مالية كسمعتهِ التجارية ) . حيث أقرت محكمة النقض الفرنسية إصابة طالب المعلومة بالضرر الأدبي في دعوى رفعت أمامها في 9 ابريل 1973 وتتلخص وقائعها :- أن المصرف قد امتنع عن تقديم المعلومات لعميلهِ كما هو واجب عليهِ في عمليات التحويل عن الأشكال المختلفة لدفع كمبيالة محررة بنقود أجنبية , وترتب على ذلك انهُ عندما تقدم المتعاقد مع العميل للمصرف بالكمبيالة المسحوبة عليهِ , رفض المصرف الوفاء مما دفع هذا المتعاقد من تحرير احتجاج عدم الدفع ضد العميل مما ترتب عليهِ إثارة الشك في المركز المالي للعميل . ولا شك أن الضرر الذي أصاب العميل في هذهِ الحالة ضرر أدبي يتعلق بسمعة العميل([430]) .
كما أن القانون المدني المصري قد أورد نصاً صريحاً في جواز التعويض عن الضرر الأدبي في كل من المسؤوليتين التقصيرية والعقدية , وهذا ما تضمنتهُ الفقرة (1) من المادة (222) حيث نصت على ” يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً , ولكن لا يجوز في هذهِ الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق , أو طالب الدائن بهِ أمام القضاء”([431]) .
أما بالنسبة لموقف المشرع عندنا , من التعويض عن الضرر الأدبي , فانهُ يقصر التعويض عن الضرر الأدبي على المسؤولية التقصيرية دون العقدية . ويمكن تبرير هذا القول بان المشرع قد أورد نصاً صريحاً واضحاً بوجوب التعويض عن هذا الضرر في المسؤولية التقصيرية([432]) , بينما لم نجد هناك نصاً يوجب التعويض عن الضرر الأدبي في المسؤولية العقدية([433]) .
وقد اقر القضاء العراقي بالتعويض عن الأضرار الأدبية في قرارات قضائية عديدة([434]).
وبناء على ما سبق ذكره , يمكن القول بأنهُ إذا كانت مسؤولية المصرف مسؤولية تقصيرية فانهُ يجب عليهِ التعويض عن الأضرار الأدبية التي يسببها لطالب المعلومة , عكس ما أذا كانت مسؤوليتهِ مسؤولية عقدية فلا يكون هناك عليهِ أي تعويض طبقاً للقواعد العامة السالفة الذكر .
كذلك أن الضرر وفق القواعد العامة أما أن يكون الضرر مباشر أو ضرر غير مباشر , وان تعويض المصرف لهذا الضرر يختلف بحسب ما إذا كانت مسؤوليتهِ مسؤولية تعاقدية أو مسؤولية تقصيرية . فإذا كانت مسؤولية المصرف مسؤولية تعاقدية فانهُ يسال عن الضرر المباشر المتوقع , إلا إذا ارتكب غشاً أو خطأ جسيم عندئذ يسأل عن الضرر المباشر كله متوقع أو غير متوقع([435]) . أما أذا كانت مسؤولية المصرف عن تقديم المعلومات مسؤولية تقصيرية فانهُ يسال عن الضرر الناشئ عن خطئهِ سواء كان ضرر متوقع أو غير متوقع وهذا كلهُ تطبيقاً للقواعد العامة([436]) .
ومع ذلك يتضح ان قواعد المسؤولية التقصيرية توفر حماية أفضل لعملاء المصارف من قواعد المسؤولية العقدية وان تقدير التعويض يعود للمحكمة – كقاعدة عامة – التي تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في هذا المجال في ضوء وقائع وملابسات كل قضية على حده , وبقدر ما لحق المتضرر ( طالب المعلومة ) من ضرر وما فاتهُ من كسب , ويتعين على القاضي أن يبذل كل ما في وسعهِ , ويستخدم كل ما يتمتع بهِ من علم ومعرفة وحكمة ونزاهة لكي يجعل مقدار التعويض الذي يقضي بهِ للمدعي مساوياً لما نزل بهِ من ضرر([437]) .
وان عبء إثبات الضرر يقع على عاتق طالب المعلومة ( المضرور ) وفقاً للقواعد العامة للإثبات التي تقضي بأن ” البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ” . بيد أن مسألة وقوع الضرر من عدمهِ واقعة مادية وليست عملاً قانونياً وبالتالي يجوز إثبات وقوع الضرر بجميع طرق الإثبات .
وخلاصة القول أن الضرر ركن من أركان مسؤولية المصرف المدنية عن تقديم معلومات الائتمان المالي والشرط لقيامها والقضاء بالتعويض تبعاً لذلك .
ثالثاً :- ركــن العلاقــــــة السببيــــة
تعد العلاقة السببية الركن الثالث من أركان مسؤولية المصرف المدنية والتي لا قيام لهذهِ المسؤولية بدون توافرها . حيث لا يكفي لقيام مسؤولية المصرف عن المعلومات التي قدمها بثبوت خطئهِ وإصابة طالب المعلومة بضرر , بل يلزم وجود علاقة مباشرة ما بين الخطأ والضرر وهذا ما يعبر عنهُ ( بتوافر العلاقة السببية )([438]) . وبهذا فانهُ يراد بهذهِ العلاقة في إطار بحثنا هنا وجوب قيام صلة بين الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت طالب المعلومة وبين الخطأ الذي ارتكبهُ المصرف , بحيث تكون تلك الأضرار هي النتيجة الطبيعية التي تترتب على خطأ المصرف . وتطبق القواعد العامة التي تحكم ركن السببية في المسؤولية المدنية على مسؤولية المصرف عن تقديم المعلومات .
وقد قبلت المحاكم الفرنسية ضرورة توافر هذهِ الرابطة لقيام مسؤولية المصرف . فإذا لم توجد هذهِ الرابطة فلا تنشئ مسؤولية المصرف ولو ثبت خطأ من جانبهِ وضرر لحق العميل . وقد ذهبت إلى هذا المعنى محكمة النقض الفرنسية في (5) فبراير 1962 حيث رفضت طعناً موجهاً ضد حكم محكمة استئناف مونبلية والتي قررت أن المصرف الذي أعطى المعلومات كان حسن النية لأنهُ قدم المعلومات وهو غير عالم بعدم صحتها وكما ثبت انهُ وقت تلقي العميل للمعلومات كان قد تعاقد بالفعل مع الشخص محل المعلومات لذلك لم تكن المعلومات المقدمة من المصرف هي السبب المباشر في حدوث الضرر([439]).
وبالتالي فأنهُ إذ لم يتم إثبات العلاقة السببية فأن دعوى المسؤولية يتم استبعادها . فإذا ادعى المصرف انتفاء هذهِ العلاقة فعليهِ إثبات ذلك , ومن ثم فأن مسؤوليتهِ تنتفي في كل حالة تنتفي فيها العلاقة السببية بين الخطأ والضرر . ومن الحالات التي تنتفي فيها العلاقة بين الخطأ والضرر , هو أن تكون المعلومات الخاطئة التي قدمها المصرف ليست هي السبب المباشر للضرر أو ان تكون العملية المسببة للضرر تمت قبل الحصول على المعلومات , كما هو الحال في ساحب الكمبيالة الذي حصل على المعلومات من المصرف عن المسحوب عليهِ تزكي مركزهُ المالي , مضمونها انهُ يفي بالتزاماتهِ ولديهِ عملاء جيدين . إلا أن هذهِ الكمبيالة لم تدفع وأفلس
المسحوب عليهِ فرجع الساحب على المصرف بالتعويض على أساس انهُ قدم معلومات خاطئة , الا ان محكمة استئناف باريس قررت عدم مسؤولية المصرف , ومن بين الأسباب التي اعتمدت عليها ان المعلومات الخاطئة لم تكن السبب في الضرر لان ساحب ( المضرور ) كان في التاريخ الذي قدمت فيهِ المعلومات قد ابرم من قبل كل صفقاتهِ مع المسحوب عليهِ , محكمة النقض الفرنسية أيدت هذا الحكم ورفضت الطعن المقدم عليهِ([440]) .
ومن الحالات الأخرى التي تنقطع فيها العلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو أن يكون طالب المعلومة قد أساء فهم هذهِ المعلومات ففي هذهِ الحالة تكون العلاقة السببية بين الخطأ والضرر منتفية .
ومما تجدر الإشارة إليهِ , أن طالب المعلومة ( الدائن ) ملزم بإثبات العلاقة السببية بين الضرر اللاحق بهِ وبين خطأ المصرف . بينما يكون على المصرف ( المدين ) أثبات نفي هذهِ العلاقة أذا ادعى أنها غير موجودة . فعبء الإثبات يقع عليهِ لا على طالب المعلومة . والمصرف لا يستطيع نفي العلاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي وذلك بأن يثبت أن الضرر الذي لحق طالب المعلومة يرجع إلى قوة قاهرة أو يرجع إلى خطأ المضرور ( طالب المعلومة ) أو يرجع إلى فعل الغير([441]) .
إلا انهُ قد تثير مسألة إثبات الرابطة السببية بين الخطأ والضرر بعض الصعوبات فيما يتعلق بتقديم المعلومات , ذلك لأنهُ قد يظهر في بعض الأحيان أن العلاقة السببية بين خطأ المصرف والضرر الذي أصاب طالب المعلومة ليست سببية مباشرة , وقد ترجع هذهِ الصعوبة لسببين أولهما :- يتعلق بتحديد مدى تأثير المعلومات على قرار طالب المعلومة , لأنهُ قد يحتج المصرف على طالب المعلومة المضرور بأن هذا الأخير كانت لهُ الحرية الكاملة في اتخاذ القرار بالتصرف أو عدم التصرف . والسبب الثاني :- يتعلق بإثبات أن المعلومات هي السبب المباشر للضرر الذي أصاب طالب المعلومة([442]) . وأيا كانت الصعوبة التي تواجه طالب المعلومة لإثبات العلاقة السببية , فانهُ يمكن لهُ إثبات هذهِ العلاقة بأن يثبت استعجال المصرف في تقديم هذهِ المعلومات مما يعني عدم قيامهِ ببذل العناية اللازمة منهُ في تقديم هذهِ المعلومات .
وبالتالي فانهُ متى تم إثبات قيام الرابطة السببية بين خطأ المصرف والضرر الذي أصاب طالب المعلومة , فأن مسؤولية المصرف تقوم تجاه هذا الأخير ما لم يوجد سبب أجنبي يخفف من هذهِ المسؤولية أو ينفيها تماماً .
المطلب الثاني
التعديل في مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي
ذكرنا سابقاً , إن مسؤولية المصرف عن تقديم معلومات الائتمان المالي قد تكون مسؤولية عقدية نتيجة الإخلال بالعقد الذي يربط طالب المعلومة بالمصرف , أو قد تكون مسؤولية تقصيرية نتيجة الإخلال بالتزام يفرضهُ القانون . ووفقاً للقواعد العامة فأن أحكام المسؤولية التقصيرية تعتبر من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها . وبالتالي لا يمكن تعديل أحكامها . خلافاً للمسؤولية العقدية التي يمكن تعديل أحكامها من خلال الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها . وهذا ما سنبحثهُ في الفقرتين التاليتين . حيث سنتناول في الفقرة الأولى أمكانية إعفاء المصرف من المسؤولية . بينما في الفقرة الثانية سنتطرق إلى أمكانية تخفيف مسؤولية المصرف .
أولاً :- إعفاء المصرف من المسؤوليـة
تتطلب معرفة أحكام إعفاء المصرف من المسؤولية , التطرق إلى الإعفاء ألاتفاقي أولاً , ومن ثم توضيح أهم حالات الإعفاء القانوني.
أ – اعفاء أتفاقي
تطبيقاً لمبدأ الحرية التعاقدية , فأنهُ يجوز للأطراف العقد الاتفاق على جميع الشروط التي يرتضونها في حدود النظام العام . وبعد ذلك تصبح جميع الشروط المتضمنة في العقد , شريعة المتعاقدين . وبالتالي فأن المصرف يستطيع اشتراط إعفائهِ من المسؤولية الناتجة عن خطئهِ العقدي . ويجب في هذهِ الحالة احترام هذهِ الشروط التي يدرجها الطرفان في الاتفاق([443]).
ويذهب الفقه إلى أن هذهِ الشروط تكون صحيحة في الحدود التي تقرها القواعد العامة([444]) .وطبقاً للمادة (259) من القانون المدني العراقي التي تنص على ” 1- يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة الحادث الفجائي والقوة القاهرة 2- وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء الــمدين من كــل مسؤولية تترتب على عــدم تنفيذ التزامــهِ
التعاقدي إلا التي تنشأ عن غشهِ أو عن خطأه الجسيم , ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليتهِ من الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من اشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامهِ 3- ويقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على العمل الغير مشروع”([445]).
وبموجب هذا النص , يمكن القول بأن المسؤولية العقدية يجوز الإعفاء منها , بموجب شروط صريحة ومحددة تعفي المصرف من المسؤولية عن أخطائهِ اليسيرة , ولكن على إلا يصل الأمر إلى حد إعفاء المصرف من المسؤولية عن فعلهِ العمدي أو عن خطأه الجسيم . وبالتالي فأن المصرف يسعى من اجل الوصول إلى إعفائهِ من المسؤولية إلى أدراج شرط في الاتفاق المبرم مع طالب المعلومة يقضي بعدم مسؤوليتهِ عن المعلومات التي يقدمها لهُ . وان الشروط التي يدرجها المصرف لإعفائهِ من المسؤولية تأخذ صور متعددة منها :- ما يشترطهُ المصرف عند الاتفاق على تقديم المعلومات انهُ غير مسؤول عن صدق المعلومات ولا يسأل عن عدم صحتها الراجع إلى أسباب محددة([446]).
ومن الصور الأخرى للشروط التي يدرجها المصرف عند الاتفاق لإعفائهِ من المسؤولية , هي شرط عدم الضمان , وشرط السرية . ويقصد بشرط عدم الضمان أن يتخلص المصرف من مسؤوليتهِ تجاه طالب المعلومة([447]) . حيث ان هذا الشرط يقرر لصالح المصرف ( معطي المعلومات ) لأنهُ يقضي بعدم مسؤوليتهِ عن الضرر الذي يصيب طالب المعلومة والناتج عن خطئهِ في تقديم المعلومات . وتعبر المصارف عن هذا الشرط بالعبارات التالية ” أن المعلومات تقدم بلا ضمان ولا مسؤولية أو تحت كل التحفظات ” . وفيما يتعلق بمدى صحة هذا الشرط , فأن هذا الشرط يكون مقبولاً من حيث المبدأ باعتبارهِ شرط من شروط عدم المسؤولية . ويطبق على هذا الشرط القواعد العامة فأن هذا الشرط يكون مشروعاً إلا إذا ارتكب المصرف غشاً أو خطأ جسيم ففي هذهِ الحالة يكون الشرط باطلاً وعديم الفائدة([448]) . أي أن شرط عدم الضمان لا يكون مقبولاً في حالة الغش والخطأ الجسيم([449]) . لأنهُ لو صح للمصرف ان يعفي نفسهُ من المسؤولية عن خطئهِ الجسيم لكان تنفيذ التزامهِ معلقاً على شرط إرادي محض وهذا لا يجوز لأنهُ يتعارض مع النظام العام([450]) . ولكن شرط عدم الضمان يكون مقبولاً وينتج أثرهُ ويعفى المصرف من المسؤولية في حالة الخطأ اليسير. وهذا كلهُ تطبيقاً للقواعد العامة([451])
أما شرط السرية , فيتمثل بأن المصارف تسعى في بعض الحالات عند الاتفاق مع طالب المعلومة على تقديم المعلومات إلى إدراج شرط يتضمن توجيه من المصرف بأن يحتفظ طالب المعلومة بسرية المعلومات المقدمة لهُ. وتلجأ المصارف إلى إدراج هذا الشرط في ظروف معينة منها إذا كانت المعلومات التي تخص العميل المستعلم عنهُ غير مناسبة ولكن لازال هذا العميل يتمتع بائتمان جيد في معاملاتهِ مع الغير فإذا طلب عميل أخر أو أي شخص ما معلومات من المصرف عن حالة هذا العميل فأن المصرف يورد في الإجابة عبارات يفهم منها أن حالة هذا العميل غير مطمئنة كأن يرد في الإجابة أن التعامل معهُ يجب أن يتم نقداً ولكن المصرف يشترط على طالب المعلومة أن يحتفظ بسرية هذهِ المعلومات وغير مسموح لأحد الاطلاع عليها . فإذا أفشى العميل طالب المعلومة هذهِ المعلومات ولم يلتزم بشرط السرية فأنهُ في حالة رجوع المستعلم عنهُ بدعوى المسؤولية ضد المصرف الذي يمكنهُ بدورهِ أن يرجع على طالب المعلومة الذي أفشى المعلومات المقدمة له بتعويض الأضرار التي لحقتهُ لأنهُ تعهد للمصرف بعدم اطلاع أي شخص على هذهِ المعلومات . وفي هذهِ الحالة يتحمل طالب المعلومة بطريق غير مباشر النتائج التي يحكم بها على المصرف وذلك بموجب شرط السرية([452]) . وهذا الشرط كما هو الحال بالنسبة لشرط عدم الضمان يشترطهُ المصرف لإعفائهِ من المسؤولية في حالة الخطأ الذي يصدر عنهُ .وبالتالي فأن شرط السرية يخضع للقواعد العامة , فيكون هذا الشرط مقبولاً في حالة الخطأ اليسير وباطلاً وعديم الجدوى في حالة ارتكاب المصرف خطأ جسيم([453]).
ولكي تنتج شروط الإعفاء من المسؤولية هذا الأثر المحدود يجب أن تكون صريحة ومحددة وان يقبلها العميل , فبالنسبة لكونها صريحة ومحددة فأنهُ إذا كانت على هذا النحو أنتجت أثرها ويعفي المصرف عن أخطائهِ اليسيرة دون الأخطاء الجسيمة . أما أذا لم تكن هذهِ الشروط صريحة كما هو الحال بالنسبة للتحفظ الذي يبديهِ المصرف عادة بتدوين عبارة ” ماعدا السهو والغلط ” وما في حكمهما فلا يكون لهُ اثر يعفيهِ من المسؤولية([454]) . فقد حدث ان احد التجار سلم المصرف صكاً للتحصيل مسحوباً على احد فروعهِ وحصل على إيصال يفيد على أن هذا التسليم مطبوع عليهِ ” أن المصرف لا يتحمل أية مسؤولية في حالة التأخير عن عمل احتجاج عدم الدفع أو عن الإخطار بعدم الوفاء بالصك . ألا أن هذا الصك لم يكن لهُ رصيد , وأهمل المصرف في إخطار المستفيد بذلك , ولم يخطرهُ إلا بعد مضي (12) يوماً , والمستفيد من جانبهِ معتقد انهُ لا مشكلة في الوفاء وأرسل للساحب بعد (7) أيام من تسليم الصك طلبيه جديدة . المحكمة اعتبرت أن شرط الإعفاء من المسؤولية صحيح لأنهُ صريح وواضح ومحدد . ومع ذلك قررت مسؤولية المصرف لأنهُ بعدم إخطار المستفيد ارتكب خطأ جسيماً والشرط لا يعفي المصرف من الغش والخطأ الجسيم المعادل للغش([455]).
أما بالنسبة لشرط قبول العميل لهُ , فأنهُ لما كان العقد شريعة المتعاقدين فأن شرط الإعفاء من المسؤولية لا يكون نافذاً إلا إذا قبلهُ طالب المعلومة . فلا يرتب هذا الشرط أثرهُ إلا إذا ثبت أن طالب المعلومة قد قبلهُ([456]) . ولكن يذهب البعض أن شرط الإعفاء من المسؤولية الذي يدرجهُ المصرف في العقد الذي يربط طالب المعلومة بهِ يحقق فوائد عديدة لهُ . لأنهُ يقوم بنفس دور التأمين من المسؤولية . بل أن هذا الشرط أفضل من قيام المصرف بالتأمين على المسؤولية بالنظر إلى المغالاة في المبالغ المطلوبة كأقساط للتأمين , والتي قد تكون في بعض الأحيان عائقاً للمصرف من الناحية الاقتصادية . إلا انهُ على الرغم من أهمية هذهِ الشروط بالنسبة للمصرف . إلا أن قبولها يرتب نتائج في غاية الخطورة خاصة فيما يتعلق بالمصرف المستفيد منها لان مثل هذهِ الشروط تجعلهُ اقل مبادرة إلى تنفيذ التزاماتهِ . كما قد يقود الأمر في نهاية المطاف إلى القصور والإهمال . وأمام هذهِ النتائج واعتياد المصارف على اشتراط عدم مسؤوليتها عند الاتفاق على تقديم المعلومات , فقد حاول بعض الشراح وضع قاعدة تقضي ببطلان شروط عدم المسؤولية . ووجهة نظرهم أن مثل هذهِ الشروط تتعارض مع مهنة المصرف عند تقديم المعلومات بل تعتبر شروطاً تحكمية لأنها تفرغ جوهر مهمة المصرف من مضمونها وتزيل كل مصلحة لطالب المعلومة في الانتفاع بالمعلومات . وعلى أية حال فقد اتجه الفقه من اجل تحقيق التوازن بين فوائد هذهِ الشروط والنتائج الخطيرة التي تترتب عليها إلى تطبيق القواعد العامة([457]) .
ب – الاعفاء القانوني
أن الأسباب التي تدعوا إلى إعفاء المصرف من المسؤولية التي تترتب عليهِ نتيجة إخلالهِ بالتزامهِ بتقديم معلومات الائتمان المالي تكون متعددة منها :- خطأ طالب المعلومة أي خطأ المضرور , ومنها القوة القاهرة التي تمنع المصرف من تنفيذ التزامهِ وأخيراً خطأ الغير . وهذا ما سنبحثهُ في المحاور الآتية :-
1- خطأ طالب المعلومة ( خطأ المضرور )
أن كان الخطأ هو احد أركان المسؤولية المدنية بوجه عام , والعقدية بوجه خاص . وان تحققهِ ركن جوهري لترتب آثار تلك المسؤولية وهدفها التعويض , لكن ما هو الحال لو كان الخطأ هنا يعود للمضرور نفسهُ أي لطالب المعلومة , فهل يؤثر هذا الخطأ على مسؤولية المصرف تلك ؟
قد يشترك المضرور بخطئهِ مع المسؤول في إحداث الضرر , ووفقاً للقواعد العامة يشترط أن يكون خطأ المضرور هو الذي استغرق خطأ المصرف . ففي هذهِ الحالة يعفى المصرف من المسؤولية , أما أذا استغرق خطأ المصرف خطأ المضرور طالب المعلومة , فهنا تقوم مسؤولية المصرف كاملة . أي أن المصرف لا يعفى من المسؤولية ألا أذا تبين من الظروف أن خطأ طالب المعلومة هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابهُ وانهُ بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المصرف([458]) .
وهذا ما أكدتهُ النصوص التشريعية المدنية , حيث نصت المادة (211) من القانون المدني العراقي ” أذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد لهُ فيهِ كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك”([459]) .
ومن هذا النص , يمكن القول أن خطأ طالب المعلومة يكون سبباً للإعفاء المصرف من المسؤولية . وهذا ما أكدهُ القضاء لدينا وكذلك القضاء في مصر , حيث يذهب القضاء في مصر إلى أن خطأ المضرور يؤدي إلى نفي الرابطة السببية وبالتالي يمنع قيام مسؤولية المدعى عليهِ . وقد أقرت هذهِ المبادئ محكمة النقض المصرية في قرار لها في (12) ابريل 1968 . حيث ذهبت إلى انهُ من المقرر قانوناً أن فعل المضرور لا يرفع المسؤولية عن الأفعال الشخصية أو يخفف منها إلا إذا اعتبر الفعل خطأ في ذاتهِ واحدث وحده ُالضرر([460]) .
أما بالنسبة للقضاء لدينا , فأنهُ أقر بأنهُ لا مسؤولية على المدعي عليهِ , إذا كان الضرر الحاصل بسبب خطأ المضرور الذي يعد سبباً منتجاً في أحداث الضرر([461]) . ويتحقق خطأ المضرور في هذا المجال , أذا اعتمد طالب المعلومة كلياً على المعلومات التي حصل عليها مع أنها كانت بعباراتها تحمل معاني الحرص والتحفظ مما كان يجب على طالب المعلومة أن يستكملها بتحريات من عندهِ .
ومما تجدر الإشارة إليهِ , أن خطأ المضرور لهُ آثر كبير لدى تقدير التعويض قضائياً . ونجد بهذا سنداً تشريعياً في بعض التشريعات المدنية التي سمحت بنصوص صريحة للقضاء أن يأخذ بنظر الاعتبار خطأ المضرور عند تقدير التعويض للضرر المادي أو المعنوي . فالقانون المدني العراقي أشار في المادة (210) منهُ ” يجوز للمحكمة أن تنقص مقدار التعويض أو لا تحكم بتعويض ما أذا كان المتضرر قد اشترك بخطأهُ في إحداث الضرر أو زاد فيهِ أو كان قد سوا مركز المدين”([462]).
2- القوة القاهـرة
إن القانون المدني العراقي , وكذلك القانون المدني المصري , قد خلا كل منهم من أي نص خاص بتحديد مدلول القوة القاهرة . وكل ما هو موجود بعض من النصوص التي تشير إليها , بوصفها صورة من صور السبب الأجنبي ووسيلة لدفع المسؤولية([463]) , ومنها نص المادة (211) من القانون المدني العراقي وكذلك المادة (165) من القانون المدني المصري .
ومع ذلك يمكن القول بأن القوة القاهرة في نطاق بحثنا هذا . هي كل حادث خارجي لا يمكن توقعهِ ولا دفعهِ من قبل المصرف يؤدي مباشرة إلى حصول الضرر كما هو الحال بالإضراب المصرفي العام الذي يمنع المصرف من تنفيذ التزامهِ . وتنفي القوة القاهرة العلاقة السببية بين الخطأ والضرر . إذ قد يدعي المصرف في سبيل نفي الخطأ المنسوب إليهِ في حالة عدم تقديم المعلومات كواجب يقع على عاتقهِ نحو عملائهِ في بعض العمليات المصرفية , وجود قوة قاهرة منعتهُ من القيام بواجبهِ بتقديم المعلومات . وهذا الأمر أكدهُ القضاء الفرنسي في دعوى تتلخص وقائعها في أن المصرف ادعى في يوم تنفيذ العملية المتعلقة بعمليات البورصة كان هناك إضراب مصرفي من جانب المصارف وبالتالي لم يتمكن المصرف من أخطار العميل بالمعلومات المتعلقة بالتنفيذ . ولكن محكمة استئناف باريس في 24 نوفمبر 1978 لم تقبل هذا الادعاء وقررت أن الإضراب المصرفي لا يكون قوة قاهرة تمنع المصرف من تنفيذ أوامر البورصة المسلمة لهُ وان يستعلم ويقدم المعلومات لعملائهِ ذلك لان الإضراب المصرفي لم يكن عاماً([464]).
وطبقاً للقواعد العامة لكي يعتبر السبب قوة قاهرة يعفي المصرف من المسؤولية يجب أن يكون غير متوقع الحدوث من جانب المصرف , فإذا أمكن لهذا الأخير توقعهِ فلا تشكل تلك الواقعة قوة قاهرة تعفي المصرف من المسؤولية , ووقت عدم التوقع يكون وقت أبرام العقد . إضافة إلى ذلك يجب أن تكون تلك الواقعة غير قابلة للدفع , ويجب أيضاً أن لا يكون للمدين أي المصرف دخل في نشوء تلك القوة القاهرة .
ومما نلاحظهُ أن النصوص القانونية سواء تلك الواردة في قانون البنك المركزي أو قانون المصارف لدينا , لم يرد نص يقرر فيهِ عدم مسؤولية المصرف في حالة تعرضهِ لقوة قاهرة تمنعهُ من تنفيذ التزاماتهِ لذلك نقترح الأخذ بالنص التالي وإيرادهِ في قانون المصارف بصورة خاصة ” لا يتحمل المصرف أية تبعة أو مسؤولية فيما يتعلق بالنتائج على انقطاع سير أعمالهِ بسبب القوة القاهرة أو الفتن والإضرابات أو الحروب أو أية أسباب أخرى خارجة عن إرادتهِ ” .
3- خطأ الغير
يعتبر خطأ الغير سبباً أجنبياً إذا اثبت المدعى عليهِ ان الضرر نتج عن خطأ شخص أجنبي عنهُ استغرق خطأهُ . ويثبت ذلك إذا افلح المدعى عليهِ في نفي العلاقة السببية بين خطئهِ وبين الضرر . وإذا افلح في ذلك اعفي من المسؤولية ليتحملها الأجنبي([465]).
وتطبيقاً للقواعد العامة يشترط في خطأ الغير أن يكون لهُ آثراً في إحداث الضرر , فإذا لم يكن كذلك فليس لهُ آثر في مسؤولية المدعى عليهِ وكان هذا الأخير وحدهُ هو المسؤول وكانت مسؤوليتهِ كاملة([466]). وبالتالي فأن خطأ الغير ينفي العلاقة السببية بين المعلومات غير الصحيحة المقدمة من المصرف والضرر الذي أصاب طالب المعلومة . ويتحقق خطأ الغير فيما يتعلق بالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي في حالة ما إذا قدمت تلك المعلومات من قبل مصرف أخر ويسمى بالمصرف المراسل وكانت تلك المعلومات غير الصحيحة , فغالباً ما يلجأ المصرف في سبيل حصولهِ على المعلومات إلى خدمات مصرف أخر لان هذا الأخير يكون في وضع أفضل من الأول لكي يعطي معلومات تعبر عن الحالة الواقعية للشخص المستعلم عنهُ .
وهذا ما اقرهُ القضاء الفرنسي فعلاً . حيث أن احد العملاء تقدم إلى مصرفهِ يطلب منهُ معلومات عن ملاءة شركة معينة . ولان هذهِ الشركة ليست عميلة للمصرف , فقد راسل المصرف الذي هي عملية لديهِ وحصل على المعلومات المطلوبة واكتفى بنقلهِ إلى عميلهِ , دون أن يتحقق منها أو يضمن صحتها , لأنهُ لم يتعهد بذلك , وقدم هذهِ الخدمة في إطار العلاقات مع عميلة بدون اجر , إلا أن هذهِ المعلومات اتضح بأنها غير صحيحة وان المصرف المراسل تصرف بعدم عناية في تقديمهِ للمعلومات . محكمة استئناف رن قررت أن المصرف الأصلي لن يكون مسؤولاً شخصياً عنها . متى ثبت انهُ بذل عنايتهِ بتوجههِ إلى أفضل مصرف ليقدم معلومات جادة .
وعلى هذا الأساس فأنهُ في حالة عدم وجود خطأ في الاختيار فأن المصرف الأصلي لا يسأل عن الأخطاء التي يرتكبها المصرف المراسل . وهذا الأخير يسأل أمام عميل المصرف الأصلي على أساس الخطأ التقصيري الذي يكون قد ارتكبهٌ([467]) .
ومن هذا يمكن أن نستنتج , أن طالب المعلومة المتضرر من المعلومات يستطيع ان يرجع على الغير الذي احدث الضرر بدعوى المسؤولية التقصيرية. ولكن يجب ملاحظة أن طالب المعلومة المتضرر ان يرجع على الغير بدعوى المسؤولية التعاقدية أذا كان المصرف مفوضاً من طالب المعلومة بالحصول على المعلومات من الغير ففي هذهِ الحالة تنشأ علاقة مباشرة بين الأصيل ( طالب المعلومة ) والمصرف المراسل على اعتبار ان الآثار ستنصرف إلى للأصيل مباشرة طبقاً للقواعد العامة في الوكالة([468]).
ومما تجدر الإشارة إليهِ , إلى انهُ يشترط في الغير الذي ارتكب الخطأ أن لا يكون من بين الأشخاص الذين يعتبر المصرف مسؤولاً عنهم . أي يجب أن لا يكون وكيلاً أو تابعاً لهُ([469]) . وبخلافهِ فأنهُ يسأل مسؤولية التابع على المتبوع .
وهنا يثور التساؤل حول ما أذا كان الغير تابعاً للمصرف , فما هي مسؤولية المصرف عن الأخطاء التي تصدر من التابعين لهُ ؟
تطبيقاً للقواعد العامة , أن المتبوع يكون مسؤولاً عن أعمال تابعيه , و هذا ما تضمنتهُ المادة ( 219) من القانون المدني العراقي حيث تنص على “1- الحكومات والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة , وكل شخص يستغل أحد المؤسسات الصناعية أو التجارية مسؤولون عن الضرر الذي يحدثهُ مستخدموهم, أذا كان الضرر ناشئاً عن تعدِ وقع منهم أثناء قيامهم بخدماتهم 2- ويستطيع المخدوم أن يتخلص من المسؤولية أذا اثبت انهُ بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر أو أن الضرر كان لابد واقعاً حتى لو بذل هذهِ العناية“([470]).
ومن خلال هذا النص , يمكن القول , أن المصرف يكون مسؤولاً عن أفعال التابعين بعد تحقق علاقة التبعية , وان يرتكب هذا التابع خطأ , وان يكون هذا الخطأ قد صدر من التابع أثناء قيامهِ بخدماتهِ . ألا انهُ يستطيع أن يتخلص من المسؤولية متى ما اثبت انهُ بذل العناية اللازمة من الرقابة على تابعيهِ لمنع وقوع الضرر , أو ان الضرر كان واقعاً حتى لو بذل هذهِ العناية . وبالتالي فأن مسؤولية المصرف عن أفعال التابعين تكون كاملة ويسأل عن تعويض الضرر الذي يسببهُ التابعين لهُ , وإذا لم يستطيع نفي مسؤوليتهِ وحكم عليهِ بالتعويض أمكنهُ الرجوع على التابع بما دفع من تعويض بمقتضى نص المادة (220) من القانون المدني العراقي التي تنص على انهُ ” للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليهِ بما ضمنهُ “([471]).
وأخيراً , فأنهُ يمكن للمصرف أن يشترط إعفائهِ من المسؤولية عن الأخطاء التي تصدر من تابعيهِ متى ما نشأت تلك الأخطاء عن غش أو خطأ جسيم([472]).
ثانياً :- تخفيف مسؤوليـة المصـرف
أن تعديل أحكام مسؤولية المصرف تتمثل بالإعفاء من هذهِ المسؤولية أو التخفيف منها . وتخفيف المسؤولية للمصرف تتطلب معرفة شروط التخفيف , ومن ثم التعرف على أهم الاسباب التي تدعو إلى تخفيف مسؤولية المصرف .
أ – شـروط التخفيـف
يستطيع المدين ان يخفف مسؤوليتهِ , بأن يشترط شروطاً تخفف من هذهِ المسؤولية . أي يستطيع المصرف ان يشترط تخفيف مسؤوليتهِ في حالة إخلالهِ بإعطاء معلومات الائتمان المالي . ففي هذهِ الحالة لا يشترط المصرف الإعفاء الكلي من المسؤولية ولكنهُ يشترط تحديدها , فقد يدرج شرطاً يقضي بأن المعلومات تقدم بدون فحص عميق . وعلى ذلك فأن هذهِ الشروط يجب آن تؤخذ بنظر الاعتبار عند تقدير مسؤولية المصرف .
ومما تجدر الإشارة إليهِ , أن الحكمة من إدراج هذهِ الشروط هو تدارك المصرف لما يترتب عليهِ من نقص العناية المتفق عليها مع طالب المعلومة([473]) . ولكي يصل المصرف إلى تحديد مسؤوليتهِ عليهِ أن يتجه إلى تضيق نطاق التزامهِ فقد يتجه إلى تقديم المعلومات مجاناً . وذلك حتى يمكن إعفائهِ من بعض العناية مما يؤثر على مسؤوليتهِ . وطبقاً للقواعد العامة , فأن هذهِ الشروط كما هو الحال بالنسبة لشروط الإعفاء لا ترتب إثرها , إلا أذا قبلها طالب المعلومة , بحيث تكون هذهِ الشروط عديمة الأثر إذا ثبت عدم قبولها من قبل طالب المعلومة([474]).إضافة إلى أن هذهِ الشروط تكون صحيحة في حدود الخطأ البسيط وباطلة في حالة الغش والخطأ الجسيم([475]).
ويبدو لنا , أن صحة هذهِ الشروط ترجع إلى انهُ إذا كان المشرع لدينا قد أجاز وفق المادة (259) من القانون المدني الاتفاق في دائرة العلاقات العقدية على الإعفاء من المسؤولية للمدين عن خطئهِ الشخصي البسيط وعن جميع أخطاء مساعديه ولو كانت عمدية , فأنهُ لا يثور أي شك في صحة شروط تخفيف المسؤولية العقدية في نفس الحدود , لان شروط التخفيف باعتبارها إعفاءاً جزئياً اقل خطورة من شروط الإعفاء من المسؤولية , فيقضى بصحتها تطبيقاً للمادة (259) تطبيقاً لقواعد قياس الأولى في تفسير النصوص .
ب – أسبــاب التخفيـف
إن من أهم الأسباب التي تدعو إلى تخفيف مسؤولية المصرف هي الخطأ المشترك بين المصرف وطالب المعلومة , وكذلك مجانية الخدمة التي يقدمها المصرف .
1- الخطأ المشترك (faute commune)
يقصد بالخطأ المشترك هو صدور الخطأ من المدعى عليهِ ومن المضرور دون أن يستغرق احدهما الأخر . وإنما يبقى كل منهما مستقل عن الأخر . إذ أن كلا من الخطأين يعتبر سبباً في إحداث الضرر , إذ لولاه لما وقع هذا الضرر([476]) . أي انهُ إذا كان الضرر ناجماً عن خطأ طالب المعلومة , والمصرف معاً ولم يستغرق احدهما الأخر , فلا يتحمل المصرف كامل المسؤولية بل تقسم بينهُ وبين طالب المعلومة . وتطبيق قواعد الخطأ المشترك يؤدي إلى أن خطأ طالب المعلومة يخفف من مسؤولية المصرف فيتحمل طالب المعلومة جزءاً من الضرر الذي أصابهُ . وهذا ما استقر عليهِ القضاء في فرنسا . حيث أكد انهُ في حالة ارتكاب طالب المعلومة خطأ يساهم في إحداث الضرر , فأنهُ يتحمل جزءاً من الضرر الذي أصابهُ . ويمكن استخلاص ذلك في دعوى مقامة من تاجر قام بتوريد مواد خام إلى مقاول , وقد كان التاجر قد طلب المعلومات من مصرف المقاول عن حالة أعمالهِ . أعطى المصرف معلومات عن هذا المقاول ولكن غير مطابقة للحقيقة , وبناء على هذهِ المعلومات نفذ التاجر صفقات ضخمة لحساب المقاول ولكن الأخير لم ينفذ ما عليهِ من التزامات . لذلك أقام التاجر دعوى ضد مدير الفرع الذي قدم المعلومات وضد المصرف . عرض النزاع أمام محكمة استئناف نيم في (11) يناير 1956, حيث أوضحت المحكمة خطأ المصرف حيث تبين من ظروف الدعوى انهُ في الوقت الذي أعطى فيهِ
المصرف معلومات جيدة عن المقاول كان قد سجل رهناً حيازياً على أموال المقاول . كما أظهرت المحكمة خطأ التاجر ( طالب المعلومة ) المضرور لأنهُ تصرف بلا تبصر وحذر سبق لهُ ان تعرض بصعوبات في الدفع مع المتعاقد معهُ . واستنتجت المحكمة أن ( طالب المعلومة ) المضرور ارتكب خطأ ساهم في إحداث الضرر ويتحمل جزءاً من الضرر الذي أصابهُ . وقبلت المحكمة اقتسام المسؤولية بين المصرف وطالب المعلومات([477]).
وكذلك الحال بالنسبة للقضاء المصري , حيث قررت محكمة النقض المصرية في (2) ابريل 1945, انهُ أذا كان المضرور قد اخطأ وساهم بخطئهِ في أحداث الضرر الذي أصابهُ , فأن ذلك يجب أن يراعى في تقدير التعويض المستحق لهُ . فلا يحكم على المدعى عليهِ إلا بالقدر المناسب لخطئهِ . ويترتب على ذلك توزيع مبلغ التعويض بينهُ وبين المضرور . وبناءاً على عملية تشبه المقاصة لا يكون المدعى عليهِ ملزماً إلا بمقدار التعويض المستحق منقوصاً منهُ ما يجب أن يتحملهُ المضرور بسبب الخطأ الذي وقع منهُ([478]).
وهذا ما يؤكدهُ المشرع عندنا , حيث أجاز للمحكمة ان تنقص مقدار التعويض إذا كان المتضرر قد اشترك بخطئهِ في إحداث الضرر([479]) .
وبناء على ذلك , انهُ متى قامت مسؤولية المصرف فقد لا يتحمل وحدهُ جميع نتائجها بل يشاركهُ في ذلك المدعي الذي أصابهُ الضرر متى كان قد ارتكب بدورهِ خطأ ساهم في إحداث الضرر أو زاد في مقدارهِ . والصورة الغالبة في ذلك فيما لو أن بيان المصرف جاء ناقصاً . فأنهُ يتوجب على طالب المعلومة أن يستكملهُ وان لا يقصر اعتمادهِ عليهِ فقط . فيكون الطرفان أذاً مشتركين في الخطأ . وبالتالي فأن الخطأ المشترك يكون سبباً لتخفيف مسؤولية المصرف ويترتب عليهِ توزيع هذهِ المسؤولية بين المصرف والمتضرر مما يستوجب تخفيض التعويض المقرر للمتضرر([480]) .
2- مجانية الخدمة
أن المصرف غالباً ما يتقاضى اجر أو عمولة مقابل الخدمة التي يقدمها . وحتى ولو لم يتقاضى شيئاً إطلاقاً , فهو يقوم بذلك رغبة في جلب العملاء أو مكافأة لعملائهِ عن عمليات أخرى أو عن استمرارهم في التعامل معهُ([481]).
لذلك يظهر التساؤل حول ما إذا قام المصرف بتقديم المعلومات مجاناً , فهل هذا يؤثر على مسؤولية المصرف ؟ وهل مجانية الخدمة تعد سبباً للإعفاء من المسؤولية أم سبباً للتخفيف منها؟ يذهب جانب من الفقه([482]), إلى أن مجانية الخدمة تكون سبباً للتخفيف المسؤولية , وليست سبباً للإعفاء منها . حيث انهُ في حالة قيام المصرف بتقديم المعلومات مجاناً لطالب لمعلومة فأن مسؤوليتهِ التعاقدية عنها يتم تقديرها اخف مما إذا كان المصرف قد حصل على اجر أو مقابل . ويعلل الفقه ذلك , بالقول أن محاولة التخفيف من المسؤولية العقدية للمصرف في حالة تقديمهِ المعلومات مجاناً يرجع إلى أن العقد المبرم بين المصرف وطالب المعلومة عقد مجاني . فلا تقوم مسؤوليتهِ عن تخلف ما نشأ منهُ من التزام ألا في حالات معينة . وان هذا العقد لا يلزم المصرف بما يلتزم بهِ مكتب المعلومات الذي يحتـرف بهِ هذا النشـاط بوجه رئيسـي . وهذا ما أكدهُ القضاء في فرنسا , حيث قررت محكمة استئناف باريس ضمناً أن مجانية الخدمة لا تعتبر سبباً للإعفاء من المسؤولية . بل تعني ان التزام المصرف هو التزام ببذل عناية , حيث قضت فيما يتعلق بالخدمة التي تطلب دون اجر خاص فأن المصرف يلتزم تجاه طالبها بالتزام تعاقدي ببذل عناية وبالتالي فأن مجانية الخدمة تكون سبباً لتخفيف المسؤولية([483]) .
إضافة إلى أن هدف المصرف من تقديم المعلومات مجاناً هو تجنب المسؤولية على اعتبار أن تقديمها بدون اجر خاص يمكن آن يؤثر على نطاق العناية التي يجب على المصرف أن يبذلها والتي على أساسها يتم تقدير مسؤولية المصرف . وعلى ذلك يمكن القول بأن تقديم المعلومات مجاناً لا يعتبر سبباً لاعفاء المصرف من المسؤولية . ولكن في حالة ما أذا أعطى المصرف المعلومات مجاناً , فأن مسؤوليتهِ تقدر بشكل اقل شدة , عن تلك التي يحصل فيها على اجر أو عمولة .
أما بالنسبة لمدى تأثير الأجر على تحديد المسؤولية عندنا , فأننا , لم نجد نص خاص سواء في القانون المدني او قانون المصارف , يحدد فيهِ اثر الأجرة على تكييف المسؤولية ما عدا النص الخاص بأحكام الوكالة الذي بين فيهِ مدى العناية التي يجب على الوكيل أن يبذلها فيما إذا كانت الوكالة بأجر أم بدون اجر([484]) . لذلك كان الأجدر بالمشرع أن يورد نصاً يوضح فيهِ اثر الأجرة على تحديد المسؤولية وفيما أذا كانت سبباً للإعفاء من المسؤولية أو سبباً للتخفيف . وخاصة فيما يتعلق بالخدمات التي تقدمها المؤسسات العامة ومنها المصارف .
وبناءاً على ما سبق ذكرهُ , يمكن القول , بأن مسؤولية المصرف يمكن تعديلها أما بالإعفاء منها متى ما توفر شرط من شروط الإعفاء أو سبب من أسبابهِ . وأما بالتخفيف من تلك المسؤولية متى ما توفر كذلك شرط أو سبب يؤدي إلى التخفيف . على أن ذلك لا يشمل في كلا الحالتين الخطأ الجسيم أو الغش . وإنما يقتصر الإعفاء والتخفيف على الخطأ اليسير فقط طبقاً للقواعد العامة السابقة الذكر .
summary
(The bank‘s commitment to provide financial credit information)
(Comparative Study)
The Bank‘s commitment to provide financial credit information of modern banking services because of the importance of this information to help the student information to make good decision , whether related to trade , for example , investment or other .
Since the banks combine to have a lot of information for customers and third parties dealing with them, and that this information today are associated with different aspects of life and represent a pillar of human activity economic , social and allows machine decision- making in all areas almost.
Adding that such information constitutes a raw material to the bank like any owes another , this information enables it to learn the fate of the money taken believe it and in the end, his income private and therefore continuity.
And the bank‘s commitment to provide information of financial credit may have originated the contract signed by student information and the bank , in which case the source of this commitment is the source contractual direct , has committed the bank to provide such information as a result of its commitment to hold another bank as a contract loan holding bank account , for example ,here is the source this is the source of contractual obligation accessory.
The bank is obliged to provide financial credit information as a result of existence of legal texts require it to provide that information , and this is what is stated in article (51) of the banking act of the new Iraqi no.(94) for the year 2004 .here , the source of the obligation is the law.
And the bank‘s commitment to provide financial credit information represents an exception to the general rule requiring non access to customer accounts .
This exception is increasing as a result give the laws and regulations of certain regulatory bodies eligibility in principle in the poll on the secrets of individuals .
This service is like any other banking service carried out by the bank, whether for a private sector or the public sector , has been provided by the bank for specific commission or provided free of charge to attract customers.
Perhaps the biggest advantages of this service is the possibility of its contribution to ensure the health of the path of the banking system in a direct function as a distributor of credit in addition to its responsibility to support confidence in the handling and clearance of economic activity in general and trade in particular images of abuse suffered by credit market severely damaged , and as such ,the provision of information financialcredit best interest of the credit and the overall economy.
So we divided this letter into three chapters :-
Chapter one: focus on the concept of the bank’s commitment to provide financial credit information , and is divided into study first , specialialized definition of the obligation to make financial credit information .study of the second respect the terms of the obligation to provide financial credit information .study of the third deals with the principle of non- interference in the affairs of the client.
Chapter two: focus on the sources of the bank’s commitment to provide financial credit information .and is divided into study of the first contractual regard to the source of the bank’s commitment to provide financial credit information .and to the study of the second specialized legal source for the bank’s commitment to provide financial credit information.
Chapter three :focus on the provisions of the bank’s responsibility to provide financial credit information .and is divided into study of the first specialized types the bank’s responsibility to provide financial credit information .and to study the second respect to the elements of the responsibility of the bank to provide financial credit information and modify .
Conclusion: as it includes all of the conclusions we reached in addition to the most important proposals and recommendations which we found it is necessary to ask.
الخــــــاتمــة
بعد أن انتهينا في هذا البحث من دراسة التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي , فقد توصلنا في دراستنا إلى جملة من الاستنتاجات واقترحنا بعض المقترحات رغبة منا في سد النقص الوارد في التشريع والقضاء العراقي , ونأمل أن تكون تلك المقترحات ذات اثر فعال في تحقيق أهداف هذهِ الدراسة أذا ما أخذت بنظر الاعتبار . وسنعرض الاستنتاجات أولاً , ثم نبين المقترحات ثانياً وعلى النحو الآتي :-
أولاً :- الاستنتاجات
1- يمكن القول بأن المقصود من التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي ما هو إلا ذلك الالتزام الذي ينشأ على عاتق المصرف كأثر مباشر لاتفاق مبرم بين المصرف وطالب المعلومة أو بناءاً على وجود نص قانوني يلزم المصرف بتقديم المعلومات إلى جهات معينة وقد يكون نتيجة للعرف المصرفي.
2-استنتجنا أن التزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي لهُ جملة من الخصائص التي تميزهُ عن غيرهِ من الالتزامات , ومن جملة هذهِ الخصائص انهُ التزام استثنائي عن الأصل , أي انهُ استثناء عن القاعدة العامة التي تقضي بالسرية المصرفية . كذلك يوصف بأنهُ التزام مزدوج لكونهِ قد يكون التزاماً أصلياً قائماً بذاتهِ وقد يكون التزاماً تبعياً لالتزام أخر .
إضافة إلى ذلك يعتبر هذا الالتزام ذو طبيعة عامة ومستمرة , أي انهُ لا يقتصر على مصرف معين وإنما هذا الالتزام يصدر من المصرف سواء كان هذا الأخير تابع للقطاع العام أو تابع للقطاع الخاص وأيا كان نوع هذا المصرف زراعي أو صناعي أو عقاري .
أما باعتبارهِ التزام مستمر, أي انهُ يستمر طالما كان هناك اتفاق بين الطرفين أو عند وجود نص قانوني يوجب على المصرف تقديم معلومات بصورة دورية .
3- يكفي بعض التمعن للقول بأن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي يمتلك مقومات تحددهُ وتأطرهُ بإطار قانوني . وهذهِ المقومات تتمثل بأطراف هذا الالتزام ومحلهُ , حيث أن الالتزام بتقديم المعلومات ينشأ بين طالب المعلومة والمصرف . وطالب المعلومة قد يكون عميلاً عابراً للمصرف عندما يسوي معاملاتهِ فوراً ونقداً دون الحاجة إلى فتح حساب , كما هو الحال عند الوفاء بقيمة الصك . وقد يكون هذا العميل عميلاً دائماً عندما يرغب في القيام بعمليات متعددة من إيداع أو الحصول على اعتماد ويسوي المصرف معاملاتهِ معهُ عن طريق الحساب . وان هذا الالتزام يستفيد منهُ جميع العملاء سواء كانوا عملاء دائميون ام عرضيون بشرط ان يكون العميل قد اكتسب هذهِ الصفة بصورة مشروعة.
أما الغير فهو كل شخص لا يرتبط مع المصرف بعلاقة تعاقدية موضوعها تعهد المصرف بتقديم المعلومات . والأصل أن المصرف خارج نطاق الاتفاق لا يلتزم بتقديم المعلومات للغير , إلا في حال وجود التزام قانوني يفرض على المصرف تقديم مثل هذهِ المعلومات .
أما بالنسبة للطرف الأخر لهذا الالتزام والذي يتمثل ( بالمصرف ) فأن المصرف يكون حراً في كونهِ يقبل التعاقد مع طالب المعلومة من عدمهِ . حيث أن الأساس في رفض المصرف يكمن في مبدأ حرية التجارة.
أما بالنسبة للمحل والذي يعتبر المقوم الثاني , فأن هذا المحل يتمثل بالمعلومات التي يقدمها المصرف ويشترط في هذهِ المعلومات أن تكون ذات طبيعة عامة أي لا تدخل في نطاق السر المصرفي ألا في حالة الإذن الذي يعطى للمصرف من قبل صاحب المعلومة الذي يسمح لهُ بإعطاء تلك المعلومات أو في حالة وجود نص قانوني أو حكم قضائي يجيز للمصرف إعطاء هذهِ المعلومات . وان هذهِ المعلومات تعد في الأصل معلومات عامة أي تلك التي لا تحتوي على أية بيانات أو سرد لوقائع الخصوصية مثل ان العميل يسدد ديونهِ بانتظام . فالمصرف لا يقدم المعلومات الشخصية وإنما يقدم بيانات تجارية وهي تتعلق حتماً بحسابات العملاء وودائعهم . أي أن المعلومات التي يعطيها المصرف تتعلق عادة بالموقف المصرفي وليس بأخلاقهم وطبيعة تصرفاتهم . ويشترط في هذهِ المعلومات أن تكون موجودة لدى المصرف وان تكون دقيقة ومحددة في مضمونها ومؤكدة من حيث تحققها وأيضاً مجهولة من قبل الجمهور.
4- استنتجنا بأنهُ هناك جملة من الشروط تحكم التزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمان المالي , وتتجسد هذهِ الشروط في شرطين أساسيين الأول منهما :- معرفة المصرف للمعلومات وبمدى أهميتها لطالب المعلومة , والشرط الأخر هو جهل طالب المعلومة بالمعلومات المتصلة بالعقد .
حيث أن معرفة المصرف بمضمون هذهِ المعلومات تمثل جانباً مهماً لنشأة هذا الالتزام . فمن غير المنطقي أن نلزم المصرف بتقديم معلومات معينة هو يجهلها بالأصل , وان علم المصرف ومعرفتهِ أمراً تقتضيهِ طبيعة مهنتهِ وطبيعة الدور الذي يلعبهُ في مجال تقديم الائتمان . إضافة إلى ذلك لابد من إدراك المصرف بمدى أهمية هذهِ المعلومات لطالبها أي مدى تأثيرها على القرار الذي يتخذهُ .
5- إن التزام المصرف بتقديم المعلومات الائتمان المالي يكون لهُ مصدريين أساسيين هما القانون والعقد . حيث يكون مصدرهُ القانون في حالتين هما :-
أ- حالة وجود نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم تلك المعلومات
ب- في هذهِ الحالة لا يوجد فيها نص صريح في القانون يلزم المصرف بتقديم المعلومات ولكن مقتضيات العدالة وحسن النية في المعاملات تلزم المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي .
في حين قد يكون مصدر هذا الالتزام العقد في حالتين أيضاً :-
أ- وهي الحالة التي ينشأ بها الالتزام بصورة تبعية لأحد العقود المصرفية المبرمة ابتداءاً مثل عقد القرض المصرفي
ب- وهي الحالة التي ينشأ فيها الالتزام من عقد محلهُ تقديم معلومات .
6- توصلنا إلى أن الالتزام بتقديم المعلومات الائتمان المالي يوصف بأنهُ التزام ببذل عناية . أي أن المصرف يبذل عناية الحرفي عند تقديم المعلومات فيقدمها بجدية واهتمام كما انهُ لا يقدم المعلومة إلا بعد القيام بالدراسات الضرورية من اجل إحاطة طالب المعلومة بكل جوانب التصرف الذي ينوي القيام بهِ . والمصرف لا يضمن لطالب المعلومة مطابقة المعلومات للحقيقة طالما كان صادقاً في نقلها بعد أن بذل العناية المعتادة.
7- يلاحظ أن أراء الفقه قد اختلفت في تحديد الأساس القانوني لمبدأ عدم التدخل في شؤون العميل . فذهب رأي إلى انهُ يعتبر امتداداً لسرية الأعمال , حيث أن سرية الأعمال تمنع المصرف من التدخل في العمليات التي يبرمها العميل . وبين من يؤسس هذا المبدأ على أساس مبدأ احترام الحياة الخاصة المكرس دستورياً . ومن ذهب إلى تأسيس هذا المبدأ على الظروف العملية والمهنية التي ترعى النشاط المصرفي . ألا أننا نرى هذا المبدأ يتجسد في هذهِ الآراء مجتمعة وذلك لان لكل رأي دوراً مهماً في وضع الأساس القانوني لهذا المبدأ .
8- إن هذا الالتزام يقتصر على تقديم المعلومات الخاصة بالعملاء ويعتبر هذا الالتزام من أهم الخدمات المصرفية الحديثة نظراً لأهمية المعلومات لمساعدة طالب المعلومة على اتخاذ القرارات السليمة سواء كانت متعلقة بالتجارة مثلاً أو الاستثمار . وهذهِ الخدمة يقدمها المصرف مقابل عمولة معينة أو يقدمها مجاناً لجذب العملاء.
9- طبقاً للقواعد العامة يشترط في الأذن الصادر من العميل جملة من الشروط لكي ينتج أثرهُ القانوني , أهمها أن يكون العميل كامل الأهلية وان يكون الأذن خطياً , ولعل الحكمة من اشتراط أن يكون الأذن خطياً هو سهولة الإثبات عند قيام النزاع بين الأطراف المتنازعة . ويشترط في هذا الإذن كذلك أن يكون محدداً وتظهر أهمية هذا التحديد في حماية المصرف نفسهِ من الخلاف حول نطاق الأذن سواء من حيث نوعهِ أو أشخاصهِ . ويشترط في الأذن كذلك أن يكون سابقاً على أعطاء المعلومات .
10- أن الأذن الصادر من العميل قد يكون أذناً صريحاً لا لبس فيهِ غموض وقد يكون ضمناً فيستنتج من واقع الحال . ألا أن الموافقة الضمنية للعميل على أعطاء المعلومات الخاصة بهِ لا يعتد بها في القانون العراقي لأنها باطلة لتخلف الشكلية التي رسمها القانون لها .
11- استنتجنا بأن القانون أجاز إعطاء المعلومات الخاصة بالعميل لوكيل العميل . ألا انهُ اشترط أن يكون هذا التوكيل خاصاً طبقاً للفقرة (2) من المادة (52) من قانون المرافعات العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل . وان يكون هذا التوكيل توكيلاً رسمياً لان المصارف لا تعتمد على التوكيلات العرفية أو العادية . وإنما تعتمد على التوكيلات المصدقة من جهة رسمية أو من الكاتب بالعدل .
12- يلاحظ اختلاف القوانين المقارنة بشان الأذن الصادر من ورثة العميل فمن هذهِ القوانين اشترطت أن يكون الأذن الصادر بالإجماع أي من جميع الورثة ومنها القانون اللبناني والقانون السوري . في حين لم تشترط قوانين أخرى أن يكون هذا الأذن صادراً بالإجماع ومنها القانون الأردني والقانون المصري والعراقي . بل اكتفت ان يوافق احد الورثة على أعطاء المعلومات للغير.
13- استنتجنا بأنهُ إذا كان عميل المصرف شخصاً اعتبارياً فأن الأذن بإعطاء المعلومات يصدر من الممثل القانوني لهذا الشخص تبعاً لنظامهِ القانوني وعقد تأسيسهِ . فإذا كان جمعية او شركة مساهمة فأن الأذن يجب أن يصدر من رئيس مجلس الإدارة باعتبارهِ الممثل القانوني .
14- أن عقد تقديم معلومات الائتمان المالي يعرف بأنهُ الاتفاق الذي يبرم بين المصرف وطالب المعلومة ويكون محلهُ تقديم المعلومات المالية . ويتميز هذا العقد بجملة من الخصائص أهمها انهُ عقد رضائي وانهُ من عقود المعاوضة والملزمة للجانبين وانه من العقود التجارية .
15- تختلف أراء الفقه في تحديد الطبيعة القانونية لعقد تقديم معلومات الائتمان المالي . فمنهم من اعتبر هذا العقد عقد بيع ألا أن هذا الرأي لا يمكن الأخذ بهِ على اعتبار أن المصرف لا ينقل ملكية المعلومات لطالب المعلومة بل تظل ملكيتها للمصرف . فضلاً على أن للمصرف الحق في إعطاء نفس المعلومات لعملاء آخرين وهذا لا يجوز في عقد البيع . في حين ذهب رأي آخر إلى اعتبار هذا العقد هو عقد إيجار إلا أن هذا التوجه منتقد أيضاً حيث انهُ لا ينسجم مع أحكام وقواعد عقد الإيجار ومنهم من اعتبر هذا العقد عقد غير مسمى إلا انهُ لا يمكن الأخذ بهذا الرأي أيضاً لا ن فكرة العقد غير المسمى لا يتضمن أي توضيح للطبيعة القانونية لهذا العقد .
إلا أن التكيف القانوني الذي يعطى لتحديد طبيعة هذا العقد هو اعتبار هذا العقد عقد مقاولة . لان هذا العقد يتصف بنفس صفات عقد المقاولة , فكلاهما من العقود الواردة على العمل وليس هناك علاقة تبعية بين المصرف وطالب المعلومة.
16- أجازت القانون للمصرف بإعطاء المعلومات في حالة وجود عمليات غسيل الأموال يساهم في ملاحقة ومعاقبة أصحاب الودائع غير المشروعة التي تم الحصول عليها بطرق مشبوهة , وتمنعهم من استغلال نظام السرية كساتر لإخفاء المصدر الحقيقي لأموالهم .
17- استنتجنا بأنهُ هناك حالات إجرائية معينة يلتزم المصرف بها بإعطاء المعلومات الخاصة بالعميل ومن هذهِ الحالات هي التزام المصرف بأداء الشهادة أمام القضاء , وحالة التزام المصرف بإعطاء المعلومات في حالة إصدار شهادة بأسباب رفض صرف الشيك , وكذلك حالة تصفية النظام المالي للزوجين .
18- أن مسؤولية المصرف تنعقد عند عدم تنفيذهِ هذا الالتزام وتنعقد أيضا أذا نفذ التزامهِ وقدم معلومات يحميها السر المصرفي دون أذن من العميل أو نص في القانون يجيز لهُ ذلك . وتنعقد مسؤوليتهِ أيضاً في حالة تقديمهِ معلومات غير صحيحة أو عدم بذلهِ أقصى العناية لتقديم هذهِ المعلومات . وهذهِ المسؤولية تكون مسؤولية مدنية وقد تقترن بالمسؤولية الجزائية إضافة إلى المسؤولية التأديبية .
19- أن مسؤولية المصرف التعاقدية تقوم تجاه العميل سواء كان هذا العميل هو طالب المعلومة أم كان هو من أعطيت عنهُ المعلومات عند وجود اتفاق أو عقد بين الطرفين , بينما تكون مسؤولية المصرف تقصيرية تجاه الغير.
20- أن الخطأ الذي يرتكبهُ المصرف والذي يثير مسؤوليتهِ يتخذ عدة صور منها قد يقوم المصرف بتقديم معلومات غير صحيحة عن علم وتبصر أي أن المصرف عالم بعدم صحة هذهِ المعلومات المقدمة . أما الصورة الثانية للخطأ هي عدم بذل العناية اللازمة عند تقديمهِ المعلومات .
21- أن المصرف يسأل عن جميع اخطأئهِ سواء كانت هذهِ الأخطاء اليسيرة أم الجسيمة . وذلك لان الثقة التي إعطاءها طالب المعلومة للمصرف بالقيام بمهامهِ اعتماداً على معرفتهِ وقدرتهِ تستلزم مسائلة المصرف عن كل خطأ يقترفهُ ولو كان يسيراً . إضافة إلى ذلك أن المصرف بما يمتلكهُ من مؤهلات علمية وبما لديه من علم وما يتمتع بهِ من تخصص في مجال مهنتهِ يتفوق بهِ على غيرهِ ينتظر منهُ دقة أكثر من تلك المطلوبة من الآخرين فالأخطاء اليسيرة التي يرتكبها الشخص العادي تعتبر أخطاء جسيمة إذا ارتكبها مهني متخصص . إضافة إلى ذلك أن القول بعدم مسؤولية المصرف ألا عن خطئهِ الجسيم يشجعهُ على عدم الحرص وبذل العناية اللازمة في تنفيذ التزاماتهِ .
22- أن الأضرار التي تصيب طالب المعلومة في حالة تقديم معلومات غير صحيحة . أو امتناع المصرف عن تقديم المعلومات تكون في الغالب أضرار مادية . ألا أن هذا لا يمنع أن تكون تلك الأضرار أضرار أدبية تصيب طالب المعلومة في قيمة غير مالية كسمعتهِ التجارية .
23- يمكن التعديل في المسؤولية المترتبة على الإخلال المصرف بالتزامهِ في تقديم المعلومات وهذا التعديل أما أن يكون بالإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها , حيث يتم إعفاء المصرف من المسؤولية أما بمقتضى شروط تدرج من قبل المصرف كشرط عدم ضمان المصرف لصحة المعلومات المقدمة وقد تكون هناك أسباب تدعوا إلى إعفاء المصرف من المسؤولية المترتبة عليهِ ومنها خطأ طالب المعلومة والقوة القاهرة وخطأ الغير . كذلك أن تخفيف المسؤولية يكون أما بمقتضى شروط تستدعي التخفيف أو وجود أسباب تفرض تخفيف المسؤولية المترتبة على المصرف كالخطأ المشترك من قبل طالب المعلومة والمصرف .
ثانياً :- المقترحات
1- نلاحظ أن المنظومة التشريعية العراقية لم تتطرق إلى تحديد مفهوم المعلومة ولم تبدِ اهتماماً بحق المواطن بالحصول على المعلومات , لذلك نقترح أن يشرع قانون خاص يتعلق بإمكانية المواطن بالحصول على المعلومات من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أسوة ببعض التشريعات العربية الأخرى منها قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الأردني رقم (47) لسنة 2007, وكذلك مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات الفلسطيني . على ان يتضمن هذا القانون تحديد مفهوم المعلومة بشكل صريح , وبيان الإجراءات التي يمكن اتخاذها في سبيل الحصول على تلك المعلومات .
2- أن قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 قد ذكر في المادة (1) منهُ وتحت عنوان تعريف المصطلحات ولإغراض هذا القانون يقصد بالتعابير التالية المعاني المبينة أدناه :- تعني كلمة مصرف شخصاً يحمل ترخيصاً أو تصريحاً بمقتضى هذا القانون لمباشرة الأعمال المصرفية بما في ذلك شركة حكومية منشأة وفق قانون الشركات الحكومية المرقم (22) لسنة 1997 المعدل . وهذا التعريف محل نظر إذا كان الأجدر أن لا يحدد تعريف المصرف بهذا الشكل , ولا شك انهُ ذكر المصرف تحت عنوان( التعاريف )فالذي يطلع على هذا النص للوهلة الأولى يتبادر إلى ذهنهِ أن هذا القانون قد أعطى تعريفاً للمصرف بشكل عام , إلا أن ذكر عبارة ( لأغراض هذا القانون يقصد بالمصطلحات …..) , انهُ أراد أن يعطي معنى لكلمة مصرف كلما وردت في هذا القانون . لذلك كان الأجدر بمشرع هذا القانون أذا رغب بتعريف المصرف أن يبين انهُ عبارة عن شخصية معنوية عامة أو خاصة تمارس النشاط المصرفي على وجه الاحتراف من خلال العمليات المصرفية الائتمانية أو الخدمات المصرفية لقاء فائدة أو عمولة تتقاضاها من أو تمنحها للعملاء .
3- من المعلوم أن المصرف يقدم خدماتهِ أما بصورة مجانية أو يقدمها مقابل أجرة , ألا أن قانون المصارف العراقي يخلو من نص يوضح فيهِ مقدار وأهمية وتأثير الأجرة التي يتلقاها المصرف مقابل الخدمات المصرفية التي يقدمها , لذلك نقترح تضمين هذا القانون نصاً يحدد فيهِ الأجرة التي يستحقها المصرف مقابل الخدمات التي يقدمها لعملائهِ , مع بيان مدى تأثيرها على العناية التي يبذلها في تقديمهِ لتك المعلومات .
4- أوضحت المادة (35) من قانون المصارف العراقي حالة إلغاء فعالية مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون العميل , في الوقت الذي لم نجد فيهِ نصاً في هذا القانون يوضح مفهوم مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ وما هي الحالات التي تسمح للمصرف التدخل , لذلك كان الأجدر بالمشرع أن يضع نصاً قانونياً يوضح فيهِ مفهوم مبدأ عدم تدخل المصرف في شؤون عميلهِ ومن ثم تحديد الحالات التي يمكن إلغاء هذا المبدأ من خلالها.
5- أجاز قانون التجارة العراقي إمكانية تدخل المصرف في شؤون عميلهِ ,ونلاحظ ذلك في نص المادة (251) منهُ التي أجازت للمصرف اتخاذ جميع التدابير لضمان سلامة الخزانة والمحافظة على محتوياتها, وكان من الأجدر بالمشرع أن يحصر حالات هذا المبدأ في قانون المصارف الجديد بشكل تام دون أن تكون هذهِ النصوص متفرقة بين قانون التجارة وقانون المصارف وقانون غسيل الأموال .
6- النص على أن الموافقة أو الأذن الصادر من العميل بالكشف عن المعلومات المصرفية الخاصة بهِ لا يجوز أن يكون إذناً عاماً غير محدد , وإنما يجب أن يتضمن تحديد ما أذا كان الأذن يشمل جميع أنواع الحسابات والودائع والأمانات الخاصة بالعميل أم انهُ محدد لحساب معين أو بيان محدد فضلاً عن تحديد الشخص أو الجهة المصرح لها من العميل بالاطلاع على المعلومات تحديداً دقيقاً .
الخزانة أو بأذن كتابي صادر من الورثة أو الموصى لهم بكل أو بعض هذهِ الأموال …..” . وعليهِ يشترط صدور الإذن بالإفشاء من جميع الورثة بغض النظر عن مقدار نصيبهم بالتركة .
7- نلاحظ أن المشرع في قانون المصارف لم يشر بصورة صريحة إلى إمكانية إعطاء المعلومات للكفيل إلا انهُ بالرجوع إلى نص المادة (51) منهُ وبالقياس على هذهِ المادة يمكن القول بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات للكفيل . وكان الأجدر بالمشرع عندما حدد الحالات التي يمكن فيها أعطاء المعلومات في المادة (49) ومن ضمنها إعطاءها للوكيل أو الوصي أن يدرج الكفيل أيضاً وذلك من اجل ضمان سلامة منح الائتمان ومنعاً لإثارة النزاع في المستقبل بين الإطراف المتعاقدة . إضافة إلى ذلك أن إعطاء المعلومات للكفيل لا تشكل انتهاكاً للسرية المصرفية لان العميل عندما قدم للمصرف احد الأشخاص لكفالتهِ مقابل الحصول على قرض من المصرف مثلاً يكون قد وافق ضمناً على اطلاع الكفيل على المعلومات المتعلقة بالدين المكفول .
8- أن قانون المصارف العراقي قد حدد الاستثناءات التي ترد على مبدأ السرية المصرفية والتي يجوز فيها للمصرف أن يزود جهات معينة بالمعلومات الخاصة بالعميل على سبيل الحصر , ولم يكن من ضمن هذهِ الجهات السلطات المالية مثل الهيئة العامة للضرائب. بيد ان قانون المصارف قد جاء باستثناء عام على السرية المصرفية وذلك في الحالة التي يكون إعطاء المعلومات فيها بناء على قرار من جهة قضائية مختصة أو من المدعي العام في خصومة قضائية قائمة , لذلك نقترح إضافة فقرة إلى المادة (51) من قانون المصارف تقضي بإمكانية إعطاء المعلومات إلى مثل هذهِ السلطات .
9- نقترح إعادة صياغة نص الفقرة (ج) من المادة (51) على أن تكون كالأتي ” لا يسري الحظر المنصوص عليهِ في المواد 49-50 من هذا القانون عند صدور قرار من الادعاء العام بالتحري والكشف عن مصدر الأموال المشبوهة أو تمويل العمليات الإرهابية ” . وعندها سيحقق المشرع الموازنة بين المصالح المتضاربة أي مصلحة العميل في إبقاء أسرارهِ مكتومة من جانب والحفاظ على امن واستقرار الدولة والاقتصاد الوطني ومكافحة الإرهاب من جانب أخر .
10- أن بعض التشريعات قد أشارت صراحة إلى أن إفلاس عميل المصرف يعد سبباً من الأسباب التي تبيح للمصرف إعطاء المعلومات الخاصة بالعميل لمن يطلبها ومن ذلك المادة (2) من قانون السرية المصرفية السوري ذي الرقم (24) لسنة 2004, والمادة (2) من قانون السرية المصرفية اللبناني . بينما لم يتضمن القانون العراقي والمصري نصاً يعالج مسألة إفلاس عميل المصرف . لذلك نقترح على المشرع لدينا أن يعالج هذهِ المسألة ويضيف حالة إفلاس العميل كاستثناء على السرية المصرفية , أي أن يدرج هذهِ الحالة ضمن الاستثناءات التي نصت عليها المادة (51) .
11- نلاحظ إن المادة (56) من قانون المصارف العراقي والتي تحت عنوان الإجراءات التصحيحية الفورية والعقوبات الإدارية أنها تتميز بعدم الدقة والوضوح في اختيار المصطلحات القانونية إذ كان الأولى بالمشرع أن يذكر عنوان ( جزاء الإخلال بالقانون ) أو ( العقوبة المترتبة على مخالفة أحكام هذا القانون ) , ومن ثم يورد نصاً قانونياً صريحاً يحدد على وجه الدقة الحد الأدنى والأقصى للعقوبة .
12- أن النصوص القانونية سواء تلك الواردة في قانون البنك المركزي أو قانون المصارف لم يرد فيها نصاً يقرر فيهِ عدم مسؤولية المصرف في حالة تعرضهِ لقوة قاهرة وتمنعهُ من تنفيذ التزامهِ , لذلك نقترح الأخذ بالنص التالي وإيراده في قانون المصارف بصورة خاصة وهو ” لا يتحمل المصرف أية تبعة أو مسؤولية فيما يتعلق بالنتائج على انقطاع سير أعمالهِ بسبب القوة القاهرة أو الفتن أو الاضطرابات أو الحروب أو أية أسباب أخرى خارجة عن إرادتهِ “
قائمة المصادر والمراجع
أولاً :- القران الكريم
ثانياً:- المعاجم اللغـــوية
1- العلامة أبن منظور, معجم لسان العرب , الطبعة الثالثة, دار إحياء التراث , لبنان , بدون سنة طبع .
2- الشيخ الإمام محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي , مختار الصحاح , الطبعة السادسة, مطبعة فؤاد الأول , القاهرة , 1951.
ثالثاً: – الكتب
1- د. احمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية (دراسة مقارنة) , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006.
2- د. أحمد سلامة , مصادر الالتزام , مؤسسة التعاون للنشر , 1975.
3- د. احمد سفر , المصارف وتبيض الأموال ( تجارب عربية وأجنبية – اتحاد المصارف العربية ) , بيروت , 2001.
4- د. احمد محمود خليل , شرح الإفلاس التجاري في قانون التجارة الجديد , منشأة المعارف ’ الإسكندرية , 2001.
5- د. إبراهيم مختار إبراهيم , تسويق الخدمات المصرفية , مجموعة محاضرات معهد الدراسات المصرفية , 1974.
6- د. إبراهيم دسوقي أبو الليل , التعويض عن الضرر في المسؤولية المدنية , مطبوعات جامعة الكويت , بدون سنة طبع.
7- د. إبراهيم حامد طنطاوي , الحماية الجنائية لسرية معلومات البنوك عن عملائها في ضوء قانون 88 لسنة 2003 ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , القاهرة , 2005.
8- د. آدم وهيب النداوي , المرافعات المدنية , مديرية الكتب للطباعة والنشر , الموصل , 1988.
9- د. آدم وهيب النداوي , الموجز في قانون الإثبات , مطبعة التعليم العالي , الموصل , 1990.
10- د. أسامة عبد الله قايد , جرائم الشيك في قانون التجارة الجديد ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , 2001.
11- المستشار أسامة عبد المنعم علي إبراهيم , حصر ومكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في التشريعات العربية, المصدر القومي للإصدارات القانونية , 2009 .
12- د. السيد عبد الوهاب عرفة , المسؤولية المدنية في ضوء الفقه وقضاء النقض , المكتب الفني للموسوعات القانونية , الإسكندرية , بدون سنة طبع .
13- د. أنور طلبة , المطول في شرح القانون المدني , ج 4, الطبعة الثانية, المكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , 2006.
14- أنطوان جورج سركيس , السرية المصرفية في ظل العولمة ( دراسة مقارنة ) , الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2008.
15- د. الياس ناصيف , الكامل في قانون التجارة – عمليات المصارف , ج 3, الطبعة الثانية, منشورات عويدات , بيروت , 1996.
16- د. الياس ناصيف , الكامل في قانون التجارة – عمليات المصارف والسوق المالية , المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان, 1998.
17- د. الفصايلي الطيب , النظرية العامة للالتزام , ج1, الطبعة الثانية, مطبعة نشر البديع , مراكش , 1997.
18- د. باسم محمد صالح , القانون التجاري – القسم العام – النظرية العامة – التاجر – العقود التجارية – العمليات المصرفية , المكتبة القانونية , بغداد , 2006.
19- بسام عاطف المنهار , المصطلحات المتقاربة في القانون المدني ( شرح ومقارنة ) , الطبعة الاولى, بدون مكان طبع , 2006 .
20- د. بو عبيد عباسي , الالتزام بالإعلام في العقود , الطبعة الاولى , مطبعة الوراقة الوطنية , مراكش , 2008.
21- د. جمال عبد الرحمن محمد علي , الخطأ في مجال المعلوماتية ( دراسة مقارنة بين بنوك المعلومات والمستخدم النهائي ) , الطبعة الثانية , بدون مكان طبع , 2003.
22- د. جمال محمود عبد العزيز , مسؤولية البنك في حالة إفلاس العميل على ( ضوء القانونين المصري والفرنسي ) , دار النهضة العربية , القاهرة , 2005.
23- د. حسين النوري , دروس في الأوراق التجارية والنشاط المصرفي , مكتبة عين الشمس , القاهرة , بدون سنة طبع .
24- د. حسن حسني , الخدمات المصرفية في البنوك التجارية , جامعة عين الشمس , القاهرة , بدون سنة طبع .
25- د. حسن حسني , عقود الخدمات المصرفية , دار التعاون للطبع , 1986.
26- د. حسن علي ذنون , المبسوط في المسؤولية المدنية – الضرر , شركة التايمس للطباعة والنشر , بغداد , 1991.
27- د. حسن علي ذنون ود. محمد سعيد الرحو , الوجيز في النظرية العامة للالتزام , ج 1, مصادر الالتزام , دار وائل للنشر , الطبعة الاولى , عمان , 2002.
28- د. حسن البراوي , عقد تقديم المشورة ( دراسة مقارنة لعقد تقديم الاستشارات الفنية ) , دار النهضة العربية , القاهرة , 1998.
29- د. حسن محمد هند , الموسوعة القضائية في تأديب العاملين بالدولة والقطاع العام , دار الكتب القانونية , 2006.
30- د. حسني فتحي مصطفى بهلول , عقد إنتاج المعلومات أو الإمداد بها , الطبعة الاولى , دار الفكر الجامعي , الإسكندرية , 2008.
31- د. خالد جمال احمد , الالتزام بالإعلام قبل التعاقد , دار النهضة العربية , القاهرة , 2003.
32- د. ربحي مصطفى عليان و د. إيمان فاضل , تسويق المعلومات وخدمات المعلومات , الطبعة الاولى , دار الصفاء للنشر , 2010.
33- د. رضا السيد عبد الحميد , سرية الحسابات المصرفية على ضوء قانون 205 لسنة 1990 , دار النهضة العربية , القاهرة , 2002.
34- د. زينة غانم عبد الجبار الصفار , الأسرار المصرفية ( دراسة قانونية مقارنة ) , دار الكتب القانونية , مصر , 2011.
35- د. سعيد سعد عبد السلام , الالتزام بالإفصاح في العقود , الطبعة الاولى, دار النهضة العربية , القاهرة , 2000.
36- د. سعيد مبارك و د. طه ملا حويش ود . صاحب الفتلاوي , الموجز في العقود المسماة , دار الحكمة , بغداد , 1993.
37- د. سعيد عبد اللطيف حسن , الحماية الجنائية للسرية المصرفية ( دراسة مقارنة ) – جريمة افشاء السر المصرفي , دار النهضة العربية , القاهرة , 2004.
38- د. سميحة القليوبي , الأسس القانونية لعمليات البنوك , مكتبة عين شمس , 1992.
39- د. سميحة القليوبي , الوسيط في شرح قانون التجارة المصري – الالتزامات والعقود التجارية وعمليات البنوك , ج 2 , الطبعة الخامسة, دار النهضة العربية , القاهرة , 2007.
40- د. سليمان محمد الطماوي , القضاء الإداري ( قضاء التأديب ) – دراسة مقارنة , الكتاب الثالث , الطبعة الثانية , دار الفكر العربي , القاهرة , 1987.
41- د. صلاح إبراهيم شحاته , ضوابط منح الائتمان المصرفي في منظور قانوني ومصرفي , الطبعة الاولى , دار النهضة العربية , القاهرة , 2009.
42- د. ضاري خليل محمود , اثر رضا المجنى عليهِ في المسؤولية الجزائية , دار القادسية للطباعة , بغداد , 1982.
43- د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008.
44- د. عادل جبري محمد حبيب , مدى المسؤولية المدنية عن الإخلال بالسر المهني أو الوظيفي مع عرض لأهم الحالات التي يرتفع فيها الالتزام بالسرية – دراسة مقارنة , دار الفكر الجامعي , الإسكندرية , 2005.
45- د. عادل أبو هشيمة محمود حوته , عقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص , الطبعة الثانية, دار النهضة العربية , القاهرة , 2005.
46- د. عاطف النقيب , النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي , منشورات عويدات , بيروت , 1983.
47- د. عبد المجيد الحكيم ود. عبد الباقي البكري ود. محمد طه البشير , الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي – مصادر الالتزام, ج 1, 1980.
48- د. عبدة جميل غصوب , الاستعلام المصرفي – الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية – أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت – الجديد في التقنيات المصرفية , ج 1, ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2007.
49- د. عباس العبودي , تاريخ القانون , الناشر العاتك بالقاهرة , توزيع المكتبة القانونية , الطبعة الثانية , بغداد , 2007.
50- د. عبد الحق الصافي , دروس في القانون المدني – مصادر الالتزام , الطبعة الثانية , 2004.
51- د. عبد الفضيل محمد احمد , عمليات البنوك – الودائع المصرفية – الحسابات المصرفية – عمليات الائتمان – القروض – القبول – الخصم – الاعتماد المستندي , دار الفكر والقانون , 2010.
52- د. عبد الحميد الشواربي , عمليات البنوك في ضوء الفقه – القضاء – التشريع – وصيغ العقود والدعاوي التجارية وفقاً لقانون التجارة رقم 17 لسنة 1999, بدون مكان طبع , 2005.
53- د. عبد الحميد الشواربي و د. محمد الشواربي , إدارة مخاطر التعثر المصرفي من وجهتي النظر المصرفية والقانونية , الطبعة الثانية, مكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , 2007.
54- د. عبد الفتاح , قواعد التنفيذ الجبري – قانون المرافعات , دار الفكر العربي , القاهرة , 1991.
55- د. عبد الرحمن السيد قرمان , سرية الحسابات المصرفية , القاهرة , 2005.
56- د. عبد محمد القصاص , أصول التنفيذ الجبري , دار النهضة العربية , القاهرة , 1999.
57- د. عبد القادر الشيخلي , النظام القانوني للجزاء التأديبي , دار الفكر للنشر والتوزيع ,عمان , 1983.
58- د. عبد الرزاق احمد السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني الجديد , ج1, نظرية الالتزام بوجه عام , الطبعة الثالثة , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2000.
59-د. علي جمال الدين عوض , عمليات البنوك من الوجهة القانونية , الطبعة الرابعة, دار النهضة العربية , 2008.
60- د. علي البارودي , القانون التجاري ( الأوراق التجارية – العقود التجارية – عمليات البنوك ) , الإسكندرية , 1975.
61- المحامي عزت عبد القادر , القانون التجاري , بدون مكان طبع , 1997.
62- د. عمر صلاح الحافظ مهدي العزاوي , الذمة المالية للزوجين في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ( دراسة مقارنة ) , الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , 2010.
63- د. عمر سالم المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية وفقاً لقانون العقوبات الفرنسي الجديد , الطبعة الاولى, دار النهضة العربية , 1995.
64- د. عائشة الشرقاوي المالقي , الوجيز في القانون البنكي المغربي , الطبعة الثانية , دار ابي رقراق للطباعة والنشر , الرباط , 2007.
65- د. غسان رباح , الوجيز في المخالفات المصرفية , ط1 , مكتبة زين الحقوقية والادبية , بيروت , 2005.
66- د. غازي فيصل مهدي , شرح أحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 , المطبعة العزة , بغداد , 2001.
67- د. غريب الجمال , المصارف والأعمال المصرفية في الشريعة الإسلامية والقانون , دار الاتحاد العربي , بدون سنة طبع.
68- د. غني حسون طه , الوجيز في العقود المسماة ( عقد البيع ) , مطبعة المعارف , بغداد , 1970.
69- د. فائق الشماع , الحساب المصرفي ( دراسة مقارنة ) , الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر , عمان , 2003.
70- د. فائق الشماع ود. فوزي سامي , القانون التجاري – الاوراق التجارية , المكتبة القانونية , بغداد , 2007.
71- المحامي فتح الله محمد هلال , الوجيز في سرية الحسابات بالبنوك , دار الفكر للطباعة , 2003.
72-د. فوزي محمد سامي , القانون التجاري الأردني , ج2 ,الطبعة الثانية,دار الثقافة , عمان , 1994.
73- د. فيليب ديلبيك ود . ميشال جرمان , المطول في القانون التجاري ( الإسناد التجارية – المصارف – البورصات – العقود التجارية – الأصول الجماعية ) , ترجمة علي مقلد , ج2 , الطبعة الاولى , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر , بيروت , 2008.
74- د. لين صلاح مطر , موسوعة القانون التجاري – النظري والعلمي المفصل – التجارة والتجار , ج 1 , دار المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , 2004 .
75- د. لبنى عمر مسقاوي , المسؤولية المصرفية في الاعتماد المالي , ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية , 2006.
76- د. محمد السيد غباشي , أسس منح القروض في البنوك التجارية , مجموعة محاضرات معهد الدراسات المصرفية , 1964.
77-د. محمد عبد الله أبو بكر سلامة , الكيان القانوني لغسل الأموال , منشأة المعارف , الإسكندرية , 2005.
78-د. محمد بهجت عبد الله قايد , عمليات البنوك والإفلاس , الطبعة الثانية , دار النهضة العربية , 2000.
79-د. محمد عبد المحسن المقاطع , حماية الحياة الخاصة للأفراد وضماناتها في مواجهة استخدام الحساب الآلي , ذات السلاسل للطباعة والنشر , الكويت , 1992.
80-د.محمد إبراهيم دسوقي , الالتزام بالإعلام قبل التعاقد , دار إيهاب للنشر, أسيوط , 1985.
81- د. محمد سامي عبد الصادق , خدمات المعلومات الصوتية والالتزامات الناشئة عنها , دار النهضة العربية , القاهرة , 2005.
82- د. محمد حسام محمود لطفي , عقود خدمات المعلومات ( دراسة في القانون المصري والفرنسي ) , القاهرة , 1994.
83-د. محمد الفروجي , العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي , الطبعة الثانية, مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء , الرباط , 2001.
84- د. محمد عبد اللطيف فرج , الحماية الجنائية للائتمان المصرفي ( دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة في ضوء أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003 , بدون مكان طبع , 2006.
85- د. محمد عبد الودود عبد الحفيظ أبو عمر , المسؤولية الجنائية عن إفشاء السر المصرفي , الطبعة الاولى, دار وائل للطباعة والنشر , 1999.
86- د. محمد زكي محمود , أثار الجهل والغلط في المسؤولية الجنائية , دار الفكر العربي , القاهرة , 1967.
87- د. محمد علي الطائي , قانون العمل , نشر وتوزيع المكتبة القانونية , بغداد , 2005.
88- د. محمد عبد الغفار البسيوني ود. ثامر يوسف سعفان ود. حسني هيكل , التشريعات العمالية ( شرح أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ) , الطبعة الاولى, 2008.
89- المحامي محمد يوسف ياسين , القانون المصرفي والنقدي , الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2007.
90- د. محسن احمد خضيري , الديون المتعثرة ( الظاهرة- الأسباب – العلاج ) , الطبعة الاولى , إيتراك للنشر والتوزيع , القاهرة , 1997.
91- د. محمود مختار احمد بريري , المسؤولية التقصيرية للمصرف عند طلب فتح الاعتمادات , دار الفكر الجامعي , القاهرة , بدون سنة طبع .
92- د. محمود مختار احمد بريري , قانون المعاملات – عمليات البنوك – الاوراق التجارية , دار النهضة العربية , القاهرة , 2007.
93- د. محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف وتنظيف الاموال الملوثة , معهد الدراسات المصرفية , عمان , 2001.
94- د. محمود الكيلاني , الموسوعة التجارية والمصرفية – عمليات البنوك ( دراسة مقارنة ) , المجلد الرابع , الطبعة الاولى, دار الثقافة , عمان , 2008.
95- د. محمود جمال الدين زكي , مشكلات المسؤولية المدنية , ج3 ,مطبعة جامعة القاهرة , 1990.
96- د. محي الدين إسماعيل علم الدين, موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية , ج 1, النسر الذهبي للطباعة , 2001.
97- د. محي الدين إسماعيل علم الدين , شرح قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003, بدون مكان طبع , 2004.
98- د. مدحت عبد العال , الالتزامات الناشئة عن عقود تقديم المعلومات ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , القاهرة , 2001.
99- د. مروان كركبي , المسؤولية المهنية للمصارف , ج3, الطبعة الثانية, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2004.
100- د. مصطفى كمال طه , القانون التجاري , ج1, مؤسسة الثقافة الجامعية , 1982.
101- المحامي موريس نخلة , الوسيط في شرح قانون الموظفين , ج2 , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2004.
102- د. نائل عبد الرحمن صالح الطويل و د. ناجح داود رباح, الاعمال المصرفية والجرائم الواقعة عليها , الطبعة الاولى , دار وائل للنشر , عمان , 2000.
103- د. نزيه محمد صادق المهدي , الالتزام قبل التعاقد بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد وتطبيقاتهِ على بعض العقود , دار النهضة العربية , القاهرة , 1982.
104- المحامي نزيه نعيم شلال , الحجز لدى ثالث ( دراسة مقارنة من خلال الفقه والاجتهاد والنصوص القانونية ) , المؤسسةالحديثة للكتاب , لبنان , 2001.
105- د.يوسف يعقوب صرخو , سر المهنة المصرفية في القانون الكويتي ( دراسة مقارنة ) , ذات السلاسل للطباعة , الكويت , 1989
ثالثاً :- الرسائل وألاطاريح
1- عبداحمد جاسم , مسؤولية المصرف المدنية عن صرف صك مزور , رسالة ماجستير , كلية الحقوق – جامعة النهرين , 2001.
2- جابر مهنا شبل , الالتزام بالمحافظة على سر المهنة , رسالة ماجستير , جامعة بغداد , 1984.
3- خليل يوسف جندي الميراني , المسؤولية الجزائية الناشئة عن الاعتداء على سرية الحسابات المصرفية , رسالة ماجستير , جامعة الموصل , 2003.
4- زينب منذر جاسم محمد الوائلي , ضريبة الدخل على الأشخاص المعنوية ( دراسة مقارنة ) , رسالة ماجستير , كلية القانون , جامعة الموصل , 2004.
5- سليمان بن ناصر العجاجي , المسؤولية الجنائية عن أعمال البنوك الإسلامية , أطروحة دكتوراه , جامعة الرياض , 2004.
6- عروبة شافي المعموري , التنظيم القانوني للمرحلة السابقة على التعاقد ( دراسة مقارنة) , رسالة ماجستير , جامعة بابل , 2008.
7- فتاح محمد حسين الجيلاوي , النظام القانوني للسرية المصرفية ( دراسة مقارنة ) , أطروحة دكتوراه , كلية الحقوق – جامعة النهرين , 2009.
8- فراس ياوز عبد القادر , جريمة الإخلال بواجبات الرقابة المصرفية , أطروحة دكتوراه , جامعة بغداد , 2002.
9- محمد صبري عبد الأمير الاسدي , القوة القاهرة وأثرها في المسؤولية العقدية ( دراسة مقارنة) , رسالة ماجستير , جامعة بابل , 2007.
10- محمد عبد الحي إبراهيم سلامة , إفشاء السر المصرفي بين الحظر والإباحة, أطروحة دكتوراه , كلية الحقوق – جامعة المنصورة , 2004.
11-ميرفت عبد العال , عقد المشورة في مجال نظم المعلومات ,أطروحة دكتوراه , جامعة عين الشمس , 1997.
رابعاً :- البحــــــــــوث
1- د. السيد محمد محمد اليماني , تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية ومسؤولية البنك عنها تجاه المستعلم , بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية , كلية الحقوق – جامعة أسيوط , 1979.
2- د. حسن البغدادي , نظام الأموال بين الزوجين وصلتهِ ببعض نواحي نظريتي الحق الشخصي والعيني , بحث منشور في مجلة الحقوق القانونية والاقتصادية, العدد 1-2 , السنة 7, 1957.
3- د. خالد زغلول , ظاهرة غسيل الأموال وأثارها على الاقتصاد الوطني , بحث منشور في مجلة القانون , جامعة الكويت – كلية الحقوق , 1999.
4- د. صفوت عبد السلام عوض الله , الآثار الاقتصادية لعمليات غسيل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذهِ العمليات , بحث منشور في مجلة الحقوق -جامعة الكويت , العدد 25, السنة 29, 2005.
5- د. عدنان اقبيق , سر المهنة المصرفي , بحث منشور في مجلة المصارف العربية , المجلد السابع , العدد 74, بيروت , 1987.
6- د. فائق محمود الشماع , الشكلية في الأوراق التجارية , بحث منشور في مجلة القانون المقارن , العدد العشرون , 1987.
7- د. لطفي عبد الحليم , التزام البنوك بالمحافظة على سرية الحسابات , بحث منشور في مجلة المحاماة , السنة 73, 1995.
8- د. مصلح احمد الطراوته و د. حسام محمد البطوش , أساس التزام البنوك بمكافحة عمليات غسيل الأموال ونطاق هذا الالتزام في النظام القانوني الأردني , بحث منشور في مجلة الحقوق , جامعة الكويت , العدد 3, السنة 29.
خامساً :- المواقع الالكترونية
1- د. علي خالد طوالبة , مبادئ أدارة المعلومات والمكتبات , بحث منشور على الموقع الالكتروني :-
2- Ordonnance no. 67-833 du 28 september 1967
منشور على الموقع الالكتروني :- www.legi france .gouv . fr
3- الموقع الالكتروني لقانون العقوبات الفرنسي الجديد لعام 1994
http:\\ www.droit.org\index.htm
4- القاضي سالم رضوان الموسوي , حق الحصول على المعلومة حق من حقوق الإنسان , بحث منشور على شبكة النبأ المعلوماتية على الموقع الالكتروني :-
5- الموقع الالكتروني لقانون المعلوماتية والحريات الفرنسي رقم 17 لسنة 1978
6- القاضي رائد احمد حسن , جريمة غسيل الأموال في التشريع العراقي , بحث منشور على الموقع الالكتروني :-
7- الموقع الالكتروني لقانون النقد والمال الفرنسي لسنة 2000:-
8- الموقع الالكتروني لقانون التجارة اليمني النافذ ذي الرقم (32) لسنة 1991:-
9- الموقع الالكتروني لاتفاقية السلوك المبرمة بين جمعية المصرفيين السويسرية والبنوك السويسرية لعام 2008 :-
10- د. نصير جابر لفته الجبوري ود. ذكرى محمد حسين الياسين , الحماية القانونية للسرية المصرفية في التشريع العراقي , بحث منشور على الموقع الالكتروني :-
11- الموقع الالكتروني:-
سادساً:- القوانين
1- قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004.
2- قانون البنك المركزي العراقي وفق الأمر (56) لسنة 2004.
3- قانون غسيل الأموال العراقي رقم ( 93) لسنة 2004.
4- قانون التجارة العراقي رقم ( 30) لسنة 1984.
5- قانون الشركات العراقي رقم ( 21) لسنة 1997.
6- قانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل .
7- قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976 ( الملغى ).
8- قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل.
9- قانون التجارة العراقي رقم (149) لسنة 1970 ( الملغى ).
10- قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 (المعدل).
11- قانون التنفيذ العراقي رقم (40) لسنة 1980(المعدل).
12- قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 (المعدل).
13- قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 (المعدل).
14- قانون العقوبات العراقي رقم ( 111) لسنة 1969 (المعدل).
15- قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991.
16- قانون العمل العراقي رقم (71) لسنة 1987.
17- قانون الأحوال المدنية المصري رقم ( 131) لسنة 1994.
18- قانون سرية الحسابات البنكية المصري رقم ( 205) لسنة 1990 ( الملغى ).
19- قانون السجل التجاري المصري رقم ( 34) لسنة 1976 المعدل .
20- قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المصري رقم 88 لسنة 2003.
21- قانون غسيل الأموال المصري رقم (80) لسنة 2002 المعدل بالقانون رقم (78) لسنة 2003
22- قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999.
23- القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948.
24- قانون سرية المصارف اللبناني الصادر قي 3 أيلول 1956.
25- قانون البنوك الأردني رقم (28) لسنة 2000.
26- قانون السرية المصرفية السوري رقم ( 29) لسنة 2001.
27- قانون البنك المركزي المصري رقم (120) لسنة 1975 ( الملغى ) .
28- قانون ضريبة الدخل المصري رقم 91 لسنة 2005.
29- قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 المعدل.
30- قانون الإثبات المصري رقم (25) لسنة 1968 المعدل .
31- قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950 المعدل.
32- قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937.
33- قانون العمل المصري رقم (12) لسنة 2003.
34- قانون المصارف الفرنسي لسنة 1984.
35- قانون الائتمان الفرنسي الصادر في 24 يناير 1984.
36- قانون التحصيل الضريبي الفرنسي رقم ( 81) لسنة 1981.
37- المرسوم الفرنسي الصادر في 24 يونيو 1984
38- مشروع قانون حق الحصول على المعلومة الفلسطيني .
سابعاً :- المجلات والدوريات
1- النشرة القضائية , تصدر عن المكتب الفني لمحكمة التميز في العراق , العدد الثاني ,السنة الرابعة , 1972والعدد الرابع , السنة الرابعة , 1973.
2- مجلة المحاماة ,تصدرها نقابة المحامين بجمهورية مصر العربية, السنة 27 , 1945 , والسنة 39 , 1958.
3- مجلة القانون المقارن العراقية , تصدرها جمعية القانون المقارن العراقية ,العدد العشرون , 1987.
4- مجلة الحقوق الكويتية , تصدر عن مجلس النشر العلمي لجامعة الكويت , العدد الثالث, السنة 29,والعدد 25 , السنة 29 , 2005.
5- مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية , تصدرها كلية الحقوق في جامعة الإسكندرية , العدد الأول والثاني , السنة السابعة , 1957.
6- مجلة المصارف العربية , المجلد السابع , العدد 74 , 1987.
7- مجموعة الأحكام العدلية , يصدرها قسم الأعلام القانوني في وزارة العدل العراقية , العدد الثاني , السنة 12 , 1981.
8- مجموعة أحكام النقض الصادرة من الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية , العدد الأول , السنة 19 , 1968.
ثامناً :- المصادر الاجنبية
1- Mackay ,Information mechanism and meaning Cambridge mass ,1969.
2-Catala,Ebauche d,unetheo,re juridique del,information ,1984.
3-Rene Savatier , le contrats de conseil professional en droit privet, 1972.
4-Rene Savatier,lavente desrvices,1971.
5- Michel Vasseur,la responbilite civil du banquier dis pensteur de creidit , paris,1978.
6-Michel Vasseur, desres ponsabilites en course par le banquier araison des information avais et conselie asesclein, Revue banque,1983.
7-V.Riret et Roblot, Traite de droit commercial , Tom 2,1994.
8-Teissier, le secret professionnel du banciare,1999.
9-Gavald et Stofflet ,droit de la banque ,paris,1974.
10-Jack Vezian ,la responsabilite du banquier en droit prive francais , paris ,1983.
11-Chestin , Traite de droit civil lesobligations le contrat ,1980.
12- Dejuglart et Benjamin ippolito ,Traite de droit commercial ,Reuve banque,1983.
13-Rives et Monique ,droit bancaire ed,1995.
14-Farhat (R),Le secret bancaire etude de droit compare(france,Suisse,liban) ,paris,1970.
15-Escarra et Roult ,principle de droit commercial,paris,1973.
16-Mohamed Ali imam, la responsabilite du banquier en matier de depot , paris,1993.
17-Schaff,banques de donnee, jurilques analyse des contrats proposes aux utill sateurs ,1985.
18-Clement (jean francois), le banquier vecteur din,formation ,1997.
19-Charies D.peet and Thomas p- Dickson ,banking secrecy (the united state) ,london,1980.
20-Moeblus(Gerald), le blanchiment de fonds,Revue international de police cirminelle ,1993.
21-Pierre Gulph ,le secret professionnel du banquier en droit francais et droit compare ,Revue trimestriell de droit commercial,1984.
22- Bouzat ,la protection du secret en droit compare,1950.
23-Anatole Saker,du secret professionnel du banquier,paris,1993.
24-Rene Rodiere- Rives ,droit bancaire ,paris,1980.
25-Joseph Hamel,banque et operation de banques,paris.
26- Eman Thibult,de laresponsabilite en matiere de renseignement commerciaux,paris.
(1) أنظر العلامة ابن منظور,معجم لسان العرب,دار احياء التراث العربي,لبنان,الطبعة الثالثة,بدون سنة طبع,ص 370.
(2) انظر الشيخ الامام محمد بن ابي بكر عبد القادر الرازي,مختار الصحاح,مطبعة جامعة فؤاد الاول,القاهرة,الطبعة السادسة,1951,ص 452.
(3) أنظر د.علي خالد طوالبة,مبادئ أدارة المعلومات والمكتبات, بحث منشور على الموقع الالكتروني :- WWW.UMN.EDU\humarts\arabic.doc
)1) أنظر د.ربحي مصطفى عليان ود.أيمان فاضل ,تسويق المعلومات وخدمات المعلومات ,الطبعة الاولى,دار الصفاء للنشر,2010,
ص 25.
Vasseur,desres ponsabilites en coures par le banquier araison desinformations avais et conseile asesclein banque,1983,p.948.
Ordonnance no.67-833 du 28 September 1967
يمكن الحصول على نسخة من هذا الامر من خلال الاطلاع على الموقع الالكتروني
www.legi france .gouv.fr
(2)انظر المواد(111) و( 322) و(226) من القانون َالعقوبات الفرنسي لسنة 1994,يمكن الحصول على نسخة من هذا القانون من خلال الاطلاع على الموقع الالكتروني:-
http: \\ www. Droit . org \ index .htm
(3) أنظر المادة (13) من قانون الأحوال المدنية المصري رقم (131) لسنة 1994 والتي نصت على ” تعتبر البيانات والمعلومات المتعلقة بالأحوال المدنية …………”.
(4) أنظر المادة (5) من قانون سرية الحسابات البنكية المصري رقم (205) لسنة 1990 الذي ألغى بموجب قانون الجهاز المصرفي والنقد المصري رقم (88) لسنة 2003.
(5) أنظر المادة (8) من قانون غسيل الأموال العراقي رقم (93) لسنة 2004. ونشر هذا القانون في الوقائع العراقية العدد – 3984 بتاريخ 1\6\ 2004.
(6) أنظر المادة (41) من قانون البنك المركزي العراقي والتي نصت على ” أولا:- تقوم المصارف وغيرها من الجهات التي تخضع لإشراف البنك المركزي العراقي وفقاً لهذا القانون أو القانون المصرفي بتقديم المعلومات أو البيانات لهُ بناءًعلى طلب منهُ”.
(1) أنظر المادة (1) من مشروع قانون حق الحصول على المعلومة الفلسطيني والتي عرفت المعلومة ( هي المعلومة الموجودة في أي من السجلات والوثائق المكتوبة أو المحفوظة الكترونياً أو الرسومات أو الخرائط أو الجداول أو الصور……..).
(2) أنظر القاضي سالم رضوان الموسوي , حق الحصول على المعلومة حق من حقوق الإنسان , بحث منشور على شبكة النبأ المعلوماتية على الموقع الالكتروني :- www . annabaa.org
(3) أنظر د. محسن أحمد خضيري , الديون المتعثرة ( الظاهرة- الأسباب –العلاج ) ,الطبعة الاولى , أيتراك للنشر والتوزيع , القاهرة , 1997, ص 95.
(1) أنظر د. محمود مختار أحمد بريري , المسؤولية التقصيرية للمصرف عند طلب فتح الاعتمادات , دار الفكر الجامعي , القاهرة ,بدون سنة طبع, ص 36-37.
(2) أنظر د. أحمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006 , ص 24.
(3) أنظر د. لين صلاح مطر , موسوعة القانون التجاري –النظري والعملي المفصل – التجارة والتجار, ج1,دار المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , 2004,ص 326.
(1) أنظر C.A. Lyon ,27 Octobre 1971,J.C.P.1972
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008,
ص 11.
(2) أنظر د. باسم محمد صالح , القانون التجاري – القسم الاول- النظرية العامة- التاجر- العقود التجارية- العمليات المصرفية,المكتبة القانونية,بغداد,2006 , ص 132.
(1) أنظر د. محمد السيد غباشي ,أسس منح القروض في البنوك التجارية , مجموعة محاضرات معهد الدراسات المصرفية , 1964, ص 14.
(3) أنظر د. عبده جميل غصوب , الاستعلام المصرفي – الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية – أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت – الجديد في التقنيات المصرفية ,ج 1, الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان ,2007, ص 385.
(1) أنظر د. أليأس ناصيف , الكامل في قانون التجارة – عمليات المصارف , ج 3, الطبعة الثانية, منشورات عويدات , بيروت , 1996, ص 291.
(1) أنظر د. عادل جبري محمد حبيب , مدى المسؤولية المدنية عن الإخلال بالسر المهني أو الوظيفي مع عرض لأهم الحالات التي يرتفع فيها الالتزام بالسرية – دراسة مقارنة-,دار الفكر الجامعي , الإسكندرية , 2005,ص 40.
(2) أنظر د. محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف وتنظيف الأموال الملوثة , معهد الدراسات المصرفية ,عمان , 2001, ص 8.
(3) أنظر د.رضا السيد عبد الحميد , سرية الحسابات المصرفية على ضوء قانون 205 لسنة 1990 , دار النهضة العربية , 2002,ص 11.
(4) أنظر د. حسين النوري , دروس في الأوراق التجارية والنشاط المصرفي , مكتبة عين الشمس , القاهرة ,بدون سنة طبع , ص 26.
(2) أنظر د. عبد المجيد الحكيم و د. عبد الباقي البكري , الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي – مصادر الالتزام , ج 1, 1980,ص 14.
(3)انظر د. محمود مختار احمد بريري , قانون المعاملات- عمليات البنوك – الأوراق التجارية , دار النهضة العربية , القاهرة ,2007, ص 204.
(3) أنظر د. علي جمال الدين عوض , عمليات البنوك من الوجهة القانونية,الطبعة الرابعة, دار النهضة العربية, 2008,ص 737.
(4) أنظر د. محمد عبد الله أبو بكر سلامة , الكيان القانوني لغسل الأموال , منشأة المعارف , الإسكندرية , 2005, ص 73.
(1) أنظر د. خالد جمال أحمد , الالتزام بالإعلام قبل التعاقد , دار النهضة العربية, القاهرة ,2003, ص 90.
(1) أنظر د. عبد الحق الصافي , دروس في القانون المدني – مصادر الالتزام , الطبعة الثانية , 2004 , ص 4.
(1) أنظر المحامي محمد يوسف ياسين , القانون المصرفي والنقدي , ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2007 ,
ص 114.
(1) أنظر أنطوان جورج سركيس , السرية المصرفية في ظل العولمة ( دراسة مقارنة ) , الطبعة الاولى , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2008 , ص 63.
Courd appeide paris,12mars 1958, Dalloz,1958,p.590 .
نقلاً عن د. احمد بركات مصطفى , المصدر السابق , ص 42.
(3) أنظر محمد عبد الحي إبراهيم سلامة ,إفشاء السر المصرفي بين الحظر والإباحة , أطروحة دكتوراه , كلية الحقوق , جامعة المنصورة , 2004, ص 142.
(1) أنظر د. فائق الشماع , الحساب المصرفي ( دراسة قانونية ) , الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر , عمان , 2003, ص 5.
(2) أنظر د. عبد الفضيل محمد احمد , عمليات البنوك ( الودائع المصرفية – الحسابات المصرفية –عمليات الائتمان –القروض – القبول – الخصم – الاعتماد المستندي ), دار الفكر والقانون , 2010, ص61.
(3) أنظر المحامي فتح الله محمد هلال , الوجيز في سرية الحسابات بالبنوك , دار الفكر الكتب للطباعة , 2003, ص 20.
(1) أنظر د. غريب الجمال , المصارف والإعمال المصرفية في الشريعة الإسلامية والقانون ,دار الاتحاد العربي , بدون سنة طبع , ص 84.
Cass.com, 9 juin 1980 ,Dolloz 1981, p. 192 .
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 120.
(3) أنظر د. محمد بهجت عبد الله قايد , عمليات البنوك والإفلاس , الطبعة الثانية, دار النهضة العربية , 2000, ص 6.
(1) أنظر د. محمود مختار احمد بريري , قانون المعاملات التجارية ( عمليات البنوك) , مصدر سابق ,ص 209- 210.
(3)انظر د. حسن حسني , الخدمات المصرفية في البنوك التجارية , جامعة عين الشمس , بدون سنة طبع , القاهرة , ص 231.
(1) أنظر د. فيليب ديلبيك و د. ميشال جرمان , المطول في القانون التجاري ( الإسناد التجارية – المصارف – البورصات – العقود التجارية – الأصول الجماعية ) , ترجمة د. علي مقلد , ج2 , الطبعة الاولى , المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر , بيروت , 2008 , ص 247.
(2) انظر د. الفصايلي الطيب , النظرية العامة للالتزام ,ج1, الطبعة الثانية, مطبعة نشر البديع , مراكش , 1997, ص 107.
(2) يمكن الحصول على نسخة من هذا التقنين من خلال الاطلاع على الموقع الالكتروني لجمعية المصارف البريطانية :-
www .bba.org.uk
(3) الغي قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976 بصدور القانون المرقم (56) لسنة 2004 اذ جاء في المادة (73) منهُ ” يلغى العمل بقانون البنك المركزي العراقي المرقم (64) لسنة 1976 بصيغتهِ المعدلة اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون “.
(1) أنظر د. محمد عبد المحسن المقاطع , حماية الحياة الخاصة للإفراد وضماناتها في مواجهة استخدام الحساب الآلي , ذات السلاسل للطباعة والنشر , الكويت , 1992, ص 79.
- انظر المحامي فتح الله محمد هلال , مصدر سابق , ص 17.
- أنظر د. علي جمال الدين عوض , مصدر سابق , ص 1161.
- أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 28.
- أشار الى هذهِ القضية د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 119.
- أنظر المادة (80) من قانون العقوبات العراقي السابقة الذكر في الصفحة 146 من الرسالة.
(2)انظر د. غسان رباح , الوجيز في المخالفات المصرفية , الطبعة الاولى, مكتبة زين الحقوقية والأدبية , بيروت , 2005, ص 24.
(3) أنظر د. عبد الحميد الشواربي , عمليات البنوك في ضوء الفقه – القضاء – التشريع – وضع العقود والدعاوي التجارية وفقاً لقانون التجارة رقم 17 لسنة 1999, 2005, ص 54.
(4) أنظر عروبة شافي المعموري , التنظيم القانوني للمرحلة السابقة على التعاقد ( دراسة مقارنة ) , رسالة ماجستير , جامعة بابل , 2008, ص 126.
(1) أنظر المادة (7) من المرسوم الفرنسي الصادر في 24 يونيو 1984, وأنظر كذلك المادة (40) والمادة ( 56) من القانون المصري رقم (88) لسنة 2003 بشأن الجهاز المصرفي .
Chestin,Traite de droit civil les obligations, le contrat, 1980,p.400.
وانظر أيضاً في الفقه المصري د. محمد إبراهيم دسوقي , الالتزام بالإعلام قبل التعاقد , دار إيهاب للنشر , أسيوط , 1985,
ص 291.
(2) أنظر د. سعيد سعد عبد السلام , الالتزام بالإفصاح في العقود , الطبعة الاولى , دار النهضة العربية , القاهرة , 2000, ص 53.
(3) أنظر د. بو عبيد عباسي , الالتزام بالإعلام في العقود , مطبعة الوراقة الوطنية , الطبعة الاولى , مراكش , 2008, ص 220.
Cass Com. 18 mai, 1993,D.1994, p.142
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 208.
(2) أنظر كذلك ما يقابل هذهِ المادة من قانون غسيل الأموال المصري رقم (80) لسنة 2002 والمعدل بالقانون رقم ( 78) لسنة 2003 المادة ( 8) منهُ حيث نصت على ” تلتزم المؤسسات المالية بأخطار الوحدة عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال “.
ونلاحظ أن كل من القانون العراقي والمصري استعمل مصطلح المؤسسات المالية وهذا ما تضمنتهُ المادة (2) من قانون غسيل الأموال العراقي ويقابلها الفقرة (ج) من المادة ( 1) من قانون غسيل الأموال المصري حيث تشمل المؤسسات المالية المصارف أيضاً.
(1) انظر د. عباس العبودي , تاريخ القانون , الناشر العاتك بالقاهرة , توزيع المكتبة القانونية , الطبعة الثانية , بغداد , 2007 , ص 46.
(3) أنظر في الفقه العربي د. السيد محمد محمد اليماني , مصدر سابق , ص 54.وأنظر كذلك في الفقه الفرنسي
Vasseur, op.cit , p. 947 .
C.A, Paris , 12 November , 1976,D.1978, P. 218.
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 35.
,D.1987,p.419 Cass .com , 9 mai , 1978
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 140.
(3) أنظر المادة ( 311) من قانون التجارة المصري والتي نصت على ” 1- على البنك أن يبذل في المحافظة على الصكوك المودعة عناية المودع لديهِ باجر , ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك “.
(4)أنظر د. محي الدين إسماعيل علم الدين , موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية , ج 1, النسر الذهبي للطباعة , 2001,ص1168.
C.A .Paris ,3 December 1986 ,D. 1987 ,P.302 .
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 142.
C.A. Paris ,26 mars 1982 , D.1983 ,P.276 .
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 145.
(1) انظر المادة (169) من القانون المدني العراقي رقم 40لسنة 1951 المعدل حيث نصت على ” 1- إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالمحكمة هي التي تقدره.
2- ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد سواء كان التزاماً بنقل ملكية أو منفعة أو أي حق عيني أخر أو التزاماً بعمل أو بامتناع عن عمل ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بسبب ضياع الحق عليهِ أو بسبب التأخر في استيفائهِ بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين بالالتزام أو لتأخره عن الوفاء بهِ.
3- فإذا كان المدين لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعاً عادة وقت التعاقد من خسارة تحل أو كسب يفوت” .
ويقابل هذهِ المادة في القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948 المادة (221) .
(2) أنظر
Rene Jacques Lacotte , quelleslimites au devoir de non ingerence du banquier , Revue banque ,1995 ,p.156.
(3) أنظر د. هشام البساط , المحافظة على أسرار العملاء وعدم التدخل في شؤونهم , بحث منشور في كتاب المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين , ج3 , الطبعة الثانية , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2004 , ص 114.
Michel Dejuglart et Benjamin Ippolito , Traite de droit commercial , Reuve Banque , p. 156.
C.A.Riom ,18 janvier 1989 ,Banque 1989,Chro.j.B, P. 449
أشار إليهِ د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 196.
Cass. AIX, 6 youn 1977 , D.1977 , p. 137
أشار إليهِ د. احمد بركات مصطفى , مصدر سابق , ص 113.
(2) يقصد بالحسابات السرية مثل الحسابات الوهمية أو المفتوحة باسم مستعار أو الصورية أو المجهولة الهوية ( لحاملها) هي التي تكون فيها شخصية العميل فاتح الحساب السري غير معروفة حتى بالنسبة للمصرف الذي يتعامل معهُ , ومن القوانين التي تسمح بفتح الحسابات السرية القانون اللبناني رقم 159 في 27\12\1999 أجاز فيهِ للمصارف أن تفتح لديها حسابات الصكوك المالية والقيم المنقولة لحاملها يتم تداولها بالمناولة اليدوية . أنظر في هذا الشأن فتاح محمد حسين الجيلاوي , النظام القانوني للسرية المصرفية (دراسة مقارنة) , أطروحة دكتوراه, كلية الحقوق- جامعة النهرين, 2009,ص 42.
(4) كذلك الحال فان المشرع المصري لم يشر إلى هذا النوع من الحسابات في قانون البنك المركزي المصري رقم (88) لسنة 2003.
(1) لمزيد من التفصيل لهذا الحكم والتعليق عليهِ انظر
Vasseur , la responbilite civil du banquier diS pensteur de creidit , paris , 1978 , p. 65.
(2) أنظر د. مروان كركبي , المسؤولية المهنية للمصارف , بحث منشور في كتاب المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين , ج 3 , الطبعة الثانية, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2004, ص 104.
(3) وهذا ما حدث مع مجموعة من مشروعات كبار رجال الأعمال في مصر والتي دخلت مع تسويات جادة للديون مع المصارف المقرضة والتي وضعت شروطاً واضحة والتزامات مالية قاطعة بجانب إشراف كامل من تلك المصارف على الإدارة ابتداءاً بالبيع والتحصيل وانتهاءاً بصرف رواتب العاملين. وقد نجحت هذهِ الخطة في حل مشكلات 65% من حالات التعثر الكبرى ففي هذهِ الصورة المصارف تدخلت في شؤون العملاء إلى حد أنها أصبحت المدير الفعلي لتلك المشروعات , انظر في هذا الشأن الحوار الذي جرى مع د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي المصري , أشار إليهِ د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق ,ص 200.
C.A.Paris ,17 mars 1978 ,D.1978 , p. 420.comm .Vassur
اشار اليهِ د . عاشور عبد الجواد عبد الحميد , المصدر السابق , ص 203.
C.A.Paris , 3 mars 1978 ,D.1978, P.420
اشار اليهِ د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , المصدر السابق , ص 206.
(1) رقم القرار 260|موسوعة أولى |92 منشور في المختار من قضاء محكمة التمييز , إعداد القاضي إبراهيم المشاهدي , ص 142.
(2) ومن أمثلة هذهِ الدول العربية التي أصدرت قانون مكافحة غسل الأموال دولة لبنان التي أصدرت قانون مكافحة تبيض الأموال رقم (318) لسنة 2001, ومصر أصدرت قانون غسل الأموال المصري رقم (80) لسنة 2002 والعراق اصدر قانون غسيل الأموال رقم ( 93) لسنة 2004.
(2)أنظر المادة (2) من قانون سرية المصارف اللبناني الصادر في (3) أيلول 1956 والمادة (97) من قانون البنك المركزي المصري رقم (88) لسنة 2003.
(3)أنظر في هذا الشأن كذلك نص المادة (72) من قانون البنوك الأردني رقم (28) لسنة 2000, وكذلك نص المادة (2) من قانون السرية المصرفية السوري رقم (29) لسنة 2001.
(5) أنظر د. فائق محمود الشماع , الشكلية في الأوراق التجارية , بحث منشور في مجلة القانون المقارن , العدد العشرون , 1987, ص 137.
(3) أنظر فراس ياوز عبد القادر , جريمة الإخلال بواجبات الرقابة المصرفية , أطروحة دكتوراه , جامعة بغداد , 2002,ص 178.
(4) يقصد بالحائك الشخص الذي يقوم بنسج الثياب
(1) أنظر تفاصيل هذهِ القضية د. يعقوب صرخوه , سر المهنة المصرفية في القانون الكويتي ( دراسة مقارنة) , ذات السلاسل للطباعة , الكويت , 1989, ص 151.
(3) أنظر د. ضاري خليل محمود , اثر رضا المجني عليهِ في المسؤولية الجزائية , دار القادسية للطباعة , بغداد , 1982, ص 53.
(4)أنظر المادة (49) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والمادة ( 97) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003.
Rives et Monique , op.cit ,162
وانظر في الفقه المصري د. سميحة القليوبي , الوسيط في شرح قانون التجارة المصري- الالتزامات والعقود التجارية وعمليات البنوك ,ج2 , الطبعة الخامسة, دار النهضة العربية ,القاهرة, 2007, ص 960.
(3) أنظر خليل يوسف جندي الميراني , المسؤولية الجزائية الناشئة عن الاعتداء على سرية الحسابات المصرفية , رسالة ماجستير , جامعة الموصل , 2003,ص 95.
(2) أنظر د . حسن علي ذنون ود . محمد سعيد الرحو , الوجيز في النظرية العامة للالتزام , ج 1, مصادر الالتزام , دار وائل للنشر , الطبعة الاولى, عمان , 2002, ص 174.
T.CIV. MONACO.3MAIL 1973,R.T.D.C.,1973.P.610
أشار إليهِ د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 174.
(5) أنظر المادة (49) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 كذلك انظر ما يقابلها المادة (97) قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 والمادتين (2و3) من قانون سرية المصارف اللبناني الصادر في (3) أيلول 1956.
(1) أنظر المادتين (2 و3) من قانون سرية المصارف اللبناني والمادتين (2 و3 ) من قانون السرية المصرفية السوري رقم (29) لسنة 2001.
(3)أنظر المادة (72) من قانون البنوك الأردني رقم (28) لسنة 2000. والمادة (97) من قانون الجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003.
Farhat (R) , le secret bancaire etude de droit compare(france , Suisse, liban) , paris, 1970,p .201.
(5) أنظر المادة (2) من قانون سرية المصارف اللبناني والمادة (2) من قانون سرية المصارف السوري والفقرة (هـ) من المادة (74) من قانون البنوك الاردني .
(1) أنظر المادة (245) من قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 والتي تنص على ” إذا تعددت حسابات المودع في مصرف واحد أو في فروع مصرف واحد اعتبر كل حساب منهما مستقلاً عن الأخر ما لم يتفق على غير ذلك”.
(3) أنظر المادة (5) من قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 وتقابلها المادة (5) من قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999.
(1) أنظر د. أبراهيم مختار أبراهيم , تسويق الخدمات المصرفية , مجموعة محاضرات معهد الدراسات المصرفية , 1974,
ص 18.وانظر كذلك د. حسن البراوي , عقد تقديم المشورة ( دراسة مقارنة ) لعقد تقديم الاستشارات الفنية , دار النهضة العربية , القاهرة ,1998 , ص 117.
(2)انظر د. محمد سامي عبد الصادق , خدمة المعلومات الصوتية والالتزامات الناشئة عنها , دار النهضة العربية , 2005,
القاهرة , ص 65.
(3) انظر المادة ( 506) من القانون المدني العراقي حيث عرفت البيع بأنهُ ” مبادلة ما ل بمال ” , ويلاحظ ان هذا التعريف غير مانع وغير دقيق . اما انه غير مانع فلانهُ يشمل غير البيع , واما انهُ غير دقيق فلانهُ قد اقتصر على وصف وتعريف عملية البيع نفسها دون ان يعني بالنص على اشخاص واحكام عقد البيع , انظر د. غني حسون طه , الوجيز في العقود المسماة ( عقد البيع ) , مطبعة المعارف , بغداد , 1970 , ص 21-22. وانظر كذلك المادة (418 ) من القانون المدني المصري .
(4) انظر د. عادل ابو هشيمة محمود حوته , عقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص , الطبعة الثانية , دار النهضة العربية ,القاهرة ’ 2005, ص 28.
(1) أنظر د. حسني فتحي مصطفى بهلول , عقد انتاج المعلومات او الامداد بها , ط1, دار الفكر الجامعي , الاسكندرية , 2008, ص 118.
(2) أنظر د. سعيد مبارك و د. طه ملا حويش و د. صاحب الفتلاوي , الموجز في العقود المسماة , دار الحكمة , بغداد , 1993, ص 30.
Schaff , Banques de donnee, jurilques Analyse des contrats proposes aux utill sateurs , 1985 , p. 4.
(1) أنظر د. جمال عبد الرحمن محمد علي , الخطأ في مجال المعلوماتية ( دراسة مقارنة بين بنوك المعلومات والمستخدم النهائي , الطبعة الثانية, 2003, ص 25.
(4) أنظر د. محمد حسام محمود لطفي , عقود خدمات المعلومات ( دراسة في القانون المصري والفرنسي ) , القاهرة , 1994, ص 30.
(3) أنظر ميرفت عبد العال , عقد المشورة في مجال نظم المعلومات , رسالة دكتوراه , جامعة حقوق عين الشمس , 1997,
ص 113.
(2) أشارة الى هذهِ الغالبية د. مدحت عبد العال , الالتزامات الناشئة عن عقود تقديم المعلومات ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , 2001, ص 80.
(2) أنظر د. صلاح ابراهيم شحاته , ضوابط منح الائتمان المصرفي في منظور قانوني ومصرفي , الطبعة الاولى , دار النهضة العربية , القاهرة , 2009, ص 327.
C.A. Lyon , 3 December 1982 ,R.T.C 1983 ,P. 263
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 53. .
(1) أنظر المادة (780) اولاً من القانون المدني المصري حيث تنص على ” 1- لا تجوز الكفالة في مبلغ اكبر مما هو مستحق على المدين , ولا بشرط اشد من شروط الدين المكفول. 2- ولكن تجوز الكفالة في مبلغ اقل وبشروط اهون “
وانظر كذلك المادة (778) من القانون اعلاه التي تنص على ” اذا لم يكن هناك اتفاق خاص , فأن الكفالة تشمل ملحقات الدين , ومصروفات المطالبة الاولى , ومما يستجد من مصروفات بعد اخطار الكفيل “
Clement ( jean francois), le banquier vecteur din,formation , 1997 , p. 211.
Charies D.peet and Thomas p- Dickson , Banking secrecy ( The united states) , London ,1980 ,p.66.
Cass .civ ,22 Fevier 1984 , j.c.p , 1985
اشار اليها د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 32.
(4)أنظر المواد (684- 693) من القانون المدني العراقي التي نظمت أحكام عقد القرض , وتقابلها المواد ( 538- 544) من القانون المدني المصري .
Trib –civ , montauban ,16 november 1955 ,j.c.p 1957
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 34.
(2) أنظر د. محمود الكيلاني , الموسوعة التجارية والمصرفية – عمليات البنوك –( دراسة مقارنة ) , المجلد الرابع , الطبعة الاولى, دار الثقافة , عمان , 2008 , ص 69.
(3) أنظر د. محمد الفروجي , العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي , الطبعة الثانية , مطبعة النجاح الجديدة – دار البيضاء , الرباط , 2001, ص22.
(1) تتكون اللجنة البنكية من محافظ بنك فرنسا Legouverneurde la banque de france ومدير الخزانة Le dire
ctueurdutresor واربعة من الاعضاء يعينون لمدة ستة سنوات بمعرفة وزير الاقتصاد والمالية , انظر في هذا الشأن ,
Ripert et Roblot , op .cit , p. 327.
(1) أنظر د. محمد عبد اللطيف فرج , الحماية الجنائية للائتمان المصرفي ( دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة في ضوء احكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003) , بدون مكان طبع ,2006, ص 170-171.
(2) أنظر د. ابراهيم حامد طنطاوي , الحماية الجنائية لسرية معلومات البنوك عن عملائها في ضوء قانون رقم 88 لسنة 2003( دراسة مقارنة) , دار النهضة العربية , القاهرة , 2005, ص 107.
(3) أنظر المادة (40) من قانون البنك المركزي العراقي وفق الامر 56 لسنة 2004 والتي تنص على ” يكون للبنك المركزي العراقي وحدهُ دون غيره سلطة اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لترخيص وتنظيم عمل المصارف والاشراف عليها وعلى فروعها من اجل امتثال جميعها لاحكام هذا القانون والقانون المصرفي , ولهُ كذلك سلطة المعاينة خارج مقر البنك وفروعهِ التابعة لهُ وسلطة فحص وتفتيش حاملي التراخيص وفروعهم التابعة لهم في مواقع عملهم , بالطريقة التي يختارها البنك المركزي العراقي وفي الوقت الذي يختارهُ . كما يكون للبنك المركزي العراقي وحدهُ دون غيرهِ سلطة مطالبة المصارف والفروع التابعة لها بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بشؤون البنك والفروع التابعة لهُ وعملائهِ التي قد يحتاج اليها البنك المركزي العراقي . ……..”.
(1) يقصد بالمنظفون :- الاشخاص الذين يقومون بعملية غسل الاموال لمصلحتهم او لمصلحة الاخرين . حيث يقوموا بأخراج الاموال الوسخة الناتجة عن الاعمال غير المشروعة كالمخدرات والاسلحة والدعارة وغيرها , من البلاد التي جمعت فيها ومن ثم ارسالها الى بلدان اخرى وذلك عن طريق المصارف , ثم يعاد أدخال تلك الاموال الى البلاد التي أخرجت منها ا والى بلاد اخرى لاستثمارها وتوظيفها . وللمزيد من التفصيل انظر د. احمد سفر , المصارف وتبيض الاموال ( تجارب عربية واجنبية – اتحاد المصارف العربية ) , بيروت , 2001, ص 64.
(2) أنظر د. خالد زغلول , ظاهرة غسيل الاموال واثارها على الاقتصاد الوطني , بحث منشور في مجلة الحقوق , جامعة الكويت – كلية الحقوق , 1999, ص 716.
(3) أنظر د. صفوت عبد السلام عوض الله , الاثار الاقتصادية لعمليات غسيل الاموال ودور البنوك في مكافحة هذهِ العمليات , بحث منشور في مجلة الحقوق –جامعة الكويت , العدد 25, السنة 29, 2005, ص 104.
(4) أنظر المستشار اسامة عبد المنعم علي ابراهيم , حصر ومكافحة غسل الاموال ومكافحة تمويل الارهاب في التشريعات العربية , المصدر القومي للاصدارات القانونية , 2009, ص 23.
Moeblus (Gerald) , le blanchiment de fonds , Revue international de police cirminelle , 1993, p. 2.
(2) أنظر المادة (2) من هذا القانون والتي تنص على ” يحظر غسل الاموال المتحصلة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها , وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الاشخاص , والجرائم التي يكون الارهاب – بالتعريف الوارد في المادة (86) من قانون العقوبات – او تمويلهُ من بين اغراضها او من وسائل تنفيذها , وجرائم استيراد الاسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص , والجرائم المنصوص عليها في الابواب الاول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات , وجرائم سرقة الاموال واغتصابها , وجرائم النصب وخيانة الامانة , وجرائم التدليس والغش , وجرائم الفجور والدعارة , والجرائم الواقعة على الاثار , والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة , والجرائم المنظمة التي يشار اليها في الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفاً فيها , بشرط ان يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والاجنبي “. وتم اضافة عبارة ” وجرائم النصب وخيانة الامانة , وجرائم التدليس والغش ” بموجب القانون رقم 78 لسنة 2003.
(2)أنظر القاضي رائد احمد حسن , جريمة غسيل الاموال في التشريع العراقي , بحث منشور على الموقع الالكتروني :-
www .east laws .com . .
(1) أنظر د. مصلح احمد الطراوته و د. حسام محمد البطوش , اساس التزام البنوك بمكافحة عمليات غسيل الاموال ونطاق هذا الالتزام في النظام القانوني الاردني , بحث منشور في مجلة الحقوق , جامعة الكويت , العدد 3, السنة 29, ص 25.
(2) أنظر الفقرة (2) من المادة (35) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 والتي تنص على ” 2- لا يعتبر افشاء المصرف لاي معلومات بحسن نية بموجب هذهِ المادة خرق للسرية المصرفية اضافة الى ذلك لا يتحمل البنك المركزي العراقي ولا تتحمل المصارف اية مسؤولية تجاه ذلك ” . وانظر كذلك المادة (10) من قانون مكافحة غسيل الاموال المصري رقم 80 لسنة 2002 المعدل والتي تنص على ” تنتفي المسئولية الجنائية بالنسبة الى كل من قام – بحسن نية – بواجب الاخطار عن أي من العمليات المشتبه فيها الخاضعة لاحكام هذا القانون , او بتقديم معلومات او بيانات عنها بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها , وتنتفي المسئولية المدنية متى كان الاعتقاد بقيام هذا الاشتباه مبنياً على اسباب معقولة ” .
(3) أنظر الفقرة (5) من المادة (18) من قانون مكافحة غسل الاموال العراقي والتي نصت على ” لا تفشي المؤسسة المالية التي تتصرف استناداً الى هذهِ المادة للزبون او لطرف ثالث غير مكتب الابلاغ عن غسيل الاموال او غير مكتب حكومة عراقية بان التحقيق جاري لغرض التحقق من غرض غير قانوني او انهُ يتعلق بالتعامل , او ان التوجيه حاصل او قد حصل , ا وان الاموال قد تم حجزها , الا ان المؤسسة وفيما يتعلق بطلب الزبون استعمال الاموال فانها ستوضح ان الاموال قد تم حجزها , الا ان المؤسسة وفيما يتعلق بطلب الزبون استعمال الاموال فانها ستوضح ان الاموال محجوزة وتحيل الزبون الى مكتب الابلاغ عن غسيل الاموال “.وتقابلها المادة (11) من قانون غسيل الاموال المصري .
(4) للمزيد من التفصيل أنظر د. سعيدعبد اللطيف حسن , الحماية الجنائية للسرية المصرفية ( دراسة مقارنة ) – جريمة افشاء السر المصرفي , دار النهضة العربية , القاهرة , 2004, ص 64.
(1) أنظر زينب منذر جاسم محمد الوائلي , ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية (دراسة مقارنة ) , رسالة ماجستير , كلية القانون , جامعة الموصل , 2004, ص 95.
(2) أنظر د. جمال محمود عبد العزيز , مسؤولية البنك في حالة افلاس العميل – على ضوء القانونين المصري والفرنسي , دار النهضة العربية , القاهرة , 2005, ص 59.
(1) هناك عدة تسميات للشخص الذي يقوم بأدارة أمور التفليسة منها ( امين التفليسة ) او (وكيل الدائنين ) او (السنديك ) او (مأمور التفليسة ) انظر أ . احمد محمود خليل , شرح الافلاس التجاري في قانون التجارة الجديد , منشأة المعارف , الاسكندرية , 2001, ص 64.
(2) أنظر د. عدنان أقبيق , سر المهنة المصرفي , بحث منشور في مجلة المصارف العربية , المجلد السابع , العدد 74, بيروت , 1987, ص 40.
(4) أنظر الفقرة (3) من المادة (35) من قانون اول مارس 1984 بشأن الحماية والتسوية الودية لديون المشروعات المتعثرة الفرنسي.
C.A.Poitiers ,12 mai 1993,j.c.p ,p.330
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 105.
(1) أنظر الفقرة (3) من المادة (369) من قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999والتي تنص على ” 3- وفي جميع الاحوال يقفل الحساب الجاري بوفاة احد طرفيهِ او شهر افلاسهِ” وانظر كذلك المادة (370) من القانون ذاتهُ .
(2) أنظر الفقرة (3) من المادة (28) من قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 والتي تنص ” 3- تسلم الدفاتر في حالة الافلاس او الصلح الواقي منهُ للمحكمة او لامين التفليسة او لمراقب الصلح “.
(3) أنظر المادة (558) من قانون التجارة المصري والتي تنص ” يجوز للمحكمة المختصة بنظر دعوى الافلاس ان تأمر بأتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على اموال المدين او ادارتها الى ان يتم الفصل في الدعوى . كما يجوز ان تتخذ من الاجراءات ما يمكنها من الاحاطة بحالة المدين المالية واسباب توقفهِ عن الدفع”.
(4) أنظر الفقرة(1) من المادة (642) من قانون التجارة المصري والتي تنص ” 1- يقوم امين التفليسة بجميع الاعمال اللازمة للمحافظة على حقوق المفلس لدى الغير , ويطالب بهذهِ الحقوق ويستوفيها”.
(6) أنظر د. الياس ناصيف , الكامل في قانون التجارة – عمليات المصارف والسوق المالية , المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , 1998, ص 107.
(1) أنظر المادة (556) وما بعدها من قانون التجارة العراقي رقم (149) لسنة 1970 الملغى حيث نصت المادة (331) من قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 النافذ على الغاء قانون التجارة العراقي رقم 149لسنة 1970 بأستثناء الباب الخامس منهُ المتضمن احكام الافلاس والصلح الواقي .
(2) أنظر د. زينة غانم عبد الجبار الصفار , الاسرار المصرفية ( دراسة قانونية مقارنة ) , دار الكتب القانونية , مصر , 2011, ص 287.
(1) أنظر د. آدم وهيب النداوي , المرافعات المدنية , مديرية دار الكتب للطباعة والنشر , الموصل , 1988, ص 295.
(2) أنظر المحامي نزيه نعيم شلال , الحجز لدى ثالث (دراسة مقارنة من خلال الفقه والاجتهاد والنصوص القانونية ) , المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , 2001, ص 7.
(3) أنظر د. عبد الفتاح , قواعد التنفيذ الجبري – قانون المرافعات , دار الفكر العربي , القاهرة , 1991, ص 348.
(4) أنظر د. عبد الحميد الشواربي و د. محمد الشواربي , ادارة مخاطر التعثر المصرفي من وجهتي النظر المصرفية والقانونية , الطبعة الاولى, مكتب الجامعي الحديث , الاسكندرية , 2007, ص 1188.
(5) أنظر المواد (239) و(240) و(241) و(243) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل .
(2) أنظر حكم محكمة السين المدنية المستعجلة الصادر عام 1965 , أشار اليهِ د. يعقوب صرخوه , المصدر السابق , ص 180.
(1) أنظر المادة (339) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري والتي تنص على ” إذا لم يحصل الايداع طبقاً للمادتين
302, 303 وجب على المحجوز لديهِ ان يقرر بما في ذمتهِ في قلم كتاب محكمة المواد الجزئية التابع هو لها خلال الخمسة عشر يوماً التالية لاعلانهِ بالحجز ويذكر في التقرير مقدار الدين وسببهِ واسباب انقضائهِ ان كان قد انقضي ويبين جميع الحجوز الموقعة تحت يدهِ ويودع الاوراق المؤيدة لتقريرهِ او صوراً منها مصدقاً عليها . واذا كان تحت يد المحجوز لديهِ منقولات وجب عليهِ ان يرفق بالتقرير بياناً مفصلاً بها . ولا يعفيهِ من واجب التقرير ان يكون غير مدين للمحجوز عليهِ “.
(2) أنظر المادة (75) من قانون التنفيذ والتي تنص على ” اذا كانت اموال المدين المطلوب حجزها موجودة لدى الغير , فيبلغ بقرار الحجز , ويفهم بأن لا يسلم الاموال المذكورة لاحد , وانهُ مسؤول عنها , وليس لهُ حق التصرف بها , الا بقرار من منفذ العدل , ولهُ ان يبدي ما يشاء من بيانات واعتراضات , وينظم الموظف القائم بالتنفيذ محضراً بذلك “.
وكذلك تنص المادة (77) من القانون ذاتهِ ” اذا صادق الغير على وجود مال لديه للمدين فعليه ان يبين جنسهِ ونوعهِ ومقدارهِ ويسلمه الى مديرية التنفيذ عند الطلب , فأن لم يفعل ذلك , او لم يجب طلبها فيكون مسؤولاً عن المال وفقاً للاوصاف المبينة في مذكرة الاخبار بالحجز”
وتنص المادة (231) من قانون المرافعات العراقي على ” 1- لكل دائن بيدهِ سند رسمي او عادي بدين معلوم مستحق الاداء وغير مقيد بشرط ان يستصدر أمراً من المحكمة بتوقيع الحجز الاحتياطي على اموال مدينهِ المنقولة والعقارية الموجودة لديهِ او لدى شخص ثالث بقدر ما يكفي لوفاء الدين وملحقاتهِ “.
(4) بشأن حالات الحجز على الخزانة واثرهُ في التزام المصرف بتقديم المعلومات فقد صدر في فرنسا القانون رقم (650) لسنة 1991 بشأن انواع واجراءات الحجز على الخزانة , اشار اليهِ د. رضا السيد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 64.
(1) أنظر د. محمد عبد الودود عبد الحفيظ ابو عمر , المسؤولية الجنائية عن افشاء السر المصرفي , الطبعة الاولى , دار وائل للطباعة والنشر , 1999, ص 100.
(1) لمزيد من التفصيل حول موضوع الشهادة أنظر د. آدم وهيب النداوي , الموجز في قانون الاثبات , مطبعة التعليم العالي , الموصل , 1990, ص 99.
(2) أنظر المادة (93) من قانون الاثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 المعدل والمادة (174) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 المعدل , ويقابلها في القانون المصري المواد (78 و80) من قانون الاثبات المصري رقم 25لسنة 1968 المعدل والمواد ( 119و 208 و 279 و 284 ) من قانون الاجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950 المعدل .
Outreles Casou laloile prevoit , le secret professionnel nepeut opposenia,la commission bancaire , nia,la banque de france , nialautorite judiciaire agissant”
يمكن الحصول على نسخة من هذا القانون من خلال الموقع الالكتروني
www.droit .org\index.
(1) أنظر الفقرة (3) من المادة (46) من قانون البنك المركزي والتي تنص ” تعتبر المعلومات المتعلقة بأسماء المودعين ومبالغ ودائعهم واية معلومات تتعلق بها , وكذلك مبالغ الائتمان والالتزامات غير المباشرة واسماء العملاء الممنوحة لهم التسهيلات من الامور السرية التي لا يجوز تزويد اية جهة بها عدا الجهات القضائية المختصة …..”.
(1) أنظر المادة (169) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم (30) لسنة 1984 والتي تنص على ” اولاً :- لحامل الصك الرجوع على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بهِ اذا قدمهُ في الميعاد القانوني ولم يستوف قيمتهِ واثبت الامتناع عن الوفاء بأحتجاج . ويجوز عوضاً عن الاحتجاج اثبات الامتناع عن الوفاء ببيان صادر من المسحوب عليهِ مع ذكر يوم تقديم الصك . ويجب ان يكون البيان مؤرخاً ومكتوباً على الصك ذاتهِ .
ثانياً :- لا يجوز الامتناع عن وضع البيان المذكور في الفقرة السابقة على الصك اذا طلبه الحامل ولو كان الصك يتضمن شرط الرجوع بلا مصاريف . وانما يجوز للملتزم بوضع البيان طلب مهلة لا تتجاوز يوم العمل التالي لتقديم الصك ولو قدم في اليوم الاخير من ميعاد التقديم “. وتقابلها المادة (405) من قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة1999.
(2) أنظر د. لطفي عبد الحليم , التزام البنوك بالمحافظة على سرية الحسابات , بحث منشور في مجلة المحاماة , لسنة 73, 1995, ص 155.
(3) أنظر الفقرة (3) من المادة (155)من القانون التجاري العراقي رقم (30) لسنة 1984 والتي تنص ” اذا كان مقابل الوفاء اقل من مبلغ الصك فللحامل ان يطلب من المسحوب عليهِ الوفاء الجزئي بالقدر الموجود لديهِ وان يطلب منهُ تأشير هذا الايفاء على ظهر الصك وان يعطي استشهاداً بذلك . ويثبت حق الرجوع بالباقي بهذا الاستشهاد او بعمل احتجاج ” .
(4) أنظر د. فوزي محمد سامي , القانون التجاري الاردني , ج 2 , دار الثقافة , عمان , الطبعة الاولى, 1994, ص 343.
(2) أنظر د. محي الدين اسماعيل علم الدين , شرح قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد , بدون مكان طبع ,2004 , ص 121.
(1) تنص المادة ( 51) من قانون المصارف العراقي على ” لا تنطبق احكام المادة (49) والمادة (50) من هذا القانون على افشاء المعلومات في الحالات التالية :- ……………… , د – إصدار شهادة او بيان بأسباب رفض صرف أي شيك بناء على طلب صاحب الحق ” .
(2) أنظر د. أسامة عبد الله قايد , جرائم الشيك في قانون التجارة الجديد ( دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , 2001, ص 121 وما بعدها.
(4) أنظر المادة (140) من قانون التجارة العراقي حيث تنص ” الصك الصادر في العراق والمستحق الوفاء فيهِ لا يجوز سحبه الا على مصرف والورقة المسحوبة في صورة صك على غير مصرف لا تعتبر صكا”.
(1) أنظر د. فائق محمود الشماع و د. فوزي سامي , القانون التجاري – الاوراق التجارية , المكتبة القانونية , بغداد , 2007, ص 67.
(2) أنظر د. عمر صلاح الحافظ مهدي العزاوي , الذمة المالية للزوجين في الفقه الاسلامي والقانون الوضعي ( دراسة مقارنة ) , الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , 2010 , ص 272- 273.
(3) وقد اخذ القانون الفرنسي ايضاً بنظام انفصال الاموال كنظام اختياري في المواد ( 1536- 1543) من القانون المدني الفرنسي .
(1)أنظر د. حسن البغدادي , نظام الاموال بين الزوجين وصلتهِ ببعض نواحي نظريتي الحق الشخصي والعيني , بحث منشور في مجلة الحقوق القانونية والاقتصادية , العدد 1-2 , السنة 7, 1957 ,ص 235.
(2) أنظر د. نصير جابر لفته الجبوري و د. ذكرى محمد حسين الياسين , الحماية القانونية للسرية المصرفية في التشريع العراقي ,بحث منشور على الموقع الالكتروني
www. Eastl laws . com.
Gulphe (pierre) , Le secret professionnel du banquier en droit francais et droit compare , Revue trimestrill de droit commercial ,1984 , p. 8.
(1) أنظر حكم محكمة اكس في 9 مايو 1972 ( الحافظة القانونية الدورية J.C.P1974 ) تعليق scapel وقد وضحت المحكمة هذا المعنى بقولها :-
“La banque avait permis as de poursuivre des operations specultiro in considerees , sansrenseigner suffisaments commeelle en avaitle devoir lerisques qu,ilen courait ”
اشار اليهِ د. احمد بركات مصطفى , مصدر سابق , ص 137.
(2) أنظر د.علي البارودي ,القانون التجاري ( الاوراق التجارية – العقود التجارية – عمليات البنوك ) , الاسكندرية , 1975,
ص 419
(3) أنظر د. عبد الحميد الشواربي , عمليات البنوك في ضوء الفقه –القضاء – التشريع , مصدر سابق , ص 153-154.
(2) يقصد بالاشياء الشاذة الظاهرة هي الاشياء المادية مثل تظهير غير قانوني او شطب او اضافة كلمة اخرى او تشغيل الحساب بصورة غير طبيعية .
(3) خلافاً للقانون المصري فأن المشرع المصري قد جعل الاعراف المصرفية مصدراً من مصادر الالتزام تأتي بعد النصوص التجارية والعرف التجاري , انظر الفقرة (1) من المادة (2) من قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999.
Vasseur , des responsabilite encoures par le banquier a,raison des information ,op .cit , p.947 .
(1) أنظر د. عائشة الشرقاوي المالقي , الوجيز في القانون البنكي المغربي , الطبعة الثانية, دار ابي رقراق للطباعة والنشر , الرباط , 2007, ص 151.
(1) أنظر بسام عاطف المنهار , المصطلحات المتقاربة في القانون المدني ( شرح ومقارنة) , الطبعة الاولى, 2006, ص 291.
(2) أنظر د. نزيه محمد صادق المهدي , الالتزام قبل التعاقد بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد وتطبيقاتهِ على بعض العقود , دار النهضة العربية , القاهرة , 1982 , ص 11.
(3) والأمر كذلك بالنسبة لأغلب التشريعات العربية فأنها لم تعالج مسؤولية المصرف في تشريع خاص , ماعدا قانون التجارة اليمني النافذ ذي الرقم 32 لسنة 1991الذي يحدد مسؤولية المصرف المدنية بشكل مستقل ومفصل بعد بيانهِ لكل عملية من العمليات المصرفية على حده .
يمكن الحصول على نسخة الكترونية من هذا القانون عند الاطلاع على الموقع الالكتروني
www. Thiqaruni . org
(1) أنظر احمد عبد جاسم , مسؤولية المصرف المدنية عن صرف صك مزور , رسالة ماجستير , كلية الحقوق – جامعة النهرين , 2001, ص 55.
Eman Thibault , de la responsabilite en matiere de renseignement ,s commerciaux , paris ,p. 116.
(3) أنظر د. السيد محمد محمد اليماني , مصدر سابق , ص 68, وانظر كذلك د. محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف وتنظيف الأموال الملوثة , المصدر السابق , ص 26.
(1) أنظر د. محي الدين إسماعيل علم الدين , موسوعة إعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية , مصدر سابق ,
ص 315.
(2) أنظر المادة (204) من القانون المدني العراقي والتي تنص على ” كل تعد يصيب الغير بأي ضرر أخر غير ما ذكر في المواد السابقة يستوجب التعويض “.
(1) أنظر د. محمد زكي محمود , آثار الجهل والغلط في المسؤولية الجنائية , دار الفكر العربي , القاهرة , 1967, ص 2
(2) أنظر سليمان بن ناصر العجاجي , المسؤولية الجنائية عن أعمال البنوك الإسلامية , رسالة دكتوراه , جامعة الرياض , 2007, ص 104.
(2) تنص الفقرة (13) من المادة (226) من قانون العقوبات الفرنسي على
“Larevelation d,une in formation acaractere secret parune personne quienest de positairesoit paretat ou par profession, soitenraison d,une function ou d,un missiontemporaire, est punie d,un an d,emprisonnement et 15000 euros d,amende”
(1)انظر المادة (128) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 2003 إذ تنص على ” في الأحوال التي يرتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة على الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لإحكام هذا القانون , متى ثبت علمهِ بها وكانت الجريمة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات الوظيفة , ويكون الشخص الاعتباري مسؤولاً بالتضامن معهُ عن الوفاء بما يحكم بهِ من عقوبات مالية وتعويضات , إذا كانت الجريمة قد ارتكبت من احد العاملين بهِ بأسمهِ نيابة عنهُ” .
(2) أنظر المواد (122 و 123 و 124 و 125 و 126 ) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم (88) لسنة 3003.
(3) أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق ,ص 218.
(4)أنظر د. عمر سالم , المسؤولية الجنائية للاشخاص المعنوية وفقاً لقانون العقوبات الفرنسي الجديد , الطبعة الاولى, دار النهضة العربية , 1995, ص 75.
(1) أنظر الفقرة (5) من المادة (56) من قانون المصارف العراقي والتي تنص على ” لا يمنع فرض البنك المركزي العراقي ايا من الإجراءات او العقوبات الإدارية المنصوص عليها في هذهِ المادة قيام أي مساءلة مدنية او جزائية وفقاً لإحكام أي قانون أخر “.
(2) أنظر الفقرة (ح) من المادة (47) من القانون المدني العراقي والتي تنص على “كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها القانون شخصية معنوية”
(4) تنص المادة (123) من قانون العقوبات العراقي على ” للمحكمة أن تأمر بوقف الشخص المعنوي لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات أذا وقعت جناية أو جنحة من احد ممثليهِ أو مديريهِ أو وكلائهِ بأسم الشخص المعنوي أو لحسابهِ وحكم عليهِ من اجلها بعقوبة سالبة للحرية لمدة ستة أشهر فأكثر . وإذا ارتكبت الجناية أو الجنحة أكثر من مرة فللمحكمة أن تأمر بحل الشخص المعنوي ” .
(1) سابقاً كانت تسمية هذا القانون بقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي , وقد اجري عليهِ تعديل عام 2006 حيث نصت المادة (1) من هذا القانون تعديل قانون انضباط موظفي الدولة بأن تحل تسمية ( قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 ) محل تسمية ( قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991) .
(3) أنظر د.سليمان محمد الطماوي , القضاء الإداري ( قضاء التأديب ) – دراسة مقارنة , الكتاب الثالث , الطبعة الثانية , دار الفكر العربي , القاهرة , 1987, ص 48.
(4)أنظر د, غازي فيصل مهدي , شرح أحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 , مطبعة العزة , بغداد , 2001, ص 9.
(6) أنظر جابر مهنا شبل , الالتزام بالمحافظة على سر المهنة , رسالة ماجستير , جامعة بغداد , 1984, ص 95.
(1) تنص المادة (11) من هذهِ الاتفاقية
” In the event of aviolation of this agreement , the bank that is at fault must pay the S B A affine of up to C H F 10 million ”
يمكن الحصول على نسخة من هذهِ الاتفاقية من خلال الاطلاع على الموقع الالكتروني
www. Swissbanking . org.
(1) أنظر المادة (62) من قانون البنك المركزي العراقي وفق الأمر (56) لسنة 2004 المتعلقة بالعقوبات الإدارية والتي تنص على “1- يكون للبنك المركزي العراقي سلطة تطبيق هذا القانون والقانون المصرفي وغيرهما من اللوائح والأوامر التي يصدرها البنك المركزي العراقي بموجب هذين القانونين , وذلك عن طريق فرض عقوبات إدارية على حاملي التراخيص والموظفين والمديرين ووكلاء حاملي التراخيص , ولهُ أن يفرض العقوبات على كل شخص ملزم بموجب هذا القانون أو بموجب القانون المصرفي او اللوائح التنظيمية أو الأوامر التي يصدرها البنك المركزي العراقي بموجب هذين القانونين بالقيام بعمل ما أو الامتناع عن القيام بهذا العمل , حتى إذا لم يكن حاملاً لترخيص او موظفاً لدى هيئة مرخصة أو وكيلاً لها .
2- تعتبر العقوبات المنصوص عليها في أحكام هذهِ المادة عقوبات مدنية وليست جنائية في طبيعتها . ويجوز للبنك المركزي العراقي ان يفرض العقوبات الإدارية مباشرة بموجب سلطتهِ التقديرية على أن لا تزيد قيمة الغرامات المفروضة عن عشرة ملايين دينار للمخالفة الواحدة . كما يجوز للبنك المركزي العراقي وبناء على سلطتهِ التقديرية ان يقوم بفرض عقوبات ادارية يومية على كل يوم تستمر فيه المخالفة حتى يقرر البنك المركزي العراقي ان الالتزام بالقانون قد تحقق . ويقوم البنك المركزي العراقي قبل ان يفرض عقوبات إدارية على أي طرف ما بتقديم بيان مفصل للشخص الذي تطبق عليهِ العقوبة , يوضح فيه الحقائق والأسانيد القانونية التي تثبت وقوع المخالفة , ويعطي البنك المركزي العراقي صاحب الشأن فرصة كافية لتقديم الحقائق والحجج التي يستند اليها هو في طلب عدم فرض العقوبات , ويقوم البنك المركزي العراقي بإصدار اللوائح التي تحدد الإجراءات التي يتخذها في سبيل قيامهِ بفرض العقوبات الإدارية
3 – عندما يتخذ البنك المركزي العراقي قراراً بفرض عقوبات إدارية ويحدد قيمة الغرامة يأخذ البنك المركزي العراقي ما يلي بعين الاعتبار :- حدة المخالفة وعدد مرات ارتكابها والإضرار التي لحقت بالمودعين أو بأي أشخاص آخرين بسبب هذهِ المخالفة والربح الذي جناه الشخص المعاقب بالغرامة من وراء السلوك الذي آتاه والموارد المالية لهذا الشخص وأية ظروف مخففة , وأية عوامل أو ظروف أخرى يتراءى للبنك المركزي العراقي أنها ذات صلة .
4- لا تحول العقوبات الإدارية المنصوص عليها في هذهِ المادة والتي يفرضها البنك المركزي العراقي من اتخاذ أية إجراءات مدنية أو جنائية لمحاسبة هذا الشخص تقضي بها أحكام أي قانون أخر” .
(1)أنظر د. نائل عبد الرحمن صالح الطويل و د. ناجح داود رباح , الأعمال المصرفية والجرائم الواقعة عليها , الطبعة الاولى , دار وائل للنشر , عمان , 2000, ص 26.
(3) أنظر الفقرة (اولاً ) والفقرة (سابعاً ) من المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي
(4) أنظر المحامي موريس نخلة , الوسيط في شرح قانون الموظفين , ج 2 , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2004,
ص 744.
(2)أنظر د. حسن محمد هند , الموسوعة القضائية في تأديب العاملين بالدولة والقطاع العام , دار الكتب القانونية , 2006,
ص 176.
(3) أنظر د. عبد القادر الشيخلي , النظام القانوني للجزاء التأديبي , دار الفكر للنشر والتوزيع , عمان , 1983, ص 153.
(1) أنظر د. محمد علي الطائي , قانون العمل , نشر وتوزيع المكتبة القانونية , بغداد , 2005, ص 75 وما بعدها.
(2) أنظر د. محمد عبد الغفار البسيوني و د. ثامر يوسف سعفان و د. حسني هيكل , التشريعات العمالية ( شرح أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 , الطبعة الاولى , 2008, ص 25.
(3) أنظر المادة (127) من قانون العمل العراقي رقم (71) لسنة 1987 والمادة (60) من قانون العمل المصري رقم (12) لسنة 2003.
(1) وحسناً فعلت التشريعات بذلك . لذا يتوجب على المشرع أن ينأى بنفسهِ عن وضع تشريع خاص بالتعريفات لتطور متطلبات النشاط وتنامي مظاهر النزاعات المحتملة بين الأطراف ما يجعل طابع الملاحقة بالتعديل لهذهِ التعريفات هو الراجح .وهذا محذور يجب تواخيهِ . لذا فالأفضل كما يبدو لنا , هو ان يكال الأمر إلى الفقه ليدلي بدلوهِ ويقدم هذهِ النظريات وذلك كمصدر ولو تفسيري للقضاء ليحسم النزاعات التي قد تثور .
(2) أنظر د. عبد الرزاق احمد السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني الجديد , ج 1 , نظرية الالتزام بوجه عام , الطبعة الثالثة , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2000, ص 736.
(3) أنظر د. حسن علي الذنون ود. ومحمد سعيد الرحو , الوجيز في النظرية العامة للالتزام , ج 1 , مصادر الالتزام , الطبعة الاولى , دار وائل للنشر , عمان , 2002, ص 205.
(2) أنظر حكم محكمة استئناف مونبلية في 17 نوفمبر 1959 , اشار اليه د. احمد بركات مصطفى , المصدر السابق ,
ص 199.
(3) أنظر د. علي جمال الدين عوض , مصدر سابق , ص 1162, وانظر كذلك د. محمود الكيلاني , دورة سرية اعمال المصارف , مصدر سابق , ص 26.
(1) أنظر حكم محكمة النقض الفرنسية في 24 نوفمبر 1984, أشار إليهِ د. احمد بركات مصطفى ’ مصدر سابق , ص 197.
(1)أنظر المادة (251) من القانون المدني العراقي والتي تنص على ” 1- في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء أو ان يقوم بإدارتهِ أو كان مطلوباً منه ان يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذهِ من العناية ما يبذلهُ الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق الغرض المقصود 2- ومع ذلك يكون المدين قد وفى بالالتزام اذا هو بذل في تنفيذهِ من العناية ما اعتاده في شؤونهُ الخاصة متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قصدا ذلك ” .
(2) أنظر المادة (1) من قانون الاثبات المصري رقم (25) لسنة 1968 المعدل والتي تنص على ” على الدائن اثبات الالتزام وعلى المدين اثبات التخلص منهُ “.
(2) أنظر د. حسن علي ذنون , المبسوط في المسؤولية المدنية – الضرر , شركة التايمس للطباعة والنشر , بغداد , 1991,
ص 158.
(3) أنظر د. ابراهيم دسوقي ابو الليل , التعويض عن الضرر في المسؤولية المدنية , مطبوعات جامعة الكويت , ص 325.
(4) أنظر د. عاطف النقيب , النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي , منشورات عويدات , بيروت , 1983,
ص 290.
(1) أنظر حكم محكمة التميز العراقية الصادر في الاضبارة 209| هيئة عامة اولى |1972 في 2|6|1973 , النشرة القضائية , العدد الثاني , السنة الرابعة , ص 76.
(4) أنظر الفقرة (1) من المادة (205) من القانون المدني العراقي والتي تنص على ” يتناول حق التعويض الضرر الأدبي كذلك فكل تعد على الغير في حريتهِ أو في عرضهِ أو في شرفهِ أو في سمعتهِ أو في مركزهِ الاجتماعي أو في اعتبارهِ المالي يجعل المتعدي مسؤولاً عن التعويض “.
(1) أنظر قرار محكمة التميز الصادر في الاضبارة رقم 287|م 2 | 1981 , مجموعة الأحكام العدلية , العدد الثاني , 1981, ص 24 . وانظر كذلك قرار محكمة التميز الصادر في الاضبارة رقم 966|900 م 3 | 1998 في 5|5|1998 غير منشور . وكذلك انظر قرار محكمة التمييز الاتحادية في الاضبارة رقم 715 سنة 2006 في 9|10|2006 , غير منشور .
(2) أنظر الفقرة (3) من المادة (169) من القانون المدني العراقي والتي تنص على ” فإذا كان المدين لم يرتكب غشاً أو خطا جسيماً فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعاً عادة وقت التعاقد من خسارة تحل أو مكسب يفوت ” . وتقابلها الفقرة (2) من المادة (221) من القانون المدني المصري والتي تنص على ” ومع ذلك إذا كان الالتزام مصدرهُ العقد , فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشاً او خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ” .
(3) أنظر د . عبد الرزاق احمد السنهوري , مصدر سابق , ص 768 . وكذلك انظر د. عبد المجيد ود.عبد الباقي البكري و د. محمد طه البشير , مصدر سابق , ص 168.
Cass . com , 5 fevrier 1962 , banque 1962 , p.269
أشار إليها د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 257.
(2) أنظر المادة (211) من القانون المدني العراقي والتي تنص على ” إذا اثبت الشخص ان الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد لهُ فيهِ كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك ” .وتقابل هذهِ المادة المادة ( 165 ) من القانون المدني المصري
(1) أنظر د. أنور طلبة , المطول في شرح القانون المدني , ج 4, الطبعة الثانية , المكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , 2006 ,
ص 236.
(2) أنظر د . علي جمال الدين عوض , مصدر سابق , ص 1170 . وانظر كذلك د . محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف , مصدر سابق , ص 28 .
(4) أنظر د . عبد المجيد الحكيم والأستاذ عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير , مصدر سابق , ص 172 .وكذا انظر الفقرة (2) من المادة (259) من القانون المدني العراقي المذكورة أعلاه .
(5) وهذا ما قضت به المحاكم الفرنسية من بطلان شرط عدم الضمان في حالة الغش والخطأ الجسيم وقد أكدت هذا المعنى محكمة النقض الفرنسية في 21 يونيو1937 حيث أوضحت المحكمة أن المعلومات قدمت من المصرف في إطار سري وبلا ضمان ولا مسؤولية . ولكن المحكمة اعتبرت أن هذا الشرط لا اثر لهُ لان المصرف أعطى المعلومات غير صحيحة وهو عالم بعدم صحتها وقررت أن الغش والخطأ الجسيم يبرران الحكم عليهِ . بتعويض الأضرار التي وقعت على التاجر طالب المعلومة . انظر حكم محكمة النقض الفرنسية في 21 يونيو 1937 , أشار اليهِ د. احمد بركات مصطفى , المصدر السابق , ص 236.
C.A .Angers , 13 juillet , 1951 , D.1951 . P. 691.
أشار إليها د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , المصدر السابق , ص 266.
(2) أنظر د . عاشور عبد الجواد عبد الحميد , المصدر السابق , ص 268 , وانظر كذلك د. علي جمال الدين عوض , مصدر سابق , ص 1170 , وانظر أيضاً د . محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف , مصدر سابق , ص 29 .
(1)أنظر د. عبد الرزاق احمد السنهوري , مصدر سابق , ص 1002. وانظر كذلك د. السيد عبد الوهاب عرفة , المسؤولية المدنية في ضوء الفقه وقضاء النقض , المكتب الفني للموسوعات القانونية , الإسكندرية , ص 93 .
(4)أنظر قرار محكمة التميز الصادر في الاضبارة رقم 434| مدنية ثانية | 1973 في 9|11|1973 , النشرة القضائية , العدد الرابع , السنة الرابعة , وزارة العدل , بغداد , ص 115 .
(2) أنظر محمد صبري عبد الأمير الاسدي , القوة القاهرة وآثرها في المسؤولية العقدية ( دراسة مقارنة ) , رسالة ماجستير , جامعة بابل , 2007 , ص 15.
(3) أنظر حكم محكمة استئناف باريس في 24 نوفمبر 1978 , اشار اليهِ د. احمد بركات مصطفى , مصدر سابق , ص 228.
(1) أنظر د. عبد المجيد الحكيم والأستاذ عبد الباقي البكري والأستاذ المساعد محمد طه البشير , مصدر سابق , ص 241 .
C.A. Rennes ,21 mai 1974 , banque 1974 , chro j.b, p.848
أشار إليها د . عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 241.
(1) أنظر د. عبد المجيد الحكيم والأستاذ عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير , مصدر سابق , ص 268 .
(2) أنظر الفقرة (2) من المادة (259) من القانون المدني العراقي والتي تنص ” وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من كل مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامهِ التعاقدي إلا التي تنشأ عن غشهِ أو عن خطأهِ الجسيم , ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليتهِ من الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامهِ ” .
(2) أنظر د . محمود جمال الدين زكي , مشكلات المسؤولية المدنية , ج 2 , مطبعة جامعة القاهرة , 1990, ص 176 .
(2) أنظر حكم محكمة النقض المصرية في 2 أبريل 1945, المحاماة , السنة 27 , ص 486. وانظر كذلك حكم محكمة النقض المصرية في 2 أبريل 1986 , مجموعة أحكام النقض , السنة 19 , ص 689 .
(3) أنظر المادة (210) من القانون المدني العراقي حيث تنص على ” يجوز للمحكمة آن تنقص مقدار التعويض أو لا تحكم بتعويض أذا كان المتضرر قد اشترك بخطئهِ في إحداث الضرر أو زاد فيهِ أو كان قد سوا مركز المدين ” .تقابلها المادة (216) من القانون المدني المصري .
(4) أنظر د. لبنى عمر مسقاوي , المسؤولية المصرفية في الاعتماد المالي , الطبعة الاولى , منشورات الحلبي الحقوقية , 2006, ص 312.
(2) أنظر د .غريب الجمال , مصدر سابق , ص 82 . وانظر كذلك د . علي جمال الدين عوض , المصدر السابق , ص 1165 .
C.A.Paris , 2 fevrier 1979 ,D. 198
أشار إليها د . عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق ,ص 273.
(1) أنظر المادة (934) من القانون المدني العراقي التي تنص على ” 1- إذا كانت الوكالة بلا اجر وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة . ومع ذلك إذا كان الوكيل يعني بشؤونهِ الخاصة أكثر من عناية الرجل المعتاد , فلا يطالب إلا ببذل عناية الرجل المعتاد.
2- وان كانت بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد ” .